أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - مقبرة في الشتاء














المزيد.....

مقبرة في الشتاء


ساطع هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 6507 - 2020 / 3 / 7 - 08:59
المحور: الادب والفن
    


أمس كان يوماً ممطراً ككل شتاء. والطرقات يفترشها الضباب، وشعرنا بالتيه، لأننا كنا نفكر إذا ما كان غيابنا سيحدث فراغاً ام لا، وإذا كان احداً ما سيشعر بذلك الفراغ.
وبعد ان اعيانا شعورنا وأدمى عقولنا هذا التفكير بالفراغ، سأل أحدنا الاخر:
هل تعلم بقصة الامس؟

كانت هناك في عربة الموتى امرأة في جسدها شيء من الفجور، وكان الجميع في تلك اللحظات يسيرون ببطأ خلفها، وقد جمعهم الخوف من مصيرها، وعندما توقفت انتشروا حداداً بين القبور، وفي نهاية طريق العربة كانت هناك صورة تجمع شخصين، صورتها وصورته، صورة كنزين ثمينين سيختفيان بهدوء وبطئ بين التراب كأنها تكرر كلمات الحب وحديثه بينهما:
كم يبدو هذا الوقت ثميناً في هذه اللحظة لوجودك معي، اراك كلؤلؤة فريدة، هذه اللحظة لن تعوّض، ستتغيرين وتذهبين...

كان حديثاً مخيفاً، عن زهورٍ قطفت ثم ذبلت وماتت، وتركت بالعراء كأنها بقايا هيكل عظمي، بينما كانت حياتها الفاجرة القصيرة حلوة متدفقة مثل هذه السماء الهائلة التي تغطي كل وجه من وجوه الأفق، ولا يستطيع أي فرد ان يوقف لا نهائيتها او تدفق الزمن من خلالها، وكأنه طير جارح ضاري قاتل غير مرئي يترك بين طيات زرقتها المترامية في كل مكان آثاراً دامية معذبة لا تمحى وهو يمر ويختفي, ولن ينفعنا شيئاً مهما حاولنا ان ننتزع أنفسنا منه ومن هذا العدم الذي تركه لنا لكي يجبرنا ان لا نعيش أطول فترة ممكنة، بينما أنت تنصت وحيدا بين وحشة وحزن وخراب الى صدى عربات عائدة من بعيد
من سينقذنا هذه المرة؟
ان هذا اليوم الممطر امر يوجب البكاء.
يا لهذا الكابوس، فهذه هي صورة لبقايا الحب وكأنه أكبر الحقائق او الشيء العظيم الوحيد المختلف عن احداث حياتها الفانية، والذي لم يكن معروفا لاحد من مشيعيها بقصته في قلبها سوى كونه وهما وسراب، وسط ذاك الدمار الذي جلبته الأشرار البشرية لشفتين صغيرتين وقدمين عاريتين كانتا تبحثان تحت سماء تلك الشمس اللاهبة عن ظلٍ مفقودٍ وكأنه أثمن الكنوز.
ما الذي سيجري لنا نحن الأحياء الباحثين عن الظل المفقود؟
هل عرف احداً أسباب آلامهما وبؤسهما؟
يا لهذا العجب
في القرن السادس قبل الميلاد ابتكر قدماء اليونان أسطورة للتعبير عن مراحل الحياة البشرية وقد تجسدت بكثرة في فنونهم البصرية ثم كررها الرومان وبعدهم بألف عام اعادها احفاد روما واوروبا عامة في عصر النهضة ومنذ القرن الخامس عشر وما تلاه في عدد لا يحصى من الاعمال الفنية، فرسموا لوحات العصر الذهبي وقالوا هذا هو أعلاها منزلة وهو كنز الكنوز، يتبعه العصر الفضي ثم النحاسي وينتهي بالحديد ثم الانحطاط فالزوال
وهذا التشبيه بالمعادن حسب أهميتها وقيمتها المادية والجمالية ابتكار وتقليد قديم تعود اصوله الى قدماء العراقيين والمصريين والى زمن اكتشاف الذهب وبالتزامن مع عبادة الشمس نور الانوار الذهبية، وكان قد وجد قبل صعود اليونان كحضارة كبرى بثلاثة آلاف سنة، لكن رمزيته مازالت تعيش في الثقافة حول العالم
فهل بلغنا الان عصر الحديد، وعلى ابواب الانحطاط والزوال؟
هل حياتنا وحضارة البشر مهددة بالخطر؟
هل تم تجهيز العربات؟
هل سيعاد تطبيق شعار النازيين: عش في خطر



#ساطع_هاشم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يعيش القتلة سعداء؟
- دولة الفساد الخضراء
- شعلة تشرين
- معارك بالخريف
- اورفيوس العراقي
- نور مروان – الفراشة الشهيدة
- سأرحل وانا اسف
- تشرين الجبار
- عندما رسمني الفنان فائق حسن وطلبته
- بيض الغربان
- الشهداء القلائل
- عربات الخريف
- ستون سنة وبضع ليالي
- ضياء بلا ظلال
- السياسة في أزياء خلفاء المسلمين
- رموز الاحتجاج العالمية الملونة
- يوم المرأة البرتقالي
- اصفر الشمس والشعاع البهلواني
- شيء من تاريخ اللون الاسود في العراق
- نافذة صغيرة على الزمن


المزيد.....




- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...
- بإسرائيل.. رفع صورة محمد بن سلمان والسيسي مع ترامب و8 قادة ع ...
- الخرّوبة سيرة المكان والهويّة في ررواية رشيد النجّاب
- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - مقبرة في الشتاء