أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - موعد مع اليأس … ! ( قصة قصيرة )















المزيد.....

موعد مع اليأس … ! ( قصة قصيرة )


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 6793 - 2021 / 1 / 20 - 12:27
المحور: الادب والفن
    


سلوى … امرأة ناضجة ومثقفة .. تتعثر في العقد الرابع من عمرها ، تذوب خلف تراكم الأيام والسنين ، والزمن يمر ، ولا يتوقف .. لم تأتها فرصة تراها مناسبة للزواج ، فهي تؤمن بان الحب هو الاساس في اختيار الزوج ، وليس شيئاً آخر .. تقدم لها اكثر من رجل ، ولم تجد فيهم ضالتها المنشودة حتى بدءت أخيراً تقلق ، وتشعر بحاجتها الى رجل وزوج ، والى الحنين الطبيعي لتكوين أُسرة .. !
كانت الايام تمر ببطء ، وملل قاتلين ، كل يوم يمر ينتزع من عزيمتها املاً ، حتى ناء قلبها عن حمل احلامها البسيطة كما تفعل بقية النساء .. في عملها الوظيفي تشتغل كالآلة حتى تبدو لمن يراها بان الشغل هو همها الاول والاخير ، لكن الحقيقة عكس ذلك ، فهو ليس سوى ملاذٍ آمن للهروب من هواجسها التي باتت تسبب لها حرجا بين اهلها ، وزملائها حتى اصبحت على وشك ان تتشرف بلقب العانس ، وتتحول الى مجرد جسد جميل .. لا يُنجب ، ولا يُشارك في صنع الحياة !
سحابةٌ راحلة تحمل معها زخات من مطر انزلتها كلها بشكل مفاجئ ، اخذ الناس في الشوارع يتراكضون ، ومنهم من كان يتقافز فوق برك ماء صغيرة متفادياً البلل ، ومنهم من يهرب الى اقرب ملجأ يحميه من دموع هذه السحابة الضالة …
فجأةً وقف امامها رجل كأنه عصفور مبلل ، يبدو في نهاية الاربعين ، وبداية الخمسين حسب تقديراتها ، تُميزه قامة طويلة .. وسيم ، تغزو رأسه شعيرات بيضاء يتركز اكثرها في سوالفه ، يبدو عليه الهدوء والوقار .. يلقى عليها ، وعلى المكان نظرة غير محددة …
صباح الخير .. هل أبو عصام موجود ؟ ثبتت عليه عينيها ، ولم ترد .. تنحنح ثم كرر ما قال متصوراً انها لم تسمعه .. افاقت من ذهولها : من نقول له ؟ دكتور كامل من فضلك .. قامت من مكانها بعد ان طلبت من الضيف ان يستريح .. دخلت على المدير ، واخبرته بالاسم ، بدا الحماس واضحاً على وجهه ، وطلب منها ان تدخله فوراً .. تلكأت قبل اغلاق الباب لترى مدى العلاقة التي تربط هذا الرجل بالمدير ، تعانقا بحرارة ، ثم اغلقت الباب بهدوء .. !
يقولون بان الحب ومضة قادمة من لا مكان تخطف فجأةً ، وعلى غير ميعاد .. فاجأها شعور غريب بث فيها الامل ، هل حانت تلك اللحظة التي ياما انتظرتها طوال حياتها ؟ هل يمكن ان يكون هذا هو الرجل الموعود ؟ خرج الاثنان بعد نصف ساعة ، والحديث موصول بينهما .. حرصت الا تتقابل مع عينيه في نظرة طويلة رغم احساسها بانه كان يسدد اليها نظرات خاطفة .. لا تدري أفيها اهتمام ، ام مجرد فضول ؟!
وفي تلك الليلة لم يطرق النوم جفونها رغم حاجتها اليه ، ظلت تتقلب في فراشها ، وصورته المضحكة ، وهو مبلل تغازلها ، تضحك تارةً ، وأخرى تدفعها الى الاستغراق في تفكير عميق ، اكيد انه متزوج ، وربما عنده نصف دستة اطفال .. يا ربي !
وفي اليوم التالي تاخرت الشمس كثيرا قبل ان تتمكن من تجفيف الشوارع ، ويعود للمدينة رونقها القديم .. واصلت اعمال يومها في انهماك ملحوظ كأنها تدفن همومها فيه ، و تهرب من نفسها ، ومن مواجهة مخاوفها ، ومن هذا الاحساس الجديد الذي بدء يغزو كل كيانها …
تمر الايام متكاسلةً ، وهي تمارس طقس الانتظار الممل على أمل ان يأتي ثانيةً .. لم يظهر .. حتى اصابها الانهاك من التفكير ، والترقب .. احست ان كل شئ بدء يتبدل نحو نوع جديد غير متوقع من الحياة ، هل هو ايجابي ؟ هل هو سلبي ؟ لا تدري .. هل ستكون ضحية حب من طرف واحد ، وهو اشد انواع الحب عند المرأة ألماً ، واتعسها .. ؟ لا تعتقد ان كبريائها الانثوي سيتحمله .. بدءت تشعر بآثار العذاب على وجهها ، وعلى نفسيتها ، وحتى على شهيتها للعمل .. هل بدءت تبني قصورًا في الهواء من جحيم مخيلتها الملتهب على رجل لم يبدو عليه اي اهتمام حقيقي ، ام هي عقدة البحث عن زوج تشكلت عندها دون ان تشعر اسوة بالمتأخرات عن الزواج .. أم انه خوفها الكامن من ان تتحول يوماً الى مجرد تحفة منسية.. مركونة على رف يغطيه غبار الزمن ؟!
كان الهدوء ، والصمت يسودان المكان عندما مزقهما صوته الذي كانت بقايا ذبذباته مازالت عالقةً في ذهنها ، رفعت رأسها فوجدته امامها كأنه قدر ، غاص قلبها في هاوية ، ولم يكف عن الخفقان كأنه تحول الى بركان يتهيأ للثورة .. يبدو هذه المرة اكثر روعة ، نموذج رائع للرجل الذي كانت تنحت رسمه في مخيلتها ، آه كم احست بالذوبان ، وهي تستنشق عطره الرجالي الطيب .. استقبلته هذه المرة بحرارة ، وبابتسامة ودود وصادقة ، وطلبت منه ان يستريح لان المدير غير موجود ، وعودته لن تطول …
جلس مقابلها ، وهو يقلب نظره في المكان ثم استراح على وجهها الذي يبدو منهمكاً في العمل : مدينتكم صغيرة ، ومكتظة .. وكأنها ستطبق عليَّ بضلوعها ، وتخنق انفاسي ! ثم أكمل ملاحظته : متهالكة .. تنتظر من يطلق عليها رصاصة الرحمة !
الى هذا الحد .. ! اجابته دون ان ترفع رأسها مما هي فيه متظاهرةً بالعمل ، واللامبالاة : هل تعيش في مدينة أوسع ؟ نيويورك .. اجابها مباشرةً ، وبفتور وهو يعود الى تقليب نظره في المكان …
لقد اعتدنا عليها ، اجابت باستسلام : تبدين مشغولة ! وكأنه يوجه لها نقداً لاهمالها اياه .. رفعت رأسها كألمعتذرة ، وهي تكشف عن شفاه اعتادت ان تحمل نصف ابتسامة ، ثم حدّثها عن عمله في الامم المتحدة ، وانه كثير الترحال ، واليوم هو في مهمة قصيرة شارفت على الانتهاء ، وقد جاء لتوديع ابو عصام قبل السفر .. !
فتحت أُذنيها كأنها تتشرب رنين كلماته الاخيرة حتى آخر همسة .. بدء قلبها يشتعل نارا تحت وطأة كلماته الصادمة ، واللامبالية .. مرَّ على بالها صورة السياسي ، والدبلوماسي العبوس ، واللامبالي ، وتسائلت : هل انا على موعد مع هذا العذاب ؟ هل هذا هو الحب الذي كنت أنتظر ، ام هي لحظة من الشجن العابر ؟! هل مشاعري تجاه هذا الرجل حقيقية ام ان أُمنياتي الدفينة هي التي صنعت هذا الوهم ؟ وهل هو حقا من كنت انتظر ام مجرد كيان يتشكل امامي كي يمنحني الامل ، والقدرة على الامساك بالحياة ، وعدم السقوط في عتمة اليأس ؟
تاخر ابو عصام … قالها قاطعاً عليها تأملاتها ، وهو يذكر كعادته منذ ان جاء اسم المدير دون القاب .. اتصل المدير للاطمئنان على سير العمل ، وطلب منها ان تأخذ الدكتور في جولة في المدينة لانه سيتأخر ، واحتمال لن يأتي ، واوصاها ان تعتذر منه .. !
وعندما اخبرته برغبة المدير في ان تأخذه الى جولة في المدينة ، كانت الصدمة الغير متوقعة ، اعتذر وقال انه لا يريد ان يأخذ من وقتها اكثر مما أخذ ، وانه في عجلةٍ من أمره .. انتظر قليلا حتى تستقر كلماته في وعيها المشتت .. ثم نهض .. سمعت الباب يُغلق بهدوء ، فساد صمت .. تحولت فيه الغرفة الى كهف مظلم .. !



