أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - عصر الشعوب / Le temps des peuples















المزيد.....

عصر الشعوب / Le temps des peuples


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6240 - 2019 / 5 / 25 - 17:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما نتكلم عن الشعوب ، طبعا هناك شعوب وهناك شعوب ، فالشعب الذي نعنيه في حديثنا ، هو شعب التاريخ الذي يصنع التاريخ . فبدون الشعوب الفاعلة في الاحداث، يستحيل تدوين وتأريخ التاريخ .
ومنذ ان خلق الله الكون ، خلق معه الشعوب ، فلا يمكن تصور كونا بدون شعوب ، ولا يمكن تصور نظام بدون شعب ، كما لا يمكن تصور جسم بدون روح .
فالشعب عندما يعزم ويقرر ، يحدث الحدث ، وعندما يتراجع ويستكين يسود الجمود ، فتطول المعاناة . وحين يتحرك الشعب ، طبعا ستتحرك معه كل اللوازم والضروريات ، وخاصة إذا كان تحرك الشعب ، من اجل العدالة ، والديمقراطية ، والمساواة ، ومحاربة الفساد والمفسدين .
وبالرجوع الى التاريخ القريب ، كان الشعب ينتفض ، وكان يخرج محتجا ، ومنددا بالظلم ، وبالجبروت ، وبكل أنواع البلاءات القبيحة التي اضرت به ، واضرت بالمجتمع . وعندما كان يخرج الشعب للتظاهر والاحتجاج ، كان يقابل بالقمع الرهيب للأنظمة الدكتاتورية والمستبدة .
فكم انزال للشعب الى الشارع ، قوبل بإطلاق الرصاص الحي في حق المتظاهرين ، حتى وان كان نزولهم سلميا ، فالأنظمة القمعية كانت تُسخّر الجيوش ، وجحافل البوليس للتنكيل بالشعب ، حتى يستمر في السيادة ما يريده الطغاة ، لا ما ينفع المجتمع والشعب .
ورغم تمادي الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة في ممارسة القمع بمختلف اوجهه ، اغتيال ، قتل ، اختطاف ، الرمي في السجون السرية والسجون العلنية ، فان الوضع العالمي لم يكن يبالي ، والسبب انّ في كل محاولة ينزل فيها الشعب الى الشارع ، محتجا ، ومنددا ، ومطالبا بحقوقه الوطنية والكونية ، كان يتم تكييفها بالحرب الباردة ، فكان هذا التناقض يسمح للطغاة ، بالتفنن في التنكيل بالشعب ، كما كان حاجبا لهم من كل متابعة قضائية دولية .

