أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - أية نكسة اصابت الجمهورية الصحراوية ؟















المزيد.....

أية نكسة اصابت الجمهورية الصحراوية ؟


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6270 - 2019 / 6 / 24 - 16:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وهل هذه النكسة حديثة الحصول ، ام انها تعود الى زمن مضى ، واليوم تعرت بشكل واضح ، وبالمكشوف امام كل دول العالم ؟
ولنتساءل : ما هي أسباب نكسة الجمهورية الصحراوية ، ومعها جبهة البوليساريو ؟ هل سبب الانتكاسة ذاتي ، ام انه خارجي يرجع الى تطور أساليب النظام المغربي ، بممارسة سياسة هجومية لفتح مواقع كانت من قبل حصنا محصنا لجبهة البوليساريو ، ولجمهورية تندوف ، واصبح الآن من السهولة بمكان اقتحامها كفتح مُبشّر بنصر عظيم ؟
ان اكبر سبب في نكسة وانتكاسة جبهة البوليساريو ، من جهة هو ذاتي ، ومن جهة ، هو تحول وتطور دولي املته التغييرات التي حدثت على مستوى الأنظمة الحاكمة في الدول التي غيرت مواقفها من دول كانت مساندة للجبهة وللجمهورية ، الى دول سحبت اعترافها بالكيانين ، واضحت تؤيد حل الحكم الذاتي الذي اقترحه النظام المغربي في سنة 2007 .
اما عن دور الفاعل المغربي في هذه النكسة الانتكاسة بل النكبة ، فهو جاء متزامنا مع هذه التحولات التي حصلت في العديد من هذه الدول ، كما جاء بعد ان راهن على الزمن الذي يذيب الحديد فأحرى البشر . وهنا الم تتخلى منظمات أمريكا اللاتينية والجنوبية الماركسية والماوية عن ثوريتها وعن كفاحها المسلح ، ولتتحول الى منظمات سياسية أضحت أولوياتها الأساسية هي الوصول الى الحكم عن طريق الانتخابات ، وليس عن طريق الكفاح المسلح الذي تسبب في كوارث ، ومآسي ، وكانت نهايته الفشل .
ولنا هنا ان نتساءل : اين هي جبهة فرباندو مارتي للتحرير الوطني الماركسية ؟ اين هي منظمة الدرب المضيء الماوية ؟ اين هي منظمة توباماروس ؟ بل اين هي منظمات ثورية مثل بادر ماينهوف الألمانية ، الخط الثالث والالوية الحمراء الإيطالية ، العمل المباشر الفرنسية ، الخلايا الثورية البلجيكية ، منظمة إيتا الباسكية ، الجيش الأحمر الياباني ، الجيش الأحمر الأرميني .... وأين كل فصائل منظمة ( التحرير ) الفلسطينية ؟ .... لخ .
لقد ساهم في هذا التطور الذي لم يكن مفاجئا ، من جهة تفكك الاتحاد السوفياتي ، وسقوط جدار برلين ، وسقوط أنظمة برجوازية صغيرة حكمت اوربة الشرقية باسم العمال المبعدين عن مجال السلطة والحكم ، كما ساهم فيه تحول الصين الشعبية من ماوية ، الى دولة اكبر من امبريالية غازية للعالم في تنافس مع الولايات المتحدة الامريكية .
ان هذا التحول السقوط لهذه الأنظمة ، وسقوط قيمها الفلسفية والأيديولوجية ، وهي الأنظمة التي كانت تمارس كل حروبها بالوكالة ، قدم خدمة غير مسبوقة لموقف النظام المغربي في نزاع الصحراء ، وساهم في حدوث ارتباك مدوي ، وسط الأنظمة السياسية التي كانت موالية لها كالجزائر ، ومن ثم ساهم هذا التحول في خلط الأوراق مجددا ، عمّا كان عليه الحال قبل سقوط المعسكر الاشتراكي المنحل .
لقد اثر هذا الوضع الجديد على نزاع الصحراء الغربية ، وبدأنا نشاهد مراجعات مختلفة لدول كانت تناصر وبالوجه المكشوف الموقف الجزائري من الصراع ، و لتتحول الى دول مناصرة للمغرب في موقفه بخصوص مغربية الصحراء ، او كان بعضها يكتفي فقط بسحب الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، دون ان يعلن تأييده الصريح لمغربية الصحراء .
