أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - حين تتحول الهوية إلى وثن














المزيد.....

حين تتحول الهوية إلى وثن


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6718 - 2020 / 10 / 29 - 12:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتعرض الأقليات المسلمة في كثير من البلدان لأصناف شتى من العنف والاضطهاد والاعتداء المباشر على حقوقهم الأساسية، دون أن يتسبب ذلك في ردود فعل تذكر لدى قادة الدول في العالم الإسلامي أو لدى الشارع المسلم. على هذه الخلفية، تشير موجة الاحتجاج الكبيرة اليوم تحت عنوان "إلا رسول الله"، والتي تحركها رسوم كاريكاتور، إلى مفارقة أو فصام فعلي في وعي أصحاب الحملة لأنفسهم ولوجودهم في العالم.
إذا ألقينا نظرة سريعة على حال بؤس الأقليات المسلمة في دول العالم، وعلى تفاعل قادة الدول الإسلامية نجد ما يلي:
نلاحظ مثلاً أن عدد الدول العربية التي تطبع مع إسرائيل في تزايد متسارع، والدول العربية التي لم تطبع رسمياً بعد، تقيم صلات سرية مع إسرائيل وتصون مصالحها. جميع الدول العربية "المسلمة" تحترم (إن لم نقل تهوى) اسرائيل التي تحتل أرضاً للمسلمين (على الضد من الشريعة السماوية والأرضية) وتشرد المسلمين في أصقاع الأرض، وتحتل الأقصى (أولى القبلتين) وتمنع الصلاة فيه أو تتحكم بمن يحق له أن يصلي فيه ومتى. غير أن هذا الاحتلال، مع ذلك، لا يرقى، في ضمائر قادة المسلمين، إلى مستوى "الاستهزاء".
في الصين، يجبر مئات الآلاف من مسلمي الاويغور في شينجيانغ على خلع عقيدتهم، في معسكرات اعتقال تحت مزاعم "التدريب المهني" و"التأهيل". لا يصمت العالم الإسلامي حيال هذه السياسة فقط، بل شاركت سبع دول عربية بينها السعودية (التي تنافس على قيادة العالم الإسلامي) في رسالة موجهة إلى الأمم المتحدة تقول فيها إنها تؤيد سياسة الصين حيال إقليم شينجيانغ الواقع في غرب البلاد. وفي تركيا (المنافسة الأخرى على قيادة العالم الإسلامي) يُمنع الاويغور المتواجدون في تركيا من مظاهرات الاحتجاج على ما يعانيه أبناء جلدتهم في الصين ويتعرضون للاعتقال إذا عبروا عن احتجاج علني. أما أردوغان فقد قام بزيارة الصين في صيف 2019، وامتدح سياستها تجاه الأقليات (أي تجاه المسلمين). إيران أيضاً تتملق للصين وتصمت. يصمت الشارع المسلم أيضاً في هذه البلدان، لأن الشارع المسلم اعتاد على اتباع أولي الأمر. والحق أن انتقاد ما يتعرض له الاويغور من قمع، يأتي أساساً على لسان الغرب غير المسلم.
في ميانمار تعرض مسلمو الروهينغا لاغتصابات وإعدامات وإبادة قرى كاملة، على يد الأغلبية البوذية والجيش. تعرض مسلمو ولاية راخين (أراكان) لمذابح تصل إلى مستوى جرائم إبادة، بحسب تقارير منظمة العفو. وقد كشفت شهادات جنود فارين من جيش ميانمار أمام المحكمة الجنائية الدولية أن الأوامر التي تلقوها كانت: "أطلق النار على كل ما تراه وكل ما تسمعه"، "اقتل كل من تراهم، أطفالاً كانوا أو بالغين". مما اضطر مئات الآلاف من المسلمين على ترك البلد واللجوء إلى بنغلاديش ليعيشوا في أسوأ ظروف يمكن تخيلها، حسب تقرير لمنظمة العفو الدولية (أيار 2019) يحمل عنوان (لا أحد يحمينا)، هذا العنوان الذي يشير بالاتهام إلى بقية المسلمين. العالم الإسلامي لم يتحرك لنصرة هؤلاء الضحايا المسلمين الذين لا حول لهم ولا قوة، أمام جمهور عدائي وجيش نظامي يريد اقتلاعهم أو إبادتهم.