اليوم لقد تغير كل شيء ، والمفاهيم التي كانت سائدة لتبرير مساندة ، او رفض نزول الشعب الى الشارع ، أضحت من الماضي الأليم ، واصبح ما يحرك المجتمع الدولي ، والدول الديمقراطية في مواجهة الدكتاتورية ، والطغيان ، والاستبداد ، هو التمسك بالديمقراطية بمفهومها الكوني ، لا الخصوصي المتعارض ، والنقيض للديمقراطية .
اليوم إذا أراد شعب ان يصنع التاريخ ، ويرتقي الى مصاف الشعوب المتقدمة في المطالبة بالديمقراطية ، وبالعدالة ، والمساواة ، وفي محاربة كل اشكال الفساد ، وأنواع ونماذج المفسدين ، ومحاكمتهم ، سيجد المجتمع الدولي في صفه ، والجيوش التي يعتمد عليها أي نظام لقمع الشعب ، سترفض اطلاق ولو رصاصة واحدة على الشعب ، لان قاعدة الجيش تتكون من أبناء الشعب ، لذا يستحيل على الأبناء اطلاق النار على الآباء .
عندما ينزل الشعب الى الشارع ، نزولا سلميا ، مدنيا وحضاريا ، ويرفع شعارات عادلة تخص عيشه ، ووضعه ، وتخض مستقبله ، ومستقبل ابناءه ، ومستقبل الأجيال القادمة ، ومستقبل البلد ، فان الجميع يسهب لمساندته وللدفاع عنه ، بدءاً بالأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، مرورا بتصريحات قادة الدول الديمقراطية ، وانتهاءً بمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة ، وبمنظمات حقوق الانسان الجادة ، كمنظمة العفو الدولية ، ومنظفة هيومان رايتسووش ، دون ان ننسى دور المحكمة الجنائية الدولية كسيف دموقليص ، مسلط ، ومهدد للحكام المستبدين ، والطغاة المتعجرفين ..لخ .
ان هذا التغيير الذي حصل في العالم منذ سقوط المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي ، وتحول العالم من عالم القطبين ، الى عالم القطب الواحد الذي يركز على حقوق الانسان ، يجعل من أي خروج سلمي للشعب للمطالبة بحقوقه ، محميا بالقوانين الجنائية الكونية ، ومن قبل الترسانة الحقوقية الأممية المدافعة عن حقوق الانسان ، والرافضة لكل اشكال القمع في صوره المادية والمعنوية .
ان هذا الوضع الذي اضحى يضبط العلاقات الدولية ، خاصة بين الأنظمة الديمقراطية ، والأنظمة الدكتاتورية ، والمستبدة ، والطاغية ، والناهبة لثروات ، وخيرات الشعوب وتفقيرها ، أثّر على الوضع المادي والقانوني للجيوش ، التي تختزل كل مهماتها في حماية الأنظمة ، والدفاع عنها ، وعدم ترددها في اطلاق الرصاص الحي على الشعب ، وإنْ كان احتجاجه سلميا ، كما كان يحصل خلال سيادة ازدواجية القطبين العالميين .
الآن الوضع الجديد الذي اضحى عليه العالم اليوم ، قد قيد من دور الجيوش الحامية للأنظمة الدكتاتورية ، على الأقل ان لم تنحاز الى جانب الشعب ، فهي بدأت تتظاهر بالوقوف الى جانب الشعب ، وبدأت ترفض اطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين المنددين بالفساد وبالمفسدين .
لقد لاحظنا هذا الجديد في الحالة السودانية ، وفي الحالة الجزائرية ، كما لاحظناه ابان الحراك الشعبي المصري ، ولاحظناه في اليمن ...لخ.
فحين ينزل الشعب الى الشارع ، سواء بتنظيم مسيرات ، او القيام بمظاهرات ، او الإعلان عن الاضراب العام ، او الوصول الى المرحلة الأخيرة من المجابهة ، والتي هي العصيان المدني ، وحين يتيقن الجيش ان الشعب عازم على مواصلة النضال والمسير ، وان لا رجعة الاّ بتحقيق المطالب الديمقراطية ، هنا سينظم الجيش سريعا الى الشعب ، هنا سيتحرك المجتمع الدولي للدعوة لضمان حقوق الشعب ، مع ارسال إشارات قوية بالقصاص انْ تم اطلاق رصاصة واحدة على الشعب ، هنا وكما قلنا أعلاه ، الكلمة ستؤول الى الشعب ، وهنا الشعب ، وغير الشعب ، وحده من سيصنع تاريخه ، ويصنع اسطورته من الأسطوريات الخالدة في تاريخ الشعوب ، لا تاريخ الحكام الأجلاف ، المرضى ، المستبدين ، الطغاة الذين نهايتهم حتما تنتهي بالذل ، كما حصل لمبارك ، وللقذافي الذي اختبأ قادوس مثل الجرد ، او صدام الذي وجدوه كأهل الكهف رجل من الزمن الغابر الميت ، او علي عبدالله صالح الهارب ليحتمي بألد اعدائه آل سعود ، او زين العابدين بنعلي الذي فر مثل الجرد في النهار قبل الليل الى السعودية ، بعد ان تنكر له صديقه ساركوزي ، ورفض استقباله، او بوتفليقة الذي بعد ان نكسه الله في الخلق ، بدأ يتلاعب به مِمّنْ كان سببا في غناهم وثرائهم اللاّمشروع ، على حساب الشعب الجزائري الذي يصنع اليوم تاريخه المجيد ، او ما حصل اليوم لدكتاتور السودان عمر البشير .
ان العصر الذي نعيشه اليوم ، هو عصر الشعوب ، وليس عصر الأنظمة المستبدة ، والدكتاتورية .
ان العصر الذي نعيشه اليوم ، هو عصر الديمقراطية وحقوق الانسان ، وليس عصر القمع واللجم .
ان العصر الذي نعيشه اليوم هو عصر الحرية ، وليس عصر السجون بالمحاضر البوليسية المزورة .
ان العصر الذي نعيشه اليوم ، هو عصر الكلمة الحرة ، عصر الشرفاء والاحرار ، وليس عصر كلاب الكلمة ، والعبيد والاقنان .
وبما ان الكلمة في الأخير تبقى للشعب ، وحتى يكون الشعب حقا شعبا ، ما عليه الا ان يقرر ، وان يختار السبيل الذي ينير طريقه ، ويحفظ وجوده ، ويضمن مستقبله ، ومستقبل ابناءه ، ومستقبل الأجيال القادمة واللاّحقة .
فهل يمكن تصور حكم وحاكم بدون شعب ، وهل يمكن تصور او تخيل دولة بدون شعب .
الكلمة تبقى فقط للشعب ....