وهنا فان سحب الاعتراف هو موقف حيادي ما دام ان القضية هي بيد الأمم المتحدة ، ومجلس الامن . فالموقف الأخير الذي ستتخذه هذه الدول التي سحبت الاعتراف بالجمهورية ، ودون ان تعترف بمغربية الصحراء ، سيتقرر على ضوء نتيجة الاستفتاء الذي ستنظمه الأمم المتحدة بالمنطقة ، هذا إذا تم تنظيمه ، وهو لن ينظم ابدا ، لان أي حل خارج المغرب هو حل مرفوض .
لكن التطور الأهم الذي غيّر القاعدة من سحب الاعتراف ، ان النظام المغربي عندما طرح حل الحكم الذاتي في سنة 2007 ، ودون ان يحظى بمباركة الأمم المتحدة ، ولا بمباركة مجلس الامن ، اللذين يعتبرانه حلا جديا يستحق النقاش ، لكنه حل لا ولن يلغي حل الاستفتاء المؤدي لتقرير مصير الصحراويين ، كما ان الأطراف المعنية بهذا الحل ، وهي جبهة البوليساريو والجزائر رفضاه ، وهنا وامام هذا الرفض ، فالنظام المغربي لا يمكن ان يقوم من جانب واحد بفرض نظام الحكم الذاتي على المناطق المتنازع عليها ، لان سكان هذه المناطق ، مفروض فيهم انهم مغاربة غير معنيين بحل الحكم الذاتي الذي يعني فقط محتجزي تندوف ، وصحراويي الشتات ... ... فان تغييرا إيجابيا طرأ كمؤشر يخدم بالواضح شعار مغربية الصحراء ، عمّا كان عليه الوضع سابقا .
وهنا ، وبخلاف التزام موقف الحياد من النزاع بالنسبة للدول التي سحبت اعترافها من الجمهورية الصحراوية ، فان هذا الحياد اضحى متجاوزا ، وتطور الوضع الى ان اصبح سحب الاعتراف ، هو تأييد واضح لمغربية الصحراء ، من خلال تأييد حل الحكم الذاتي ، ولم يعد فقط موقفا محايدا لدول تنتظر قيام مجلس الامن والأمم المتحدة ، بتنظيم استفتاء الذي على ضوء نتائجه ، ستحدد تلك الدول التي سحبت الاعتراف ، موقفها النهائي من الصراع ..
عندما طرح المغرب قضية الصحراء الغربية على محك المنتظم الدولي ، كان ذلك في اوج الحرب الباردة المشتعلة بين المعسكرين المتقابلين ( الاشتراكي المنحل ) ، والرأسمالي الذي سيطر اليوم على العالم ، فكان من المفروض ان يعرف نزاع الصحراء هذا ، نهايته مع نهاية الحرب الباردة . لكن للأسف ، وبسبب أخطاء غير مغتفرة قام بها النظام المغربي ، فأساءت الى مغربية الصحراء ، ظل هذا النزاع كما هو ، ودون ان يبرح مكانه منذ سنة 1975 .
ان هذه الحقيقة التي اعترف بها الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة ، حين خاطب الجزائريين قائلا " لقد راح الزمن الذي كانت فيه الجزائر عنصر فاعل في السياسة الدولية ، ومحور محرك بدول عدم الانحياز ، وقطب كوبي بالقارة الافريقية " ، داعيا الجزائريين الى تغيير أفكارهم ، وخفض سرعة اطماعهم ، وبضرورة تأقلمهم مع التحولات الدولية التي فرضت نفسها منذ سقوط الاتحاد السوفياتي ، وسقوط جدار برلين ، وأنظمة اوربة الشرقية .
ان هذا الاعتراف من اعلى سلطة بالجزائر ، أكدته التحولات الدولية التي انعكست على نزاع الصحراء ، وزاد في تأكيده ان العالم اتخذ مسافة من الجزائر التي اصبح على رأسها رئيس مريض مشلول ، وفاقدا للذاكرة ، ويجهل بالمرة إعادة ترشيحه من قبل المافيا التي خربت الجزائر منذ حصولها على استقلالها ...
