|
تصريح الامين العام للامم المتحدة حول نزاع الصحراء الغربية
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6190 - 2019 / 4 / 3 - 20:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لأول مرة يوم الاثنين الماضي ، يتحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غتيريس ، بنبرة تفاؤلية غير مسبوقة عن نزاع الصحراء ، مؤكدا انه من الممكن حل النزاع القائم منذ عقود ، إذا توفرت ثقة اطراف النزاع ، وإذا توفرت الإرادة الصادقة ، ليس فقط لدا النظامين المغربي والجزائري ، ومعه جبهة البوليساريو ، بل ان تتوفر الإرادة السياسية لدا المجتمع الدولي . وقبله ، وبعد انتهاء لقاءات جنيف التي انتهت بالفشل ، صرح الممثل الشخصي للأمين العام ، بان المفاوضات بين اطراف النزاع صعبة ، وستطول ، وتتطلب الصبر والتحمل . قد يكون هناك تناقض بين تصريح الأمين العام الذي تحدث بنبرة تفاؤلية لحل النزاع ، وبين تصريح السيد كوهلر الذي اعترف بصعوبة الحوار ، الذي قد يطول ، ويطول ربما الى اجل غير مسمى . نستنتج من خلال التصريحين الذي قد نعتبرهما تجاوزا مكملين لبعضهما البعض ، الاعتراف والاقرار الصريح بالفشل ، والتهرب من طرح إشكالية النزاع ، بشكل قانوني وسياسي ، ليحدد الطرف المتسبب في الافشال ، ومن ثم يكون التصريحان بمثابة هروب الى الامام ، للتنصل من المسؤولية الأممية ، وتحميلها ، أي المسؤولية لطرفي النزاع . ولنا ان نتساءل . إذا كان نزاع الصحراء الغربية مطروحا منذ أربعة وأربعين سنة ، منها ستة عشر سنة كانت حربا ، ومنها سبعة وعشرين سنة كانت مفاوضات عقيمة وعاقرة ، فعن اية ثقة يتحدث السيد غيتيريس ، في ظل الأوضاع المرتبكة ، وفي ظل تباعد ، وتضارب مواقف اطراف الصراع ؟ الم تكن كل اللقاءات التي حصلت بين المتحاربين تجري بدون ثقة ، حيث ان كل واحد يتحفظ ، ولا يثق في الطرف الاخر الذي يعتبره عدوا ، وليس فقط خصما ؟ وإذا كانت هذه هي الحقيقية ، فكيف سيعمل السيد غوتيريس على خلق أجواء الثقة ، في ظل وضع أساسه التناقض الصارخ في المواقف ؟ ثم كيف للسيد أنطونيو غيتيريس ان يتفاءل بحصول حل ، دون ان يطرح وبشكل صريح وواضح ، آلية منطقية للوصول الى الحل الذي ربطه بضرورة توافر الإرادة السياسية الدولية . وهنا ماذا يقصد السيد أنطونيو غيتيريس بالإرادة الدولية . هل المقصود مجلس الامن ، ام ان المقصود هو الأمم المتحدة ، أي الجمعية العامة ، ام ان المقصود الاتحادات الجهوية ، كالاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ...لخ . ان تصريح نائب الأمين العام السيد كوهلر ، كان واضحا عن تصريح غيتيريس الذي كان مضببا . فالسيد كوهلر عندما ركز على طول المفاوضات ، فهو يعترف بفشلها ، وحتى لا يصدم فرقاء الصراع ، وهم ادرى بنتائج المفاوضات ، راهن على الوقت كما تراهن عليه اطراف النزاع ، في انتظار حصول مفاجئة ، او معجزة تغير اصل اطوار التفاوض الهزلي ، لصالح حل قد يكون مقبولا من قبل الجميع . ان تعويل السيد غوتيريس على ضرورة توافر ثقة اطراف النزاع ، وهي الثقة التي لن تحصل ابدا ، لان أي حل يُفْرض ، ولا يستجيب لرغبات ومطالب احد المتنازعين ، سيكون كارثة محققة للطرف الذي قد يكون الحل على حسابه ، مما يصبح معه وضعه كنظام ، او دولة ، محطة مسائلة شعبية ، قد تنتهي بالتغيير الجذري للنظام ، وقد تتواصل لتخدم المخططات والمشاريع