أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - المعارضة السورية في طور الهبوط














المزيد.....

المعارضة السورية في طور الهبوط


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6764 - 2020 / 12 / 18 - 12:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الصعب أن تجد اليوم بين السوريين من يثق بمؤسسات المعارضة السورية التي تكاثرت واستقلت عن بعضها البعض وباتت هياكل فارغة إلا من سند الدول التي تسندها، ولم يعد أمامها سوى التنازل وراء التنازل. ليس هذا الحال وليد سنوات من فساد واستزلام واستئثار وتأدلج مسؤولي هذه المؤسسات، بل هو أيضاً وليد شروط خارجة عن إرادتهم. ومشاريع المؤسسات البديلة التي يكثر الكلام عنها اليوم، لن تكون أفضل حالاً. الفارق هو أن المؤسسات الجديدة، إذا تشكلت، ستنشأ على قبول ما يصعب على القديمة قبوله بسبب السقف العالي الذي سبق أن كسبت شعبية به، استجابة لنزوع "المزايدة" إرضاء الجمهور. المشهد اليوم هو سباق في التنازل. مشاريع مؤسسات جديدة ستقوم على أرض منخفضة، ومؤسسات قديمة تسعى للهبوط إلى هذه الأرض المنخفضة. لوضع هذه الحال في شروط أشمل، لا بد من العودة إلى سياق الثورة السورية نفسه.
في واقع غياب مرجعية تحظى بقدر كاف من الإجماع الثوري، ظهر داخل جسد الثورة السورية، منذ وقت مبكر، صراع على حيازتها أو أبوّتها. ومعروف أن هذا النوع من الصراع أو التنافس الداخلي يعلي من منسوب التطرف والمزايدة في الثورة، بوصفه سبيلاً إلى وضع اليد عليها، بالآلية نفسها التي يستخدمها المتطرف الإسلامي وينجح في إظهار أنه أكثر إسلامية من سواه، وفي وضع يده على الإسلام.
أول من "امتلك" الثورة، في الواقع، امتلاكاً معنوياً، هم الشباب الذين كانوا شعلة الثورة ومحركها الأهم، وقد صبغوها في فترتها الأولى بألوان أحلامهم كما بألوان دمائهم. حظي الشباب، لمجرد كونهم كذلك وحتى لو لم يكونوا من الفاعلين في الثورة، على سلطة في موضوع خطير كموضوع الثورة والتغيير السياسي في بلد بتعقيد سوريا وتراكب مستوياتها. وقد شهدنا نشوء تنظيمات عديدة تحمل اسم الشباب، بغرض الاستثمار في هذا الرأسمال المعنوي، أو نزوعاً للاستغناء عن الكهول (نتكلم عن الشباب والكهول بعمومية)، الذين اقتصر دورهم، في الغالب، على الدهشة والمراقبة السعيدة مع بعض القلق من مظاهر خروج الثورة عن "الرسمة" الذهنية لها.
ساهمت نشوة الشباب و"سلطتهم" المعنوية الطارئة، إضافة إلى انبهار الكهول وانكماشهم النفسي أمام إقدام الشباب وبسالتهم، في ترك الثورة إلى مسار تلقائي، تبين لاحقاً إنه مسار منحدر يراكم عناصر تحطمه. كانت الأطر التنظيمية المنهكة للمعارضة التقليدية أضعف (تقنياً وفكرياً) من أن تحتوي طاقة الثورة التي باتت كجيش عملاق بلا جنرالات ولا هيئة أركان، فقد فاضت في الشوارع والأحياء والقرى وتعددت بؤرها ولم تجد من "يقونن" هذه الطاقة إلى قوة سياسية.
كان الفعل الثوري للشباب يتركز على "إنتاج" الثورة، أي تنظيم المظاهرات وأشكال الاحتجاج الممكنة، و"توزيعها"، أي إيصال الصوت إلى الخارج عبر وسائل الإعلام والانترنت، ويتضمن ذلك أيضاً كشف جرائم النظام بحق المحتجين وأوساطهم الاجتماعية. وإذا كان ما ينتجه الشباب السوريون قد وجد "المستهلك" الإعلامي، فإن هذا الانتاج الثوري افتقد تماماً "للمستهلك" السياسي. نقصد تحويل الطاقة الثورية إلى قوة سياسية تجابه قوة النظام وتخترق تماسكه. غني عن القول أن الجهة التي يمكنها أن تحول الطاقة الثورية إلى قوة سياسية، يجب أن تحوز على درجة معقولة من السيطرة على هذه الطاقة، وهو الأمر الذي غاب بشكل شبه تام عن الثورة السورية طوال تاريخها. لم تستطع هيئة التنسيق الوطني (حزيران 2011) ولا المجلس الوطني (اكتوبر 2011) ولا الائتلاف الوطني من بعده (اكتوبر 2012)، أن يكون "مستهلكاً" سياسياً للثورة، ذلك أنها جميعاً لم يكن لها سيطرة على "إنتاج" الثورة.