وهنا لا أقول ان جبهة البوليساريو لم تستوعب التحول الذي طرأ في العالم ، لان القرار الاول والأخير ليس بيدها ، بل هو قرار جزائري محض ، تجاوزته هو بدوره الاحداث العالمية ، ولم يستطيع ادراك طبيعة التحول في العديد من الدول من اليسار باتجاه اليمين ، والطريق متواصل باتجاه اليمين اليمين ، وهو ما سينعكس سلبا على الموقف الجزائري من قضية الصحراء المغربية .
وبالرجوع الى معرفة التحول الذي حصل بالدول التي سحبت اعترافها بالجمهورية الصحراوية ، وايدت مغربية الصحراء من خلال تأييدها لحل الحكم الذاتي ، سنجد ان تلك الدول حين اعترفت بالجمهورية الصحراوية ، فهي كانت تحكمها أحزاب يسارية من بقايا أحزاب الحرب الباردة ، لكن ما ان خسرت مواقعها السياسية بفعل خسارتها في الانتخابات ، ومجيئ أحزاب يمينية على انقضاها ، كان طبيعيا ان تراجع تلك الأحزاب ، كل ما قامت به تلك الأحزاب اليسارية عندما كانت في الحكم ، وطبيعي هنا ان المراجعة ستشمل العلاقات الدولية ، حيث ستتخندق الأحزاب اليمينية ، بجانب الدول التي كانت معادية للأحزاب اليسارية عندما كانت في الحكم .
في هذا الخضم ، لا نتفاجأ ان تسحب مجموعة دول اعترافها بالجمهورية الصحراوية ، وتمتين العلاقات والروابط مع المغرب ، والذهاب ابعد باعترافها بمغربية الصحراء ، من خلال اعترافها بحل الحكم الذاتي .
ان سحب هذه الدول لاعترافها بالجمهورية الصحراوية ، ودون الاعتراف صراحة بمغربية الصحراء كما كان يحصل قبل 2007 بدعوى الحياد ، اصبح متجاوزا اليوم لصالح الاعتراف الصريح بمغربية الصحراء ، وهذه ضربة قوية وسامة ، اثرت كثيرا على مجموعة قصر المرادية التي تمثله مجموعة عبدالعزيز بوتفليقة ، ومعها بعض الجنرالات المتعاونة مع هذه المجموعة ، ولم تؤثر على الموقف القوي للجيش الجزائري الذي استشعر بتوريط مجموعة بوتفليقة للبوليساريو في حراك الجزائر ، وضد الشعب الجزائري ، وهذا نفهمه في الشعارات التي رفعها الشعب الجزائري في وجه جبهة البوليساريو " ارحل " ، وهو ما جعل الجيش ينزل بقوة لإحباط المؤامرة التي شاركت فيها لويزة حنون الى جانب سعيد بوتفليقة ، والجنرال طرطاق ....لخ .
الى جانب هذا العامل الخارجي ، الموضوعي في تغيير مواقف العديد من الدول بخصوص نزاع الصحراء الغربية ، وتحول موقفها من مجرد سحب الاعتراف الذي كان موقفا حياديا من نزاع مُدوّل ، في انتظار اتخاذ موقف عادل بعد تنظيم الاستفتاء ، الى موقف مؤيد صرحة لمغربية الصحراء ، من خلال تأييدها لحل الحكم الذاتي ، هناك العامل الذاتي النابع من قلب جبهة البوليساريو ، والذي جعلها تبرح مكانها ، ليس منذ سنة 1975 ، بل منذ سنة 1991 ، بعد تصويبها رحمة الرصاصة على رأسها ، عندما انطلى عليها مقلب الحسن الثاني ، لمّا وجه رسالة الى الامين العام للأمم المتحدة ، والى مجلس الامن يدعو فيها الى وقف اطلاق النار فورا ، والشروع في تنظيم الاستفتاء الذي كان من المفروض ان ينظم في سنة 1992 ، وفي ابعد تقدير في سنة 1993 .
فهل القبول بتوقيف الحرب الذي دامت ستة عشر سنة ، وكادت ان تسبب في سقوط نظام الحسن الثاني ، هو قرار مستقل لجبهة البوليساريو ، ام انه قرار جزائري ، طمعا في الحصول على نصيبه من معركة الصحراء ، ظانا ان النظام المغربي في وضع ضعيف ، وسيقبل باقتسام الصحراء معه ، لتفادي سقوطه الوشيك والمحتوم ؟ .
