أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ييلماز جاويد - التاسع من نيسان














المزيد.....

التاسع من نيسان


ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)


الحوار المتمدن-العدد: 1516 - 2006 / 4 / 10 - 08:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لغة القرآن الكريم ، لغة نهج البلاغة ، هي اللغة العربية التي تسمو على اللغات في غناها وسلاستها وفي إستخدام مفرداتها للتعبير الدقيق عن الأفكار . والبلاغة في التعبير ممكنة بسبب المجال الواسع في إختيار الكلمة الأدقّ تعبيرا عن الفكرة بالإنتقاء بين كمّ هائل من الكلمات التي قد تبدو لأوّل وهلة مترادفة ولكنها في الحقيقة ليست كذلك ، بل هناك دائما بعض الفرق في فهم معنى الواحدة عن غيرها .

في الجلسة السابقة من جلسات محاكمة الطاغية ورهطه خاطب الطاغية القاضي بقوله ( لو لا الأمريكان ما تمكنتَ أنتَ ، ولا أبوك أن يأتي بي إلى هنا.) عبارة بليغة تعطي معنى عميقا لمن يغوص ليستدلّ أن الطاغية قد رأى في القاضي وأبيه شعب العراق كلّه ، وتفاخر بما كان قد إستخدم من وسائل وقوى عسكرية وأجهزة مخابراتية وأمنية جعلت من المستحيل على الشعب أن يهدم عرشه ويسوقه ذليلاً إلى قفص الإتهام وليحاكمه على الجرائم التي إرتكبها .

تذكّرني هذه العبارة من الطاغية بعبارة سابقة كان فيها نفس العمق من البلاغة ، فبعد إجتياحه الجارة العربية الكويت ، وبدء الحملة العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية لإخراجه منها ، طلع علينا الطاغية على شاشة التلفاز وبدأ خطابه بعبارة ( لقد غدر الغادرون !! ) . إنّ الطاغية لم يقل أن الأعداء شنوا على العراق عدواناً ، حيث كان المفروض أن القوى العسكرية التي بدأت الحملة العسكرية هي قوى عدوّة ، بل قال لقد غدر الغادرون ، وكلمة الغدر في اللغة العربية قد تبدو مرادفة لكلمة العدوان ، إلاّ أن الفرق بينهما كبير فالعدوان يكون من العدو ، أما الغدر فيأتي من الصديق المؤتَمَن وتعني الخيانة من صديق لصديق .

في الذكرى الثالثة لسقوط الصنم ، ورغم المرارة التي ملأت الأفواه والقلوب لما تجرعه الشعب من العذاب والقلق بسبب إستشراء الجريمة بأشكال متعددة جعلت تكلفة الحرية التي كان يصبو إليها الشعب تبدو باهضة جداً ، إلاّ أن يوم التاسع من نيسان عام 2003 يظل منارة شامخة في حياة الشعب ، وذلك لتحوّل الشعب في هذا اليوم بالذات من شعب يائس لا أمل له في المستقبل إلى شعب له بصيص من الأمل في مستقبل أفضل للجيل الحالي والأجيال القادمة .

يخطأ من يصدّق أبواق الطاغية ، سواء في فترة تربُعه على قمة النظام أو وسائل الإعلام المتطوعة للدفاع عنه الآن بأنه كان يعادي الإستعمار والولايات المتحدة الأمريكية بالذات ، وحتى ما ذهب إليه في دعواه أمام المحكمة بأنه يتشرف أن يكون رمز الشعب في معاداته للأمريكان . يخطأ من يصدّق أن الطاغية كان يعمل ضد الولايات المتحدة الأمريكية ، إذ أن الحاصل من سياسته في خدمتها وخدمة مصالحها في المنطقة قد فاق خدمات جميع القادة السياسيين العملاء المفضوحين ، فمن الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثمان سنوات وإستهلكت كل الأسلحة والأعتدة التي كانت تملأ مخازن الشركات الأمريكية المنتجة لها وحولتها إلى أموال أنعشت الإقتصاد الأمريكي من كساده ، إلى غزو الجارة الكويت وما لحق بها والعراق من دمار تحوّل إلى مشاريع إعادة تعمير مجزية للشركات الأمريكية ومن جهة أخرى خلق أسباباً مستديمة لتواجد القوة العسكرية الأمريكية في المنطقة لضمان سلامة مصادر البترول .

إن سنوات الحرب العراقية الإيرانية الثمان كانت حافلة بالتعاون بين الإدارة الأمريكية ونظام الطاغية من جميع النواحي وذلك بإعتراف اللواء وفيق السامرائي رئيس إلإستخبارات العسكرية السابق ، حيث أن التعاون لم يقتصر على تزويد نظام الطاغية بالأسلحة والأعتدة بل تعدّاه إلى تزويده بالمعلومات الإستخباراتية والفنية والتقنية الحربية . وكذا الضوء الأخضر الذي فتحته الإدارة الأمريكية للطاغية من خلال سفيرتها في العراق لغزو الكويت إنما دليل ساطع على مدى التنسيق والترابط بين النظام والإدارة الأمريكية .