التجزيئية . ففي ظل هذا الخطر المهدد لأصل الأنظمة المتصارعة ، فان أي حديث عن توافر الثقة ، هو حديث خارج السياق الزمني ، المتحكم في قواعد اللعبة ، والفخاخ المنصوبة . اما الحديث عن ضرورة توفر الإرادة الدولية لإيجاد حل لنزاع عمر لأزيد من اربعين وأربعين سنة ، فهو هروب من الواقع الناطق بما فيه ، كما انه اعتراف بعجز المجتمع الدولي في التعاطي مع النزاع ، والسؤال : الم يكن المجتمع الدولي يتوفر على إرادة سليمة لحل النزاع ، رغم المراحل العصيبة التي مر منها ؟ فإذا كان المجتمع الدولي في السابق ، قد فشل في إيجاد الإرادة الصادقة لحل المشكل ، فكيف سيتمكن اليوم ، من النجاح فيما يعتقد انه فشل فيه بالأمس ؟ ثم ماذا يمكن ان نسمي القرارات التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة ، بناء على توصيات اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار منذ 1960 والى الآن ؟ وماذا يمكن ان نسمي القرارات التي أصدرها مجلس الامن منذ 1975 ، والى آخر قرار 2414 الصادر في شهر ابريل 2018 ؟ وماذا نسمي اجتماعات مجلس الامن خلال هذا الشهر ، للبث في النزاع الذي يعد اقدم نزاع بالقارة الافريقية ؟ اليس هذه القرارات ، والتوصيات ، والاجتماعات ، هي تعبير عن الإرادة الدولية لحل المشكل المصطنع بالمنطقة ؟ ان السبب في إطالة الصراع ، هو مجلس الامن الذي يصدر قرارات ، تحمل في طياتها استحالة تطبيقها وتنفيذها . فعندما تربط قرارات مجلس الامن ، أي حل لا يحترم شرط الموافقة وشرط القبول من قبل كل اطراف النزاع ، باستحالة تطبيقه ، فعن اية إرادة ، وعن اية ثقة يتحدث السيد الأمين العام ؟ . ان انعدام شرط واحد من التحقيق ، يجعل النزاع محكوما بالديمومة . فهل سيوافق وسيقبل النظام المغربي ، بأطروحة النظام الجزائري ، ومعه الجبهة ، الداعية فقط الى الاستفتاء المؤدي الى الانفصال ؟ وهل سيقبل ويوافق النظام الجزائري ، ومعه الجبهة على حل الحكم الذاتي المقترح من قبل النظام المغربي ؟ ان طريقة صياغة قرارات مجلس الامن ، هي في تعارض تام مع ما تحدث عنه السيد الأمين العام ، حول توافر ثقة المتنازعين ، وتوافر الإرادة الدولية ، ومن ثم يصبح مجلس الامن من خلال دول الفيتو ، هو المعرقل لحل نزاع الصحراء الغربية . ان محاولة السيد أنطونيو غيتيريس ، ارجاع الفشل الى اطراف الصراع ، هو هروب من الواقع المرير لمعاناة شعوب المنطقة ، التي تضررت كثيرا في مجالاتها التنموية المختلفة ، من اقتصادية ، واجتماعية ، وبيئية ، ومن ثم فان السبب في إطالة الصراع ، هو إصرار دول الاستعمار التاريخي المسيطر على مجلس الامن ، من استنزاف المنطقة ، ووضع العجلة في عجلة تقدمها . لقد اعترف كل من السيد كوهلر ممثل الامن العام ، والأمين العام السيد أنطونيو غيتيريس بفشل المفاوضات ، ليس فقط بسبب فقدان الثقة ، او بسبب غياب الإرادة الدولية ، بل بسبب تباعد مواقف الأطراف ، التي تسهل استغلال الدول الاستعمارية لهذا العامل ، في بسط يدها على المنطقة ، ومن التحكم في تسخير وتوظيف الأنظمة المتصارعة ، في خدمة مواقف ومخططات ، لا علاقة لها بحقيقة نزاع الصحراء الغربية المفتعل . فعندما يغلف السيد كوهلر الفشل بالتأكيد على طول المفاوضات ، ودون ان يحدد سقفا لنهايتها ، وحين يغلف الأمين العام الفشل ، بفقدان الثقة وفقدان الإرادة الدولية ، فهذا معناه ان المتحكم في الصراع ، ليس النظامين المغربي والجزائري ومعه الجبهة ، بل هي المصالح الآنية والمنتظرة التي تخطط لها الدول الاستعمارية . وبعد فشل مفاوضات جنيف ، وكان واضحا حتمية فشلها ، بل انها فشلت حتى قبل ان تبدأ حين صرح بوريطة ، بان النظام المغربي سيفاوض فقط على حل الحكم الذاتي ، وحين ركز النظام الجزائري ومعه الجبهة ، فقط على حل الاستفتاء المؤدي الى الانفصال ، سنطرح السؤال : ماذا بعد جنيف ؟ هل ان اطراف النزاع استحلت التفاوض من اجل التفاوض ، لاستغلال الوقت الذي قد يكون صاعقا لاحدهما ؟ هل الخوف من نشوب حرب إقليمية ، لا احد يتمناها او يجري لها ؟ هل انتظار حصول معجزة يتسبب فيها الزمن وظروف اطراف النزاع ؟ النظام المغربي يسيطر على ثلثي الأرض ، رغم ولا دولة واحدة تعترف له بمغربية الصحراء . الجبهة المدعومة من النظام الجزائري الذي ينتظر انفصال الصحراء عن المغرب ، للوصول الى المياه الباردة بالمحيط الأطلسي ، تسيطر على الثلث ، رغم رفض المجتمع الدولي لسياسة الامر الواقع . ارسال رسالات الفشل هذه ، لن يمر بسهولة ، والمنطقة مقبلة خلال السنتين القادمتين ، أي الى آخر سنة 2020 ، على تحولات وتطورات خطيرة ، ستجهز على كل دول المنطقة ، والخاسر الأكبر ، هي الشعوب النائمة ، والتي لا تريد ان تتحرك ، للوقوف امام المشروع الخطير " الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا " .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا يجب مقاطعة الانتخابات ؟
-
تقرير المصير
-
هل المغرب فعلا مقبل على هزّة شعبية ؟
-
تنظيم وقفات احتجاجية امام قصور الملك -- النقد الذاتي --
-
حراك الجزائر
-
دور الاتحادات النسائية في الدفاع عن حقوقهن
-
هل بدأت فرنسا تنحاز الى امر الواقع في نزاع الصحراء الغربية ؟
-
رئيس كوريا الشمالية السيد كيم جونگ _ Le président de la Coré
...
-
الدستور -- La constitution
-
lhumiliation du régime -- إهانة النظام .
-
جمال عبدالناصر . معارضو الناصرية . ( 3 )
-
زيارة ملك اسبانيا الى المغرب
-
تحليل . البرلمان الاوربي يصادق على تجديد اتفاقية الصيد البحر
...
-
إذا دهبت الصحراء حتما سقط النظام
-
اربعة واربعون سنة مرت على نزاع الصحراء الغربية
-
حول مداخلة مستشار الامن القومي السيد جون بولتون بنزاع الصحرا
...
-
هل سيزور بنجامين نتانياهو المغرب ؟
-
جمال عبدالناصر . معارضو الناصرية . ( 2 )
-
ألم أقل لكم أن جبهة البوليساريو اصبحت مثل الناقة العمياء تخب
...
-
جبهة البوليساريو تُصاب بالاكتئاب
المزيد.....
-
السعودية.. فيديو مرعب لجدار غباري في القصيم وخبير يوضح سبب ا
...
-
محكمة استئناف أمريكية تلغي حكما قضائيا حول إعادة موظفي -صوت
...
-
رئيس كوبا يعتبر فرصة زيارة الساحة الحمراء في التاسع من مايو
...
-
الشرطة البريطانية تعتقل 5 أشخاص بينهم 4 إيرانيين للاشتباه بت
...
-
إعلام حوثي: القصف الأمريكي يعاود استهداف مديرية مجزر في محاف
...
-
يديعوت أحرونوت: تقرير واشنطن بوست بشأن تنسيق نتنياهو مع والت
...
-
الاحتلال ينسف المباني السكنية في رفح ويكثف قصف خان يونس
-
زلزال بقوة 5.4 درجة يضرب تكساس الأمريكية
-
ترامب يجب أن يتراجع عن الرسوم الجمركية
-
تلاسن واتهامات بين إسرائيل وقطر، والجيش يستدعي جنود الاحتياط
...
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|