عندما نعرف ان الأخطاء التي ارتكبها النظام المغربي ، ومعه كل طبقته السياسية الممثلة في الأحزاب التي كانت تتظاهر بنهج أسلوب المعارضة ، في حق الصحراويين الطلبة الشباب ( عبدالله إبراهيم ، عبدالرحيم بوعبيد ، علال الفاسي ، ابراهام السرفاتي ) ، سندرك سريعا أسباب نجاح الجزائر في استقطاب الجبهة التي أسسها مقاومون مغاربة ، كانوا لاجئين سياسيين بالجزائر ، وعلى رأسهم الفقيه محمد البصري ، وعبدالفتاح سباطة ، ومولاي عبد السلام الجبلي ...لخ .
كما سندرك سريعا ، ان القرار الأول والأخير في كل ما يخص الصحراء المغربية ، لم يكن قرارا صحراويا ، بل كان قرارا جزائريا استعمل الجبهة ووظفها ككمبراس ، لبلوغ مرامي تخص التراب الجزائري ، ولا علاقة لها اطلاقا بما يسمى بحقوق الشعب الصحراوي الغير القابلة للتصرف ، أي لا علاقة لها بالاستفتاء وتقرير المصير ، كحق أساسي ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة .
وهنا فان النظام الجزائري الذي وجد الفرصة مواتية ، وسانحة لرد هزيمة حرب الرمال في سنة 1963 ، ولإبعاد ، بل القضاء على المطالب المغربية بالأراضي التي فوتتها فرنسا الى الجزائر ، لم تتأخر هذه في الارتماء في هذا النزاع ، وهي تأمل ليس فقط بطي مطالب استرجاع تندوف والأراضي الملحقة بها ، بل سيزيد الطمع الجزائري ، وبدعم من الصهيوني هنري كيسينجر ، ومن دول المعسكر الشرقي ، والعديد من الدول العربية كسورية ، واليمن الجنوبي ، ومنظمات التحرير الفلسطينية ، في التوسع على حساب المغرب بالوصول الى المحيط الأطلسي ، وقد زاد من ايمانهم العميق بهذه الاطماع ، كون نظام الحسن الثاني كان غير مرغوب فيه دوليا ، بسبب مادة حقوق الانسان ، ونظرا لان كل المؤشرات في الساحة ، كانت تنتظر حدوث انقلاب عسكري ، قد تنجم عنه حرب أهلية ستسبب في تقسيم المغرب ، واضعافه لصالح دينصور جزائري ينتظر ابتلاعه . وقد وطّئ لهذا الحلم – المخطط ، تعرض النظام لانقلاب الجيش في سنة 1971 ، وفي سنة 1972 ، ووجود معارضة جمهورية برجوازية صغيرة ، تحتضنها الجزائر ، ومتمركزة فوق أراضيها ، وهي المعارضة التي عبرت عنها احداث 16 يوليوز 1963 المسلحة ، وعبرت عنها حركة 3 مارس 1973 ، ولا ننسى ان حتى الشبيبة الإسلامية تمركزت في الجزائر ، وتدربت هناك على استعمال السلاح ، وناصرت الصحراويين الداعين الى الانفصال عن المغرب .
عندما دعا الحسن الثاني الأمم المتحدة الى وقف الحرب ، والشروع في تنظيم مساطر تنظيم الاستفتاء تحت اشراف الأمم المتحدة ، فان قرار وقف الحرب ، وابرام اتفاق وقفها ، وتحت اشراف الأمم المتحدة في سنة 1991 ، لم يكن قرارا لجبهة البوليساريو ، ولا قرارا للجمهورية الصحراوية ، بل كان قرار جزائريا صرفا ، لاعتقاد الجزائريين ان فرصة ابتلاعهم الصحراء أصبحت قريبة من الصفر ، وان النظام المغربي يتهاوى بسبب الضعف ، وبسبب الازمة التي تنذر بثورة شعبية عارمة ، او بانقلاب عسكري على غرار انقلاب 1971 و انقلاب 1972 .
