أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - اللقاء السوري الديموقراطي: ولادة جديد؟















المزيد.....

اللقاء السوري الديموقراطي: ولادة جديد؟


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6499 - 2020 / 2 / 26 - 18:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أفضت سيطرة العمل العسكري على المشهد السوري إلى طرد طيف سياسي من هذا المشهد، هو بالتحديد الطيف الديموقراطي اللا ديني الذي يرفض مبدئياً نظام الأسد ويرفض أيضاً الإسلاميين الذين ظهروا عقب التحول العسكري في الثورة، على أنهم الجهة المقابلة لنظام الأسد. عملية الطرد هذه لم تكن فقط سياسية بل وجغرافية أيضاً، أي إن عناصر هذا الطيف باتوا مطاردين من الجانبين المقتدرين في الصراع، يسجنون ويقتلون هنا وهناك سواء بسواء، إذا ما، وبقدر ما يعبرون عن استقلاليتهم ومواقفهم النقدية. ذلك أنه لا يوجد ذراع عسكري يحمي حضور هذا الطيف ويفرض وجوده السياسي في بيئة عسكرية كالتي صارت إليها البيئة السورية. الطيف السياسي المذكور، الذي يجسد، في رأينا، الخيار الممكن لخروج سورية من النفق الذي هي فيه، وجد نفسه خارج المشهد السياسي وخارج البلد أيضاً.
يمكن، وينبغي، البحث في أثر خروج هذا الطيف السياسي من المعادلة السياسية على الصراع السوري ككل. ويمكن البحث في أسئلة كثيرة تتعلق بالموضوع مثل: ألم يكن هناك خيارات أجدى؟ ألم يكن من الأجدى بقاء عناصر هذا الطيف السياسي في الداخل؟ وهل كان يمكنهم البقاء والفاعلية، أم أن بقاءهم كان سوف يفرض عليهم الاختيار بين السكوت والتسكيت؟ وما قيمة وتأثير طرح سياسي أعزل وسط صراع مسلح تقوده دول؟ لكن الواقع السوري يقول، بعد كل شيء، إن هذا الطيف تهمش أو خرج، وأن الحضور السياسي الوحيد لهذا التيار السياسي يمكن تلمسه اليوم في المؤسسات الهشة التي صاغتها وتصوغها الدول المنخرطة في الشأن السوري، لكي تقوم بدور "المعارضة". وهو حضور فقير وتابع ولا يملك من أمره شيئاً، حتى بات أشبه بالوظيفة الإدارية. والأهم من ذلك إن هذا الحضور لا يحظى بتقدير الشعب السوري.
النتيجة التي انتهى إليها عناصر هذا الطيف اليوم هي أنه موزع في ثلاث فئات، الأولى في الداخل، وهي تعيش، في كافة المناطق السورية، في خوف دائم وتحت سقف سياسي منخفض فلا تستطيع أن تشكل حضوراً سياسياً ملحوظاً، دع عنك الفاعلية السياسية. والثانية في مؤسسات المعارضة "الرسمية" الفاقدة للوزن والفاعلية في تبعيتها للجهات الدولية التي تسندها. والثالثة، هي الفئة التي خرجت من سورية إلى بلاد الشتات. هذه الفئة الأخيرة متحررة من سطوة القوى العسكرية المسيطرة في سورية، ومتحررة من الارتهان إلى دول داعمة، ولكنها مع ذلك بقيت خارج دائرة التأثير.
في سعيهم للفعل والتأثير، انتظم عناصر هذه الفئة الأخيرة في عشرات المجموعات السياسية متلمسين الإجابة على السؤال: كيف يمكنهم التأثير في مصير بلادهم من الخارج ومن منطلق سياسي ديموقراطي ولا ديني، وهو المنطلق الذي تدفع كل القوى المسيطرة، بما في ذلك "الدول الديموقراطية" منها، إلى تهميشه؟ تشابهت هذه المجموعات السياسية في المنطلق وفي الغايات وبقيت مع ذلك متعددة وضعيفة.
هذا هو الواقع الذي دفع بهذه المجموعات إلى التفكير في صياغة شكل ما من العلاقة فيما بينها تتجاوز به تشتتها وهامشيتها وتقترب أكثر من متن الصراع. بعد عمل جماعي متردد أعقب اللقاء التشاوري الذي جرى في باريس في تموز 2018، والذي ضم أكثر من عشرين من هذه المجموعات من بينها جماعات سياسية مخضرمة، وصل من هذه الجماعات إلى مؤتمر باريس الذي عقد في 25-26 كانون الثاني 2020، أربع عشرة مجموعة شكلت فيما بينها تحالفاً أطلقت عليه اسم "اللقاء السوري الديموقراطي".
