أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - ادلب، هل يكون الشفاءمن جنس المرض















المزيد.....

ادلب، هل يكون الشفاءمن جنس المرض


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6511 - 2020 / 3 / 11 - 13:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يمكن لذي عقل أن يأخذ على أهلنا في إدلب ترحيبهم بالجيش التركي، فهم يعيشون في رعب دائم جراء قصف مستمر على يد نظام الأرض المحروقة الأسدي وحلفائه الروس، حتى عرّف أحدهم الحياة هناك بأنها "هروب مستمر من السماء" التي باتت مصدراً ثابتاً لشتى أشكال الموت. إذا كان الجيش التركي قادراً على لجم آلة الموت ووقف تقدمها، من الطبيعي أن يكون في نظر الأهالي محط ترحيب وتقدير، بصرف النظر عن الغايات النهائية لهذا الجيش، وعن الموقف السياسي من الحكومة التركية وسياساتها. "الغريق يتعلق بأردوغان"، كما قالت إحدى عبارات كفرنبل الشهيرة.
السؤال الأولي هو ما هي المصلحة التركية من الدخول العسكري المباشر إلى إدلب وتحملها حتى الآن خسارة عشرات الجنود، فضلاً عن المخاطرة في حدوث مواجهة مع روسيا؟ إيران وروسيا يدخلان المعركة لدعم حليف يؤمن لهما مصالحهما في "الدولة السورية"، فما هي المصلحة التركية في الدخول العسكري المباشر في الصراع حول إدلب، حيث لا وجود ثمة للخطر الكردي الذي شكل على طول الخط هاجساً تركياً؟
بديهي أن للدولة التركية، كأي دولة، مصالح وحسابات تحركها وتعلو على حماية المدنيين، وقد خبر السوريون ذلك مراراً، كان من أبرزها صفقة شرقي حلب مقابل مدينة الباب مع روسيا في 2016، ثم إغلاق الحدود في وجه اللاجئين من جحيم إدلب اليوم، إلى درجة فتح النار وقتل من يجرؤون على عبور الحدود، ثم الاتفاق الأخير بين الرئيسين الروسي والتركي الذي يتراجع فيه الأتراك عن حدود اتفاق سوتشي، ربما مقابل مكاسب "تركية" في محل آخر.
لا شك أن أكثر المتحمسين السوريين لتركيا ولزعامة أردوغان وحزب العدالة والتنمية التركي، لا يصل به الأمر إلى حد الاعتقاد أن السوري يعادل التركي، ليس فقط سياسياً بل وانسانياً أيضاً، في منظور الحكومة التركية الإسلامية، ولا يخرج هذا عن منطق الأمور، ولكنه يعني أن القبول بسيطرة تركية على مناطق سورية، أينما كانت، هو قبول بأن يكون السوري في مرتبة ثانية بالقياس إلى التركي. هذا تمييز سلبي "استعماري" عريق لا يمكن تخطيه سياسياً إلا بأحد خيارين: "الاستقلال" التام، أو الانضمام إلى البلد المستعمر أو المسيطر.
إذا مضينا أبعد على هذا الخط من التفكير، سنقول إن خيار "الاستقلال" عن السيطرة التركية، مع استمرار نظام الأسد، سوف يعني العودة إلى تحت حكم الأسد على اعتبار أنه لا يزال هو من يمثل الدولة السورية في نظر المجتمع الدولي. هذه العودة تنطوي على مخاطر انتقامية فظيعة، تطال حتى الأموات، ناجمة عن البنية العدوانية "العصبوية" لطغمة الحكم، مخاطر يدركها السوريون جيداً، ولاسيما منهم من عاش تجربة الوقوع مجدداً تحت سيطرة نظام الأسد بعد خروج منطقته من تحت هذه السيطرة.
في المقابلة التي أجرتها قناة روسيا 24 مع رأس الطغمة، يعترف هذا، في الإجابة على سؤال ما هي أول الإجراءات التي يقوم بها النظام حين يستعيد مدينة ما، بأن المدينة تكون خالية من المدنيين حين تدخلها قواته، ويستدرك مفسرا ذلك بأن المدنيين يتركون المدينة حين يدخلها "الإرهابيون"، ولكنه لا يفسر لماذا تنشأ موجات اللجوء بالتوازي مع تقدم قواته على الأرض. هذا الواقع يقول إن نشوء مطالب استقلالية في مناطق سيطرة تركيا في ظل استمرار نظام الأسد، هو ضرب من المستحيل، إلا إذا كان استقلالاً مزدوجاً عن تركيا وعن نظام الأسد معاً، وفي هذه الحال نكون أمام بروز دولة جديدة لا يبدو أن المجتمع الدولي جاهز لها.
