أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - ملاحظات على عقد عربي فريد















المزيد.....

ملاحظات على عقد عربي فريد


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6771 - 2020 / 12 / 25 - 11:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وضعت الشعوب العربية على العقد الثاني من القرن الحالي، على خلاف العقود السابقة، بصمة لا يمكن إغفالها. لأول مرة منذ عقود تحضر الشعوب العربية بوصفها ذوات سياسية تبحث عن حياة أفضل، وتقتحم أخبارها شاشات العالم. لأول مرة تتحرر النضالات الداخلية بين الحاكم والمحكوم من النضالات "القومية" فلا تحضر إسرائيل والامبريالية كمصدات تمنع الصراعات الداخلية من أن تتخذ بعدها التحرري. كان لافتاً كيف استحضر النظام السوري المصدَّ الإسرائيلي حين صرح أن ثورات الربيع العربي لن تستهدفه لأنه لم يطبع مع إسرائيل وأنه في "محور المقاومة"، ثم استغاث بهذا المصد، في بدايات الثورة عليه، فكتب على إحدى اللافتات: "إسرائيل هي العدو"، محاولاً ستر عداوته للشعب السوري بعداوة أخرى.
في هذا العقد، لم تكن أخبار الشرق الأوسط هي أخبار الصراع مع إسرائيل، بل الصراع مع الاستبداد الداخلي الذي طالما راكم الفشل في الميدان الوطني كما في ميدان التنمية، فضلاً عن اعتدائه الثابت على حريات محكوميه الفردية والعامة.
في نهاية هذا العقد العربي الفريد، يمكن أن نسجل بضع ملاحظات:
أولاً، آخذين بالاعتبار المآلات المحبطة التي وصلت إليها الثورات العربية، ولاسيما الموجة الأولى منها (ما عدا تونس، موطن الشرارة الأولى)؛ يبقى الربيع العربي ربيعاً، رغم كل التعابير "الفصلية" الأخرى المقترحة: الخريف العربي أو الشتاء العربي. ربيعية الربيع العربي تكمن في أن الشعوب العربية أثبتت حيوية أوشكنا أن نشك بها، وخرجت في وجه أشد أنواع الأنظمة السياسية بطشاً وإزماناً. والحق أن هذا هو مصدر الذهول الذي أصاب القذافي أمام خروج الليبيين عليه. حين عبر القذافي عن استغرابه الشهير "من أنتم"؟ كان يعني أنه لم يألف هذا النوع من البشر. كان يستغرب أي بشر هؤلاء الذين يخرجون على نظام سد كل منافذ الخروج؟ وكيف يتمرد هؤلاء الذين كان يراهم مطبوعين على التسليم والانقياد والتهليل والتصفيق؟ والحال نفسه ينطبق على بقية أقرانه من المستبدين.
هذه الحقيقة تتفوق على كل الحقائق الأخرى (وهي حقائق بلا شك) التي دفعت البعض إلى نقض تسمية "الربيع العربي".
ثانياً، لم يكن في المجال الثقافي العربي حيوية فكرية تقابل الحيوية النضالية التي أظهرها الجمهور في الساحات. يمكن القول إن الثورات العربية كانت يتيمة فكرياً، لا أبوة فكرية لها، سوى كلام عمومي، منقول في الغالب، يلخصه المطلب الديموقراطي مفهوماً على النمط الغربي. اليتم الفكري للثورات العربية هو المسؤول الأول عن اليتم السياسي التالي لها، نقصد غياب تمثيل سياسي يستطيع ترجمة طاقة الثورة إلى قوة تغيير سياسي تحرري ومدرك لمقاصده. على هذا كان لدينا في العقد المنصرم ربيع الشعوب وخريف النخب.
ثالثاً، أحد أسباب الفجوة الكبيرة التي ظهرت جلية في "الربيع العربي"، بين ما نريد وما نستطيع، هذه الفجوة التي ابتعلت الثورات، وجاهزة لابتلاع موجات أخرى منها ما لم تعالج، هو اختصار المهمات الشاقة والتي تحتاج إلى عمل معرفي وميداني ومدني طويل ودؤوب وتراكمي، في حلول سحرية تتأرجح بين "الإسلام هو الحل" أو "الشيوعية هي الحل" أو "الوحدة العربية هي الحل"، وصولاً إلى "الديموقراطية هي الحل"، دون أن يستطيع أصحاب هذه الحلول السحرية تفصيل القول في أي منها، سوى في تنظيرات مقطوعة عن واقعها. وكأننا نريد تدارك تخلفنا العام بوصفة سحرية لا تحتاج سوى إلى الاستيلاء على السلطة السياسية. يمكن لهذا "السحر" أن يحشد وأن يحرك قطاعات واسعة من الناس، ولكنه لا يمكن أن يقود جمهوره إلا إلى المزيد من الإحباط والتشتت.