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلفيات استقالت هرست كوهلر المبعوث الشخصي للامين العام للامم ...
- 10 مايو 1973 / 10 مايو 2019 / تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير ال ...
- جبهة البوليساريو ومحكمة العدل الاوربية
- الرئيس دونالد ترامب -- حماس -- قطر -- تركيا : Le président D ...
- تحليل قرار مجلس الامن 2468 بخصوص نزاع الصحراء الغربية
- ضابط سلاح الجو سابقا مصطفى اديب ، والامير هشام بن عبدالله ال ...
- مسيرة الرباط الثانية
- الحركة النقابية المغربية
- الجيش
- تأكيد الاحكام في حق معتقلي حراك الريف وفي حق الصحافي حميد ال ...
- تصريح الامين العام للامم المتحدة حول نزاع الصحراء الغربية
- لماذا يجب مقاطعة الانتخابات ؟
- تقرير المصير
- هل المغرب فعلا مقبل على هزّة شعبية ؟
- تنظيم وقفات احتجاجية امام قصور الملك -- النقد الذاتي --
- حراك الجزائر
- دور الاتحادات النسائية في الدفاع عن حقوقهن
- هل بدأت فرنسا تنحاز الى امر الواقع في نزاع الصحراء الغربية ؟
- رئيس كوريا الشمالية السيد كيم جونگ _ Le président de la Coré ...
- الدستور -- La constitution


المزيد.....




- لحظة انقلاب مروحية أثناء محاولتها الهبوط في أمريكا.. شاهد ما ...
- إيران تقصف قاعدة العديد في قطر وترامب يشكر طهران على إنذاره ...
- ترامب يجهر بكلمة بذيئة بعد خرق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و ...
- منعه من شن ضربات على إيران.. ماذا حصل في الاتصال بين ترامب و ...
- جي دي فانس: مخزون إيران من اليورانيوم لم يتضرر لكن هذا ليس م ...
- إيران مستعدة لحل الخلافات بـ-التفاوض وفق الأطر الدولية-
- الجزائر: محكمة الاستئناف تطلب السجن عشر سنوات للكاتب بوعلام ...
- ما قصة المثل القائل: -بعت داري ولم أبع جاري-؟
- كيف سينعكس وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل على الحرب في غ ...
- الفلاحي: عملية القسام الأخيرة نوعية وتعكس استخداما محكما للق ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - عصر الشعوب / Le temps des peuples