يمكن أن نرى حدة هذه المشكلة أكثر، إذا وضعنا في البال الطابع القصووي لمطالب الثورة، أي إسقاط النظام. نذكر أن جمعة (لا للحوار) كانت في 8 تموز 2011، أي قبل نشوء تكوين سياسي يدعي تمثيل الثورة، ويمكنه الحوار أصلاً. يعكس هذا طفولة سياسية "شبابية" جاراها "الكهول" ولم يستفد منها سوى النظام الذي كان، في حقيقة الأمر وفي عمق المصلحة، الطرف الأكثر رفضاً للحوار، كما تبين لاحقاً للجميع. النظام الصلب لا يمتلك القدرة على تقديم تنازل ممكن في الحوار، خشية الانهيار.
على هذه الحال، رأينا أن بين الفعل الثوري على الأرض، وبين الهدف الذي يبغيه، كانت توجد توسطات عدة لا ينتمي أي منها إلى الثورة. يمكن رسم دائرة الفعل الثوري المفترضة في سورية على الشكل التالي: نشاط ثوري، توزيع إعلامي (الإعلام خارجي وخاضع لاعتبارات غير سورية وغير ثورية)، ضغط دولي (خاضع لحسابات الدول واعتباراتها السياسية غير الثورية) يفضي إلى سقوط النظام. العنصر السوري الوحيد في هذا المخطط هو "إنتاج" الثورة. هذا قريب من النموذج الذي تحقق في مصر، وأكدته مذكرات أوباما التي صدرت مؤخراً وبينت أن مبارك استقال تحت ضغط أميريكي. لا شك أنه كان للسيناريو المصري حضور في ذهن الثائرين السوريين، قبل أن يحل مكانه بالتدريج السيناريو الليبي، الذي قاد إلى زيادة الشرخ بين القوى العسكرية على الأرض (التي باتت الفاعل الأول في التغيير) وبين المؤسسة السياسية التي تنطحت للتعبير عن الثورة.
أفضى تفكك أو عدم تكامل سلسلة الثورة السورية، إلى هدر طاقتها وإلى تسرب هذه الطاقة إلى طواحين قوى غير سورية. مع الوقت، وضعف المردود السياسي، تحول شباب الثورة إلى لاجئين أو عسكريين يخدمون سلطات لا علاقة لها بالثورة. أي توقف "إنتاج" الثورة، وسيطر الكهول على مؤسسات المعارضة التي تبنت خطاباً عالياً تحت تأثير الشباب، وباتت سياساتهم اليوم تقوم على معالجة الهوة الفاصلة بين أرض كلامهم وأرض واقعهم، في حركة معاكسة لتصعيد المطالب الشبابية في مطلع الثورة.
مؤسسات المعارضة القديمة واجهت غالباً صعوبة في النزول من على غصنها العالي، لأن قيمتها، حين كان لها شيء من القيمة، جاءت أصلاً بسبب هذا العلو. الواقع الذي يعطي اليوم فرصة لبروز مؤسسات معارضة جديدة تستمد قيمتها هذه المرة من "انخفاض" غصنها.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المأساة السورية وليمة صحفية (قراءة في كتاب الأسد أو نحرق الب ...
- المنشقون والثورة السورية
- العلويون في مهب السلطة السياسية 2
- العلويون في مهب السلطة السياسية 1
- ماذا نستفيد مما يحصل في فرنسا؟
- هل السلطة السياسية أولوية؟
- أمي والقضايا الصغيرة
- -انا في سورية وأريد العودة الى وطني-
- الصمت ليس حقا لمن لديه ما يقول
- ضحايا وجلادون
- حين تتحول الهوية إلى وثن
- مشكلة الفرنسيين مع الإسلام
- هل العلة في الطريق أم في -الهرولة-؟
- عن رهينة فرنسية اعتنقت الاسلام
- سورية بعد موجة التطرف الإسلامي
- لا حقوق وطنية بدون حقوق يومية
- سورية المدمنة على النقصان
- حضورنا المباشر في السياسة
- العدو الصديق وأزمة مياه الحسكة السورية
- الحرية والاختيار


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - المعارضة السورية في طور الهبوط