أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - نقد النخب السلمية في الثورة السورية














المزيد.....

نقد النخب السلمية في الثورة السورية


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6800 - 2021 / 1 / 27 - 10:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حذرت غالبية النخب السورية في بدايات الثورة من خطر الانزلاق إلى العنف والسلاح والعسكرة. وأسهب كثيرون في التحذير من الانجرار إلى العنف على اعتبار أن العنف هو ملعب النظام ومجال تفوقه، ليس فقط لأن الطغمة الحاكمة تحتكر موارد الدولة وتكرس أكثر من ثلاثة أرباع الموازنة للجيش والمخابرات وبقية أجهزة القوة المعنية بحفظ النظام، ما يجعله، بطبيعة الحال، أقوى من أي قوة يمكن أن تنظم نفسها لمواجهته عسكرياً، بل أيضاً لأنه من الصعب جداً ضبط العنف المضاد إذا انطلق، وبذلك فإنه سوف يجر أعداء النظام إلى ممارسات إجرامية الطابع، ولاسيما أن العفوية والارتجال يغلبان على الثورة عقب سنوات القمع الطويلة، الأمر الذي سوف يحرم الثورة من التفوق المعنوي والأخلاقي الذي يشكل مركز ثقل الثورة. هذا فضلاً عن أن عنف الدولة مشروع في الوعي العام، إذا ما قيس بعنف الخارجين على الدولة. وأضاف آخرون محاججات أخرى ضد الخيار العسكري، مثل إن العسكرة تقود إلى الأسلمة، لأن التنظيمات الإسلامية هي الأقدر على تلقف هذا الخيار، بحكم بنيتها التنظيمية ووعيها الايديولوجي. وأن الأسلمة تفتح، بدورها، الباب واسعاً أمام التطييف والتطرف والتدخل الخارجي والارتهان ..الخ. وتوصل هؤلاء، بالتالي، إلى أن تبني العنف في الثورة هو من مصلحة النظام، وأن هذا الأخير هو من يعمل جاهداً وبكل الوسائل للدفع باتجاه عسكرة الثورة ثم أسلمتها كي يعزلها ويبرر قمعها أمام الداخل والخارج.
كان يشكل هذا المنطق نقطة جامعة تقريباً للنخب السورية المنحازة للثورة. على هامش هذا المنطق وعلى الضد منه، حاجج البعض في أن نظام الأسد لا يمكن أن يسقط سلمياً، وأن معركته مع الشعب السوري هي معركة حياة أو موت، وأنه مستعد للمضي في قتل المتظاهرين في الساحات والشوارع والسجون حتى آخر متظاهر. ومستعد أن يرتد بالعنف والقوة ضد أي إضراب تجاري وأي عصيان، والنتيجة أن أي أمل بإسقاط النظام منوط بالخيار العسكري مهما كانت تبعاته.
في الواقع، يمتلك كلا المنطقين السابقين ما يبرره، ولا يمكن لأحدهما أن يدحض الآخر، سجالياً. يقوم التصور الأول على تثمين الجانب المعنوي والأخلاقي في الثورة بوصفه مركز الثقل ونقطة الجذب التي يمكن أن تسقط النظام من خلال انكشاف وحشيته ولا أخلاقيته على خلفيتها السلمية والأخلاقية. فيما يقوم التصور الآخر على جانب عملي وعلى خبرة بالنظام تقول إن القوة فقط هي ما يمكن أن يفكك نظاماً بهذا البنيان وهذا التاريخ.
تعايش هذان التصوران في الثورة لبعض الوقت مع غلبة كاسحة للتصور الأول في البداية. ولكن مع كل يوم من التظاهر والقمع الدموي، كان التصور الأول يخسر لصالح التصور العسكري. هكذا، وعلى معبر "الدفاع عن النفس" و"حماية المتظاهرين"، شهدت الساحة السورية ظاهرة تحول لافتة هي انتقال غالبية النخب "السلمية" إلى تبني التصور العسكري ودعمه وصولاً إلى مهاجمة والتشكيك بكل من بقي على قناعته السابقة بأن الخيار العسكري في الثورة يدمر الثورة ويخدم النظام.
