أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راتب شعبو - يا حيوان ليش ما قلت انك -مو منهم-؟














المزيد.....

يا حيوان ليش ما قلت انك -مو منهم-؟


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6832 - 2021 / 3 / 5 - 16:08
المحور: الادب والفن
    


لو لم تسقط بلوزة أحمد عن حبل الغسيل المنصوب على برندة الطابق الثالث إلى الأرض المهملة المحيطة بالبناية، لما كان لهذه القصة أن تكون.
ريح الربيع تسقط البلوزة، الزوجة تنادي زوجها أحمد وتطلب منه إحضار البلوزة، الزوج يتردد ويطلب مهلة للتفكير، تنقضي المهلة ويقول الزوج إنه يفضل خسارة البلوزة على أن يغامر بحياته إذا نزل لإحضارها من أسفل البناية. الزوجة تهدئ مخاوف الزوج بالقول إن اللجان الشعبية تملأ المدينة بالحواجز، فلا تمر سيارة أو بسكليت أو رجل أو امرأة دون أن يتم تفتيشه على أحسن وجه، حتى أنه يجري تفتيش السيارة عدة مرات على الحواجز المتعاقبة، وذلك قبل أن يبتكروا طريقة رفع ممسحة الزجاج الأمامي للسيارة كدلالة على أنها خضعت للتفتيش على الحاجز السابق.
حدث ذلك حين غزت المدينة كائنات بشرية يصعب تمييزها عن أهل المدينة، كائنات بشرية ترتدي ملابس أهل المدينة وتتكلم كلامهم وتركب السرافيس وتتناول السندويش حتى تكاد لا تفرق بينها وبين أهل المدينة بشيء، سوى أنها تضمر الشر لهم. التلفزيون السوري حذر من هذه الكائنات التي غزت المدينة، وراح يبث على الهواء مباشرة شهادات من شاهد هذه الكائنات وأفعالهم الغريبة. أحد الشهود قال إنه رأى في الصباح رجلاً متوسط العمر يرتدي قميصاً أحمر ويقف أمام الفرن ينتظر دوره بطريقة مريبة، غير أن نظراته والتفاتاته فضحت أنه "منهم"، فألقي القبض عليه وتبين أنه من محافظة أخرى ويخفي حقيقة نشاطه بأن يعمل حارساً لإحدى البنايات. الحواجز الشعبية أمسكت الكثير منهم: بائعون متجولون، طلاب جامعات، سائقو سيارات أجرة، عمال نجارة بيتون، أصحاب مكاتب عقارية ..الخ، ولم يُعرف ماذا تكشف بالضبط بعد التحقيق معهم. كما أن بعض هذه الكائنات هرب من حصار الحواجز الشعبية إلى الريف واتخذ هيئة تشبه هيئة أهل الريف تماماً.
بين ليلة وضحاها اكتشف الأهالي أنه ما من شيء بريء في هذه المدينة. الشاب الذي يدخن على مقعد في حديقة عامة، قد يكون "منهم"، وكذلك الصبي الذي يدور على البسكليت من حاوية زبالة إلى أخرى يجمع الكرتون والبلاستيك، أو الرجل الذي يدفع عربة اللوز الأخضر، الحقيقة التي استقر عليها أهالي المدينة هي أنه يجب أن لا تثق بأحد، حتى بجارك الذي عشت معه سنوات طويلة.
في هذه الأجواء تقرر أخيراً أن ينزل أحمد لإحضار البلوزة. كان الوقت مساء والأرض مهجورة، وكان أحمد يمشي بحذر شديد وهو يمد جسده للأمام بحثاً عن البلوزة، حين لمحه فتى صغير ممن شغلهم موضوع الغزو الغريب الذي يتكلم عنه الجميع، وقرر أن يثبت أن حرصه على مدينته لا يقل عن حرص الكبار، فرأى أن فرصته قد حانت، وصاح بحماس: "رأيته، الحقوني".
ركض مجموعة من الشباب الذين ندبوا أنفسهم لحماية الحي باتجاه أحمد الذي لم يدرك ما يجري حوله إلا حين سمع صراخ التهديد يقترب منه وسمع صوت تلقيم مسدس، عندها نسي البلوزة وزوجته وحبل الغسيل، ولَبَدَ في مكانه بانتظار أن يتبين إذا ما كان هو المقصود بهذه الهجمة.
بعد لحظات يضطر أحمد إلى تذوق التراب جراء رفسه قوية على الظهر جعلت فمه يلتصق بالأرض. وبحركة سريعة شاهدها كثيراً في أفلام الأكشن، انقض أحد الشباب المهاجمين وثبت يديه خلف ظهره بمهارة.
كان أحمد على وشك أن ينال جزاء أن يكون "منهم"، لولا أن زوجته خرجت إلى البلكون لتستطلع سبب هذه الجلبة وصرخت: "دخيلكن هادا زوجي". توقف الرهط عن متابعة إجراءات القبض على من افترضوه "منهم"، وصرخ به الشاب الذي رفسه، ويبدو أنه قائد المجموعة: "يا حيوان، ليش ما قلت إنك مو منهم؟" فنظر إليه أحمد بانكسار وقال له بصوت يكاد لا يسمع: "أنا خفت تكونو انتو منهم".
يوليو/تموز 2017



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سجين سياسي سابق
- بين القمع والسرية
- إشكالية الصراع من خارج الدولة
- تصويت مبكر على -الانتخابات- الرئاسية في سورية
- المقاومة مذهبية والمهمة وطنية؟
- حقيقة ينبغي على نظام الأسد إدراكها
- نظام حرب على المجتمع
- في النقد الفارغ من النقد
- نقد النخب السلمية في الثورة السورية
- البحث عن سبيل للتحرر من الاستبداد
- الهاوية
- مات بتوقف القلب
- تبدل حال جمهور النظام السوري
- الوجه والصورة
- على خط التماس
- القوة الغاشمة، أسيد الضمائر
- تحت خط الوطن
- في مساءلة خياراتنا وأهدافنا
- لماذا نقبل السجن؟
- تأثير السجن


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راتب شعبو - يا حيوان ليش ما قلت انك -مو منهم-؟