أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - جواب بسيط لأسئلة قلقة














المزيد.....

جواب بسيط لأسئلة قلقة


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6620 - 2020 / 7 / 16 - 13:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما نقول "الوطنية السورية" هل نتكلم في الواقع أم في الخيال؟ هل يوجد تعريف محدد أو هوية معينة لهذا التعبير؟ هل توجد "وطنية سورية" لها عصبية ما تشد عناصرها وتحمي حدودها؟ هل يمكن لسورية أن تكون "وطناً"، بما تعنيه هذه الكلمة من استقرار ورضى لأهله؟ ألم يكن ثمة حظر قومي عربي على تعبير "الوطن السوري"، لفترة غير بعيدة، على اعتبار أن الصفة الوحيدة التي يحق لها أن تلحق بكلمة الوطن هي "العربي"؟ أليس ما يجمع السوريين هو القسر، أكان من حيث الحدود الفعلية "المفروضة" أم من حيث النظام السياسي "المفروض"؟ مع ذلك، هل تمكن هذا القسر، مع الزمن، من صياغة "هوية سورية"؟ أم أنه، على العكس، أحيا وعزز الهويات غير السورية وولد لديها تطلعات سياسية، وجعل منها نوى صغيرة "لوطنيات" كامنة منها الإثني ومنها القومي ومنها الطائفي ومنها المناطقي؟ هل تكمن المشكلة في قسرية الحدود واعتباطها، أم في قسرية الحكم السياسي واستبداده؟ إذا كان تعديل حدود بلدنا أمراً ليس في متناولنا لاعتبارات عالمية خارجة عن إرادتنا، فهل يمكن لنظام سياسي ديموقراطي وعلماني في سورية، إذا تمكنا من إرسائه، أن ينتج وطنية سورية غالبة؟
من بين الناس الذين يعيشون ضمن الحدود السورية المعترف بها دولياً، ما هي نسبة من يدفعه إلى العمل السياسي أو إلى الانخراط في الشأن العام، انتماؤه السوري أولاً؟ بطريقة أخرى، ما هي نسبة هؤلاء الذين يحملون في أذهانهم تصورات سياسية تطابق سورية الفعلية وتناسبها بوصفها "وطناً"؟ ومن الناحية الأخرى، عبر تاريخ الدولة السورية، متى كانت المصلحة الوطنية السورية هي المحرك الفعلي للسلطة السياسية الحاكمة في سورية، بدءاً من أول رئيس جمهورية بعد الاستقلال (شكري القوتلي) الذي يصفه خالد العظم بالحاكم المستبد، ويقول عنه في مذكراته: "كان الدستور العوبة بيد حارسه، وقواعد الحكم الديموقراطي النيابي معطلة مهملة، وكان يعتبر البلاد السورية من جملة مخلفات المرحوم والده، فيصعب عليه أن يدعي أحد بمشاركته في إدارتها أو أن يقف في وجهه معارضاً"، وصولاً إلى الرئيس المجرم الحالي الذي "خلف له المرحوم والده" هذه البلاد وأوصلها مع نظامه "اللاحم"، بحسب توصيف موفق للصديق الفنان عبد الحكيم قطيفان، إلى حضيض لا سابق له؟
في المرحلة الديموقراطية السورية الوجيزة التي تزينها كتب التاريخ بالمديح، رق الشعور بالوطنية السورية إلى حدود أن سورية أنكرت ذاتها أو نسيت نفسها وارتمت في الحضن المصري وتخلت حتى عن اسمها لتكون مجرد "إقليم" وليصبح رئيسها (القوتلي نفسه) مجرد "مواطن". في مرحلتها الديموقراطية، تنكرت سورية "لوطنيتها"، ومنحت قلبها لبطل خارجي لم يحز أي زعيم سياسي سوري في كل تاريخها، على ما حازه ذاك البطل المصري من حب السوريين. وفي مرحلة السيطرة الأسدية المديدة، جرى تزييف الوطنية السورية لتكون مطابقة "لسورية الأسد"، وكان أن حرق هذا التزييفُ الأرضَ التي يمكن أن تنبت عليها بذور الوطنية. ظلت الوطنية السورية هي المفارقة الأبرز في تاريخ سورية منذ نشوئها، فهي الوجود الأقوى في الواقع (لا حقيقة سياسية للسوريين أقوى من حقيقة وجودهم ضمن حدود سياسية معينة تشكل المحل السياسي المشترك لهم)، وهي الوجود الأضعف في الذهن (قليل من السوريين المشتغلين في الشأن السياسي من كل التوجهات الفكرية، يحترمون الواقع السياسي السوري ولا يتطلعون إلى ما هو أبعد منه، وقليل منهم ينطلقون من مبدأ المساواة الفعلية بين السوريين، الغالبية يضمرون تمييزاً ما ويسعون إلى سيطرة شريحة اجتماعية تحت عناوين فكرية فضفاضة).
