مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5899 - 2018 / 6 / 10 - 21:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من فوائد المراوحة أحياناً ، وبالأخص ، إذا كانت بجانب دوائر لا يزيد قطرها عن قفص ، تتيح للمرء رأيت الأقفاص الأخرى ، فهناك كما أعتقد فئتين من البشر ، الأولى ، تجتهد منذ الصغر بتعليم اولادها المعنى الحقيقي للعبودية ، بالطبع ، من خلال احتجازها لعصفور في قفص ، وأخُرى تُعلم أولادها ، بأن الحرية أثمن من الخبز ، وهذا الدرس البليغ ، كان قد تعلمه الإنسان من العصفور ، تماماً كما تعلم من الغراب طريقة الدفن ومن الجمل التصبر ، لأن ببساطة ، كل عصفور حر ، عندما تقدم له طعام يفضّل الإستمرار بالحرية على الخبز ، فهل أيقن العصفور ، بأن رزقه قد كتب في السماء وأخفق الإنسان بالتوكل ، فصار لديه عقدة من كل عصفور حر .
من خلال هذه المراوحة ومن داخل هذا القفص ، يدرك المرء ، لماذا ، انحصرت خيارات العصفور بين القتل أو الاحتجاز أو الفرار من حاقد ، أُسيء تربيته ، فأصبح يعشق عبوديته ويكره كل حر .
فالحرية تحتاج إلى وعى ، والصحيح ايضاً ، لا يمكن إنكار خلاصة، بأن الفطرة التى فطر عليه الإنسان ، هي الحقيقة الوحيدة ، لكن من طَبِيعَة الانسان أيضاً ، الاجتذاب ، فهو أشبه بالمغناطيس ، فعندما يُغيب الوعى ، لا بد أن يحل مكانه الاضطجاع ، أي الركون مع استنشاق لكل ما يأتي من هنا وهناك ، وفي هذه الثنائية العتيقة ، من الجدير للمرء ، التعلم درساً رئيسياً من ذاك الفلاح ، الذي كان يتمتع بنصف حرية حين كان يزرع مأكله وينتج اقتصاده وفي لحظة خلط بين الواقع والخيال ، قرر ترك القرية والتوجه إلى العاصمة ، وبعد مدة من العمر عاد إلى قريته ، فأسأله أحد أصدقائه القدامة ، في حقيقة هذا الصداقة ، لم يتبقى منها سوى تجاعيد الوجهين وذاكرة تعتقت حتى تعفنت ، ما سبب رجوعك ، قال بوعيه الفطري ، عدت أبحث عن نصف حريتي التى خسرتها في العاصمة .
أخيراً ، السؤال الذي يبقى خالداً ، لا مفر من الإجابة عنه مبكراً أو مؤخرًا ، أحياناً نجد له إيجابات ، وكثيراً من الأحيان ، يبقى دون إجابة ، هل يعقل أن يتخلى المرء عن الحرية الكاملة من أجل العبودية الكاملة ، فاذا كان الجواب ، لا ، لماذا إذا ، مازالت الأغلبية في أقفاصها، رغم أنها تمتلك مفاتيح أقفالها . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