أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - امال قرامي - حين تتحوّل الكورونا إلى مرآة نرى فيها عيوبنا














المزيد.....

حين تتحوّل الكورونا إلى مرآة نرى فيها عيوبنا


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6534 - 2020 / 4 / 10 - 15:23
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    



ما أكثر المفارقات والتناقضات التي نعيشها خلال هذه الفترة الحرجة التي تمرّ بها بلادنا بل الإنسانية قاطبة! ففي الوقت الذي تضاعفت فيه المبادرات المعبّرة عن إيمان قويّ بالقيم المثلى وفي مقدّمتها التضامن،والرحمة،... وعن رغبة في تحقيق الانسجام بين مختلف الشرائح الاجتماعية، جاءت الأخبار والشهادات والخطابات التي تعرّي واقعا مختلفا وتفضح ممارسات قلّما انتبهنا لها. فهذه فئات لا تجد غضاضة في ممارسة الفرز والتمييز وتوسيع دائرة الانقسامات وإحداث الفجوات وبناء الجدران العازلة بين الناس على أساس العرق أو الطبقة أو السلامة الجسدية أو.. . وهي لا تتوانى عن إبراز مدى الكره الذي تكنّه للآخر فتشتم التونسيين المقيمين بالخارج الذين قرّروا العودة أو العالقين ببعض البلدان، وتلعن المطالبين بتسريع وتيرة سفرات الإجلاء. وفي السياق نفسه عثرنا على من طرد الطلبة الأجانب وحوّلهم إلى مشردّين بل اعتبرهم بلاء و وباء أزرق ، ورأينا من استغلّ السياق ليحقّق المكاسب والغنائم وهنا يستوي المعتمد والأمني وغيرهما من المسؤولين مع الرجل الذي أوهم الناس بعوزه فبكى بحرقة لتحقيق مأربه أو المرأة التي وقفت بوجه من أراد دفن عزيز له وهنا لا تعوزنا الأمثلة ...
لاشكّ عندنا أنّ غريزة حبّ البقاء ومشاعر القلق والخوف من المجهول، حين تستبدّ بالناس تحوّلهم إلى محترفي صناعة الأعداء بل وحوش كاسرة. فمن يُهدّد سلامتي وأمني هو الآخر الّذي يجب أن أستبعده مهما كان الثمن. ولكن غياب الحسّ المجتمعيّ، وضمور الممارسات المعبّرة عن التضامن الإنساني وغيرها من السلوكيات قد يفسّره البعض بالمنوال الاقتصادي الذي هيمن على المجتمعات المعاصرة(الرأسمالية المتوحشة، النيوليبرالية...)فحوّل الفرد إلى أداة وجرّده من إنسانيته فصار لا همّ له سوى جمع ما به يضمن حياته أو يحقّق طموحاته في مجتمع استهلاكي يغري بتكديس الأشياء.
غير أنّ استلاب الناس وذوبانهم في عالم تهيمن عليه القيم المادية، مجرّد من ضوابط التحضّر وشروطه، وتعويلهم على أنفسهم لتحقيق "الخلاص الفردي" يشي كذلك بضياع البوصلة، والضوابط والقوانين المجتمعية والمضامين التي تؤسس المجتمع وهو أيضا مخبر بسقوط المؤسسات العاضدة للمجتمعات. ولعلّ تواري مفهوم "المجتمع وتشظيّ الحياة الاجتماعية وتدمير الأسس التي يقوم عليها المجتمع جعل الناس لا يستدعون هذا البراديغم عندما تلمّ بهم النوائب ولا يؤمنون بأنّ وجود الفرد مرتبط بوجود المجتمع، وأنّ السلامة، في زمن المخاطر والكوارث...، لابدّ أن تشمل الجميع وأنّ السلوك لا بدّ أن "يتأنسن". فمن حقّ الجميع أن يستمتعوا بالحقّ الطبيعي في الحياة ...ومن حقّهم أيضا أن يموتوا بكرامة، وآية إكرام المرء دفنه .
إنّ ما نعاينه من عنف، وهدم للنماذج والمثل ، وتقوقع على الذات وتعصّب وغيرها من الممارسات "البربرية "وتنكّر للقيم الإنسانية الكونية أو على حدّ عبارة آلان توران Alain Touraine اندثار المجتمعات" يحفّز واضعي السياسات التعليمية والاجتماعية والإعلاميّة والثقافية وغيرها على التفكير في إعادة النظر في المضامين والتوجهات، والاستعداد للقيام بالمراجعات والتعديل في ضوء السياق الجديد. فلا يمكن بأيّ حال، أن ندّعي أنّنا قادرون على استئناف الحياة الطبيعية وكأنّ شيئا لم يحدث. فمن لم يستخلص الدروس، ومن لم يتعلّم من هذه التجربة، التي هي في ظاهرها أزمة صحية ولكنّها على مستوى أعمق من القراءة، مجموعة من الأزمات المتشابكة، لن يكون بإمكانه مواكبة التحولات العالمية التي ستشهدها الإنسانية بعد أزمة الكورونا .
من السهل أن ننتقد سلوك المتمردّين على الحظر الصحّي وأن ننعتهم بانعدام الوعي، والجهل، وأن نعتبرهم مجرمين وأعداء للوطن...من السهل أن نشتم ونلعن ولكن من الصعب أن نفكّك العوامل التي أدّت إلى ظهور هذه التركيبة من الشخصيات وأن نحلّل البنى الذهنية التي تحيط بهذا السلوك الانتحاري. ولعلّ أخطر ما في الأمر أن نخرج من الحظر فنجد الخواء والصمت. وفي ظلّ غياب الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والافتقار إلى البرامج والأفكار وغياب المعنى وظهور الصدمات قد يكون الرجوع إلى الأفضية المغلقة الحلّ الأفضل.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طقوس الموت في زمن الكورونا
- هل نحن على استعداد لمواجهة تداعيات الأزمة؟
- الكورونا بين السياسيّ والدينيّ
- 8 مارس 2020 عندما تُضرب الفتيات والنساء
- السياسة بين «الطهر والنجاسة»
- السياسة والجدل حول اللغة
- «ليلة سقوط الحكومة» من منظور التحليل الجندري
- روائح المطبخ السياسيّ
- الهجانة السياسيّة
- الشجاعة في مواجهة الظاهرة: العنف ضدّ النساء والسياسة
- في محاولات صناعة الشخصية السياسية الكاريزماتية
- في طرق استقبال مبادرات الشباب
- مساءلة
- في أداء المترشّحين وأشكال عرض الذات
- النسوان في قلب العمليّة الانتخابيّة
- ساعة الحسم
- الوصم السياسيّ: قراءة في سلوك الناخبين
- حيرة الناخبين
- أن تكوني سياسيّة في تونس2019
- أسئلة غير بريئة أطرحها في زمن ديمقراطية المشاعر


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - امال قرامي - حين تتحوّل الكورونا إلى مرآة نرى فيها عيوبنا