ولو كان قرار وقف الحرب صحراويا ، هل كان لهؤلاء ان ينتظروا ثمانية وعشرين سنة لتنظيم استفتاء اضحى اليوم من الاطلال ؟
لو لم يكن القرار جزائريا محضا ، ولو بقيت الجزائر الدول قوية ، كما كانت تصول وتجول ضمن حركة عدم الانحياز ، وفي القارة الافريقية ، وعلاقتها المتميزة مع أنظمة عربية موالية لها ، كسورية ، واليمن الجنوبي ، وصومال زياد برّي ، ومنظمة التحرير الفلسطينية ، ثم علاقتها المتميزة مع المعسكر الاشتراكي المنحل ، هل كان لقصر المرادية ان ينتظر طيلة هذه السنوات ، لتنظيم الأمم المتحدة استفتاء يبتر جزءا من تراب المغرب ، ويلحقه سريعا بالجزائر ؟
والآن والجزائر مريضة ، والدولة في طريق الهاوية ، والشعب الجزائري ينتفض ضد من اغرق البلاد في الفساد ، وسبب لها أزمات يعاني منها الشعب ، ومن هذه الازمات احتضان انفصاليين صحراويين ، يأكلون أموال الشعب الجزائري ، واصبحوا عالة على الجزائر ، هل تستطيع الجزائر العودة الى دفع الجبهة ، الى ممارسة الكفاح المسلح ، كما كان الامر في سبعينات ، وثمانينات القرن الماضي ؟
ان اكبر خطأ استراتيجي سقطت فيه الجزائر ، ومعها جبهة البوليساريو ، هو القبول بوقف اطلاق النار في سنة 1991 ، وتوقيع اتفاق في ذلك ، وتحت اشراف الأمم المتحدة ، تمخض عنه انشاء " هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " ، أي " المينورسو " .
لقد مر على وقف اطلاق النار الذي اصبح مكبلا لجميع اطراف النزاع ، ثمانية وعشرين سنة ، والى الآن لم ينظم الاستفتاء المنتظر ، بل ان التطورات الدولية ، والمحلية كلها تفيد بموته ، ومع ذلك الجزائر الضعيفة ، وصنيعتها الجبهة ينتظران شيئا لا ، ولن يعود ، و قد يعود گودو ، ولا يعود الاستفتاء .
لقد مرت الخمس سنوات الأولى ، والخمس الثانية ، والثالثة ، والرابعة ، والخامسة ، والسادسة ، ونحن في طريق السابعة ، والاستفتاء لم ينظم . وكان هذا طبيعيا فعندما تتخلى منظمة عن الكفاح المسلح ، لصالح المفاوضات من جل المفاوضات ، وتصبح المفاوضات عقيمة الى حد التقزز ، بسبب لقاءات من اجل الظهور ، واستعراض الأشخاص ، مع الفشل الضارب ، سواء بمنهاتن بأمريكا ، او بجنيف بسويسرة ، انْ تتحول كل اللعبة الى مسرحية تجتر فن تلويك الكلام في المناسبات ، خاصة بعد ان تحولت الجبهة ، الى شبيه بحزب سياسي يتقن الخطابات ، وتتحول القيادة اليمينية الفاشلة التي تسكن الفيلات بالجزائر العاصمة ، الى طاووسية ، تراهن على لقاءات فلكلورية لإبراهيم غالي ببعض الرؤساء الافارقة ، او الحضور الباهت في بعض اللقاءات ، كاللقاء مع الاتحاد الأوربي .
لقد انعكست هذه الأوضاع السلبية منذ ثمانية وعشرين سنة ، على الوضع العام داخل مخيمات اللجوء ، وادى هذا الوضع الشاد المعبر عن الهزيمة ، الى انتفاضات للصحراويين الاحرار ، قوبلت بقمع سحيق من قبل القيادة الدكتاتورية ، للجم كل صوت حر يطالب التخلص من استبداد الجزائر الذي أوصل الصحراويين الى الباب المسدود .
وإذا كان لمؤتمر الرابع عشر للجبهة قد ركز على احتكار الطابع القبلي للشأن السياسي ، والتركيز على التصفية السياسية للقيادات الشائخة المسؤولة عن سنوات الحرب ، فان كل المؤشرات تفيد باستمرار نفس القبيلة ، من خلال نفس الأشخاص ، باحتكار الشأن السياسي ، بمراقبة الدولة الجزائرية في المؤتمر الخامس عشر القادم ، وهو ما يعني استمرار نفس الوضع الذي يتضرر منه صحراويو المخيمات المحتجزين ، واستمرار الجبهة ومعها الجمهورية ، في حصد مزيد من الهزائم .
فان تسحب العديد من الدول ، وفي دفعة واحدة ، اعترافها بالجمهورية الصحراوية ، وتعلن تأييدها لمغربيتها ، من خلال تأييدها لحل الحكم الذاتي ، فهذا تطور خطير للجبهة وللجزائر ، وتطور إيجابي للمغرب ولوحدة أراضيه .