يحسب لهذا اللقاء أنه اجتهاد سوري خالص، فقد بادرت ودعت إليه "حركة ضمير"، وهي تجمع ثقافي سوري تمثل في اللقاء التشاوري بالفنانين سميح شقير وعبد الحكيم قطيفان. ويحسب لهذا اللقاء أيضاً أنه مستقل ليس فقط عن الدول بل وعن الممولين السوريين أيضاً، أي إنه لقاء ذاتي التمويل ومتحرر بالتالي من أي ضغوط أو "منيات" ممكنة. وقد عقد، بغاية خفض التكاليف، في فندق بسيط في ضاحية تبعد أكثر من 60 كم عن باريس. وقامت مؤسسة نسوية سورية بتأمين وجبتي الغداء للمشاركين مقابل مبالغ معقولة. كما يحسب لهذا اللقاء غياب الزعامات السياسية المكرسة التي، وإن كانت تعطي وزناً إعلامياً، فإنها غالباً ما تثقل على "ديموقراطية" اللقاءات.
مع ذلك فإن أمام هذا اللقاء حواجز نفسية وسياسية عديدة يتعين عليه تجاوزها إذا كان يريد التحول إلى قوة فاعلة. هناك عقدة الاستبطان التي تكرست في الذهنية السياسية السورية وأنتجت شكوكية مرضية ومحبطة، تمنع "ضحيتها" من تقييم أي فكرة سياسية جديدة وتميل تلقائياً إلى إعدامها بالشكوك. وهناك الحساسيات السياسية "غير السياسية" القديمة والمتوارثة ولاسيما بين المكونات المخضرمة التي تبقى، للأسف، محكومة لماض تعيس، كما لو أن في هذا الاجترار إدمان أو متعة ما. وهناك الميل إلى نسف فكرة الديموقراطية التنظيمية عن طريق "الكولسة" والترتيبات التحتية التآمرية بين ذوي العقليات المتقاربة. كما أن هناك عقلية تغليب ذات المجموعة السياسية على ذات التحالف، مع الأخذ في الحسبان أن المجموعات متقاربة إلى حد يصعب أن تجد معه ما يدعم تعددها، وأن الخلافات فيما بينها لا تتجاوز الخلافات التي يمكن أن تكون ضمن أعضاء التنظيم الواحد. ويبقى التحدي الأهم أمام اللقاء هو تقديم قراءة حية للتعقيد السوري واجتراح تصورات وخطط عمل مع توفير القدرة على وضعها موضع التنفيذ.
لن يشكل اللقاء إضافة جديدة إلى المشهد السياسي إذا سار على نهج مؤسسات المعارضة الرسمية، نقصد بذلك التكيف مع موازين القوى الطارئة ولو على حساب المطالب الأساسية للشعب السوري التي صارت جزءاً من الشرعية الدولية. من الناحية السياسية يمتلك اللقاء فرصة أن يكون جسداً سورياً يتمسك بما تمكن الشعب السوري من فرضه على الشرعية الدولية، ويعتبره الحد الذي لا يمكن التنازل عنه، ويعمل على حماية هذا الحق بكل الوسائل التي يمكن أن يمتلكها. يمكن أن نقول في النهاية: صحيح أن الاستقلال المالي للقاء يحرره من الضغوط، غير أن ضعف الموارد يضعف من طاقته الحركية في الوقت نفسه، ولكن يمكن لجسد سياسي متواضع القدرات أن يخدم الرؤية السياسية الآنفة الذكر، ويمكن لصيانة هذه الرؤية أن ينعكس قوة شعبية للتنظيم مع الزمن، بذلك يقدم اللقاء السوري الديموقراطي خدمة جيدة للقضية السورية.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين نتأمل في -صفقة القرن-
- حدود الاحتجاجات في مناطق سيطرة نظام الأسد
- الراية البيضاء
- تجاور الأزمنة في سورية
- أسئلة بخصوص مقتل قاسم سليماني
- شرنقة
- مفتاح ومعصم
- إمكانية المهمة الديموقراطية في سوريا
- شبهات النظام وشبهات الوسط الثقافي السوري
- دروس الموجة الثانية من الثورات العربية
- مهزومون على ضفتي الفجوة السورية
- في الحاجة الى معارضة سورية مختلفة
- ظاهرة المنتديات والمجموعات الثقافية في سورية
- عن الشاعر عدنان مقداد
- ثورة يتيمة
- في تشابه الحكايتين الكردية والعلوية في سورية
- سجين جواز السفر
- سينيكالية سورية ناشئة
- الطيب تيزيني، فيلسوف الأفكار الشائعة 1
- الطيب تيزيني، فيلسوف الأفكار الشائعة 2


المزيد.....




- برق قاتل.. عشرات الوفيات في باكستان بسبب العواصف ومشاهد مروع ...
- الوداع الأخير بين ناسا وإنجينويتي
- -طعام خارق- يسيطر على ارتفاع ضغط الدم
- عبد اللهيان: لن نتردد في جعل إسرائيل تندم إذا عاودت استخدام ...
- بروكسل تعتزم استثمار نحو 3 مليارات يورو من الفوائد على الأصو ...
- فيديو يظهر صعود دخان ورماد فوق جبل روانغ في إندونيسيا تزامنا ...
- اعتصام أمام مقر الأنروا في بيروت
- إصابة طفلتين طعنا قرب مدرستهما شرق فرنسا
- بِكر والديها وأول أحفاد العائلة.. الاحتلال يحرم الطفلة جوري ...
- ما النخالية المبرقشة؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - اللقاء السوري الديموقراطي: ولادة جديد؟