أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - سورية بعد موجة التطرف الإسلامي















المزيد.....

سورية بعد موجة التطرف الإسلامي


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6698 - 2020 / 10 / 9 - 15:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انتهت "داعش" عسكرياً، أو تنتهي بعد أن انكمشت من "دولة" إلى جيوب مبعثرة. فيما تجتهد "جبهة النصرة" الجهادية في التحول برنامجياً وسياسياً إلى تنظيم غير جهادي ينسجم مع المعايير السياسية العالمية، ويكون قابلاً للاندماج في مستقبل سورية والمنطقة.
ذهبت ريح "الدولة الإسلامية" قبل وقت غير قصير من معركة الباغوز الأخيرة (آذار/مارس 2019)، ويكاد يطويها النسيان اليوم. المبدئية الجهادية الصارمة التي كانت السبب في صعود "الدولة" في فترة المد الجهادي، كانت السبب في تحطمها العسكري وأفولها اللاحق. أما جبهة النصرة، على العكس من تنظيم البغدادي، فقد وضعت نفسها، منذ البداية، على سكة أكثر مرونة، الأمر الذي ساعدها على عبور المراحل والبقاء إلى اليوم. على هذا، تعرض "النصرة" سبيلاً آخر، غير السبيل العسكري، لتراجع التيار الإسلامي الجهادي في سورية، وتحوله الفكري والسياسي عبر سنوات الصراع التسع الماضية.
يبدأ مسار "النصرة" منذ (آب/أغسطس 2011)، حين أرسل البغدادي تلميذه الجولاني ليمهد له في الشام، فلم يشأ الأخير أن يكون نسخة عن الأول، وبنى الجبهة ببعد سوري من حيث ميدان النشاط مركزاً على البيئة المحلية وعلى قتال "العدو القريب". انفصل الجولاني عن تنظيم البغدادي (نيسان/أبريل 2013)، مستغلاً محاولة هذا الأخير الاستقلال عن القاعدة. هكذا أصبحت "النصرة" فرع التنظيم العالمي (القاعدة) في سورية. بعد أكثر من ثلاث سنوات بقليل (تموز/يوليو 2016)، يبتعد الجولاني أكثر عن النمط الجهادي العالمي، ويعلن انفصاله عن القاعدة. وإذا كان التزامه بالقاعدة قد فتح له باب الدعم بالمال والكوادر والأنصار الجهاديين العالميين، فإن الجولاني خفف من آثار انفصاله الذي كان يمكن أن يتسبب في انشقاقات واسعة سواء لصالح "الدولة" أو لصالح تنظيم آخر تعتمده القاعدة فرعاً لها في سورية، بأن أنجز انفصالاً ودياً جاء على شكل توجيه أو إذن من المركز بالانفصال تغليباً لمصلحة المجتمع على الأفراد، و"بما يحفظ مصلحة الإسلام والمسلمين ويحمي جهاد أهل الشام" كما جاء على لسان أحمد حسن أبو الخير نائب الظواهري في قيادة القاعدة.
على هذا الخط تحولت النصرة إلى تنظيم إسلامي محلي على غرار التنظيمات السورية الأخرى، لا يكف زعيمه التأكيد على أنه لا علاقة له بأي جهة خارجية، وأنه لا يستهدف المصالح الأميريكة خارج سورية، ما جعله يتطلع إلى رفع تنظيمه عن لائحة الإرهاب. غير أن مرونة التنظيم الفكرية والسياسية كانت تسمح له بالتعامل حتى مع الدول نفسها التي تصنفه على قائمة الإرهاب. ومع تراجع المد الجهادي في سورية تجد "النصرة" لديها ما يكفي من المرونة والقدرة الكافية للتماشي مع الطلب العالمي المتزايد على "الاعتدال". هكذا أصبح الجولاني يتكلم بلغة التحرر الوطني والاستقلال دون أن ينسى استثناء أميريكا من قائمة المحتلين لسورية. الجولاني اليوم رجل آخر لا يشبه ذاك "الجهادي" الخطير الذي يخفي وجهه ويضع نفسه وتنظيمه في وجه العالم، فقد بات يخرج إلى السوق بلباس عصري ويلاعب الأولاد ويشارك البائعين في أعمالهم، ولن يكون بعيداً ربما ذلك اليوم الذي نجد الجولاني فيه بلا لحية أو بلحية عصرية على الأقل.
مع هذه التحولات كان التنظيم يتخلص من الكوادر والعناصر الأكثر تشدداً الذين سوف يجمعهم تنظيم صغير "حراس الدين" يكون فرعاً لقاعدة الجهاد في الشام، التنظيم الذي يأتي إلى "الجهاد" في سورية فيما الناس عائدة منه.
