أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - ماذا نستفيد مما يحصل في فرنسا؟















المزيد.....

ماذا نستفيد مما يحصل في فرنسا؟


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6753 - 2020 / 12 / 6 - 11:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في 20 نوفمبر الماضي، كان البرلمان الفرنسي (الغرفة السفلى) قد مرر قانون "الأمن الشامل" الذي يحد من حرية الصحافة ويفرض، في البند 24 منه، غرامة هائلة (45 ألف يورو) وسجن لمدة عام، على كل من يصور الشرطة عند أدائهم عملهم، وينشر الصور بدافع "سوء النية" لإلحاق الأذى الجسدي أو النفسي بهم (محاكمة نوايا). صاحبا الاقتراح نائبان في البرلمان من حزب الرئيس (الجمهورية إلى الأمام)، أحدهم كان عميداً في الشرطة وقائد وحدة قوات التدخل السريع (ريد)، قبل أن يصبح نائباً.
لم يعترض على القانون سوى (104) من أصل (577) نائباً، أي (18%) فقط من النواب المنتخبين بحرية ونزاهة ليمثلوا مصالح ناخبيهم. التنافس السياسي والاستثمار السياسي في الخوف الذي يغذيه اليمين المتطرف في الفرنسيين، دفع غالبية النواب (388) إلى الموافقة وامتناع (66) عن التصويت. الاحتجاجات التي قادتها النقابات الصحفية وجماعات حقوق الإنسان، مع الفيديوهات الصادمة التي انتشرت على وسائل التواصل، دفعت الحكومة إلى التراجع، وإعادة مشروع القانون إلى البرلمان لتعديله. المشهد إذن هو خروج الناس ضد إرادة البرلمان. لولا ذلك كان سيمر القانون وسيقال إنه تعبير عن إرادة الأمة.
تؤكد الأحداث التي تتوالى في فرنسا، على حقيقة أن لا شيء يضمن احترام القيم والمعايير الديموقراطية في بلد، سوى الفاعلية الشعبية المباشرة والوجود المباشر للناس في الشارع. وأن ميل السلطات إلى تقييد الحريات العامة هو ميل ثابت لا تقف في وجهه بشكل مضمون لا الانتخابات ولا تداول السلطة ولا حرية الأحزاب ..الخ. على العكس من ذلك، قد يدفع سعي الأحزاب وراء الأصوات الانتخابية إلى التضييق على الحريات العامة والخاصة بدعوى "الأمن"، كما نشهد في فرنسا من صراع بين الحريات و"الأمن الشامل".
المحرك السياسي في الديموقراطية التمثيلية هو البحث عن الأصوات، مثلما أن المحرك الاقتصادي للرأسمالية هو البحث عن الربح، وكما لا يرتبط الربح لزوماً بتحقيق حاجات الناس، وقد يرتبط بتدمير مادي للناس ولمصالحهم (أسلحة، مخدرات، مضاربات ..)، كذلك لا يرتبط الحصول على الأصوات لزوماً بتحقيق مصالح فعلية للناس (النزوع الشعبوي، خلق الهاجس الأمني والاستثمار في الخوف ..). وإذا مضينا أكثر في المقارنة نجد أن الدولة في البلدان الديموقراطية وجدت نفسها مضطرة للتدخل بغرض الحد من الميول "الطبيعية" للرأسمالية، عن طريق وضع قوانين لمنع الاحتكار، وفرض ضرائب تعيد من خلالها توزيع بعض الثروة، وتعدل ميل القوانين الاقتصادية إلى تهميش وإفقار قطاع واسع من المجتمع. بالقياس فإن الحضور المباشر للمحكومين من خلال تنظيماتهم المدنية ومتابعتهم واستعدادهم الدائم للنزول إلى الشارع، هو وحده ما يحد من ميول السلطات المنتخبة إلى تضييق الحريات واكتساب المزيد من المساحة لحركتها الخاصة.
في فرنسا، البلد الأكثر حيوية شعبية في أوروبا، كان يمكن للانتهاكات الأخيرة أن تمر، نقصد الإخلاء العنيف لخيم اللاجئين في ساحة الجمهورية في 23 نوفمبر الماضي، والاعتداء بالضرب المبرح على رجل أسود في محله لمجرد أنه يقف أمام المحل دون أن يضع كمامة، قبل الحادثة الأولى بيومين. وكان يمكن للحقائق أن تُقلب وأن يتحول الضحية إلى جانٍ. عناصر الشرطة الذين اعتدوا على الرجل الأسود (ميشيل زيكلر) اعتقلوه بعد ضربه، في مقر للشرطة وافتروا عليه بتقرير يقول إنه أساء التصرف معهم وأهانهم وحاول خطف سلاح أحدهم. كان يمكن أن يمر كل هذا لولا الكاميرات والتصوير، والحركة الشعبية التي تلت.
صحيح أن الكاميرات تساعد على رصد تعديات الشرطة، ولكن لا تكتمل فائدة هذا الرصد ما لم يوجد جاهزية شعبية للحركة والاحتجاج. توفير هذه الجاهزية يحتاج إلى عمل مدني من شقين، الأول ثقافي يقوم على نشر وتوطين القيم الديموقراطية والإنسانية في الوعي العام، أي ترسيخ قيمة القانون إلى جانب القيم الإنسانية، فلا يكون في الوعي العام ثغرة تتقبل أي انتهاك بحق أي كان، بداعي التحيزات السياسية أو غيرها من التحيزات. والثاني تنظيمي يقوم على إنشاء أشكال بسيطة ومرنة من التنظيمات التي تقوم بالدور الثقافي السابق وبالحشد والحركة والفعل اللازم للوقوف في وجه الانتهاكات، مستفيدة من وسائل التواصل الحديثة. الرصد والتصوير هو بمثابة الصاعق الذي لا يغني عن الديناميت.