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة شرف … ! ( قصة قصيرة )
- مأساة ( حربونة ) … ! ( قصة قصيرة )
- يوم … في حياة زوج ، وزوجة ! ( قصة قصيرة )
- اللحظات الاخيرة قبل الرحيل … ! ( قصة قصيرة )
- زوج خائن ، و مخادع … ! ( قصة قصيرة )
- أستاذ علي … ؟ ( قصة قصيرة )
- ألارتماء في أحضان ألموت … ! ( قصة قصيرة )
- زواج مشروط … ! ( قصة قصيرة )
- لقاء عابر … ! ( قصة قصيرة )
- ألا ما أفضع ألخيانة … ! ( قصة قصيرة )
- ذكرى من الحرب لا تريد ان تموت … ! ( قصة قصيرة )
- وللقدر كلمةٌ أُخرى … ! ( قصة قصيرة )
- ألم ألألم … ! ( قصة قصيرة )
- علماني … ولكن ! ( قصة قصيرة )
- إستعادة الحب من مخالب الكبرياء … ! ( قصة قصيرة )
- دعوني لأحزاني … ! ( قصة قصيرة )
- إمرأة بمئة رجل … ! ( قصة قصيرة )
- زوجة نائمة في العسل … ! ( قصة قصيرة )
- ما وراء الشمس … ! ( قصة قصيرة )
- من قتل فائزة … ؟ ( قصة قصيرة )


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - موعد مع اليأس … ! ( قصة قصيرة )