أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - العلمانية والديمقراطية ( 3 ) La laïcité et la démocratie















المزيد.....

العلمانية والديمقراطية ( 3 ) La laïcité et la démocratie


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6283 - 2019 / 7 / 7 - 18:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قلنا ان العلمانية لا تعني الالحاد ، ولا تعني الجمهورية ، ولا الملكية ، كما لا تعني الاناركية ، أي الفوضوية ، لكنها نظام يعني الديمقراطية ، أي نظام حكم يختلف عن حكم الدولة الدينية ، والدولة القومية الشوفينية ، والدولة الأيديولوجية من ستالينية ، وماوية ، ولينينية .
فالعلمانية نظام حكم يعني الشعب كشعب ، ولا يعني بسلوكيات الافراد كأفراد ، التي تبقى قناعات شخصية تهم الانسان وفكره ، أي مثلا في مسألة الممارسة الدينية ، فهي تعني صاحبها ، ولا تعني الدولة .
اذن المسالة كلها تدور حول الديمقراطية المُغيّبة في الأنظمة الأخرى المذكورة أعلاه . لكن قبل ان نقول بان الديمقراطية حكم الشعب نفسه بنفسه ، فان الديمقراطية في احد مستوياتها ، هي المساواة السياسية ، والحقوقية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ، والأخلاقية ، ولهذه جميعا جذرها العلماني ، لأنها تنطلق من اصل لا يمكن اهماله او تجاهله ، وهو المساواة الأنطولوجية ، أي الوجودية ، لذلك فان سائر اشكال عدم المساواة ، ناجمة عن استيلاب الانسان ، وانتقاص كيانه الإنساني .
المساواة الوجودية تتجسد في تساوي العمل الإنساني ، وتماثله في الماهية ، مساواة تنبع من قيمة الانسان واهمية الفرد ، وكون العقل صفة نوعية ، وقاسما مشتركا بين افراد النوع .
مساواة نابعة من آدمية الفرد ، وحقوقه ، وحرياته .. وهذه المساواة تضمنها العلمانية ، لان ما هو جذري ، وذو قيمة حاسمة في عالم الانسان ، هو الإنسان ذاته ، انسان العمل ، والإنتاج ، والمعرفة ، انسان الخلق ، والابداع ، والحضارة ضد الانسان الايمان ، والعجز ، والتواكل ، والتقى ، والورع ، والزهد ، والتصرف ، والتأمل ، والحلم ، والطاعة ، والامتثال ، والرضا ، والتسليم ، أي ضد العبودية . ان المساواة هي مساواة في الحرية ، ضدا على المساواة في العبودية .
الديمقراطية بجذرها العلماني ، ونسغها الإنساني ، ومحتواها الاجتماعي ، هي مدخل الى ملكوت الحرية ، وسيادة الانسان ، وسيادة الشعب في الأخير .
ان الديمقراطية تعني الحوار والاعتراف بالآخر ، والاعتراف بنسبية الحقيقية ، واحتمال خطأ الذات ، واحترام الرأي الاخر ، والاستماع اليه والتفاعل معه ، وعدم تكفيره وادانته ، او الوشاية به لدا السلطات كأنه خيانة عظمى ، وهي الاعتراف بحقيقة مستقلة عن الذهن ، يحاول الجميع الوصول اليها دون تضحية بالموضوع من اجل الذات .