رابعاً، في كل التنويعات التي انتهت إليها ثورات الربيع العربي، لم تحقق الشعوب الثائرة ما خرجت لأجله. على أن البلدان التي توصلت فيها الثورة إلى تسوية مع قوى النظام (مصر، السودان)، ظلت، على كل حال، أفضل وضعاً، بمقياس الدمار والموت، من البلدان التي دخلت فيها الثورة في صراع حياة أو موت مع النظام القائم (ليبيا، سورية). في حين لم تنفع التسوية في الحالة اليمنية بسبب تراكب الصراع هناك على خطوط مذهبية وعشائرية، والسماح للرئيس السابق، الذي قبل مكرهاً بالتخلي عن الرئاسة، أن يبقى في البلد، ويدخل في صراع على السلطة، الأمر الذي ساهم في تأجيج الصراعات وتعقيدها.
خامساً، لم تمثل الإطاحة برأس النظام نجاحاً للثورة (مصر)، ولم تجنب البلاد الدخول في نفق الاقتتال والدمار والتمزق الاجتماعي (ليبيا، اليمن). على أن النموذج السوري حيث حافظ النظام على رأس الهرم فيه، شكل الحالة الأشد تدميراً وتمزيقاً للبلاد وللمجتمع، إلى حد يثير الشكوك في إمكانية استعادة وحدتهما. النتيجة التي يمكن تلمسها هي أن تجاوز الأنظمة الاستبدادية المزمنة يحتاج إلى تفكيكها من القاعدة.
سادساً، تميزت الموجة الثانية من الانتفاضات العربية (لبنان، العراق، السودان، الجزائر) بأنها تجاوزت مطبي العسكرة والتغذية الطائفية، مستفيدة من تجربة الموجة الأولى. مع ملاحظة أن النظام "الديموقراطي" القائم على المحاصصة (العراق، لبنان) أظهر قدرة أكبر على مقاومة التغيير دون الإفراط في العنف، يعود ذلك إلى مرونته العالية وتعدد نقاط ارتكازه قياساً على الأنظمة المستبدة ذات الرأس الواحد، التي ترتد بوحشية أكبر على أي محاولة تغيير، لأنها ضعيفة المرونة. في الجزائر أتقن الشعب درس "العشرية السوداء"، حين اكتوى بنار العنف الإجرامي المبتادل بين الجيش والجماعات الإسىلامية في العقد الأخير من القرن الماضي، فحافظ على سلمية حراكه رغم عدم استجابة مؤسسات النظام لمطالبه، كما أن الجيش، بالمقابل، لم يلجأ إلى العنف. هذا ينعش الأمل بأن يكون العنف الرهيب الذي شهده العقد المنصرم، درساً مفيداً للجولات القادمة.
سابعاً، تبين أن غلاف الاستبداد السياسي إذا ما ضعف أو تمزق، فإنه يكشف في المجتمع عن قوى وميول استبدادية سرعان ما تحتل المجال العام الذي يهجره الاستبداد الأم. وهكذا يبدو أن الاستبداد لا يكتفي بحرق حاضر المجتمعات التي يحكمها، بل يضعف أيضاً إمكانات التحرر المستقبلية فيه.
ما سبق يطرح على المشتغلين في الشأن الفكري والسياسي البحث الأصيل عن السبل التي يمكن من خلالها تفكيك الاستبداد، وجعل النضال التحرري أكثر جدوى وأكثر قابلية للتراكم.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلتي مع التعابير
- المعارضة السورية في طور الهبوط
- المأساة السورية وليمة صحفية (قراءة في كتاب الأسد أو نحرق الب ...
- المنشقون والثورة السورية
- العلويون في مهب السلطة السياسية 2
- العلويون في مهب السلطة السياسية 1
- ماذا نستفيد مما يحصل في فرنسا؟
- هل السلطة السياسية أولوية؟
- أمي والقضايا الصغيرة
- -انا في سورية وأريد العودة الى وطني-
- الصمت ليس حقا لمن لديه ما يقول
- ضحايا وجلادون
- حين تتحول الهوية إلى وثن
- مشكلة الفرنسيين مع الإسلام
- هل العلة في الطريق أم في -الهرولة-؟
- عن رهينة فرنسية اعتنقت الاسلام
- سورية بعد موجة التطرف الإسلامي
- لا حقوق وطنية بدون حقوق يومية
- سورية المدمنة على النقصان
- حضورنا المباشر في السياسة


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - ملاحظات على عقد عربي فريد