أما السؤال الكبير الذي يخلق الإلتباس في الأذهان هو ( إذا كان كل هذا التنسيق والترابط بين النظام والإدارة الأمريكية ، فلماذا إنقلب السحر على الساحر ، وصارت الإدارة الأمريكية تعمل لتغيير النظام ؟ بينما لم تقم بذلك في عام 1991 وقد كانت قواتها على بعد عدة مئات من الكيلومترات عن بغداد ؟ )

الجواب على هذا السؤال هو أنّ قراءة الإدارة الأمريكية للمصالح الإمبريالية الأمريكية في عهد بوش الإبن غير القراءة التي كانت في عهد بوش الأب . لقد كانت قراءة الإدارة السابقة للمصالح الأمريكية قراءة كلاسيكية تسير على النمط القديم للإمبريالية ، بينما تغيّرت هذه القراءة بصورة جوهرية في عهد الإدارة الجديدة ، فصارت ستراتيجية السير في مسار العولمة والدعوة للنظام العالمي الجديد والتجارة الحرة والديمقراطية الأسلوب في توسيع نفوذ الولايات المتحدة وتحقيق مصالحها الإقتصادية الإمبريالية ليس في منطقة محددة بل في العالم كله . ومن هنا فإنّ الولايات المتحدة في سياستها الحديثة هذه أعادت تقييم أصدقائها القدماء وأخذت تفتش عن بدائل لمن أصبح غير مفيد بالقدر الذي يسهّل لها السير الحثيث في تطبيق ستراتيجيتها الجديدة .

لقد كان الطاغية صادقاً وبليغاً في مقولتيه آنفتي الذكر ، فقد غدرت الولايات المتحدة به وهي التي كانت مؤتمنه ، وكذلك كان الشعب العراقي في حالة يأس وتشتت ولا أمل له في إزاحة نظامه لو لا الأمريكان . ولكن الذي لم يدر في خلد الطاغية تغيّر الستراتيجية الأمريكية ولا إنتهاز فصيل من الناشطين السياسيين العراقيين هذه الحالة وإقدامهم على إستخدام سمّ الحية لقتل الحية ذاتها به ، فقد كان تلاقي هولاء الرجال مع الإدارة الأمريكية لإزاحة الطاغية صفقة قد تفسّر بأنها مشبوهة ، ولكنها قد فعلت فعلها ، وكان يوم التاسع من نيسان 2003 هو اليوم الذي تحوّل فيه الشعب العراقي من اليأس المطلق إلى شعب له بصيص من الأمل .

فلتعش ذكرى التاسع من نيسان 2003 منارة عالية في تاريخ العراق الحديث ، وتحذيراً لكل طامح في إعادة الدكتاتورية بأيّة صورة من االصور .

ييلماز جاويد
1/4/2006



#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)       Yelimaz_Jawid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء إلى المراجع الدينية
- العودة إلى السّراب
- الﮕمر مَسلول
- الحادي عشر من آذار
- المرأة
- السراب
- العودة إلى بغداد
- طبقية الديمقراطية
- المصالحة الوطنية
- الدين والدنيا
- رسالة إلى القاضي رزكار
- الإنسان أولاً
- الطابور
- إعادة كتابة القاموس
- توبة إبن آوى
- الصراع والحياة الأفضل
- حيّيت شعب العراق
- بيت الزجاج
- تكتيك لكل خطوة
- نمور من ورق


المزيد.....




- البيت الأبيض: بايدن سيستخدم الفيتو ضد مشروع قانون يلزمه بإرس ...
- بوتين: نقيم إيجابيا الرؤية الصينية للتسوية في أوكرانيا
- بعد نشر فيديو لعملية ألحقت خسائر بالجيش الإسرائيلي..-حزب الل ...
- -حزب الله- اللبناني ينعى عنصرا في صفوفه بعد غارة إسرائيلية ا ...
- مسؤول أمريكي: بايدن في موقف محرج لأنه يدعم إسرائيل في حرب لا ...
- 43 شهيدا في قصف مدرسة تابعة لأونروا بمخيم النصيرات وسط غزة
- واشنطن.. حزمة أسلحة جديدة لإسرائيل و-فيتو- مرتقب بشأن الحزمة ...
- إلى أين ينزح الغزيون من رفح؟
- بلينكن من كييف: بوتين سيدفع ثمن ما دمره في أوكرانيا
- تقدم روسي بخاركوف.. وبلينكن يطمئن زيلينسكي بمواصلة الدعم


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ييلماز جاويد - التاسع من نيسان