اليوم إذا سألنا أحد أصحاب الرأي أو الفاعلين من دعاة السلمية في بداية الثورة، وممن اجتهدوا في التحذير من العسكرة وبينوا مخاطرها الكارثية، ثم تحولوا إلى متحمسين للخيار العسكري فيما بعد، عن الآلية الذهنية التي حكمت تحوله هذا، سيكون الجواب غالباً "إن النظام لم يترك أمامنا خياراً آخر، ألم تر كيف يطلق النار على المتظاهرين السلميين، هل يقف الناس بصدور عارية أمام بواريد النظام. ولولا حمل السلاح لانتهت الثورة منذ الشهور الأولى". الحقيقة أن هذه إجابة منطقية ومقنعة، لكنها لا تغني عن سؤال بديهي آخر هو: هل كان يعتقد أحد أن النظام سيتراجع أمام المتظاهرين المطالبين بإسقاطه؟ الجواب بـ"نعم"، ينم عن جهل بطبيعة النظام، الأمر الذي لا يعترف به أحد من هؤلاء. والجواب بـ"لا"، يعيد طرح السؤال: إذن لماذا كان التشديد على السلمية والتحذير من الخيار العسكري؟
يمكن تلمس تفسير لهذه الظاهرة في أن التطور العسكري للثورة جرى بعيداً عن إرادة النخب السلمية، أقصى ما يمكن أن تكون هذه النخب قد شاركت فيه هو التساهل مع بعض السلاح لحماية المتظاهرين والدفاع عن النفس في وجه الشبيحة وأجهزة القمع، لكنها لم تشارك في تقرير المسار العسكري الفعلي بوصفه طريقاً لإسقاط النظام. وعلى هذا، وجدت النخب السلمية نفسها أمام خيارين إما أن تقبل هذا الخيار الذي اصبح واقعاً مفروضاً، وتدافع عنه وتمشي فيه إلى النهاية، أو أن تعترض عليه وتتحول بالتالي، إما إلى معالجة نتائجه من خلال أعمال الإغاثة (نسبة كبيرة من سلميي الثورة تحولوا إلى العمل الإغاثي)، أو تخرج من دائرة الفعل المباشر، كما كان حال كثيرين، ومن بينهم نجمة المرحلة السلمية في الثورة فدوى سليمان.
على هذا أصبح الدفاع عن العسكرة يعادل الدفاع عن الثورة، ما جعل غالبية النخب التي كانت سلمية، تتحول في خطابها ومحاججاتها إلى عكس ما كانت عليه في الشهور الأولى للثورة. ليس من الصعب فهم حراجة موقف النخب السلمية المعارضة للنظام أمام هذا الواقع، إذ لا يمكن لها أن ترفض الخيار العسكري الذي راح يتوضع على الأرض ويحقق مكاسب ملموسة، وتبدو، بالتالي، كما لو أنها تقبل بالنظام. يمكن إذن فهم دوافع التحول، ولكنه مع ذلك يقول إن النخب السلمية لم تكن مبدئية في موقفها من سلمية الثورة، معاداة النظام تفوقت لديها على المبدأ، مشاعر الرفض تغلبت على الفهم والتحليل. والطريف أن الكثير من السلميين تحول، في الطور العسكري، إلى داع شديد الحماس للسلاح.
الأكثر طرافة أو غرابة أنه حين فشل الخيار العسكري في إسقاط النظام، وقاد إلى كوارث كبرى على سورية والسوريين، راحت هذه النخب نفسها تبحث في أسباب فشل الخيار العسكري الذي كانت تقول عنه، في البداية، إنه خيار كارثي.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن سبيل للتحرر من الاستبداد
- الهاوية
- مات بتوقف القلب
- تبدل حال جمهور النظام السوري
- الوجه والصورة
- على خط التماس
- القوة الغاشمة، أسيد الضمائر
- تحت خط الوطن
- في مساءلة خياراتنا وأهدافنا
- لماذا نقبل السجن؟
- تأثير السجن
- ملاحظات على عقد عربي فريد
- مشكلتي مع التعابير
- المعارضة السورية في طور الهبوط
- المأساة السورية وليمة صحفية (قراءة في كتاب الأسد أو نحرق الب ...
- المنشقون والثورة السورية
- العلويون في مهب السلطة السياسية 2
- العلويون في مهب السلطة السياسية 1
- ماذا نستفيد مما يحصل في فرنسا؟
- هل السلطة السياسية أولوية؟


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - نقد النخب السلمية في الثورة السورية