أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - مجلس الهياط والمهايطة














المزيد.....

مجلس الهياط والمهايطة


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6782 - 2021 / 1 / 8 - 18:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يعرّف الهياط والمهايطة بالصياح والجلبة، وهو سلوك نعاينه في بعض الأفضية العامّة كمدراج الملاعب الرياضية أو الأسواق العمومية وغيرها.

غير أنّ المهايطة صارت متفشية في أماكن أخرى يُفترض أن تكون فضاءات السلطة والضبط والصرامة والالتزام بالمعايير الاجتماعية والتربوية كقاعات الدرس، والاجتماعات الرسمية التفاوضية وغيرها بل تفشّى هذا السلوك في البرلمان فصار الهياط والمهايطة سمة لا تفارق أغلب الجلسات، وسلوكا يتميّز به عدد من النوّاب/ت. ولا يذهبنّ في الظنّ أنّ ما يحدث في مجلس الشعب هو علامة على تخلّف الشعوب العربية والإسلامية التي لم تتعلّم الدروس من الغرب. فما جرى في برلمانات عدد من البلدان الغربية خلال هذه السنة العصيبة، وما حدث خلال هذا الأسبوع، وفي «الكونغرس الأمريكي» من عمليات اقتحام وفوضى وعنف ماديّ يُقيم الدليل على أنّ العالم فقد البوصلة إذ تحوّلت «جغرافيا العنف» من الهامش إلى المركز، وصارت عبارات «ثقافة التفاوض» و«التداول السلمي على السلطة» بلا معنى وهيمنت الشعبوية على السياسيين الجدد.

ولا يذهبنّ في الاعتقاد أنّ الهياط مرتبط بالمستوى التعليمي أو الثقافي أو الطبقي أو غيرها من المحدّدات بل رأينا الطبيب والإمام والمهندس والمحامية والمعلّمة و«الكناتري» يتبنّون نفس السلوك فصاروا جميعا من هواة الضجيج والصراخ وبذلك استحالت ممارسة الصمت والتأمّل والإصغاء وغاب الاستعداد للتفاوض مع الآخر. وحين تتعطلّ لغة الكلام في مجلس تشريعي ومع من يتمثّلون أنفسهم أصحاب السلطة والامتياز، تكون الديمقراطية في مأزق حقيقيّ... إنّها عليلة وإمكانات الشفاء محدودة.

ومن ملامح هذه الأزمة عدم الاعتراف بالسلطة ولا بممثّلها إذ بات رئيس مجلس الشعب يسوس قوما غير قابلين للضبط، عاجزا عن إلزام الحضور باحترام رمز السلطة وغير قادر على تحويل المجلس إلى فضاء لنشر المعلومات وتبادل الأفكار والحوار والتفاوض والبناء. وكلّما اشتدّ على «الرئيس» الخناق فقد القدرة على مواجهة الموقف ومال إلى الاستبداد بالرأي وصار يخبط خبط عشواء. وليس عدم الاعتراف بممثّل السلطة، في نظرنا، إلاّ علامة على أنّ الخطاب فقد الصدقية والنجاعة والقدرة على التأثير. ومن علامات هذه الأزمة كذلك لجوء النواب/ات إلى توظيف أدوات الاحتجاج والنشاطية activisme من اعتصام وغلق للأبواب، وسدّ للمنافذ ورفع للشعارات ولبس القمصان الخاصة وتحوّل أغلبهم إلى «موثقين» للأحداث صوتا وصورة وغيرها من الممارسات، وفي المقابل لجأ «الرئيس» إلى قطع النور، والماء، والمكيفات الهوائية ومنع وسائل الإعلام والضيوف من الدخول وغيرها من الإجراءات التي تثبت بما لا يدع مجالا من الشكّ ،أنّه ما عاد قادرا على «إصلاح ذات البين» بالموعظة والحكمة.

ومن علامات إفراغ الديمقراطية من محتواها تحوّل الهياط والمهايطة من ردّ فعل متهوّر مناسباتيّ إلى سلوك ممنهج وثابت واستراتيجية لفضح الآخر وإرباك موقعه، وهدم الصورة التي بناها لنفسه أو صنعها الأتباع له، وإجباره على مفارقة وضع ركحيّ تلوح معه الرصانة والوقار والهيبة... وبالرغم من أنّ المهايطة تتجاوز الجندر والسنّ والطبقة والعنصر... فإنّ المشاهدين/ات يصرّون على ربط الهياط بـ«الزغرادة» و«الحارزات» وجماعة «الفضايح» و«البلايك»... ليغدو علامة على «نقصان العقل والدين» والانفعال والفوضى وغيرها من الصفات التي تنسب لنساء لبعض نساء الخاصّة ولجميع المنتميات إلى «العوام» و«الرعاع».

غير أنّنا عثرنا على تمثّل سياسي أيديولوجي لسلوك الهياط والمهايطة إذ مدح الأتباع والمعجبون تفوّق «العبّورة» فهي المهيمنة على الساحة بلا هوادة وليس لها مثيل ولا منازع.وكلّما حاول الخصوم تصميتها واصلت فكانت عن جدارة «صاحبة الصوت المدوّي» وهنا لم تعد المهايطة علامة على سلاطة المرأة وخروجها عن الامتثالية والمعيارية بل حجّة على القدرة على المقاومة و«مزاحمة الذكران» ذلك أّنّ الرجولة تحتاج إلى الهياط بين الحين والآخر لفرض السلطة.

وبما أنّ الأفكار والتصورات لم تعد مطروحة داخل المجلس، والتشريع معطّل والديمقراطية مرتهنة فإنّه لم يعد للمعلّقين والكروكونيين والمحللين السياسيين وغيرهم سوى الهياط أسوة بأهل السياسة.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام والتطبيع مع العنف
- انتهت الفرص وعيل الصبر
- قراءة في الانتخابات الأمريكية من منظور سياسات الهويات
- جمهور تقوده الأهواء
- المجلس بعيون نوّابه: «وشهد شاهد من أهلها »
- مجتمع يتحوّل.. وقوم لا يبصرون
- مسؤوليّة الإعلام في الحدّ من ظاهرة العنف
- الأحزاب والهجرة اللانظامية
- الغنوشي ومحنة الخروج من موقع القيادة
- كلام موجع حول التعاطي مع الإرهاب
- «إياك أعني واسمعي يا جارة»
- ما وراء ردود أفعال الأحزاب على حكومة «المشيشي»
- تأملات في مسار الانتقال الديمقراطي
- وقفة تأمّل في دلالات «عيد المرأة التونسيّة»
- هل يستخلص «المشيشي» الدروس من التجارب السابقة؟ ما الذي جناه ...
- التجربة التونسيّة في بؤرة التحديق
- الأداء السياسيّ طريق لانتزاع الاعتراف
- من ثقافة تبرير الفساد إلى التربية على ثقافة المساءلة والمحاس ...
- الترفّق بالديمقراطية الناشئة
- مجلس الشعب و«التسويق» لثقافة العنف


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - مجلس الهياط والمهايطة