ساطع هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 6748 - 2020 / 11 / 30 - 17:23
المحور:
الادب والفن
جلسنا حول المائدة، كل منا في مواجهة الاخر، وبجانبنا منضدة تزينها زهور، دون ان يلمس احدنا الاخر، وانبعث بريق ضوء انعكس على الحائط المقابل وسط كلام متقطع غير مترابط بيننا، كانت كريمة معي، وشعرت بان قواها تخور امام الحب الذي غمرنا كلانا كحفيف النسيم الخفيف.
فيما مضى، قاسمتني ظروف الحياة ومشاق السفر وكانت تعتني بي، في زمن انتهت فيه المعجزات، لكننا الان نقاوم النعاس وانا احتضن عريها، وسرت في جسدينا رعشة ونحن نحترق حبا وهياما، ورأيت ظلال اللون الازرق الفاتح تحت نهديها، كانت كأنها مركز العالم كله في عريها وغنجها، فصار السرير شبيها باللحد في صراع حاد بين نفسين وجسدين.
وسألتها عن قلادة الذهب التي اهدتها اليها جدتها ذات يوم، ولم تضعها لحد الان على صدرها، فقالت: في القرون الماضية كان الذهب جذابا للذوق العام، عكس ما نراه الان، حيث اننا لا نستسيغ هذا المعدن على ملابسنا او صدورنا، وحتى النساء المولعات بالموضة يرفضن الاكثار منه، ورغم هذا فبعضا منا فارق العصر الذي يعيش به وتجمد في وصايا الجدات ويزعجهم تطور وتبدل الدنيا
ثم سألتني سؤالا مفاجئا لم اتوقعه منها:
هل يمكن البرهان على ضرورة وحتمية الاشتراكية؟
فقلت لها: لا ادري ولكن الكاتب اوسكار وايلد وهو برجوازي وليس اشتراكي كتب مرة يقول:
عندما يجتمع رجال المال والبنوك حول مائدة طعام العشاء فانهم يناقشون الفن واخر المعارض والمسرحيات، وعندما يجتمع الفنانون حول مائدة العشاء فانهم يناقشون المال، ومشاكل الديون والفاقة.
وكما تعلمين فالدهر اخبث صاحب
فرأيتها تبتسم وهي ممددة بجانبي هادئة هدوءا عذبا، وقالت: فاتتني حقائق كثيرة في هذه الحياة القصيرة.
في وقت متأخر في الليلة الماضية كدت اختنق من السعال، لم استطيع الصمود لفترة طويلة، مع انشغالات تضجرني، تتزايد كل دقيقة وفكرت بها من جديد، ناعسة امامي كأنها بريق ذهب لا يفارق عصرنا ويتحد مع حركة الزمن.
هل ارتكبت اثما ما في ذهني؟ ومتى؟
واذا كان الخطأ بالفكر، اقصد الافكار الشريرة التي ولدتها تلك الافكار، فهل هذا خطأ ام اثم ام جريمة؟ ومن يقرر؟
كلها نظريات تافهة، وكل الافكار الكبرى قد جرى التفكير فيها، ولا داعي للأنكار
وسأبقى على حالي هذا طالما عندي شجاعة وصحة
هل سيخنقني السعال هذه الليلة ثانية؟
#ساطع_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