من هذا يقول الأستاذ حسن حنفي ان ازمة الديمقراطية ترجع الى غياب الحوار ، بسبب من غياب الحرية ، وغياب مقدمات الحوار الموضوعية ، وهو يحصر جذور ازمة الحرية والديمقراطية في وجداننا المعاصر ، في خمس مجموعات هي :
الأولى : حرفية التفسير ، او النصوصية التي تلغي الحرية لصالح الالتزام بحقيقة مطلقة ، مسبقة ، مكتوبة بصياغة واحدة ابدية ، وتوحّد عقلية السلطة السياسية مع السلطة الدينية ضد الانسان ، إذ تعتمد كلتاهما على التنزيل : تنزيل الامر من السلطة الى الشعب ، وتنزيل المعرفة من السماء الى الأرض ، وتلغيان بالتالي حق المراجعة ، والمناقشة ، والحوار .
والثانية : تكفير المعارضة الذي شاع منذ انتشار الاحاديث الموجهة للسلوك والاذهان ، وخاصة الاحاديث الموضوعة لغايات سياسية ، وايديولوجية ، واجتماعية ، كحديث الملة الناجية / وأصبحت كل الفرق الضالة ، هي كل أنواع المعارضة للسلطة القائمة ، كما أصبحت الفرق الناجية هي أحزاب الدولة .
والثالثة : سلطوية التصور ، حيث ان ّ تصور العالم في الفكر العربي الإسلامي ، تصور سلطوي ، مركزي ، اطلاقي ، فاصبح من بعد ، أساس تصورنا للعالم ، واساس نظمنا السياسية ، فالله مرْكز الكون وخالقه ، يسيطر على كل شيء ، وله صفاة فعالة في الكون ، قادر على ما لا يكون ، وعالم بما يستحيل ، لا يقف امامه قانون طبيعي ، ولا ترده حرية إنسانية ، لا يستطيع الانسان ان يفعل الاّ إذا تدخلت الإرادة الإلهية لحظة فعله ، وجعلته ممكنا ، والاّ استحال الفعل ..في هذا التصور تختفي الإرادة الإنسانية ، ويتوارى العمل ، والعقل ، ويتحدد الانسان بالإيمان الذي لا يخالطه او يساوره شك .
من هذا التصور تنبع فكرة الزعيم الأوحد ، والمنقذ الأعظم ، والقائد الملهم ، والحاكم الفرد الذي تزداد الشقة بينه وبين المحكومين . وبقدر ما يزداد صلفا ، وكبرا ، وغطرسة ، وعسفا ، يزداد المحكومون صغارا ، وذلا ، وهوانا .. انه تصور يعطي القمة كل شيء ، ويسلب من القاعدة كل شيء ، بل يسلب من القاعدة كل شيء ويعطيه للقمة .
ان هذا التصور يقسم البشر الى خاصة ، او علّية قوم ، وسادة ، واشراف ، ونقباء .. والعوام في نظر الكواكبي " هم قوّة المستبد وقوته " ، هم عبيده المتفانون في خدمته ، الى درجة انه عندما يسْرف في أموالهم ، يقولون عنه كريما ، وإذا قتل منهم ولم يُمثّل بهم يعتبرونه رحيما .
والرابعة : هي تبرير المعطيات . لقد كان العقل في تراثنا الفلسفي يقول الدكتور حسن حنفي ، عملا تبريريا خالصا ، أي انه يأخذ المعطيات ، و ينظّرها ، ويحيلها الى معطيات مفهومة يمكن البرهنة عليها ، مفتقرا الى الحياد والروح العلمية ، وجرأة النقد والمعارضة . امام هذه الوظيفة للعقل ذي المصدر الإلهي ، يستحيل الحوار ، لانّ المعطيات مقبولة سلفا ، ولا توضع موضع الشك والنقد .
والخامسة : هدم العقل . منذ كان هجوم الغزالي على العلوم العقلية في القرن الخامس ، وقضاؤه على الفلسفة ، وعداءه لكل اتجاه حضاري عقلاني ، وتنكره للعلوم الإسلامية ، بما فيها علم الكلام ، والفقه ، والحكمة ، وباستثناء علوم التصوف ، وهدمه منهج النظر، ودعوته لمنهج الذوق ، وتركه الحقيقة وسلوكه الطريقة ، ونقده للعلم الإنساني .... كل ذلك كان بداية هدم العقل ، واستقالته وهو أداة الحوار ، ومنذ ذاك الحين ، اصبح الله ، السلطة ، والجنس مقدسات ، ومصادر للتحريم ، فالله يحرم اكثر مما يحلل ،والسلطة تعاقب اكثر مما تثيب وتسامح ، والجنس للحرمان اكثر منه للإشباع .
إذن أليس هذه المجموعات الخمس التي تشكل جذور ازمة الديمقراطية في وجداننا المعاصر ، تعبيرا عن غياب الوعي بضرورة العلمانية ،وبالتالي غياب العلمانية من الفكر والممارسة ؟
ان الديمقراطية التي عبر عنها الدكتور حسن حنفي بالحوار ، والحرية ، والاعتراف بالآخر ، ليست ممكنة إذا لم تكن العلمانية مدخلها ونواتها .
ان المشروع السياسي ، القومي ، الديمقراطي ، هو الذي يعطي للمفاهيم مضمونها ، ونظام ترابطها ، او نسق علاقاتها ، هو الذي يستدعي هذا المفهوم او ذاك ، بوصفه ضرورة تاريخية منطقية ، وليس بوصفه موضة ، او تقليعة ، او هوى .
ان بنية الأفكار ، والمفاهيم ، والمقولات ، وعلاقاتها المتغيرة ، لا يتحدد على ضوء المسألة الأساسية في الفلسفة ( أولوية المادة او الوعي ) ، او على ضوء العلاقة بين الفكر والواقع فقط ، ولا على أساس قانون التطور الرئيسي : وحدة وصراع الاضداد وحسب ، بل على أساس الممارسة العملية الحية ، في الطبيعة والمجتمع . وبذرة العلمانية تكمن في هذه الممارسة .
إذن نستفيد من هذا ، ان العلمانية التي تعني المدنية ، هي نظام حكم ينبع من الشعب ، ليكب في الشعب ، وعندما نتكلم عن الدولة العلمانية ، فإننا نتكلم عن الدولة الديمقراطية التي تختلف عن الدولة الدينية الفاشية والعنصرية ، والدولة القومية الشوفينية ، والدولة الأيديولوجية الطبقية الدكتاتورية . فهي بذلك نظام حكم متميز أساسه الديمقراطية .
( يتبع )