وفي الهند سحبت الجنسية من ملايين المسلمين وتعرضوا للقتل والتشريد بمئات الآلاف ودمرت القرى والمساجد أمام أعين الشرطة وأحياناً بمشاركتهم. ومنذ وصول القوميين الهندوس إلى الحكم يعامل المسلمون باحتقار ويجبرون على حلق لحاهم ويطردون من قراهم، وتقرأ لافتات في العديد من الأماكن "يمنع دخول المسلمين"، غير أن كل هذا يمر دون أن يثير لدى بعض "قادة المسلمين" ما يثيره رسم كاريكاتوري.
النظام السياسي والقيمي العام الذي سمح بظهور الرسم الكاريكاتوري الذي أثار سخط بعض ممن يعتبرون أنفسهم "قادة المسلمين"، هو نفسه النظام الذي سمح باحتضان ملايين المسلمين ويسمح بوجود آلاف المساجد ويدفع رواتب الأئمة ويستوعب وصول المسلمين إلى أعلى مناصب الدولة. وهو نفسه النظام الذي سمح باستيعاب لاجئين مسلمين فارين من جحيم بلدانهم حين أغلقت دول إسلامية كثير الباب في وجوههم. وهو نفسه النظام الذي يؤمن للاجئ المسلم، كما لغيره، سكناً ودخلا يقيه الحاجة، إن لم يكن لديه عمل. والأهم من كل هذا، أن هذا النظام الجمهوري الديموقراطي الذي نراه في فرنسا وفي غيرها من الدول الأوروبية الغربية هو الجهة الوحيدة التي تتوجه إليها أنظار كل مظلوم في العالم لكي تنصره.
قد تقود حرية التعبير إلى ظهور تعبيرات مستفزة ومسيئة، لكنها تبقى تعبيرات هامشية ومهملة ما لم يتم تضخيمها بردود فعل كالتي نراها اليوم. حرية التعبير هي جزء لا يمكن فصله عن النظام الجمهوري الديموقراطي، ولا يمكن لحرية التعبير أن تعامل ديناً ما معاملة تفضيلية، فتسخر من بقية الأديان دونه (بصرف النظر عن قبولنا أو رفضنا للسخرية من الأديان أو من المقدسات).
تساعد حرية التعبير (مع بقية الحريات) في حماية النظام الديموقراطي من الانحدار إلى نظام مستبد شبيه بأنظمتنا السياسية. من المؤكد أن الشعب السوري حين قال في آب 2011 "صمتكم يقتلنا" لم يكن يقصد الصين ولا روسيا، كما لم يكن يقصد باكستان ولا أفغانستان ولا إيران ولا اندونيسيا، بل كان يقصد الدول الغربية وأميريكا، وهي الدول التي تتمتع بأنظمة سياسية تتيح حرية التعبير التي يمكن أن تخرج عنها إساءات لهذا الطرف أو ذاك، غير أن هذا لا يستدعي إقامة الحد على البلد.
يتضح أن خيال المسلمين عن حالهم أكثر أهمية لديهم من واقعهم، لذلك يستفزهم من يتجرأ على رموزهم أكثر ممن يتجرأ على حقوقهم. عبارة "إلا رسول الله" تقول إن صيانة الرمز (الهوية) أبدى وأهم من صيانة الواقع، وهذا ما يجعل الوسيلة الوحيدة لصيانة الرمز هي العنف والترهيب، ويجعل من الهوية وثناً.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلة الفرنسيين مع الإسلام
- هل العلة في الطريق أم في -الهرولة-؟
- عن رهينة فرنسية اعتنقت الاسلام
- سورية بعد موجة التطرف الإسلامي
- لا حقوق وطنية بدون حقوق يومية
- سورية المدمنة على النقصان
- حضورنا المباشر في السياسة
- العدو الصديق وأزمة مياه الحسكة السورية
- الحرية والاختيار
- مسؤوليتنا عن انفجار بيروت
- توحيد الروايات الذاتية للجماعات السورية
- مناهج تعليم غير وطنية في سورية
- نجوم لسماء، أقحوان لمرج
- خفايا انتخابات مجلس الشعب السوري 2020
- مجلس نواب للنظام في الشعب السوري
- قصة صباح السالم وضرورة العمل المدني
- هوس اللامركزية في سورية
- جواب بسيط لأسئلة قلقة
- لكم أحلامكم ولنا الواقع
- في فرادة العقود الثلاثة الأخيرة


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - حين تتحول الهوية إلى وثن