أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - إشكالية الصراع من خارج الدولة














المزيد.....

إشكالية الصراع من خارج الدولة


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6821 - 2021 / 2 / 22 - 12:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بحسب دراسات الانتقال الديموقراطي، يمكن لعجز القوى السياسية المتصارعة عن حسم الصراع في بلد ما، أن يؤسس لتسوية فيما بينها ينتج عنها بداية تحول ديموقراطي يكون أساسه الفعلي هو الاعتراف بالعجز عن الانتصار. غير أن هذا التحول ممكن فقط حين يكون صراع القوى ضمن دائرة الدولة، أي أن تكون الدولة هي إطار ثابت ومعترف به من جميع الأطراف المتصارعة. لدينا في سورية هذا العجز عن الانتصار، ولكنه ليس من النوع الذي يقود إلى بداية ديموقراطية، ذلك لأن الصراع تعدى حدود الدولة الرسمية (أي المعترف بها والممثلة في الأمم المتحدة) التي أصبحت مجرد طرف فيه. الانقسام السياسي في سورية اتخذ شكلاً جغرافياً، حين سيطرت الأطراف على مساحات متفاصلة من الأرض السورية. لم نعد بالتالي أمام صراع قوى في إطار دولة، بل أمام صراع بين دويلات (قوى أمر واقع تتبلور مع الوقت ككيانات حكم، ودولة رسمية انحطت في أدائها العام وفي سيادتها إلى مستوى دويلة).
لكل من هذه الدويلات المحمية التي تواجه الدولة أو الدويلة الرسمية، كيان وإدارة ولا يوجد أي تنسيق فيما بينها، كما أنها لا تجتمع على مبدأ واحد ولا على موقف واحد إزاء الدولة الرسمية. هذا يعني أن الصراع القائم بين هذه الأطراف أو الكيانات، سواء ببعده العسكري أو السياسي، لم يعد صراعاً لتغيير نظام طغيان أو استبداد بل صراع للفوز بنصيب في الشرعية السورية القادمة أو في الحل القادم الذي قد يحافظ على شكل موحد لسوريا ويأتي على الوحدة الفعلية لها. هذا هو الإطار الذي تتحرك فيه سياسات حزب الاتحاد الديموقراطي الذي يجدد تفاوضه مع نظام الأسد برعاية روسية ويقبل بدخول قسد في جيش النظام على أن يكون لها وضع خاص، وأن تندرج الإدارة الذاتية في قانون الإدارة المحلية رقم 107. وفي الإطار ذاته تتحرك سياسات هيئة تحرير الشام وسعيها للانسجام مع معايير المقبولية الامريكية واستعدادها للتصدي لحراس الدين أملاً في رفعها عن قوائم المنظمات الإرهابية وحجز مكان لها في الحل الممكن. وليس بعيداً عن هذا مسعى القوى العسكرية في الجنوب السوري لكسب المزيد من الاستقلالية المحمولة على رضا إسرائيلي وتفهم روسي ورفض شعبي لنظام الأسد.
للتعبير سياسياً عن هذا التحول النوعي في مسار الصراع السوري، لاحظنا، منذ سنوات، تراجع المطلب الديموقراطي وتقدم مطلب اللامركزية، ما يكشف أن مشكلة القوى العسكرية الفاعلة على الأرض والحالمة بشرعية لوجودها في سورية القادمة، لم يعد آلية إنتاج السلطة بل توزيع السلطة بالأحرى، فهذه القوى نفسها ليست ديموقراطية لا في ممارساتها ولا في آلية إنتاج السلطة فيها، والحق إنها لا يمكن أن تكون كذلك في بيئة صراع كهذه.
ولكن حتى التنظير الذي يرى إمكانية الانتقال إلى الديموقراطية بدون ديموقراطيين، أي أن يتم التوصل إلى الديموقراطية بوصفها حلاً لصراع أطراف غير ديموقراطية ولكنها عاجزة عن حسم الصراع فيما بينها، لا ينفع في الحالة السورية بسبب ما ذكرنا من خروج الصراع فيها عن إطار الدولة.
