أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راتب شعبو - نجوم لسماء، أقحوان لمرج














المزيد.....

نجوم لسماء، أقحوان لمرج


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6632 - 2020 / 7 / 31 - 15:35
المحور: الادب والفن
    


إلى ذكرى حارة الدولود وأهلها

يدخلون حياتك دون قصد منهم أو منك، بعفوية دخول الضوء عبر الزجاج. ضوء إضافي يدخل كيانك الغض المتعطش للضوء. يكون من البديهي أن يصبحوا من المكونات الثابتة لحياتك، كما هو من البديهي أن تتبلل الثياب المنشورة إذا داهمها مطر مفاجئ، أو أن يفوح الحبق إذا لامسته. بداهة تسود ولا سيد عليها.
أشخاص يصبحون جزءاً من حياتك التي تغتني بحضورهم، وتتسع بوجودهم، وتكسب بهم لوناً لم يكن له وجود فيها لولاهم. قد لا تربطك بهم علاقة مميزة، قد لا تتواصل معهم، قد لا يكون لك في حياتهم أي حضور، قد لا تعني أنت لهم شيئاً، قد لا يذكرون أنهم عرفوك أو أن دروبكم تقاطعت يوماً. لا يغير هذا في الأمر شيئاً. في لحظة من حياتك يدخل شخص بعادية تامة إلى مجال حياتك، ثم يبتعد بعد حين وقد يختفي دون أن يعرف قيمته في نفسك، ولكنه لا يختفي كما يختفي الآخرون، فهو ليس "سطراً مكتوباً بالماء" كباقي الناس. قد يكون أقل من سطر، قد يكون كلمة أو حرف، ولكنه مكتوب بلونه الخاص الذي لا يزول من لوحة حياتك مهما امتلأت، ولا ينافس لونه لون. فلكل شخص من هؤلاء فرادته الأكيدة. هؤلاء الأشخاص لا يختفون منك. شيء ما فيك يستبقيهم، أو يستبقي صورتهم المحبوبة لديك، حية في سمائك الخاصة. مزيج من ضحك وجمال وأناقة واهتمام ولطف ونظرة مطمئنة واعتبار ورنين صوت بموسيقى مميزة. أو مزيج من قوة وحزم وثقة وثبات وسخرية وتعال على الصغائر. أو مزيج من الظرافة والذكاء والبساطة وحب الخير. أو مزيج من الحكمة والهدوء والقدرة على فهم المشاعر وتقديرها. كل مزيج له سحره وتميزه، طاقة تضيء مثل نجمة في سماء، مثل أقحوانة في مرج. كل شخص من هؤلاء الأشخاص الذين لا يختفون وإن اختفوا، مزيج فريد.
يبتعد هؤلاء الأشخاص، تأخذهم الحياة في كل اتجاه، لكنهم يبقون لديك كما تحبهم مثل أحجار ثمينة، لا الزمن قادر على محو صورهم في سماء ذاكرتك الواسعة، ولا هو قادر على تغييرهم، فيبقون في أعمارهم التي تحب، وفي ملامحهم التي تحب، وفي صفاتهم التي تحب، ولا يقدر الزمن على محو كثافة حضورهم وجماله.
المتعة التي يحرضها الجمال فيك، أكان من موسيقى أو شعر أو طبيعة، تنبع من القدرة العجيبة للجمال على تحريض اشتعال هذه النجوم المعلقة على غصون ذاكرتك الغضة دائماً. الجمال يضيء هذه الأقحوانات لك، يشعل هذه النجوم لك، يجعلها تعترف بك، وتحتفي بك، وترقص لك ألوانها، وتجعلك طفلها المدلل، وتسكب عليك شيئاً من الخلود الذي تسبح فيه. سيكون الجمال باهتاً لولا هذه النجوم التي تحيا بالجمال وتشتاق إليه وتشتعل به.
في المساحة الخالية من قوانين العقل والزمن، تعتقد أنك تسير على طريق جميل تحفه الأمنيات. تقول لنفسك سوف يتاح لي في محطة قادمة أن أجلس مع هذا الشخص ذي يشع في حياتي، فنتحدث. سيكون وقتاً من الفردوس حين سوف أرى وأتأمل التجسيد المباشر لهذه الصورة الخالدة في ذاكرتي، حين سوف أقول لنجمي أي معنى تحفظ له نفسي. وقد أطمح بسماع قيمة ما لي في نفسه.
تعتقد، هكذا ببراءة يانعة تحتقر العقل والمنطق وقوانين الزمن، أن قوة مبهمة عليا تحفظ لك أمانيك وسوف تحققها لك في وقت ما، كما تحب وتشتهي. لا رغبة لك في تفحص هذه القناعة الهشة، لا رغبة لك في نفي هذه المساحة الغامضة التي لا يكبر فيها الناس، فيبقون كما تعرفهم، لا يشيخون ولا تتبدل طباعهم وضحكاتهم ورنات أصواتهم، ولا يموتون. يخونك الاعتقاد مرات ولكنك لا تخونه. حين يأتيك خبر وفاة أحد هؤلاء، يهبط قلبك ويشملك الأسف، وتضطرب، وتدرك أن وعودك لنفسك نقصت وعداً، وأن واحة منتظرة على الطريق قد نقصت. لكن هذه الألوان الساحرة لا تبهت، وهذه النجوم لا ينطفئ اشتعالها في هذه السماء التي لا تعترف بالزمن ولا بالموت.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خفايا انتخابات مجلس الشعب السوري 2020
- مجلس نواب للنظام في الشعب السوري
- قصة صباح السالم وضرورة العمل المدني
- هوس اللامركزية في سورية
- جواب بسيط لأسئلة قلقة
- لكم أحلامكم ولنا الواقع
- في فرادة العقود الثلاثة الأخيرة
- -إعلان الوطنية السورية- بين الوطنية والقومية
- الكراهية بين السياسي والنفسي
- ماذا عن المظاهرات الأخيرة في السويداء؟
- حقوق الإنسان وحقوق السود
- بين الفيروس والفكرة
- في وصف حالنا
- نعومة مخلوف وبسطار الأسد
- هل يتراجع الدور الكردي في الجزيرة السورية؟
- تاريخنا وتاريخ الفيروس
- هل تؤسس الجائحة لدين جديد؟
- الحرب كفعل مستقبلي
- عن ذبح غير الابرياء
- عن المعارضين اليساريين لنظام حافظ الأسد


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راتب شعبو - نجوم لسماء، أقحوان لمرج