متى يحدث التلاؤم والانسجام بين الوجودين؟ متى يتجاوز السوريون المنشغلون في الشأن السياسي العام، مد النظر السياسي لكي يروا بلدهم وحقيقتهم الأبرز، لكي يروا "وطنهم ووطنيتهم"؟ متى ينشغلون في الإجابة على السؤال: ألا يمكن أن تكون أولوية الانتماء لسورية مدخلاً لتجاوز المظالم، وكيف؟ ببساطة لأن المعالجة الوطنية والمسؤولة لشتى صنوف المظالم التي يعج بها المجتمع السوري، أجدى من التطلع إلى حلها على حساب الوطنية السورية من مثل قيام جماعات سياسية سورية ببناء علاقات مع "خارج ما" تتفوق على علاقاتها مع الداخل السوري.
يبدو لنا، بعد هذا التاريخ وبعد هذه "العشرية الدموية" على نحو خاص، أنه لا مهرب للسوريين من سوريتهم (وقد خبر السوريون الكرد والعرب هذا من تجربة لجوء الأولين إلى كردستان العراق والآخرين إلى البلدان العربية، فهؤلاء وأولئك هم سوريون أولاً في نظر الكرد والعرب خارج سورية، وعوملوا على هذا الأساس). ويبدو لنا أن الوطنية السورية قادرة على استيعاب رد الاعتبار وضمان حدود واسعة من الحقوق لكل الجماعات، فضلاً عن كونها أدنى إلى الواقع. ويبدو لنا أن الانطلاق في الحل من مبدأ الوطنية يعود ليعزز هذا المبدأ مع كل خطوة يتم إنجازها على هذا الطريق.
يحتاج الأمر إلى أن يرى الفكر السياسي السوري في الواقع السوري وحدته الأساسية، وإلى أن يتخلي هذا الفكر، بعمق وصدق، عن كل أحلام السيطرة الداخلية لصالح احترام مبدأ المساواة بنفس العمق والصدق.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكم أحلامكم ولنا الواقع
- في فرادة العقود الثلاثة الأخيرة
- -إعلان الوطنية السورية- بين الوطنية والقومية
- الكراهية بين السياسي والنفسي
- ماذا عن المظاهرات الأخيرة في السويداء؟
- حقوق الإنسان وحقوق السود
- بين الفيروس والفكرة
- في وصف حالنا
- نعومة مخلوف وبسطار الأسد
- هل يتراجع الدور الكردي في الجزيرة السورية؟
- تاريخنا وتاريخ الفيروس
- هل تؤسس الجائحة لدين جديد؟
- الحرب كفعل مستقبلي
- عن ذبح غير الابرياء
- عن المعارضين اليساريين لنظام حافظ الأسد
- انتصار الثورة المحطمة
- في الذكرى التاسعة للثورة السورية
- ادلب، هل يكون الشفاءمن جنس المرض
- اللقاء السوري الديموقراطي: ولادة جديد؟
- حين نتأمل في -صفقة القرن-


المزيد.....




- أشار إلى عملية البيجر.. سفير إسرائيلي: هناك -طرق أخرى- للتعا ...
- ‌‏غروسي: أجهزة الطرد المركزي في نطنز ربما تضررت بشدة إن لم ت ...
- OnePlus تعلن عن حاسب ممتاز وسعره منافس
- جيمس ويب يوثق أغرب كوكب خارج نظامنا الشمسي تم رصده على الإطل ...
- الاستحمام بالماء الساخن.. راحة نفسية أم تهديد صحي خفي؟
- وداعا للوهن!.. علاج ثوري قد يكون مفتاح الشباب الدائم للعضلات ...
- الذكاء الاصطناعي -يفكّر- كالبشر دون تدريب!
- وكالة -مهر-: دوي انفجار شمال شرقي العاصمة الإيرانية طهران
- -‌أكسيوس-: اقتراح لعقد اجتماع بين إدارة ترامب وإيران هذا الأ ...
- وزير الدفاع الأمريكي: سياستنا في الشرق الأوسط دفاعية ولا ني ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - جواب بسيط لأسئلة قلقة