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- La laïcité : العلمانية ( 2 )
- العلمانية – اللاّئيكية ( 1 ) La laïcité
- جبهة البوليساريو في مفترق الطرق
- أية نكسة اصابت الجمهورية الصحراوية ؟
- تناقضات النظام المغربي
- L’échec de l’autonomie interne – فشل الحكم الذاتي
- في أسباب هزيمة يونيو 1967
- بعض ( المعارضة ) تنهش لحم الامير هشام بن بعدالله العلوي
- لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية
- La visite du conseiller principal du président Donald Trump ...
- شروط الإمام المفتي في السعودية
- عصر الشعوب / Le temps des peuples
- خلفيات استقالت هرست كوهلر المبعوث الشخصي للامين العام للامم ...
- 10 مايو 1973 / 10 مايو 2019 / تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير ال ...
- جبهة البوليساريو ومحكمة العدل الاوربية
- الرئيس دونالد ترامب -- حماس -- قطر -- تركيا : Le président D ...
- تحليل قرار مجلس الامن 2468 بخصوص نزاع الصحراء الغربية
- ضابط سلاح الجو سابقا مصطفى اديب ، والامير هشام بن عبدالله ال ...
- مسيرة الرباط الثانية
- الحركة النقابية المغربية


المزيد.....




- فرنسا تبدي استعدادها للمساهمة في توزيع المساعدات الإنسانية ب ...
- إسرائيل تعلن اغتيال مسؤول عسكري في حزب الله
- صور مفبركة تثير الجدل حول عودة عادل إمام
- صحف عالمية: إسرائيل تستخدم المساعدات لتهجير سكان غزة ولا يجب ...
- خبير عسكري: المقاومة في غزة تتفوق وتربك جيش الاحتلال
- مفتي القاعدة السابق: بي بي سي والدولارات ساهمتا بإسقاط طالبا ...
- فيديو يُظهر لحظة القبض على -فيتو- أخطر المطلوبين في الإكوادو ...
- ظهور قائد إيراني كبير بعد شائعات عن مقتله في غارات إسرائيلية ...
- بسبب اعتدائهم على جنود في الضفة الغربية.. الشرطة توقف ستة إس ...
- تفاعل واسع مع مقال لتركي الفيصل -يدعو ترامب إلى تدمير المفاع ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - العلمانية والديمقراطية ( 3 ) La laïcité et la démocratie