أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - من يحمي الأمنيين من أنفسهم؟














المزيد.....

من يحمي الأمنيين من أنفسهم؟


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6809 - 2021 / 2 / 8 - 15:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يخيّم الصمت على أغلب هوّاة السياسة الجدد، وهم يعاينون الانتهاكات الأخيرة بحقّ الشبّان والشابات، ويصغون إلى خطابات قائمة على الترهيب والوعيد و... خطابات تحثّ على الكراهية والنبذ، ولا تمت بأية صلة إلى العمل النقابي. فهل نسي «الحكّام» ما حدث منذ أشهر في الولايات المتحدة الأمريكية، من مواجهات عصفت بالنسيج الاجتماعي وأفضت إلى اتّساع رقعة الغضب الشعبيّ وكانت ذات كلفة عالية؟ ألم يتّعظ هؤلاء بالماضي القريب حين انطلقت الثورة وارتفعت الأصوات مندّدة «بالدولة البوليسية» وكثر الاعتداء على من يحملون الزيّ الأمنيّ؟ ألم يجد المنتمون إلى المؤسسة الأمنية صعوبة في إعادة بناء الثقة مع التونسيين ولولا انطلاق العمليات الإرهابية واستشهاد عدد من أبناء المؤسسة، وإنجاز جزء من الإصلاحات وخضوع عدد منهم لدورات تدريبة جديدة لما أمكن توطيد نمط آخر من العلاقات؟

ونميل إلى تفسير موقف الصمت بتصوّر يرى أصحابه أنّ القرارات يجب أن تخضع في هذه المرحلة الحرجة، لمنطق ترتيب الأوليات إذ ينبغي على من هم في السلطة، الانكباب على حلّ المأزق السياسي، والإطمئنان على المواقع، ومراعاة المصالح، ثمّ التفكير في «معالجة» بقيّة المشاكل. ويٌضاف إلى ذلك تواطؤ البعض ضمانا لامتيازاتهم فمادامت هشاشة الدولة واضحة، والإفلات من العقاب سنّة مترسّخة فليستفد الجميع من الوضع بما في ذلك القطاع الأمنيّ. ولا يمكن أن نتجاهل موقف فئة أخرى تصرّ على التقليل من شأن هذه التجاوزات بدعوى أنّ اختراق هذا الجيل الأرعن لكلّ الحدود يتطلّب اتّخاذ سياسات ردعيّة. ومهما يكن الأمر فإنّ صمت هؤلاء جميعا يقيم الحجّة على أنّهم أصبحوا جزءا من المشكلة ولا يمكن التعويل عليهم لإيجاد الحلول.

ولئن كان صمت أهل السياسة وأهل الاقتصاد وغيرهم من أصحاب المصالح مفهوما وتعمّد أغلب وسائل الإعلام بناء الأحداث من وجهة نظر محدّدة له ما يبرّره فإنّ المجتمع المدنيّ لا يمكن أن يبقى في وضع المشاهدة فللفرجة أصحابها وللحقوقيين/ات والناشطين/ات وبعض الجمعيات وقيادات الأحزاب مسؤوليات وواجبات وأدوار وتحركات تثبت أنّ المقاومة مستمرّة لاسيما بعد ظهور إرهاصات توحي بدخول البلاد مرحلة جديدة تنذر بالأسوإ. ومن آيات الانزياح عن مسار البناء الديمقراطي الرجوع إلى ممارسات قديمة خلنا أنّ المؤسسة الأمنية قد قطعت معها من قبيل خطف الناشطين/ات، وتهديد عائلاتهم/هنّ، واستعمال العنف بجميع أشكاله... وظهور ثقافة بوليسية ذكورية تحتفي بالشدّة والصلابة والقوّة والعنف لا يرى أصحابها حرجا في إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات نيابة عن القضاة ذلك أنّ اللجوء إلى القانون، لا يعدّ في نظرهم، السبيل الأمثل لفضّ النزاعات. وتكمن معالم هذه الثقافة البوليسية الذكورية في مستوى السلوك الفرديّ والجماعي وكذلك في مستوى اتخاذ القرارات وتنفيذها دون الاحتكام للضوابط المهنية والممارسات الفضلى، وهو أمر يكشف عن رغبة في إقامة علاقات تسلّطية ونزوع نحو الهيمنة الذكورية إذ كيف نفهم نعت الشابات بالعهر، وتعنيف عدد منهنّ ودعوتهن إلى الرجوع إلى البيوت وكأنّه لا حقّ لهنّ في الظهور في الفضاء العامّ ، والاحتجاج، والتعبير، والدفاع عن مطالبهنّ ... وعندما تصدر هذه الممارسات عن الذين يفترض أن يكونوا في خدمة المواطنات والمطالبين بتنفيذ القانون 58 لحماية النساء من العنف المسلّط عليهنّ فلا تتعجّب من ازدياد منسوب العنف، وحدوث فجوة كبرى بين القانون والواقع.

