أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ييلماز جاويد - الوطن للجميع














المزيد.....

الوطن للجميع


ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)


الحوار المتمدن-العدد: 1571 - 2006 / 6 / 4 - 09:32
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عاصفة هوجاء تكتسح العراق . هي ليست كالعواصف الرملية التي كانت تهب من الصحراء وتملأ كل الفراغات وتأتي بالموت على مرضى الربو والأزمات القلبية وضيق التنفس . إنها ليست كالعواصف التي تحدث في بقاع العالم من هيجان بركان أو حدوث زلزال أو فيضان نهر . إنها عاصفة هوجاء جاءت مع قوات الإحتلال ، إذ أزاحت أول ما أزاحت الكابوس الذي كان يجثم على صدور خلق الله لعقود ، تمنوا إزاحته ، ولم يكن في وسعهم عمل ذلك بسبب إستفحال الشر المسيطر على النفوس بوجود نظام بوليسي شرس لم يكن يسمح بأي عمل من شأنه النهوض بالشعب من الكابوس الذي إنتابه . كان اليأس في حينه شاملاً والأمل في إزاحة الكابوس معدوماً ، مما جعل الناس تتوجه إلى صاحب الملك بالصلاة والدعاء في طلب الفرج ، فالنساء لبسنَ الحجاب والرجال إلتحت ، وإمتلأت المعابد بالمصلّين القانطين .

في هذا الجو ، الذي خلقه الطاغية في المجتمع ، ولأسباب خارجة عن مصلحة الشعب ، غزت قوات عسكرية البلد وأزاحت الطغيان ، بأقل الخسائر والمقاومة ، لكون الأرضية النفسية للتغيير كانت ممهدة ، فلم تقاوم الإحتلال حتى القوات الأقرب إلى الطاغية ، فإستبشر الشعب بزوال الكابوس وبزوغ شمس يوم جديد .

من المؤكّد أن الذي يبتعد عن النظرية العلمية في تحليل حركة المجتمع ، أيّ مجتمع ، يقع في أخطاء مردّها التحوّل إلى التحليل العاطفي بدل التحليل العلمي . إن الطبقات الإجتماعية التي كانت سائدة في عهد الطاغية قد حققت مأربها وشبعت وإنتفخت ، وبسبب تغيّر موازين القوى الدولية ومآلها إلى قطب واحد ، وتغيّر إستراتيجية هذا القطب في أسلوب إستعماره للعالم ومبادرته بنشر مبادئ العولمة والنظام العالمي الجديد و التجارة الدولية الحرّة ، كل ذلك أدى إلى أن الطبقة الحاكمة في العراق قد إستنفذت مقومات وجودها على المستوى الدولي بعد أن كانت قد فقدتها بإنعزالها عن الشعب . وبهذا أصبح موضوع إزاحة ذلك النظام وإستبداله بنظام جديد ( إسماً ) و متخلّف عنه ( نوعاً ) ضرورة لخدمة مصالح المستعمر في المنطقة حتى يكون البديل أداة ضعيفةً طيّعة يأتمر بأمره وينفّذ مطاليبه تحت واجهات ( وطنية جديدة ) .

كانت الجهات السياسية المشتركة في الإعداد لعملية التغيير تمثل فعلاً آمال الشعب ولذلك فإنّ الشهور التي تبعت التغيير قد شهدت إلتفافاً شعبياً واسعاً حولها رغم كون الحاكم الذي كان يمثل السلطة هو ممثل قوى الإحتلال ، ولكن ما أن بدأ حلول الفئات السياسية العراقية محلها حتى بدأ صراع الإقصاء والفرز الطائفي والعرقي والعشائري بينها مع الجري الحثيث لكسب المواقع والغنائم ، مما ولّد الإنشقاق في الصف الوطني وتعمّقت أسباب الفرقة بين الفئات السياسية وإنعكس تأثيرها على الشعب . لقد حذّرنا الفئات السياسية من سلبيات الجري لكسب الغنائم وذكرناهم كيف خسر المسلمون في معركة أحد ضد المشركين بسبب جريهم لتقاسم الغنائم ، إلاّ أن نداءاتنا المخلصة لم تلق آذانا صاغية ً من المسيطرين على زمام الأمور السائرين لتحقيق مآربهم الفئوية .

