أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - الإعلام والتطبيع مع العنف














المزيد.....

الإعلام والتطبيع مع العنف


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6772 - 2020 / 12 / 27 - 10:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    




كبيرا من التونسيين/ات إلى مقاطعة أغلب البرامج والاكتفاء بمتابعة نشرة الأخبار اليومية أو استبدال وسائل الإعلام المرئية بوسائل الإعلام السمعية أو شبكات التواصل الاجتماعي؟ وهل يمكن القول إنّ إرهاصات حدوث القطيعة قد لاحت؟
«إعلام العار» عبارة ينطق بها عدد من المشاهدين المستهلكين لما تعرضه الفضائيات، وخاصّة القنوات الخاصّة من برامج تكرّس الجهل والبلادة الذهنية وتستخف بحقّ الموطنين في الثقافة والمعرفة والتسلية الهادفة وغيرها، وهو شعار لا ترفعه هذه المرّة، الجماعات المحسوبة على «الإسلام السياسي» لخدمة أهداف سياسية وأيديولوجية، بل تلتقي شرائح واسعة من التونسيين/ات على توصيف «المشهد الإعلامي» بالانحدار و«السقوط» و«العار». وما دام الطّبع هو الشين والعيب فإنّ «إعلام العار» هو ذاك الّذي يتاجر بقضايا الناس، وما دام الطّبع هو الوسخ الشديد فإنّ مقاطعة «إعلام العار» تعتبر حجّة على وعي الجمهور وانخراطه في الدفاع عن الثقافة الحقوقية.

وبما أنّه لا يتسنّى لنا التمحيص في مضامين أغلب البرامج فقد اخترنا التوقّف عند إشكالية تطبيع عدد من وسائل الإعلام مع أشكال من العنف لما لهذا التوجّه من انعكاسات خطيرة. ويعرّف التطبيع Normalisation بأنّه إخراج الممارسات والسلوك والأفعال في لبوس «الطبيعي» والعادي والمقبول والمألوف والمناسب ممّا يجعل المقاومة أمرا مستغربا إذ أنّى للمرء أن يرفض التكيّف مع الأوضاع والسياقات.
أن تستضيف قناة تلفزية نائبا ممارسا للعنف معناه أن يتضاعف الأذى، فيغدو العنف الذي مارسه النائب في فضاء مجلس الشعب معمّما، ومولّدا لعنف آخر تتبنّاه القناة وتدافع عنه طمعا في رفع نسبة المشاهدة وتحقيق السبق الإعلامي والربح، وبذلك تختزل الجماهير في البعد الاستهلاكي فتتحوّل إلى قطيع يُساس من خلال الضحك أو الإثارة ... والظاهر أنّ سياسات التطبيع مع مختلف أشكال العنف صارت مركزية في عدّة قنوات ترى أنّ تعنيف النساء في مشاهد السخرية والهزل أو تناول العنف ضدّ النساء من منظور التحيّز للنظام الذكوريّ، وتأثيم المرأة -الضحية أمرا مقبولا بل مطلوبا.
إنّ عدم الاعتبار من التجارب السابقة حين مالت بعض القنوات إلى دعوة ‘ الإرهابيين» إلى المشاركة في البرامج بتعلّة حق الجميع في التعبير كان له ثمن باهظ وتكلفة كبيرة. كما أنّ الاستخفاف بالقوانين الصادرة لمكافحة التطرّف وخطاب الكراهية والعنف الممارس على الفتيات والنساء والأطفال والمسنات له تبعات ويستوجب المساءلة والمحاسبة.

ونذهب إلى أنّ غياب الوعي والافتقار إلى التصورات التي تجسّد انسجام المبادئ والمواقف ومتانة الثقافة ظاهرة لا تقتصر على أبرز الساسة بل ثمّة علل وأزمات هيكلية صارت متشابكة تعرّي التناقضات وضعف القناعات إذ لا يمكن الاحتجاج على محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني وإبراز مشاعر الغضب والحماسة والنخوة و.. وفي مقابل ذلك الصمت أو الاكتفاء بعد ساعات من الفرجة على برامج تطبّع مع العنف ضدّ النساء، والإرهاب وغيرها بترديد ‘إعلام العار’. ولا يمكن للتنويري -الحداثي أن يكتب تدوينة أو مقالا ينقد فيه محتوى البرامج ثمّ يتنمّر وينشر صورا للسخرية من أجساد الناس ثمّ يبرّر ذلك بأنّها مجرد دعابة وشكل من أشكال الترويح عن النفس. وقس على ذلك مظاهر أخرى من التطبيع مع الرداءة والفساد والزبونية و.. التي تثبت اتّساع دائرة التطبيع وتغلغله في الحياة اليومية.
إنّ سياسات التطبيع سياسات قصدية يُراد من خلالها تغيير قاعدة التواصل وتنظيم العلاقات وفق أهداف محدّدة ولا ضير إن مرّ التطبيع على حساب أصحاب الأرض أو على أجساد النساء وأهل الهويات الغيرية والمقهورين/ات وغيرهم. ونعتقد أنّ التطبيع يعرّي تشابك البنى الهيمنية وترسّخها في المتخيّل الجعيّ ويكشف عن مناطق الهشاشة وما أكثرها.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتهت الفرص وعيل الصبر
- قراءة في الانتخابات الأمريكية من منظور سياسات الهويات
- جمهور تقوده الأهواء
- المجلس بعيون نوّابه: «وشهد شاهد من أهلها »
- مجتمع يتحوّل.. وقوم لا يبصرون
- مسؤوليّة الإعلام في الحدّ من ظاهرة العنف
- الأحزاب والهجرة اللانظامية
- الغنوشي ومحنة الخروج من موقع القيادة
- كلام موجع حول التعاطي مع الإرهاب
- «إياك أعني واسمعي يا جارة»
- ما وراء ردود أفعال الأحزاب على حكومة «المشيشي»
- تأملات في مسار الانتقال الديمقراطي
- وقفة تأمّل في دلالات «عيد المرأة التونسيّة»
- هل يستخلص «المشيشي» الدروس من التجارب السابقة؟ ما الذي جناه ...
- التجربة التونسيّة في بؤرة التحديق
- الأداء السياسيّ طريق لانتزاع الاعتراف
- من ثقافة تبرير الفساد إلى التربية على ثقافة المساءلة والمحاس ...
- الترفّق بالديمقراطية الناشئة
- مجلس الشعب و«التسويق» لثقافة العنف
- الشباب والحكومة وثنائية: المركز والهامش


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - الإعلام والتطبيع مع العنف