وعندما تبرّر هذه التصرفات بضرورة «تأديب من لم تربّها عائلتها» تلوح الأيديولوجيا الذكورية ويغدو النضال على أكثر من واجهة: دولة ذات ملمح أبوي تصوغ السياسات دون مشاركة النساء في أخد القرارات ، وأحزاب لا تمانع في إظهار كره النساء أو استبعادهن ، وإعلام لا يقرّ بأهميّة تشريك النساء، ومؤسسة أمنية لا ترى مانعا في استعراض القوّة وعسكرة الفضاءات ومؤسسة قضائية لا يحرجها الردع بأقصى العقوبات.

يبدو أنّ زمن الأزمات يفرض ردود أفعال تخضع للأهواء (الغضب، الرغبة في الانتقام، ...) وتحاول التأكيد على أنّ الأوضاع تحت السيطرة إذ كلّما ظهرت هشاشة الدولة للعيان لجأت إلى عسكرة الأمكنة وعرض المدججين بالسلاح للإيهام بأنّها قوّية وصلبة. ولكن من يحمي هذا الجمع من الأمنيين المروّجين للثقافة البوليسية الذكورية من أنفسهم ومن سموم الرجولة المهيمنة؟



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الرجولة
- المشيشي يعتصم بالحزام والقوى الاحتجاجيّة تطالبه بالبرهنة على ...
- مجلس الهياط والمهايطة
- الإعلام والتطبيع مع العنف
- انتهت الفرص وعيل الصبر
- قراءة في الانتخابات الأمريكية من منظور سياسات الهويات
- جمهور تقوده الأهواء
- المجلس بعيون نوّابه: «وشهد شاهد من أهلها »
- مجتمع يتحوّل.. وقوم لا يبصرون
- مسؤوليّة الإعلام في الحدّ من ظاهرة العنف
- الأحزاب والهجرة اللانظامية
- الغنوشي ومحنة الخروج من موقع القيادة
- كلام موجع حول التعاطي مع الإرهاب
- «إياك أعني واسمعي يا جارة»
- ما وراء ردود أفعال الأحزاب على حكومة «المشيشي»
- تأملات في مسار الانتقال الديمقراطي
- وقفة تأمّل في دلالات «عيد المرأة التونسيّة»
- هل يستخلص «المشيشي» الدروس من التجارب السابقة؟ ما الذي جناه ...
- التجربة التونسيّة في بؤرة التحديق
- الأداء السياسيّ طريق لانتزاع الاعتراف


المزيد.....




- معهد ستوكهولم: زيادة عدد الرؤوس النووية بحالة الجاهزية القتا ...
- البيت الأبيض يفسر سبب -تجمد- -وزلة- بايدن خلال حفل للمانحين ...
- فوز بشق الأنفس لإنجلترا برأسية بيلينغهام أمام صربيا في كأس أ ...
- دبلوماسية صينية تقارن حجم -مجموعة السبع الكبار- بكوكب الأرض ...
- معالم الانتصار وأين يجب أن ترفع راية النصر
- إسرائيل: حزب الله أطلق آلاف الصواريخ منذ بداية حرب غزة
- بيان بايدن في عيد الأضحى: نبذل ما بوسعنا لوقف الحرب في غزة
- إعلام: قوات روسية تقتل 6 أشخاص على صلة بـ-داعش- بعد احتجازهم ...
- جنوب إفريقيا.. حزب زوما يصف نتائج الانتخابات بـ-المزوّرة-
- فيديو.. هزة أرضية عنيفة تضرب جنوب بيرو


المزيد.....

- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - من يحمي الأمنيين من أنفسهم؟