أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - الشجرة














المزيد.....

الشجرة


فتحي مهذب

الحوار المتمدن-العدد: 6553 - 2020 / 5 / 3 - 22:06
المحور: الادب والفن
    


الشجرة التي أخفت الرجل الملعون.

** سحبه غوريلا إلى جوف الغابة حاملا اياه على ظهره مثل رهينة بينما دراجته المهشمة تستغيث على حافة الطريق الرمادي الذي يشق الغابة.إ
ختفى الغوريلا بين الأشجار العملاقة التي ما عتمت ترشقه بكلمات لاذعة مستنكرة منددة بهذه الرغبة الجامحة في الافتراس الأبدي..
العصافير المدهشة تصدر صيحات فزع من هنا وهناك كأنما تطالب بفك أسر هذه الرهينة التي لا فكاك لها من قبضة الغوريلا والتي بدت مثل حزمة من الموز الطري تتأرجح على كتفي هذا الكائن الضخم ذات اليمين وذات الشمال..
بلغ الغوريلا مكانا آهلا بالقردة التي تبدو مثل دببة سوداء بذيول غليظة.. يتطاير الشرر من عيونها الضيقة..
قال كبير الغوريلا : ذره لي..
لا تمزقوا جسده الغض..
سأزوجه ابنتي العانس التي إقتنعت هذه المرة بضرورة الزواج
وإنشاء عائلة مهذبة وقوية تحترم قوانين العشيرة ودستورها الوضعي القائم على أسس صحيحة جدا.
سيعلمنا لغة بني البشر ويكشف لنا عن سوء طويتهم وأساليب مكرهم ودهائهم.
سنخدع حواسه ونمتص ضوء حكمته ونجفف ينابيع عقله إلى أن يصير قردا مثلنا لا ينتمي إلى عالم البشر المسيئين إلى جوهر الطبيعة..
أقام كبير القردة عرسا فخما لابنته أنثى الغوريلا شهده كبار القوم من شيوخ الغوريلا..
أمضوا سبع ليال صاخبة في أعماق تلك الغابة المنعزلة..
زعيق حنجرات حديدية..فرقعات غصون مكسورة .. قهقهات مريعة..
وغناء بدائي غامض مترامي المدى
لحم حمر وحشية وحزم من الموز
ومياه ينابيع صافية..
وآخر الليل إختلف جميع الغوريلا إلى النوم واختلى العريس الوافد بزيجته العملاقة في خيمة من القش وأوراق الزنزلخت..
إرتمت أنثى الغوريلا على شرشف
زاهي اللون مثل مساحة صغيرة من الخشب الثقيل مخاطبة إياه بلهجة صارمة إمسح رجلي المدججتين بالشقوق والتقرحات
والمتوجتين بمخالب حادة..
لم يجد بدا من أن يخلط ورق الحناء البرية المعجونة بقليل من الماء..ثم دهن رجليها العطنتين..
بينما عيناها المشعتان تدقان مسامير الرعب على جدار قلبه الذي يدق مثل نواقيس يوم القيامة..
تحولت روحه المذعورة إلى طاووس تزعق بجنون في حديقة الجسد..
ولما أخلدت إلى النوم وتعالى شخيرها مثل طلقات مدفع كلاسيكي..فر هذا الرجل الملعون الذي ما عتمت تلاحقه اللعنات منذ طراوة عوده كأن روحا شريرة تقمصت جسده المليئ بالندوب والكدمات الزرقاء..
بعد ساعة من الضرب في الغابة
الوسيعة المزدحمة بضروب الأشجار المعمرة..
تناهى إلى سمعه صراخ وجلجلة
كما لو أن زنوجا حمرا في حرب
شرسة فيما بينهم..
كبير الغوريلا وعصابته يلاحقونه
لقتله والتمثيل بجثته ليكون عبرة لغيره ..
كان يجري مثل كائن أسطوري ..
تارة يسقط وطورا يواصل العدو
بكل ما أوتي من جهد وقوة..
وفي عمق الغابة إنشقت شجرة رحيمة وابتلعته..
رقت لحاله ورغبت في اخفائه
عن عيون عصابات الغوريلا..
قال لها : شكرا أيتها الأم الرحيمة
ولما فشلت القردة الضخمة المتوحشة في العثور عليه..
عائدة إلى أعماق الغابة متشنجة
مستشيطة غضبا ..
فتحت الشجرة الرحيمة صدرها
ليلتحق هذا البائس الملعون ببني
جلدته.



#فتحي_مهذب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بسبب غيمتي المنزلية
- يوم القيامة
- تمثال جلجامش
- حشرة كافكا في زمن الكورونا
- يا رب
- قتلت أمي
- النهار يلتهم عكازة الأعمى
- تنتظرني في أرجوحة سماوية
- اللص المهذب
- نص منتصف الليل
- ماذا نسيت في كثافة المرئي
- الذئبة
- متواليات راعي النجوم
- غريغور سامسا
- كورونا
- عطور هايكاويات
- شيخ البحر وكسار الحصى
- القطة السوداء
- المرابطون
- فصوص الهايكو


المزيد.....




- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - الشجرة