أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - ألا هبوّا وانزلوا إلى الشوارع














المزيد.....

ألا هبوّا وانزلوا إلى الشوارع


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6826 - 2021 / 2 / 27 - 02:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ينهض الشارع بوظائف مختلفة: فهو فضاء مادي يعكس تنظيما هندسيا وأنماطا معمارية متعددة تيسّر معيش الناس وقضاء حوائجهم، وهو فضـاء اجتمـاعيّ

تتحقّق فيه المجتمعيّة La sociabilité وتنمو فيه العلاقات التبادية وتتأسس فيه التجارب وتنفّذ فيه قرارات النبذ والعزل وغيرها. والشارع بما هو فضاء للاستعراض ، والتعبير عن الفرح والفخر والاعتزاز... قد يتحوّل في فترات تاريخيّة محدّدة، إلى فضاء للاحتجاج وممارسة الضغط والتعبير عن الغضب والاستياء أو «استعراض» القوّة والتموقع السياسي أو المواجهة بين محتلف الأحزاب. ونقدّر أنّ دعوة حزب النهضة الأنصار إلى النزول إلى الشوارع مندرجة ضمن هذا الإطار، أي الردّ على الخصوم من خلال الحشود بعد أن عزّ اللقاء وتعطّلت لغة الكلام وأصبح الجلوس إلى الطاولة لعرض الأفكار والبرامج واقتراح الحلول والتفاوض أمرا عسيرا.
يبدو تحشيد الأنصار، في نظر قيادات الحزب الحل الوحيد بعد أن عزّ الخروج من الأزمة بالطرق السلمية وباستجداء العون من الدول الأجنبية. وليس استعراض «العدد» -باعتباره يشكّل العزوة- إلاّ محاولة لتحقيق المرئية لاسيما بعد أن خفت البريق وكشفت الأسرار، ولاحت أمارات التوّرط والتواطؤ والرياء وغيرها من الممارسات. غير أنّ الرغبة في عرض القوّة تخفي، في نظرنا، مخاوف أخرى، خاصّة بعد تقدّم الحزب الدستوري الحرّ من جهة، وتمكّن «الرئيس سعيّد» من كسر طوق احتكار النهضة للرأسمال الدينيّ، من جهة أخرى فضلا عن ظهور الانشقاق الداخلي والاستقالات. ولذلك فإنّ الخروج إلى الشوارع بما هو تعبير رمزيّ عن حيازة السلطة ليس إلاّ وسيلة لطمأنة القلوب القلقة أو الخائفة. فعدد الأنصار (الحقيقيين أو المزيفين أو الانتهازيين) في الشوارع ينعش الروح ولو إلى حين، ويوحي بالتمكّن ويعيد القوم إلى زمن البدايات.
ونحسب أنّ تحشيد الأنصار ينشّط الذاكرة فيسترجع القوم أحداثا مختلفة بدءا بالإعلان عن نجاح الثورة الإيرانية عندما خرجت الجموع ملتحفة بالسواد مزهوّة بالنصر ملفتة أنظار العالم من خلال تلك المشهدية الكبرى وصولا إلى أحداث «رابعة» بالقاهرة. غير أنّ السياق التاريخي السياسي يقتضي استغلال الحشود لا لنصرة «دين الله» فحسب بل للحفاظ على» ثورة الشعب» مادام الاصطفاف وراء ما أتت به الثورة من مكاسب ومغانم مفيد ومادامت شرعيّة النطق باسم الدين غير كافية إذ لابدّ أن تعضد بشرعيّة الانتماء إلى الثورة. وفق هذا الطرح نفهم لم يتمسّك قياديو النهضة بحقّهم في النزول إلى الشارع بدعوى أنّ «حرية التظاهر مكفولة لكلّ التونسيين» وقد نسي هؤلاء مواقفهم السابقة التي كانت تعتبر التظاهر فتنة وتخريبا وتعطيلا للمصالح بل إنّنا لم نسمع رأيهم في الانتهاكات التي تعرّض لها الشباب/ات منذ أسابيع، على إثر الاحتجاج في بعض الشوارع ، ولم يدافع أحد منهم عن ضرورة رفع الحصار عن الأنهج والشوارع التي حرم المواطنون من الاحتجاج فيها.
ومادام من حقّ الحزب الحاكم أن يُناصر الحكومة التي هندسها من خلال غزو الشوارع وفق تصوّر مخصوص للحكم وللديمقراطية يرى أصحابه أنّ السلطة الحقيقية تقاس بحجم الملبّين لدعوات التجييش «le pouvoir est dans la rue» فإنّه لا بدّ من الإقرار بتضاعف وظائف الشارع في الأشهر الأخيرة، إذ أنّه أضحى مسرحا للمواجهات الاجتماعيّة والسياسيّة ومحرارا تقاس به الرغبة في فض الأزمات أو الحرص على مزيد تعقيدها. ولن نبالغ إذا اعتبرنا أنّ الشارع قد يتحوّل إلى ملحق بالسلطة annexée فكلمّا احتاج النظام إلى تثبيت قاعدته لجأ إلى تحشيد الجموع وتلك إرهاصات العودة إلى النظام الدكتاتوري.
وبما أنّنا نعلم رغبة النهضة في التمايز فإنّ جغرافية العبور في الشوارع ستثبت لنا تراتبية جديدة بين القوى إذ ثمّة شوارع ذات رمزيّة لا بدّ أن تخترقها النهضة وتفكّ ارتهانها وهناك شوارع مشحونة بالدلالات ولها وقع في المتخيّل لابدّ أن تستغلّ لبناء سرديّة جديدة وهناك أيضا مسيرات تحميها القوّات الأمنية وترعاها لأنّها مع تثبت ركائز النظام...



