أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - راتب شعبو - التشبيح الموازي














المزيد.....

التشبيح الموازي


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6300 - 2019 / 7 / 24 - 02:05
المحور: المجتمع المدني
    


بدأت ظاهرة الشبيحة في سوريا وتوسعت مع توطد سلطة نظام الأسد الأب (حافظ الأسد)، ولاسيما بعد أن كسب جولة اختبار القوة مع تنظيم الأخوان المسلمين في سوريا في أواخر السبعينات وبداية الثمانيات. حيث حسم النظام السوري صراعه المسلح مع الإخوان المسلمين حينها، بقوة وعنف مبالغ فيهما، طال معظم المناطق السورية ولكنه تركز بشكل خاص في حماه وحلب وإدلب. وراح ضحيته حوالي 25 ألف ضحية (حسب تقديرات وسطية)، عدا عن المصابين والمعتقلين والمهجرين. وكان ينطوي هذا العنف الشديد على ما هو أكثر من القمع وتحطيم التمرد، لقد كان ينطوي على عنصر الردع. وقد حاز النظام السوري بعد ذلك على قبول أو الأصح إقرار دولي وإقليمي (خليجي بشكل خاص) ليس فقط على أنه نظام الأمر الواقع والقادر على فرض ذاته، بل الأهم على أنه نظام قابل للاندماج في منظومات الأمن والسياسة الإقليمية والدولية.
دخلتْ سورية، بعد ذلك، في مرحلة استقرار طالما تغنى بها السوريون على أن بلادهم نموذج فريد من الأمن والأمان. وعلى أرضية هذا الاستقرار الملغوم الذي قام على دعامات من الظلم والإقصاء والمواجع المكظومة، تفشت ظاهرة الشبيحة. حيث استقر في ذهن الطغمة الحاكمة أنها مطلقة الصلاحيات وأنه لا رادّ لمشيئتها في البلاد بعد أن طوب النظام انتصاره على الشعب وأنتج شعار الأبدية المعروف "إلى الأبد يا حافظ الأسد".
لا يزال يحدث اليوم وأنت تقود سيارتك في شوارع المدينة الساحلية أن تفاجأ بسيارة تقف في منتصف الطريق وتعيق المرور، فيما يتحدث السائق باسترخاء مع شخص آخر على الرصيف غير مبالٍ بما سبب من ازدحام، أو قل سعيداً بما سبب. والعارف بالأمور من السائقين يكظم احتجاجه فلا يحتج بالبوق أو بالصوت، بل ينتظر بصبر المعتادين إلى أن ترتوي رغبة التشبيح في نفس ذاك الرجل وينهي إعاقته للسير.
يعرف ابن المدينة ملامح السيارات الممتازة. من زجاجها الأسود أو من عبارة أو صورة على بلورها الخلفي أو من فخامتها المهملة كدليل دامغ على نبع لا ينضب من الثروة، يجعل صاحبها مستهتراً بقيمتها. غير أن ذلك لا يكفي للتمييز. يمكن أن تدفع النزوات الغريبة أحد "الواصلين" إلى أن يقود سيارة عادية ويمارس فيها التشبيح كي يوقع في مصيدته أحد الناس العاديين الذين يمكن أن تغريهم بساطة السيارة فيحتجوا على سائقها، من يدري؟ ليس غريباً والحال هذه أن تجد الصدفة وقد وضعت الطعم في سيارة عادية لا تلفت النظر. القاعدة الذهبية لقاطن المدينة غير الممتاز إذن هي أن يلتزم الصمت والقانون، وأن يعتبر كل من يخالف القانون أو العرف العام أو الآداب الاجتماعية، بعين قوية، شخصاً ممتازاً يجب تفادي الاصطدام به. وما على طالب السلامة إلا أن يبتلع احتجاجه ويبتعد عن الشر.
على تربة هذه الهزيمة للمجتمع أمام السلطة المستقرة، نبتت ظاهرة يمكن تسميتها التشبيح الموازي. ففي كل مكان من المدينة الساحلية يمكن أن تصادف حادثة تشبيح يكون بطلها شخصاً لا صلة له بدائرة التشبيح الفعلية. فالكثير من أبناء المدينة يستغلون خوف الناس ويستثمرون في رأس المال الرمزي للشبيحة. يتبنون أشكالهم وطريقتهم في الوشم واللباس ولهجتهم وكل ما يمكن تسميته اكسسوارات التشبيح، لتحقيق مكاسب على حساب الناس، أو لمجرد إرضاء نزوعات عنترية لديهم.
خوف الناس، الذي يزداد ولا ينقص هنا، يصدهم عن المواجهة، فترى الناس يتراجعون أمام الشبيح الموازي ظناً منهم أنه شبيح حقيقي، ويحلون أي إشكال على حسابهم لتفادي ما يمكن أن يلحق بهم نتيجة الوقوف في وجهه، إذا كان هذا المدّعي شبيحاً حقيقياً. وقد تكون ظاهرة التشبيح الموازي أكثر تواجداً في اللاذقية، التي هي مهد الظاهرة الأصلية والظاهرة الموازية. إن كون أخلاق التشبيح جاذبة اليوم لفئة غير قليلة من الشباب، يؤشر إلى ابتعاد مزاج الناس هنا عن المزاج الذي يسم الناس في لحظات التغيير الكبرى.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بورتريه ريفي
- التحديق في الموت
- رثاء الأحياء
- حركة أحرار الشام، بين الجهادية والأخوانية
- مقابلة عن الحالة السورية في 2014
- أبو طالب وأم اسماعيل
- حوار لصالح مركز حرمون للدراسات المعاصرة
- العلمانية من منظور الأقليات الدينية
- العلويون السوريون بين الانفتاح والانعزال
- مديح المفاجأة
- السودان، خطوة إلى الأمام ومخاطر متربصة
- الهزيمة المؤسسة للهزائم
- نفوس مفخخة
- الاستبداد بوصفه نزوعاً شخصياً
- اتفاق داريا، الأرض مقابل الحياة
- حوار، عن الذات وعن الثورة
- هموم لغوية
- سلطات منزاحة
- إلى اختي الصغيرة
- الربيع العربي على خارطة العالم


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - راتب شعبو - التشبيح الموازي