أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - مجتمع يتحوّل.. وقوم لا يبصرون














المزيد.....

مجتمع يتحوّل.. وقوم لا يبصرون


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6705 - 2020 / 10 / 16 - 19:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



فكلّ العلامات تُخبر عن وجود انسداد في الأفق السياسيّ وتأزّم للأوضاع الاقتصادية والاجتماعيّة لاسيما بعد دخول البلاد في منعرج جديد زادته أزمة كورونا تعقيدا. ولئن تعدّدت أسباب تعثّر المسار الانتقالي حتّى عسر جمعها، وتنوّعت طرق مقاربتها فإنّ الوقوف عند التحوّلات في مستوى حضور الفاعلين المؤثرين في «المشهد» السياسيّ وأدائهم صار ضروريّا.
فبالرجوع إلى النقاش الذي دار على هامش تفاوض المسؤولين مع ممثلّي «انتفاضة الكامور» نتبيّن «صدمة» النخب السياسية والثقافية، واستغراب شرائح من المجتمع من طريقة إدارة ملفّ الكامور تجلّت في عبارات شتم الحكومة «الفاشلة» و»الضعيفة» والتنديد بهيمنة المدّ الشعبوي والاستياء من العبث بالتقاليد والنواميس والبروتكولات وغيرها. ونقدّر أنّ هؤلاء المتمسكّين بـ«الماضي التليد» وقواعد العمل السياسي التقليدية يجدون صعوبة في الاعتراف بأنّ الزمن تغيّر وأنّ «براديغمات» جديدة قد فرضت نفسها على مستوى التحليل من ذلك هويّة الفاعلين. فقد تعدّدت الهويات وتنوّعت واتّسعت المحددات المشكّلة للشخصيات (profile) فصار بإمكان «الكناتري» أن يكون مشرّعا ونائبا ، وصار بإمكان المؤدي في فرقة الإنشاد الدينيّ أن يعرّف نفسه بأنّه سياسيّ، وقس على ذلك عيّنات أخرى...يكفي أن نراجع السير الذاتية لممثلّي الشعب حتى ندرك التحولات في علاقة التونسيين بالسياسة وبالعمل السياسي وطموحات الأفراد والمجموعات وإرادة المترشحّ/ة ورغبات الناخب/ة ، وطريقة التعبئة،... إضافة إلى التحوّل في منظومات القيم والأخلاق والتمثلات.

ولعلّ ما يسترعي الانتباه في هذا السياق أنّ تمثّل النائب/ة قد اختلف عمّا كان سائدا في العشريات السابقة فلا مانع لدى عدد من الناخبين/ة اليوم، من أن تتولّى فئات من الذين كانوا مهمّشين اجتماعيا أو سياسيّا أو ثقافيا المشاركة في العمل السياسي من موقع السلطة التشريعية وعلى قاعدة المواطنة التي لا تستثني أحدا، والممارسة الديمقراطية القائمة على التمثيلية والتشاركية، ولا مانع لدى فئات أخرى من أن نفسح المجال لفاعلين جدد حتى يتدربوا على العمل السياسي وحتى يخوضوا معترك الدفاع عن العدالة الاجتماعية.
وبناء على هذه التحولات ما عادت النخب التي تلقّت تعليما في أرقى الجامعات الغربية وأعرق الجامعات التونسية تحتكر المواقع أو تمثّل خزانا للانتداب في العمل السياسي لكونها الفئة المؤهلة أكثر من غيرها للحكم وقيادة البلاد ، وما عادت مقاييس الحكم على من يتولّى العمل السياسي أو المشاركة في التفاوض مشروطة بالهيئة (البدلة الإفرنجية) والثقافة السياسية الغربية وإتقان اللغة الفرنسية، وإحكام ربط العلاقات مع ممثلي السفارات، والآداب الاجتماعية le code de savoir vivre وغيرها.
لقد اربكت الحدود التي كانت تفصل بين مختلف الفئات الاجتماعية ، و تضبط سلّم التراتبية وتضع الناس «في مواضعهم» التي حددتها النخب الاجتماعية(العائلات البلدية) والسياسية والثقافية والاقتصادية وفق تمثلات قائمة على الثنائيات المتقابلة:»الخاصة/العامة، النخب/الرعاع، الغني/الفقير، الأبيض/الأسود ... ومراعية لتوازنات تفرضها الطبقة، والسن، والجندر، والجهة، ...إنّنا إزاء عالم جديد يتشكّل وفق قيم جديدة وتصورات مغايرة عن السائد، وتجارب مختلفة أفاد أصحابها من ثقافة رسمت مضامينها الحركات الاجتماعية المعولمة وناقش المنظرّون مقوّماتها في أعمال ضخمة.
واهم من يعتقد أنّه بإمكانه أن يحافظ على المعايير الاجتماعية والثقافة الرسمية وآليات العمل، ويدافع عن «الذوق العام» والنظم وغيرها باعتبارها من «ثوابت الحداثة» والعناصر المشكلة للدولة المدنية ...واهم من يقاوم التحركات ويتصدّى للديناميكية الاجتماعية التي تؤثّر في السياسي والثقافي والفكري لا لشيء إلاّ لأنّه يرى نفسه وصيّا على الآخرين وناطقا نيابة عنهم.