يبقى الخيار الثاني لتجاوز التمميز السلبي الاستعماري بحق السوريين الواقعين تحت السيطرة التركية، في حال تكرست هذه السيطرة، وهو الانضمام إلى تركيا للالتحاق ببقية الأراضي السورية التي صارت في عداد الأراضي التركية. رغم أن الشهية التركية مفتوحة لمثل هذا الحل، ورغم أن المزاج الشعبي في هذه المناطق لن يكون معارضاً له، بل سوف يرحب به غالباً بوصفه طريقاً بديلاً للخلاص من نظام الأسد الذي عجزوا، حتى الآن، عن الإطاحة به، لكن يبدو أن عدم جاهزية المجتمع الدولي لقبول بروز دولة سورية ثانية، تنسحب أيضاً على القبول بضم أراض سورية إلى الدولة التركية، ما يعني أن مثل هذا الحل غير محتمل أيضاً.
بين هذين الاحتمالين يبرز خيار ثالث هو قيام منطقة حكم ذاتي سورية تحت حماية دولية وإشراف تركي بحكم الجوار وبحكم المزاج الشعبي العام المتقبل للدور التركي. قد يكون هذا الخيار هو الحلم الذي يدغدغ مخيلة زعيم جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، في مقابلته مع مجموعة الأزمات الدولية في أواخر كانون الثاني/يناير من العام الحالي، حيث يهبط الجولاني فجأة من سماء المستحيل إلى أرض الواقع ليؤكد "تأثرت بالوسط السلفي الجهادي الذي انبثق من الرغبة في مقاومة الاحتلال الاميريكي للعراق، ولكن مرجعنا اليوم هو الواقع على الأرض"، وعلى هذا "إذا طلبت مني أن أكون واقعياً وأن أقبل أنه لا توجد إرادة دولية لإحداث تغيير في النظام، فيجب أن يكون العالم واقعياً، وأن يقبل أن أكثر من نصف سكان سوريا اختاروا عدم العيش تحت سيطرة النظام السوري"، ويضيف "مبادئنا الأساسية واضحة وهي تحقيق الاستقرار في المنطقة الخاضعة لسيطرتنا وإدارتها"، كما لا يتردد في طمأنة الروس والعالم إلى نوايا هيئة تحرير الشام في التزامها بإصلاح نفسها وبوقف اطلاق النار، ووقف الهجمات على مطار حميميم ومناطق سيطرة النظام خارج إدلب، سواء من قبلها أو من قبل المجموعات الجهادية الصغيرة الأكثر تشدداً، وباحتواء الجهاديين الأجانب الموجودين التابعين لتنظيم الدولة .. الخ، مع التشديد، في الوقت نفسه، على أن اقتلاع الهيئة من معقلها الأخير سوف يعني كارثة إنسانية بمقاييس غير مسبوقة.
تصريح الجولاني هذا، وما سبقه وأعقبه من سلوك عسكري للهيئة إزاء تقدم قوات نظام الأسد في إدلب، هو مسعى واع من "متحوِّل" أو براغماتي الهيئة إلى صياغة نفسه على شاكلة تناسب الخيار الثالث المذكور أعلاه، والذي يمكن أن يكون حلا متوسط الأمد في سورية، ذلك أنه لا يمكن أن يكون نهائياً. على أمل أن يتاح للجولاني الوقت والفرصة للتحول المناسب للدخول فيما يمكن أن يكون تركيبة الحل النهائي.
في هذا الحل المتوسط الأمد (منطقة محمية دولياً بإشراف تركي وإدارة محلية سورية) مصلحة مشتركة بين تركيا التوسعية، وبين الهيئة التي أثبتت مقدرة على الثبات العسكري وعلى التكيف، والتي من الراجح أن تكون الجهة الأقدر على حكم هذه المنطقة إذا قيض لها أن ترى النور.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللقاء السوري الديموقراطي: ولادة جديد؟
- حين نتأمل في -صفقة القرن-
- حدود الاحتجاجات في مناطق سيطرة نظام الأسد
- الراية البيضاء
- تجاور الأزمنة في سورية
- أسئلة بخصوص مقتل قاسم سليماني
- شرنقة
- مفتاح ومعصم
- إمكانية المهمة الديموقراطية في سوريا
- شبهات النظام وشبهات الوسط الثقافي السوري
- دروس الموجة الثانية من الثورات العربية
- مهزومون على ضفتي الفجوة السورية
- في الحاجة الى معارضة سورية مختلفة
- ظاهرة المنتديات والمجموعات الثقافية في سورية
- عن الشاعر عدنان مقداد
- ثورة يتيمة
- في تشابه الحكايتين الكردية والعلوية في سورية
- سجين جواز السفر
- سينيكالية سورية ناشئة
- الطيب تيزيني، فيلسوف الأفكار الشائعة 1


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - ادلب، هل يكون الشفاءمن جنس المرض