لقد اعادت دول الخليج اعترافها بمغربية الصحراء مجددا ، ونفس الشيء قامت به البرازيل ، السلفادور ، كلومبيا ، بوگوطا ، باربادوسا ، غينيا ، السورينام ، ايرلندة ، الطوگو ، المعارضة بفنزويلا ، اعتراف العديد من الدول في مجموعة 24 عشرين التابعة للأمم المتحدة بحل الحكم الذاتي ، تناول جون بولتون لقضية الصحراء في اقل من ثانية ، فوز ولد الغزواني في الانتخابات الرئاسية الموريتانية ...
لقد انهزمت جبهة البوليساريو ، وعرابها الجزائر التي تلاعبت بها ، في طريق تصحيح الشعب الجزائري لخطأ حسابات قيادته التي افسدت الجزائر ، واضاعت أموال الشعب الجزائري ، في نزاعات تستفيد منها وتخدم الجماعة المسيطرة على الجزائر ، ولا تخدم الشعب الجزائر في شيء .
إن الحل الوحيد الذي بقي للصحراويين ، هو ان يتخلصوا من استبداد قيادتهم العميلة للقيادة الجزائرية ، ومن ثم التخلص من سطوة حزب جبهة التحرير ، ومنه التخلص من سطوة جنرالات الجيش ، وان يعلنوها ثورة مظفرة تتوج بالعودة الى بلدهم المغرب ، وليضيفوا نضالهم الى جانب نضال احرار وشرفاء الشعب المغربي ، لبناء الدولة الديمقراطية تحت اية يافطة كانت ، مادام الأساس هو الديمقراطية .
فبدون هذا الحل ، فما ينتظر الجبهة سيكون اكثر من اسوء .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تناقضات النظام المغربي
- L’échec de l’autonomie interne – فشل الحكم الذاتي
- في أسباب هزيمة يونيو 1967
- بعض ( المعارضة ) تنهش لحم الامير هشام بن بعدالله العلوي
- لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية
- La visite du conseiller principal du président Donald Trump ...
- شروط الإمام المفتي في السعودية
- عصر الشعوب / Le temps des peuples
- خلفيات استقالت هرست كوهلر المبعوث الشخصي للامين العام للامم ...
- 10 مايو 1973 / 10 مايو 2019 / تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير ال ...
- جبهة البوليساريو ومحكمة العدل الاوربية
- الرئيس دونالد ترامب -- حماس -- قطر -- تركيا : Le président D ...
- تحليل قرار مجلس الامن 2468 بخصوص نزاع الصحراء الغربية
- ضابط سلاح الجو سابقا مصطفى اديب ، والامير هشام بن عبدالله ال ...
- مسيرة الرباط الثانية
- الحركة النقابية المغربية
- الجيش
- تأكيد الاحكام في حق معتقلي حراك الريف وفي حق الصحافي حميد ال ...
- تصريح الامين العام للامم المتحدة حول نزاع الصحراء الغربية
- لماذا يجب مقاطعة الانتخابات ؟


المزيد.....




- فيديو مرعب يُظهر حريقًا مميتًا بمبنى سنترال رمسيس في القاهرة ...
- العثور على وزير روسي ميتًا في سيارته بعيْد إقالته من قبل بوت ...
- ترامب -ينتظر الوقت المناسب- لرفع العقوبات عن إيران، والرئيس ...
- قتيلان في هجوم حوثي على سفينة في البحر الأحمر
- الكرملين ردا على استئناف مد أوكرانيا بالأسلحة: يطيل الحرب
- عامل توصيل يقتحم استوديو الأخبار... و-الإعلام- الكويتية تحقق ...
- ماسك يعلن توفر خدمة -ستارلينك- رسميا في قطر
- سوريا تطلب مساعدة الاتحاد الأوروبي لإخماد حرائق الساحل
- تقنيات بسيطة ضد الفيضانات لم تُستخدم في فيضانات تكساس! ما ال ...
- ترامب يخطر شركاء واشنطن التجاريين بدخول الرسوم الجمركية المر ...


المزيد.....

- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي
- صندوق الأبنوس / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - أية نكسة اصابت الجمهورية الصحراوية ؟