أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نهاد ابو غوش - ياسر عرفات أبو الوطنية الفلسطينية















المزيد.....

ياسر عرفات أبو الوطنية الفلسطينية


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 6731 - 2020 / 11 / 13 - 01:47
المحور: القضية الفلسطينية
    


ياسر عرفات .. أبو الوطنية الفلسطينية ..
بقلم نهاد ابو غوش
التاريخ لا يصنعه الأفراد أو الأبطال الخارقون، ولكن في المحطات المفصلية للأحداث والأزمنة، تحتشد الظروف الموضوعية والذاتية، وتتكثف، فتلتقي الضرورة العامة مع استعدادات فرد ما ومواصفاته الشخصية، فيكون هذا الشخص هو الجواب على الحاجة التاريخية الملحة.
كان يمكن أن يكون الإنسان/ الشخص محمد عبد الرؤوف عرفات القدوة مهندسا ورجل أعمال ناجحا في ميدان عمله ودراسته، ومؤثرا على محيطه الاجتماعي، لكن الشعب الذي جاء منه محمد عبد الرؤوف كان يتهيّأ لإعادة النهوض من تحت الرماد، وأن ينفض عنه آثار النكبة والهزيمة، وأن يعيد فرض حضوره على خريطة العالم. ولذلك وكما قال عنه درويش ببلاغة قل نظيرها وتليق بالراحل الكبير "وكان اسمه ( ياسر عرفات) أحد أسماء فلسطين الجديدة، الناهضة من رماد النكبة إلى جمرة المقاومة، إلى فكرة الدولة، إلى واقع تأسيسها المتعثر"، فكان أن تحول المهندس الواعد إلى رمز للوطنية الفلسطينية الناهضة، لهوية شعب يأبى الاندثار، ويستعصي على الهزيمة، لزعيم وأب وقائد ورئيس، وصديق شخصي لكل فلسطيني أينما كان.
كلما ابتعدنا عن زمن ياسر عرفات، كلما تكثفت نزعة الأسطرة لشخصه ومكانته، وكلما مررنا بضائقة وطنية أو اجتماعية أو شخصية، تعزز شعورنا بالخسارة والفقدان على حد قول الشاعر " وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر". لكن هذا الابتعاد الزمني يمكن له أن يحرر أدوات التحليل التي نملكها من ضغط السياسة اليومية، ومن حسابات الموالاة والمعارضة العابرة، ما يمكننا من قراءة ورؤية الجوانب المتعددة في شخصية ياسر عرفات التي تداخلت واندمجت بحيث بات من الصعب الفصل بينها، ولكن وإنصافا لياسر عرفات، وللقضية التي عاش من اجلها واستشهد، بات من الضروري التمييز بين جوانب ثلاثة في شخصية القائد التاريخي للفلسطينيين.
عرفات الإنسان
أول ما يدهشك في شخصية ياسر عرفات، هو بساطته المتناهية وتواضعه، قبل أن تلتقيه تتخيل إعصارا أو زلزالا، فإذا هو رجل رقيق لطيف، يداه صغيرتان وناعمتان، بشرته قليلا ما تتعرض للشمس، قامته أميل للقصر، يغمرك بودّه ويرغب في أن يخدم ضيوفه بنفسه، يتناول عشاءه البسيط مع الجنود والمرافقين ومن تصادف وجوده من زواره، ذو ذاكرة مدهشة ومعرفة عميقة بالناس، حاضر البديهة دائما وصاحب نكتة، يحسن الاستماع والإصغاء للآخرين. ولكن حذار حذار من غضبه.. فهو تيار جارف وبخاصة على مساعديه وكبار المسؤولين المحيطين به، ولا يتردد في استخدام كل أدوات غضبه، ولكنه أرقّ من النسمة في التعامل مع العامة والبسطاء والضعفاء وبخاصة مع الأطفال والأمهات، يقبل أيدي الجرحى ورؤوسهم، وكأنه يشعر أنه مدين لهم بنفسه. لا شيء شخصي في حياة ياسر عرفات، ذاته الخاصة مندمجة في ذاته العامة، مظهره المتقشف وذقنه غير الحليقة، وبدلته التي لازمته العمر وكوفيته صارت رموزا لقضيته، مكتبه وغرفة نومه وغرفة عملياته في وجه الحرب، كلها متداخلة ضمن أمتار مربعة قليلة، إذا تجاسر أحد الأشقاء أو الأعداء على المس بشخصه فكأنما مسّ فلسطين كلها.
عرفات القائد
عرفات هنا كان سياسيا براغماتيا بامتياز، فلسطين عنده هي الثابت الوحيد وكل ما عداها متغيرات، كان يؤمن بقوة إرادته الفردية، أكثر مما يؤمن بالمؤسسة ويثق بها، كان قادرا على الجمع الخلاق بين كل المتناقضات، بين فصائل متنافرة، وولاءات إقليمية ودولية متعددة، ومصالح متضاربة، مثل مايسترو حاذق يدير فرقة موسيقية من عشرات العازفين.
لم يقطع شعرة معاوية مع أحد حتى مع أشد خصومه ومنتقديه، عرفات هو التجسيد الأبرز للمعادلة الفذّة " نختلف معه ولا نختلف عليه"، كانت قامته أعلى من كل من حوله ويؤمن أن على الجميع اللحاق به، فهو الشرعية والشرعية هو، وبوصلته واضحة ومعلنة : القدس!.
لكل ذلك كانت له خصومات كثيرة، لكل مرحلة خصوماتها ومعاركها، الوطنية والإقليمية وحتى الفتحاوية الداخلية، ولذا كان زعيما وقائدا وليس رئيس تنظيم دفعته الصدفة التاريخية إلى موقع قيادة الشعب.
الزعيم التاريخي ذو ا لرؤية
أبرز ما في شخصية عرفات، وذلك على الأغلب هو مكمن سره، هي القدرة في أن يرى أبعد مما يرى الآخرون، عرفات الذي يتجاوز شروط الزمان والمكان، هنا بالضبط جسد الزعيم الخالد رمزية الشعب الناهض من الهزيمة والنكبة إلى آفاق الثورة والحرية، ويكفي أن ندلل على هذه الصفة الاستثنائية ببعض الأمثلة، ولعل من كانوا أقرب إلى ياسر عرفات يعرفون كثيرا من هذه النبوءات الألمعية التي لم تتهيأ لغيره من القادة:
• حين سئل ياسر عرفات لحظة خروجه من بيروت، إلى اين؟ أجاب بكل ثقة: إلى فلسطين! كان يمكن لسياسي عادي أو محلل أو منظر أن يغرق ويغرق مستمعيه في تفاصيل معركة بيروت وتداعياتها، وخذلان العرب والأصدقاء، ومعادلة الأرض وأصحابها، لكن عرفات اختار الجواب الأكثر بساطة والأكثر حكمة، فقد أجاب من قلبه وليس من التحليلات والمعطيات السياسية الباردة، وكم كان صادقا في جوابه!
• سئل ياسر عرفات عن خليفته المتوقع، في ظل الضغط الأميركي والدولي لتقليص صلاحياته، والتواطؤ لإزاحته باعتباره "غير ذي صلة" وأصبح مشكلة في طريق الحل، فأجاب: خليفتي هو فارس عودة! الطفل الغزّي الشهيد، الشهير بصورة التصدي للدبابة الإسرائيلية بحجر، فارس عودة كان هو الخيار الكفاحي للشعب الفلسطيني، البراءة والعنفوان والبطولة والمقاومة واستمرار النضال!
• حين عرضت على الشهيد عرفات خطة لاقتطاع الحي الأرمني من القدس الشرقية وضمه مع حارة اليهود إلى إسرائيل، قال جملته الشهيرة: أنا اسمي ياسر عرفاتيان! لم يحاجج في مدى انطباق القرار 242 وانتماء الأرمن وتاريخهم في فلسطين، وعدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة، قال أكثر من كل ذلك بجملة.
• حين سألت مذيعة ياسر عرفات عن صحته الشخصية، غضب غضبته الشهيرة، وأجاب مستنكرا" تسألينني عن صحتي وشعبي يذبح؟؟"، لم تكن صحته الشخصية تعني له شيئا أمام ما يتعرض له شعبه.
• حين قال جملته الشهيرة "يريدونني أسيرا أو طريدا أو قتيلا، وأنا أقول بل شهيدا شهيدا شهيدا" وهكذا كان... شهيدا
هذه المواقف وغيرها لا تصدر عن زعيم عادي، بل عمن يرى ما لا يرى!