الصور التي فضحت الممارسات الرهيبة لنظام الأسد ضد الثائرين عليه، كانت كثيرة وصادمة إلى الحدود القصوى، ولكنها، مع ذلك، لم تغير كثيراً في المشهد. يوجد في الوعي العام في سورية، وفي مجمل الثقافة الشرقية، قناعة ضمنية (وأحياناً صريحة) لدى العامة كما لدى النخبة، أن ضبط المجتمع يحتاج إلى حكم قوي وشديد، وأن جزءاً من المجتمع يمكن أن يدفع الضريبة. وجود هذه القناعة، إلى جانب الخوف الذي يسببه القمع، يقلل من أثر الرصد والتصوير المذكور. نقد هذه القناعة جزء مهم من العمل المدني المقصود. ينبغي القول إن النقد الذي ينطلق من خلفية سياسية يتجه، بطبيعة الحال، إلى منفعة سياسية، لذلك يميل إلى التساهل تجاه انتهاكات والتركيز على انتهاكات وفقاً للمصلحة السياسية الممكنة، هذا ما يدفعنا إلى التركيز على النشاط المدني الذي يناضل ضد الانتهاكات بذاتها، باستقلال عن "أبطالها" وخلفياتها السياسية.
قال الرئيس الفرنسي بعد رؤية فيديو الاعتداء على الرجل الأسود "هذا عار"، واستجاب بالطلب من وزير الداخلية معاقبة العناصر الضالعين في ضرب الرجل، وكذلك التوجيه بإعادة كتابة القانون الذي اثار الاحتجاجات. فيما قال رأس النظام السوري حين عرضت عليه صوراً أكثر فظاعة بما لا يقاس، "هذا كذب"، واستجاب بمواصلة سياسة القتل. الأول لا يستطيع، حتى لو أراد، أن يواجه ثقافة مكرسة في المجتمع تحترم حقوق الإنسان داخل فرنسا، على الأقل. الثاني يستند في تكذيب الصور، إلى رضا أو تواطؤ "ثقافي" عام، مع يقينه أن غالبية السوريين يعلمون أنه يكذب. بين القول الأول والثاني فارق ثقافي وليس فقط سياسي.
غياب الثقة بالممثلين أو المنتَخَبين، كان وراء الحركة الشعبية الواسعة التي أثارها تراجع القدرة الشرائية لدى الفرنسيين أواخر 2018، نقصد حركة "السترات الصفراء" التي انطلقت من خارج الأحزاب وأقلقت الطبقة السياسية كاملة، وطالبت بالديموقراطية المباشرة، أي حق المواطنين باقتراح قوانين وإلغاء أخرى وتعديل الدستور وإقالة شخص منتخَب. هذا يقول إنه يمكن أن يتم تبني الديموقراطية التمثيلية بقرار، ولكن الوصول إلى حكم ديموقراطي فعلي يحتاج ليس فقط إلى نضال طويل في المجالين السياسي والثقافي، بل ويحتاج إلى حضور شعبي دائم، وإلى وقوف الناس الدائم بجانب حقوقها ومصالحها.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل السلطة السياسية أولوية؟
- أمي والقضايا الصغيرة
- -انا في سورية وأريد العودة الى وطني-
- الصمت ليس حقا لمن لديه ما يقول
- ضحايا وجلادون
- حين تتحول الهوية إلى وثن
- مشكلة الفرنسيين مع الإسلام
- هل العلة في الطريق أم في -الهرولة-؟
- عن رهينة فرنسية اعتنقت الاسلام
- سورية بعد موجة التطرف الإسلامي
- لا حقوق وطنية بدون حقوق يومية
- سورية المدمنة على النقصان
- حضورنا المباشر في السياسة
- العدو الصديق وأزمة مياه الحسكة السورية
- الحرية والاختيار
- مسؤوليتنا عن انفجار بيروت
- توحيد الروايات الذاتية للجماعات السورية
- مناهج تعليم غير وطنية في سورية
- نجوم لسماء، أقحوان لمرج
- خفايا انتخابات مجلس الشعب السوري 2020


المزيد.....




- الأفارقة يخسرون نحو 70 مليون دولار بسبب رفض طلبات تأشيرات شن ...
- بولتون يعلق لـCNN على الضربات الأمريكية: الهجوم قد يُمهّد لت ...
- عرائس بلا تيجان.. صيحة زفاف النجمات في صيف 2025
- تفجير انتحاري في كنيسة بدمشق يودي بحياة 22 شخصا على الأقل
- باريس ترسل طائرة عسكرية لإجلاء مواطنيها من إسرائيل
- اليوم الـ11 من المواجهة: واشنطن مستعدّة لمحادثات مع طهران وإ ...
- ضربة واشنطن النوعية: هل نجحت -مطرقة منتصف الليل- في شل البرن ...
- -تخطى دوره الرقابي وساهم بإشعال الحرب-.. غروسي في دائرة الات ...
- هند جودة: ماذا يعني أن تكون شاعرا في زمن الحرب؟
- واشنطن أطلقت 75 قذيفة دقيقة التوجيه وأكثر من 24 صاروخ توماهو ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - ماذا نستفيد مما يحصل في فرنسا؟