مع اقتراب نضج مشروع الحل السياسي في سورية، يخف الطلب على الجهاديين ويكثر الطلب على المعتدلين التسوويين. هذا الدرس يفهمه الجولاني ويستجيب له في المرونة السياسية من جهة، وفي تعزيز حضوره عبر زيادة السيطرة على الأرض على حساب التشكيلات الأقل قوة، كما عبر تعزيز قواه الأمنية وتوفير قوته العسكرية بتجنب الاشتباكات المكلفة من جهة أخرى. خط تحول النصرة، والحال هذا، هو الانتقال من كونها عنصراً في عملية تغيير، إلى كونها عنصراً ملائماً للانخراط في "نظام".
لم يعد الإسلام الجهادي، الذي تجسد سابقاً في النصرة وداعش، ويتجسد اليوم بتنظيمات أقل قيمة بكثير، هو الحاضر الأبرز في سورية. مع ذلك لم يخرج الصراع من عبثيته وتشتته عن محوره الرئيسي بوصفه صراعاً لاستعادة الدولة السورية وتحريرها من التماهي مع السلطة الحاكمة. التراجع الجهادي لم يواكبه تقدم أو زيادة في وزن القوى التي تعبر عن الوطنية السورية ذات العمق الديموقراطي، كما لم يواكبه تحرر من الوهم الذي غزاه نظام الأسد بأنه يحارب الإرهاب والتطرف الإسلامي.
كان الإسلام الجهادي ذريعة النظام في شن حرب شاملة ضد كل معارضيه، وكان أيضاً السبب المعتمد كتفسير لضعف فعالية الوطنيين والديموقراطيين السوريين. غير أن الصراع السوري لم يتبلور، رغم تراجع حضور الجهادية الإسلامية في الميدان، بوصفه صراعاً ذا وجهه وطنية عامة، فلا حضور مؤثراً لطرف وطني سوري عام في الصراع السوري اليوم.
من ناحية أخرى، لم يغير التراجع الجهادي من الموقف الدولي إزاء الصراع في سورية. قبول نظام الأسد على خلفية رفض الشبح الجهادي المتنامي في فترة ماضية، حل محله مساندة نظام الأسد كجزء من صراع قوى دولية ذات حلفاء محليين. وفي محل القوى الجهادية التي ضعفت وفي طريقها إلى الزوال، حلت قوى محلية بلا منظور وطني، وفارغة من الفكر والسياسة، وتستمد حضورها من كونها محل ليد خارجية.
يمكن لأحد أن يقول إن القوى الجهادية حين حُطمت عسكرياً أو أجبرت على خلع ثوبها الجهادي، كانت قد دمرت كل ما هو ثوري في الثورة. أو يمكنه القول إن الجهادية ما كانت لتتمكن في الأصل لولا الهشاشة في بنية الثورة نفسها وفي وعيها لذاتها. أو إن المشكلة ليست في الجهادية ولا في غيرها، بل في وحشية النظام في دفاعه عن نفسه واستخدام كل ثقل الدولة لسحق أعدائه، وهذا لا يترك مجالاً لتبلور قطب وطني سوري في اي حال. أو، أيضاً، إن بنية المجتمع، بتخلفه الاقتصادي وفقره وتشتت نخبه في ظل استبداد مديد، لا تحتمل تغييراً ديموقراطياً. كما يمكن القول إن التكوين السياسي العالمي المتصلب والمأزوم عاجز عن استيعاب تغييرات ديموقراطية في محيطه.
لكل الأقوال السابقة ما يسندها، لكن ما يمكن استنتاجه أن ضعف التكوين الوطني والديموقراطي في الثورة السورية لا يعود أساساً إلى سيطرة الإسلاميين، ولعل العكس أقرب إلى الصواب.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا حقوق وطنية بدون حقوق يومية
- سورية المدمنة على النقصان
- حضورنا المباشر في السياسة
- العدو الصديق وأزمة مياه الحسكة السورية
- الحرية والاختيار
- مسؤوليتنا عن انفجار بيروت
- توحيد الروايات الذاتية للجماعات السورية
- مناهج تعليم غير وطنية في سورية
- نجوم لسماء، أقحوان لمرج
- خفايا انتخابات مجلس الشعب السوري 2020
- مجلس نواب للنظام في الشعب السوري
- قصة صباح السالم وضرورة العمل المدني
- هوس اللامركزية في سورية
- جواب بسيط لأسئلة قلقة
- لكم أحلامكم ولنا الواقع
- في فرادة العقود الثلاثة الأخيرة
- -إعلان الوطنية السورية- بين الوطنية والقومية
- الكراهية بين السياسي والنفسي
- ماذا عن المظاهرات الأخيرة في السويداء؟
- حقوق الإنسان وحقوق السود


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - سورية بعد موجة التطرف الإسلامي