نحن إزاء قوى اجتماعية امتلكت الصوت وتموقعت باعتبارها تنحت في الصخر من أجل الوقوف بوجه «الحقرة» والإقصاء والاستبعاد ولامبالاة الدولة... ونقدّر أنّه آن الأوان أن نعترف بأنّنا لم نفهم التغييرات الحاصلة من حولنا وتأخرّنا في سدّ الفجوة المعرفية وفتح باب النقاش المجتمعي بأدوات تحليل جديدة تساعدنا على إرساء مجتمع يعبّر فيه الجميع عن تطلعاتهم وتصوراتهم بكلّ احترام وبكل رصانة.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسؤوليّة الإعلام في الحدّ من ظاهرة العنف
- الأحزاب والهجرة اللانظامية
- الغنوشي ومحنة الخروج من موقع القيادة
- كلام موجع حول التعاطي مع الإرهاب
- «إياك أعني واسمعي يا جارة»
- ما وراء ردود أفعال الأحزاب على حكومة «المشيشي»
- تأملات في مسار الانتقال الديمقراطي
- وقفة تأمّل في دلالات «عيد المرأة التونسيّة»
- هل يستخلص «المشيشي» الدروس من التجارب السابقة؟ ما الذي جناه ...
- التجربة التونسيّة في بؤرة التحديق
- الأداء السياسيّ طريق لانتزاع الاعتراف
- من ثقافة تبرير الفساد إلى التربية على ثقافة المساءلة والمحاس ...
- الترفّق بالديمقراطية الناشئة
- مجلس الشعب و«التسويق» لثقافة العنف
- الشباب والحكومة وثنائية: المركز والهامش
- عرس ديمقراطيّ أم تعرية لواقع متأزّم؟
- معركة: الصناديق
- الغنوشيّ ... والاختبار العسير
- سياسات ارتجالية
- لثم الوجه ...ولا تكميم الأفواه


المزيد.....




- خريطة محدثة للمواقع التي تعرضت للضربات الإيرانية في إسرائيل ...
- شاهد.. لقطات ترصد الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران ليل ا ...
- من بينها مصر وسوريا.. واشنطن تستعد لتوسيع حظر السفر ليشمل 36 ...
- إلقاء القبض على المشتبه بقتله نائبة وزوجها في ولاية مينيسوتا ...
- مصدر أمني إسرائيلي: إيران بدأت باستخدام صواريخ دقيقة يصعب ال ...
-  رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي: لم نضع إسقاط النظام في ط ...
- طهران: -الوحشية أصبحت عادة- بالنسبة لإسرائيل
- نهج الإدارة الأمريكية لا يتطابق مع ما يحلم به الأمريكيون
- ماكرون يؤكد استعداد فرنسا للمشاركة في مناورات عسكرية بالقطب ...
- أبرز المواقع التي استهدفت في القصف الإيراني على إسرائيل


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - مجتمع يتحوّل.. وقوم لا يبصرون