أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جواد كاظم غلوم - فلتكبر سعادتنا ولو بانت شيخوختنا














المزيد.....

فلتكبر سعادتنا ولو بانت شيخوختنا


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 6781 - 2021 / 1 / 7 - 01:04
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


كم تتغير مفاهيمنا في الحياة حينما نكبر في أعمارنا وقيمنا الإنسانية وكم من القناعات التي كانت ثابتة في أعماقنا تبدأ في الزوال وتحلّ محلها رؤى أكثر إنسانية ونضجا في أخلاقنا .
في أذيال العمر الأخيرة وأنا أتجاوز السبعين ؛ حينما أجول في السوق ؛ لم أعد أساوم هذا الكاسب بائع الخضار والفاكهة وحاجات البيت الاخرى وأعطيه ما يريد بكل طيبة قلب دون اية مساومة ، وأيقنت ان بعض المال الصغير التي كنت أُنقصها من البائع قبلاً أثناء المساومة والتعامل ، أصبحت الان لن تزيدني غنىً وأرى الغنى الحقيقي في رضاء من أتعامل معه بكل لطفٍ وسخاء .
بعد ان انتهي من التسوّق أوقف سائق التاكسي للعودة الى البيت مع أغراضي دون ان أتعامل معه وأعطيه ما يريد ولا انتظر الباقي من أجزاء الألف الدينار وأحسب ان المبالغ الإضافية الصغيرة قد ترسم ابتسامة في وجهه ووجه أطفاله الصغار حينما يشترون كراسا بسيطا وأقلام الرصاص وممحاة مع اني لست موسّرا وقد يفوقني مالاً .
أما على الصعيد الاجتماعي ؛ عزفت عن انتقاد الآخرين حينما أرى فيهم شيئا من الخطأ في التصرّف والسلوك وأنشد السلام والصحبة الحسنة مع الجميع ؛ فالناس تختلف مشاربهم وقناعاتهم ولا توجد شخوص مثالية ، اما الكمال فهو وهم نتمناه في نفوسنا ومحال ان نلقاه على ارض الواقع .
فمن ذا الذي تُرضى سجاياه كلها ... كفى المرء نبلاً أن تقلّ معايبهْ
والحق اني صرت أمارس المجاملات مع الجميع بشكل مفرط وأُزيد من الأصدقاء والمعارف وأوسع في معاشرة الغير ممن أنتخبهم كأصدقاء وقريبين لي في الفكر والرؤى بعد ان شعرت ان هذا السلوك الاجتماعي قد أصقل مزاجي وشذّب نفسي مما كنت أعاني منه قبلا من انزعاج من بعض التصرفات غير اللائقة وتوجيه النقد اللاذع أحيانا للأطراف التي تسيء التعامل معي ومع غيري .
أما خروجي وطلعتي في مشاويري فلم أعد أعبأ بهندامي وأناقتي السالفة كما كنت قبلاً ولا أقلق حينما يتجعد قميصي أو يظهر بلا كيٍّ ولا أبالي أو أصاب بالهلع لو رأيت بقعة أو لوثة غريبة في ملابسي ؛ وتهمني جدا الان قوة شخصيتي الكامنة في دواخلي دون العناية الفائقة بالمظهر الخارجي قدر اهتمامي مع مَن سأعاشر فأنتقي الأقرب لي مزاجا وسعة أفق وأبعد عمّن لا يروقني ولا يقدّر شخصي ؛ فقد بدأت اعرف نفسي تماما وانسحب بهدوء ممن يستفزني دون ان أجادله فيولِّي وجهه معرضا عني ، فما حاجتي لأشخاص ينغّصون علَّيّ البقية الباقية من عمري ويسلبون مني هدأتي ؟؟
ومثلما نحصّن مناعتنا الصحية جسدياً في زمن وباء الكورونا الكوفيد التاسع عشر وما سيليه الأكثر قسوة وعدوى في الايام اللاحقة ؛ علينا ايضا ان نحمي ونحصّن أنفسنا من الأوبئة الاجتماعية السائدة فينا والتي طفحت وتزايدت بشكل يدعو للقلق والحيطة من الوقوع في مزالقها والانجراف نحوها من خلال اختياري الطريق الأسلم للوصول الى هامش مقنع من راحة البال لأستمتع بما بقي من العمر في شاطئ السعادة قدر الإمكان ، فالشيخوخة ليست وبالاً وشقاءً – كما يتوهم البعض – إنما هي مرحلة عمرية لها حسناتها وسوءاتها ولابدّ من التعايش معها في الحالتين معاً .
ليست أيام الفتوة والشباب التي غادرتنا بلا رجعة كلّها وردية وممتعة ونشطة ففيها من المنغصات والعثرات الجسام والكبوات الكثير وهذا هو حال المراحل العمرية جميعها التي يمرّ بها الإنسان طيلة حياته .
فالهرم والكبر شطرٌ من حياةٍ يمكننا ان نجعلها جميلة لو أحسنّا مراعاتها واهتممنا بأنفسنا والمحيطين بنا ممن نحبهم ونقترب منهم ودادا واشتياقا .

جواد غلوم



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصغيرات المدللات بناتُ الأزمان
- عاشقتي العاقلة الناصحة الموقّرة
- السقوط في الوَحَل
- الشاعرُ ومَسَلّتهُ
- ما تعسّرَ من الحبّ الرجيم
- صديقتي المشكاة
- يُرسخون الطائفية ثم يلعنونها
- مسالكٌ عمياء
- وأنا أناجي شيخوختي
- رحيلٌ بين المُنهكات
- عشرُ موبقات في عراق الخزعبلات
- الصداقة سترسخ والحب سيبقى ايها الكوفيد التاسع عشر
- من نَـكَدٍ الى رغـدٍ
- لسانٌ سؤول
- الوقوف على - أطلال - الشاعر إبراهيم ناجي
- أنا وطبيبي صديق الشباب والكهولة
- أنا وإقامتي الجبرية الكورونية وحرمان الكهرباء
- هل لي برثاءٍ خاطف ؟
- صَيّرتموني هَجّاءً
- شاعرٌ في حجرٍ منزلي


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جواد كاظم غلوم - فلتكبر سعادتنا ولو بانت شيخوختنا