|
تناقضات النظام المغربي
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6267 - 2019 / 6 / 21 - 22:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الكل لاحظ احتجاج النظام المغربي على عرض خريطة المغرب مبتورٌ منها الصحراء في كليب اغنية " كاف 2019 " ، بجمهورية مصر العربية . الموقف وانْ كان يبدو جادا في بعض صوره، الاّ انه اثار جملة من الردود والملاحظات ، على هكذا تصرف يتناقض بالكامل مع مواقف مسجلة للنظام بالنسبة لقضية الصحراء المغربية . فكيف نفهم احتجاج النظام المغربي على عرض مصر لخريطة المغرب مبتور منها صحراءه ، في حين هناك مواقف كثيرة مسجلة للنظام تضر بمغربية الصحراء ، بل تتجاهلها بالمطلق ؟ وإذا كان النظام المغربي قد قدم احتجاجا ضد هذا العمل المقصود ، وأكرر انه مقصود ، فكيف نفهم قيام النظام نفسه بالاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، عندما اعترف بالقانون الأساسي للاتحاد الافريقي في سنة 2016 ، قبل ان ينال عضوية الاتحاد ، ويصبح مقعده مجاورا الى مقعد الجمهورية الصحراوية ، ورايته مرفوعة الى جانب رايتها ؟ فما الفرق بين ما حصل في ( الكاف ) ، وبين ما حصل بالاتحاد الافريقي ؟ وهنا ولكي يتحلل النظام المغربي من مسؤولية الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، تفاديا للنتائج التي قد تترتب عن هذا الاعتراف ، فانه وبطريقة مكيافيلية ، ورط الشعب من خلال ( ممثليه ) بالبرلمان في هذا الاعتراف . ان توريط الشعب من خلال البرلمان ، وفي غياب الحكومة ، بالاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، كانت خطة لتحميل الشعب أي نتائج سلبية قد تترتب عن هذا الاعتراف ، ومن ثم فان تزكية النظام لهذا الاعتراف ، هو تمسك بما قرره الشعب من خلال ( ممثليه ) بالبرلمان . فبهذا الاجراء الحربائي ، الشعب هو من اعترف بالجمهورية الصحراوية ، وليس النظام الذي التزم بما قرره الشعب . لكن الحقيقية الساطعة ، أنّ النظام وإنْ ورّط الشعب في الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، من خلال تصويت البرلمان على هذا الاعتراف ، فان البرلمان يبقى برلمان الملك ، والبرلمانيون هم برلمانيي الملك ، وهذا يبدو جليا في كل جمعة ثانية من شهر أكتوبر ، حيث يحضر البرلمانيون بلباس مخزني خاص ، وحيث ان رئيس الدولة حين يوجه خطابه الى الشعب من خلال ( ممثليه ) بالبرلمان ، فهو يخاطب البرلمانيين ، كأمير للمؤمنين ، وراعي كبير ، وإمام ، ولا يخاطبهم كملك . وبسبب هذه الهالة الدينية ، فهو يلقي خطابه دون ان تتبعه مناقشة برلمانية ، حيث يكتفي البرلمانيون بالاستماع للخطاب ، وتزكيته بالتصفيق . فخطاب الملك امام البرلمانيين بالبرلمان ، بمجلسيه مجلس النواب ، ومجلس المستشارين ، يتميز بثقل ديني وسياسي ، يحْكُم به الرعية التي تُخْلص له بالطاعة والولاء . ان حجم افتتاح ( الملك ) امير المؤمنين ، والامام الراعي للبرلمان ، له دلالة ضاربة في العمق الشعبي ، و مفسرة لمشروعية الحكم الكمبرادوري ، البتريركي ، الاوليغارشي ، البتريمونيالي ، وهي اكثر قوة ، واكثر دلالة من البيعة التي تُجدّد حُكْمه عند كل عيد عرش . لذا فبيعة البرلمان هذه ، تبقى هي البيعة الأقوى والحقيقية ، وهنا نفهم ميكيافيلية النظام في توريط الشعب من خلال البرلمان في التصديق والقبول بالاعتراف بالجمهورية الصحراوية . ان اعتراف النظام بالجمهورية ، لم يكن وحده كافيا لتأكيد تناقضات النظام عند معالجته لقضية الصحراء المغربية ، بل سنجد ان ما قرّره مجلس الوزراء الأخير ، وبرئاسة الملك بخصوص اتفاق الصيد البحري ، لا يقل خطورة عن الاعتراف بالجمهورية ، وما جرى بمجلس الوزراء مؤخرا ، والاعتراف بالجمهورية الصحراوية في 2016 ، هما اكبر واخطر مِمّا حصل ببتْر راية الصحراء عن المغرب في ( الكاف ) . النظام المغربي عندما برر انضمامه مجددا الى الاتحاد الافريقي ، مدعيا انه ( عاد ) الى مجاله الطبيعي ، والى اسرته الافريقية ، وهو في الواقع هروب من العزلة الدولية المفروضة عليه ، بحيث بعد قبول عضويته بالاتحاد ، تحولت كل قنوات النظام الفضائية الى قنوات افريقية ، تعرض البرامج الافريقية ، وتذيع اخبار القارة ، خاصة من السينغال وساحل العاج ، وهي الفورة التي خَمدتْ الآن ، وكأنها لم تكن ، بعد ان فشل النظام ، ورغم الرشاوى التي قدمها في شكل استثمارات ، لاستمالة العديد من الدول الى جانب اطروحته حول نزاع الصحراء ، بحيث ان كل تلك الدول ، رغم استفادتها من أموال الشعب المغربي ، فهي تمسكت باعترافها اللاّمشروط بالجمهورية الصحراوية ، مفضلة مبادئها التي رفضت بيعها ، وربما بسبب ان دفع النظام الجزائري كان اقوى واكبر ، فان النظام لم ينجح في التضييق على الجمهورية الصحراوية بالاتحاد ، فأحرى نجاحه في طردها منه ، وما يغيب عن أذهان مهندسي النظام الذين يقفون وراء اعترافه بالجمهورية لانضمامه الى الاتحاد ، انّ الدول التي حررت القانون الأساسي للاتحاد ، ومنها الجزائر، وجنوب افريقيا ، والجمهورية الصحراوية ، حرروه بطريقة تجعل من الصعوبة بمكان ، النجاح في طرد عضو مؤسس ، ومحرر للقانون الأساسي للاتحاد الافريقي . وبالرجوع الى الأخطاء القاتلة للنظام بخصوص معالجته لنزاع الصحراء ، نكاد نجزم انها واحدة ، وانها لا تختلف الاّ من حيث التوقيت ، ومن حيث الظروف الحاملة على السقوط في الأخطاء ، رغم انّ ما كان يطبع كل تصرفاته ، هو التناقض في المواقف ، وتحريم على الاخرين ما كان يحلله لنفسه ، وبدون مواربة ولا حياء . هكذا ففي الوقت الذي منع النظام على الفرقاء السياسيين ، وعلى الصحافيين كل اتصال مباشر او غير مباشر مع جبهة البوليساريو ، كان يبيح ذلك لنفسه من خلال المفاوضات المباشرة ( يقولون انها غير مباشرة مرة ، ومرة يقولون انها ليست مفاوضات ، بل فقط جس للنبض ، واستطلاع للمواقف ) بمنهاتن ، وبسويسرة . كذلك في الوقت الذي كانت فيه تلك ( اللقاءات ) المفاوضات ، دليل على اعتراف النظام بجبهة البوليساريو ، لأنه كان يفاوض كائن ، ولم يكن يفاوض شبح ، خوّن كل اتصال مع الجبهة او اعتراف بها ، وهنا لا ننسى تخوينه لمنظمة الى الامام ، خاصة عندما تشبثت بالاستفتاء في الصحراء ، وبتقرير مصير الصحراويين ..