يمكن الإشارة إلى هذا التحول على أنه نقطة فاصلة في سياق الثورة السورية، وهو تحول بدأت تتكامل عناصره مع بداية مرحلة ما سمي المناطق المحررة، المرحلة التي أخرجت الصراع من دائرة التوافق على الدولة وأسست لصراعات مع الدولة من خارج إطار سيطرتها. وقد أنتجت هذه الصراعات، وكان لا بد لها أن تنتج، كيانات خارجية بالنسبة للدولة وغير ديموقراطية، وتبرر استبدادها وعدوانيتها تجاه بيئتها المحلية بضرورات الصراع.
على هذا أصبحت غاية القوى المسيطرة في هذه المناطق المحررة، ولاسيما بعد التدخل الروسي في نهاية أيلول 2015، الحفاظ على الذات في وجه الدولة الرسمية، وبات مفعول خروجها على النظام شبيها بمفعول تمرد الولاة العثمانيين على المركز، أي تقليص المساحة الجغرافية لنفوذ السلطان وليس تقييد سلطاته. على العكس، فقد بات خروج هذه المناطق عن سيطرة الدولة الرسمية، مبرراً إضافياً للطغمة الحاكة لممارسة المزيد من التضييق على محكوميها بدعوى ضرورات الصراع أيضاً. بكلام آخر، صار الصراع بين هذه القوى (لم تعد الدولة الرسمية هي الجهة الوحيدة لصراع هذه القوى بل باتت في صراع فيما بينها أيضاً) شبيه بالصراع بين الدول، أي غايته كسب الأرض أكثر مما غايته التغيير السياسي، بعد أن باتت متخارجة حيال بعضها البعض.
زاد في تعقيد الصراع السوري، وهو التعقيد الذي ترافق مع ابتعاده عن مضمونه الديموقراطي، أن القوى العسكرية التي سيطرت على الأرض اتخذت بعداً هوياتياً كان يصعب تفاديه، فمن طبيعة الصراع العسكري الداخلي أنه يحتاج إلى عصبية لا توفرها السياسة العقلانية. وقد شهدنا كيف أن الصراع العسكري راح يكنس العناصر العقلانية فيه أولاً بأول. البعد الهوياتي عزز التنافر فيما بين القوى التي توضعت على الأرض، وعزز الطابع غير الديموقراطي لها، وقتل البعد الديموقراطي للصراع، الأمر الذي أعاد للدولة الرسمية مقبولية كانت قد خسرت جزءاً مهماً منها من قبل. غير أن ما كان قد استرده النظام جراء الانحطاط في طبيعة القوى التي تواجهه، عاد ليخسره جراء انحطاطه الخاص المتعدد الأوجه من جرائمه ضد معارضيه إلى افتقاد السيادة أمام الحلفاء المحتلين، وأمام الغارات الإسرائيلية المستمرة، إلى استشراء الفساد في مفاصله والعجز عن تأمين لقمة العيش لمحكوميه.
أما المطلب الديموقراطي في سورية فلم يعد له من يرفعه سوى الهيئات السياسية المعارضة التي تقطعت خيوط ارتباطها بجمهور واسع كانت تمثله يوماً، ولم يعد لها ما يسندها سوى اعتراف دولي يزداد ضعفاً. وعليه بات المطلب الديموقراطي ضعيفاً يعكس ضعف هذه الهيئات التي تدخل في طور جديد من التراجع وتصبح أكثر قابلية للدخول في تسوية "ديموقراطية" مع النظام تقي شخصياتها الخروج من الميدان خالية الوفاض.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصويت مبكر على -الانتخابات- الرئاسية في سورية
- المقاومة مذهبية والمهمة وطنية؟
- حقيقة ينبغي على نظام الأسد إدراكها
- نظام حرب على المجتمع
- في النقد الفارغ من النقد
- نقد النخب السلمية في الثورة السورية
- البحث عن سبيل للتحرر من الاستبداد
- الهاوية
- مات بتوقف القلب
- تبدل حال جمهور النظام السوري
- الوجه والصورة
- على خط التماس
- القوة الغاشمة، أسيد الضمائر
- تحت خط الوطن
- في مساءلة خياراتنا وأهدافنا
- لماذا نقبل السجن؟
- تأثير السجن
- ملاحظات على عقد عربي فريد
- مشكلتي مع التعابير
- المعارضة السورية في طور الهبوط


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - إشكالية الصراع من خارج الدولة