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البون الشاسع بين اهتمامات السياسيين ومشاغل الناس
- من يحمي الأمنيين من أنفسهم؟
- أزمة الرجولة
- المشيشي يعتصم بالحزام والقوى الاحتجاجيّة تطالبه بالبرهنة على ...
- مجلس الهياط والمهايطة
- الإعلام والتطبيع مع العنف
- انتهت الفرص وعيل الصبر
- قراءة في الانتخابات الأمريكية من منظور سياسات الهويات
- جمهور تقوده الأهواء
- المجلس بعيون نوّابه: «وشهد شاهد من أهلها »
- مجتمع يتحوّل.. وقوم لا يبصرون
- مسؤوليّة الإعلام في الحدّ من ظاهرة العنف
- الأحزاب والهجرة اللانظامية
- الغنوشي ومحنة الخروج من موقع القيادة
- كلام موجع حول التعاطي مع الإرهاب
- «إياك أعني واسمعي يا جارة»
- ما وراء ردود أفعال الأحزاب على حكومة «المشيشي»
- تأملات في مسار الانتقال الديمقراطي
- وقفة تأمّل في دلالات «عيد المرأة التونسيّة»
- هل يستخلص «المشيشي» الدروس من التجارب السابقة؟ ما الذي جناه ...


المزيد.....




- بالأسماء.. أبرز 12 جامعة أمريكية تشهد مظاهرات مؤيدة للفلسطين ...
- ارتدت عن المدرج بقوة.. فيديو يُظهر محاولة طيار فاشلة في الهب ...
- لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب ...
- جرد حساب: ما نجاعة العقوبات ضد إيران وروسيا؟
- مسؤول صيني يرد على تهديدات واشنطن المستمرة بالعقوبات
- الولايات المتحدة.. حريق ضخم إثر انحراف قطار محمل بالبنزين وا ...
- هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأ ...
- هوغربيتس يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة.. ويكشف عن مكانه
- Polestar تعلن عن أول هواتفها الذكية
- اكتشاف تأثير صحي مزدوج لتلوث الهواء على البالغين في منتصف ال ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - ألا هبوّا وانزلوا إلى الشوارع