بل ان النظام لم يتوانى في ادخالهم السجن بسبب مواقفهم ، رغم انها مواقفه المشابهة ، والتي وصلت الى ما هو اخطر ، حين اعترف بالجمهورية الصحراوية ، واعترف بالاستفتاء وتقرير المصير في سنة 1981 ، وفي اتفاق الاطار الذي رفضه بعد ان وافق عليه .. فلماذا تخوين منظمة الى الامام ، وادخالها السجن ، وهي لم تقم الاّ بما قام به النظام حين اعترف بالاستفتاء ، واعترف بالجمهورية الصحراوية ؟ٌ فأمام هذه الزلاّت ، والاخطاء المرتكبة في حق القضية الوطنية ، نطرح السؤال : من الأخطر ، هل الاعتراف بالجمهورية الصحراوية عند الاعتراف بالقانون الأساسي للاتحاد الأفريقي في سنة 2016 ؟ ام الاعتراف بالاستفتاء وتقرير المصير كما حصل في سنة 1981 من نيروبي ، وعند القبول باتفاق الاطار ؟ او الجلوس ضمن الاتحاد الافريقي في لقاء بالاتحاد الأوربي ؟ .... ام ان الأخطر هو عرض خريطة المغرب مبْتورٌ منه صحراءه في خريطة ( الكاف )؟ وهل الراية الصحراوية ، والمقعد الصحراوي اللذين يجلس بجوارهما النظام في الاتحاد الافريقي ، يختلفان عن الراية الصحراوية المنشورة في خارطة ( الكاف ) ؟ وماذا عن بتر الفضائيات الفرنسية ، وقناة الجزية ، والعربية للصحراء من خريطة المغرب الاصلية ؟ .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
L’échec de l’autonomie interne – فشل الحكم الذاتي
-
في أسباب هزيمة يونيو 1967
-
بعض ( المعارضة ) تنهش لحم الامير هشام بن بعدالله العلوي
-
لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية
-
La visite du conseiller principal du président Donald Trump
...
-
شروط الإمام المفتي في السعودية
-
عصر الشعوب / Le temps des peuples
-
خلفيات استقالت هرست كوهلر المبعوث الشخصي للامين العام للامم
...
-
10 مايو 1973 / 10 مايو 2019 / تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير ال
...
-
جبهة البوليساريو ومحكمة العدل الاوربية
-
الرئيس دونالد ترامب -- حماس -- قطر -- تركيا : Le président D
...
-
تحليل قرار مجلس الامن 2468 بخصوص نزاع الصحراء الغربية
-
ضابط سلاح الجو سابقا مصطفى اديب ، والامير هشام بن عبدالله ال
...
-
مسيرة الرباط الثانية
-
الحركة النقابية المغربية
-
الجيش
-
تأكيد الاحكام في حق معتقلي حراك الريف وفي حق الصحافي حميد ال
...
-
تصريح الامين العام للامم المتحدة حول نزاع الصحراء الغربية
-
لماذا يجب مقاطعة الانتخابات ؟
-
تقرير المصير
المزيد.....
-
السعودية.. وزارة الداخلية تعدم شخصا تعزيرا وتعلن عن اسمه وما
...
-
الدفاع الروسية: العدو خسر 400 جندي على محور كورسك خلال يوم
-
في ذكرى حرب 6 أكتوبر.. علاء مبارك يذكر بدور العرب في دعم مصر
...
-
وزير النفط الإيراني -غير قلق- وسط التهديدات الإسرائيلية
-
محمد بن سلمان وكوشنير: دعم مالي كبير يستثمره صهر ترامب في إس
...
-
فيضانات موسمية في تايلاند: غرق أفيال واختفاء العشرات وعمال ا
...
-
تقرير إعلامي يكشف معلومات عن مصير -خليفة- نصرالله
-
مراسلتنا: الدفاعات الجوية السورية تتصدى لأهداف معادية في أجو
...
-
الجعفري يؤكد تقديم سوريا طلب انضمام إلى مجموعة -بريكس-
-
سجل العملية العسكرية الخاصة: تحرير بلدة جديدة في دونيتسك وإص
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|