أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - فن للتسلية فن للترقية














المزيد.....

فن للتسلية فن للترقية


ساطع هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 6654 - 2020 / 8 / 22 - 10:54
المحور: الادب والفن
    


ها نحن الان كلنا معاً قابعين خلف اجهزتنا الالكترونية، نغني كأننا في جوقة واحدة، ونتصل ونتحادث عبر التلفون ونتذكر كل شيء بكل مرارة وتواضع، بينما الحرارة بالعالم تزداد بسرعة منذ أيام عديدة والهواء مليء بالبعوض والذباب.
وقد خرجت في احداها، وكنت ماراً امام متحف، وقد عبرت الشارع بسرعة حتى لا يتعطل المرور ولم يشكل ذلك أي خطر، وفي المتحف حاولت ان المس الحجارة العتيقة بيدي، حجارة لبقايا البيوت القديمة التي بناها مجهولين بالحجر الأسود والاحمر والابيض، وبلا زجاج او معادن كما في زماننا هذا، تبدو وكأنها اصص لنباتات خضراء، وترى بينها اثار منضدة هنا او مقعد هناك او صندوق وكأنها جميعاً ذكريات عابرة، ثم محارة هنا وقطعة من الصوان الأبيض هناك وحجر ازرق على شكل حيواناً صغيراً غريباً بوجه مدبب حاملا شمعته في يده ويتجه نحوك بنصف استدارة وسط ثعابين من خشب بينما كل شيء يبقى معقولاً في محيطه.
ثم نسير بحذر ونلمح اشكال متنوعة أخرى لاشياء خرساء خالية من التعبير ووجوه رسمت بسمات وقسمات غير واضحة بحكم ما جرى عليها من تغيرات مناخية عبر الزمن لكنك تشعر بليونتها وضعفها لانها لبشر اعتمدوا طوال حياتهم على انفسهم حيث صورهم غير الواضحة تعكس طباعهم، ومعهم تشعر بان الانسان منذ الازل لا يكف عن العمل او القلق النفسي او النشاط الذهني، وان التغيير دائم لا ينقطع حيث تحدث التغيرات بسرعة وغالباً ما تفاجأ البشر، ولا يستطيع احد الا اذا كان زمال (حمار) او ابله ان يتكهن بالمستقبل.

الفن مدارس وايديولوجية وأنواع، ويتصارع فيه دائما منذ ظهوره قبل اكثر من خمسين الف سنة قطبان، قطب التسلية وقطب الترقية وبينهما سلسلة من التدرجات المختلفة او قل من التونات او الاطياف متعددة الإضاءة من المعتم الى المضيء، وتعتمد درجة الانزياح نحو هذا وذاك على طبيعة المجتمع وتقلباته عبر التاريخ في المزاج والمعتقد والثقافة.

وتعد الثقافة الشخصية العامة للفرد في عالم اليوم من اهم عوامل الانزياح عند الباحثين بتاريخ الفكر واهم تلك الدرجات التي ترقي الشخصية، لانها احدى اهم الأشياء التي تستطيع تجنيب الانسان التعاسة والاحساس بالفراغ كما يزعمون، لانها تسعى الى خلق فن لترقية النوع البشري وغالباً ما ينظر أمثال هؤلاء باحتقار الى فن التسلية وتزجية الوقت
هذا من الناحية النظرية على الأقل ولكن من الناحية العملية فلا احد يسترشد بهذه التصنيفات المثالية الا اذا أرادوا كتابة مواضيع اكاديمية او مدرسية تنفع للشرح والتبسيط، وسبب ذلك هو كثرة وغزارة الإنتاج الفني العالمي وتداخل فروعه ووسائل ترويج الفنون المختلفة من محطات تلفزيونية واذاعية وملايين الصحف الصادرة حول العالم، ففي الولايات المتحدة الامريكية وحدها زهاء أربعين الف نشرة ومجلة وجريدة تروج للفن فقط بكل فروعه، فهل تلتزم هذه المنشورات بنظرية واحدة، ام انها تعكس مصالح رأسمالية متنوعة؟ ساترك الإجابة على هذا السؤال الى الاقتصاديين

اما في عالم الشرق الأوسط اليوم، فشعوبنا أصلا لا تقرأ ونسبة الامية اكثر من ستين بالمئة في بعض الدول، والناس مشغولين بانفسهم وبتدبير القوت وإيجاد سقف يأويهم، وقد سيطرت الرجعية السياسية على وسائل الاعلام والتربية والتعليم، ووسعوا دائرة الامية وعمقوا الجهل ومعاداة الثقافة.
فأن قرأت شعوبنا شيئاً فعلى الأرجح مقالات سخيفة او خطب المشايخ اللصوص ونشراتهم الدينية، وان شاهدوا شيئاً فمسلسلات وافلام التافهين بموضوعات ومضامين كلها مستوردة من الخارج لا تعكس ولا تمس حياة الناس، وان غامر مسؤولين هذه المحطات على تحسين نوعيتها بما يلائم الصالح العام فانهم سيغامرون ليس فقط بمستقبلهم الوظيفي وانما بحياتهم أيضاً.
ويتحكم بوسائل ووسائط الفن والثقافة جيل تافه لا يرى بالفن الا سلعة للبيع الشراء تمكنه من الكسب المالي الفاحش وتقربه الى الأغنياء والشيوخ وارضاء العامة المظطهدة في كل شيء، ونشروا السواد وسبوا العباد.
ولا ادري اين ذهبت تضحيات آلاف المثقفين والمتنورين الذين حرروا انفسهم وحرروا الالاف معهم من العادات والتقاليد الرجعية الهدامة في زمن ما يبدوا الان مجهولا، وقاوموا الحكام والطغاة والقتلة والغوغاء، ونشروا الحياة الفنية والعقلية السليمة في مجتمعاتنا وترفعوا دائما عن كسب الثروة والمال مقابل الحرية والكرامة وايقاظ الشعور وتربية المشاعر وترقية الذوق؟
اين ضاعت جهودهم؟
وكيف وصلنا الى ما نحن به الان؟



#ساطع_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دين وفن
- ساحل البحر
- فن النافذة وفن المرآة
- بيروت
- كارل ماركس
- صوت الالوان
- تائهاً في حجرة
- مقبرة في الشتاء
- هل يعيش القتلة سعداء؟
- دولة الفساد الخضراء
- شعلة تشرين
- معارك بالخريف
- اورفيوس العراقي
- نور مروان – الفراشة الشهيدة
- سأرحل وانا اسف
- تشرين الجبار
- عندما رسمني الفنان فائق حسن وطلبته
- بيض الغربان
- الشهداء القلائل
- عربات الخريف


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - فن للتسلية فن للترقية