لقد فشلت نظرية ( القومية ) في العقود الخمسة الماضية لتقدّم للمجتمع خطاباً سياسياً متماسكاً متصاعداً ، حيث كانت ترفع شعار الوحدة العربية حينما كانت في المعارضة ولكنها لم تخطو خطوة واحدة تجاهها عندما أصبحت في السلطة ، بل بالعكس فإن الآمال بالوحدة العربية قد تمّ تحطيمها من قبل نفس القوى التي كانت تنادي بها ، فصدام حسين الذي إشترك في العصابة التي حاولت إغتيال عبد الكريم قاسم بذريعة الإنحراف وعدم إقامة الوحدة مع مصر ، لم يحاول يوماً طيلة حكمه الذي دام خمساً وثلاثين عاماً أن يخطو خطوة في ذلك الإتجاه بل بالعكس فقد إستخدم قواته العسكرية لغزو الكويت ، الجارة العربية المسلمة . نقول إن كانت النظرية القومية قد فشلت ، فإنّ النظريات المبنية على اللاهوتية لن تكون افضل حظ منها . إن النظريات اللاهوتية ترجع في مصادرها إلى العصور التي كانت فيها الحياة أبسط بكثير من ما هي عليه اليوم ، والحاجات الإجتماعية والحياتية للفرد قد تعقدت وتطورت بما لا يمكن قياسها بتلك العصور بسبب التطورات العلمية والتقنية والثورة المعلوماتية المتفجّرة في العالم مما يجعل المحاولة في إعادة تأطيرها بالأطر القديمة أمراً محكوماً عليه بالفشل ، ولأنّ عجلة التأريخ تسير إلى الأمام فقط . أما وقد تحاول بعض الفئات السياسية تجربة حظّها في هذا التوجه بإستعمال العنف أو أساليب أخرى كقتل النساء غير المحجّبات أو الرجال غير الملتحين وحرق المحلات التجارية التي تبيع البضائع ( غير المسموح بها بعرف أولئك )، فإنها ستفشل حتماً ، مهما تبجحت بتحقيق بعض النجاحات المرحلية .

إنّ هذه العاصفة الهوجاء ، مهما كانت آثارها المدمّرة عميقة ، سواءً في القتل أوالتهجير وتصفية الأثنيات والأقليات كالمسيحيين الكلدوآشوريين والمندائيين والأرمن والشبك والأزديّة فإنها لن تكوّن في عمر التأريخ غير سحابة صيف لا بدّ أنها ستنقشع ، فليعرف الجميع أنّ العراق وشعبه هو نفسه الذي عمل هولاكو به ما عمل ولكن هولاكو صار في صفحات التأريخ ملعوناً والشعب بقي خالداً . فإني أنادي أولئك أن دعوا الدين لله والوطن للجميع . وإتقوا الله وأذكروا قوله تعالى ( بسم الله الرحمن الرحيم ، إنّ الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربّهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون . صدق الله العظيم . )

ييلماز جاويد
3/6/2006



#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)       Yelimaz_Jawid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وا حكومتاه
- وأخيراً حكومة
- بين نوري ونوري
- التاسع من نيسان
- نداء إلى المراجع الدينية
- العودة إلى السّراب
- الﮕمر مَسلول
- الحادي عشر من آذار
- المرأة
- السراب
- العودة إلى بغداد
- طبقية الديمقراطية
- المصالحة الوطنية
- الدين والدنيا
- رسالة إلى القاضي رزكار
- الإنسان أولاً
- الطابور
- إعادة كتابة القاموس
- توبة إبن آوى
- الصراع والحياة الأفضل


المزيد.....




- سعيد يأمر باتخاذ إجراءات فورية إثر واقعة حجب العلم التونسي
- بايدن يخطئ مجددا و-يعين- كيم جونغ أون رئيساً لكوريا الجنوبية ...
- شاهد.. تايوان تطلق صواريخ أمريكية خلال التدريب على المقاتلات ...
- عشرات الجرحى جراء اصطدام قطارين في بوينس آيرس
- في أقل من 24 ساعة..-حزب الله- ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل مستخد ...
- مرجعيات دينية تتحرك قضائيا ضد كوميدية لبنانية بعد نشر مقطع ف ...
- شاهد.. سرايا القدس تستهدف الآليات الإسرائيلية المتوغلة شرق ر ...
- شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لبلدة بشرق خان يونس
- واشنطن: -من المعقول- أن إسرائيل استخدمت أسلحة أميركية بطرق - ...
- الإمارات تستنكر تصريحات نتانياهو بشأن -مشاركتها- في إدارة مد ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ييلماز جاويد - الوطن للجميع