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يكون الرئيس الأميركي مديرا لعلاقات إسرائيل العامة
- من المستفيد من نجاح بايدن: الفلسطينيون أم إسرائيل
- تجديد برامج وبنى الحركة الوطنية الفلسطينية
- الآثار الكارثية لمرحلة ترامب والدور الأوروبي المطلوب
- التسوية الإقليمية على حساب الفلسطينيين
- استراتيجة الضم الإسرائيلية
- المسلمون في أزمة
- فساد الحكم في إسرائيل
- نتنياهو المعتدل
- هل يمكن للفلسطينيين إعادة بناء أوراق قوتهم
- إعادة إنتاج الهزيمة
- ديبلوماسية الموساد
- ذكريات عن نعيم الطوباسي
- المسيحيون الفلسطينيون والهوية الوطنية
- في الذكرى السادسة لرحيل هشام أبو غوش: خسرنا مناضلا استثنائيا
- مسيرة حزب العمل الإسرائيلي من قمة السلطة إلى الاندثار
- القدس الكبرى الإسرائيلية: مساحات أكثر للضم وفلسطينيون أقل
- المرأة بين قيم الإسلام الخالدة ودين حزب التحرير
- حزب التحرير ينجح في توحيد الرجعيين والظلاميين وقيادتهم
- الفلسطينيون والتصدي لصفقة القرن


المزيد.....




- فرنسا: إنقاذ 66 مهاجرا غير نظامي أثناء محاولتهم عبور المانش ...
- مصر.. والدا الرضيعة السودانية المقتولة بعد هتك عرضها يكشفان ...
- السعودية.. عمليات انقاذ لعالقين بسيول والدفاع المدني يحذر
- الغرب يطلق تحذيرات لتبليسي مع جولة جديدة من الاحتجاجات على ق ...
- فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران ...
- في الذكرى الـ10 لمذبحة أوديسا.. اتهامات لأجهزة استخبارات غرب ...
- ترامب يعلق على أحداث -كولومبيا- وينتقد نعمت شفيق
- نيبينزيا: مجلس الأمن الدولي بات رهينة لسياسة واشنطن بالشرق ا ...
- -مهر-: رئيس جامعة طهران يعين زوجة الرئيس الإيراني في منصبين ...
- ‏مظاهرات حاشدة داعمة لفلسطين في عدة جامعات أمريكية والشرطة ت ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نهاد ابو غوش - ياسر عرفات أبو الوطنية الفلسطينية