|
دول فاضلة وأخرى شريرة وواحدة بينهما فاصلة
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5888 - 2018 / 5 / 30 - 21:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دول فاضلة وأخرى شريرة وواحدة بينهما فاصلة ...
خاطرة مروان صباح / هو شعور مختلف عندما تستيقظ من النوم لكي تخبرك دولة جارة ، أنها قررت استنهاض دولتها على حساب دولتك ، هذا تماماً ما يحصل من الجارة الاثيوبية ، المدهش في حكاية اثيوبيا ، أن بعض المفكرين السطحيين في أوساط معامل التحليل ، ينظرون للمسألة حصر مياه النيل ، أنها مسألة خلافية وقابلة للمفاوضات ، في اعتقادي ، أن اثيوبيا تحولت إلى قنبلة مائية نووية في القرن الأفريقي ، لكن ، مهمة الباحث البحث عن خلفية البلد وما الدور الوظيفي المطلوب لكي يلعبه ، فاثيوبيا اليوم ، يعني الحبشة قديماً ، وكلمة الحبشة جاءت في التوارة ، أي عندما يعود المرء لأصل المعنى ، يجد أن معناها ، الاجناس المختلطة والمختلفة ، بالفعل ، اثيوبيا يوجد فيها لا يقل عن 80 عرق من الساميين والحاميين والكوشيين ، هناك 11 عرق تحديداً ، هم الأوسع والأكثر حضوراً ، لكن ، هل من جديد في كل هذا حقاً ، أين الجديد ، الجديد في اثيوبيا الحركة الراستفارية عام 1930 م ، التى قبلت بالإمبراطور هيلا سيلاسي ملك ملوك افريقيا سابقاً ، المسيح المخلص ، الذي ذُكرّ في الإنجيل ، وهذا الاعتراف لم يأتي صدفة ، بل ، عندما عاد الإمبراطور هيلا سيلاسي إلى حكم أثيوبيا بدعم بريطاني ، نعم كان قد اُسقط عن الحكم وشكل سلاسي فرار من البلد ، بدأت تتكشف الأمور شيئ فشيء ، لكن ما يهمنا من الفكرة التى تأسست عليها الراستفارية والهدف منها ، هي صحيح اختراع جامايكي بإمتياز ، لكنها ، عابرة القارات ، الذي يهمنا منها ، هو ، الإتفاق بين مدينة صهيون والاختلاف مع مدينة بابل ، بين المدينة الفاضلة ومدينة الشرور .
حددت اثيوبيا بوصلتها منذ 1930 ، وهذا التغير ، لم يقتصر على حال القرن الأفريقي فحسب ، بل الهند شهدت في عهد البريطانيين مجرى أخر من التغير ، حيث ذاع سيط ميرزا غلام احمد ، الذي أسس الطريقة الأحمدية وأطلق على نفسه بالمسيح والمهدي ، وقد قام البريطانيَّيْن بنقل مجموعات كبيرة من شيعة الهند إلى جنوب العراق واستوطنوهم فيه تدريجياً ، الذي جعل التقارب الشيعي الهندي مع الايراني ، هو الطاغي على الشيعي العراقي التقليدي ، وهذه مسألة أخرى معقدة ، تفكيكها تحتاج إلى مقال ثاني ، ما يعنينا من المسألة ، كيف تمكن البريطاني من توزيع الأدوار ، وما هو الفارق بين المدن الفاضلة والمدن الشريرة .
والحال أن العراق وسوريا تم إعادة تشكيل مصيرهما ، يضاف إليهما مصر ومحيطها ، بل يتوجب على المرء ، اعادة احتسابها كعنصر مرصود كلما اتخذ المشروع الاستعماري خطوة نوعية نحو تقرير مصير القرن الأفريقي ، وهنا قد يتفهم المرء ، للنابع الوطني الإثيوبي من أجل الإنماء وتطوير البنية التحتية للبلاد ، لكن لا يمكن فهم حصر ماء النيل ، لا يمكن اخراجها من أنها وظيفة إقليمية بتواطؤ دولي ، وهذا يفسر بدقة عاليه ، اختيار اثيوبيا من الدول منابع النيل كونها تحتوي على منبع بحيرة تانا منبع النيل الأزرق ، والمدهش هنا ، أن بعض العقول التى تفاوض ، تتناسى أو تجهل البريطاني جون سبيل الذي اعتمد على خرائط العربي الادريس 1160 م ، لاكتشاف منابع النيل ، كأن السيد سبيل كان يمارس هوايته من أجل إشباع رياضة ذهنية ، بل ، ما يغيب عن أوساط هذه العقول ، أن جون سبيل ليس سوى فرد مثل دولته التى بدورها تمثل الفكر الاستعماري للعالم ، وهذا البحث والاستكشاف يتيح لهذه العقول بالتفكير في كيفية تجفيف مصادر الحياة عن الدول المرصودة .
ايضاً ، قد يكون التناسي ليس الوحيد في توضيح الموضح ، بل قد يكون مغادرة الأقلام من دوائر القرار ، عامل مهم في مسألة التناسي ، فالاستعمار يخطّط لاحداث حربين في المنطقة ، واحدة نفطية وقد شهدت حروب متوالية بين المربع العربي والايراني وكلما هدأت بعض الشيء ، يتم استئنافها من جديد ، واخرى تُجهز على نار ماء النيل ، وهي حرب المياه في القرن الأفريقي ، وهنا يسعى في هذا الاشتباك الدموي ، تشجيع دول معينة على تبني مشروع الدول الفاضلة وتنميتها بين دول شريرة ، وهذا ينطبق تماماً ، على دولة مثل اثيوبيا بمحيط كارثي ، فإذا ما قارن المرء ، إثيوبيا بين أوغندا وتنزانيا وبرواندى ودول اخرى عربية ، يلاحظ كيف يعلو صوت النمو والسلام بين الأعراق المختلفة في دول ، يُزعم أنها فاضلة، يقابل كل هذا السلام ، الخشية ورهبة من دول شريرة .
اليوم في الشرق الأدني ، يوجد بلدان خاليان من الكوارث ، الأولى اسرائيل أرض تصنف بالدولة الفاضلة وإيران تصنف بالفاصلة ، مازالت تراوح ، لم يعلن عن تفضيلها حتى الآن ، رغم كل الأصوات التى تصدر من هناك وهنا ، فهي تقوم بوظيفة في بلاد الشام والعراق ، تماماً ، كما يراد للاثيوبي القيام به في المستقبل ، من المفترض أن تلعب اثيوبيا ذات الوظيفة التى تلعبها إيران ، وهذا يتطلب الوقوف والتأمل ، كيف يمكن افشال محاصرة مياه النيل ، هي مناسبة حاشدة ، رغم أنها ، كما تظهر على أنها مسألة إقليمية ، لكن ما يجري ليس سوى احتكاك كوني ، كما يلزم التنبيه ، فالتصدي للمشروع الاستعماري ، ليس وارد، ومن يظن من الشعوب العربية ، أن الأنظمة العربية على مستوى هذه تحديات ، يكون يمارس التغريد خارج هذا الكوكب ، لأن شروط المواجهة في حد الأدنى ، تتطلب استنهاضات محررة من التباعية ، وأولها البنك الدولي ، فهناك فارق بين من يقوم بوظيفة ، وآخر ، صاحب مشروع .
في الختام ، لا مفر من أن يعيد المرء ، من القبر بول مارلي ، أحد ألمع المذهب الراستفاري ، صاحب الدور الكبير في انتشار الفكرة ، لديه أغنية تسمى المذنبون ، كأنه أدرك في أواخر حياته ، بأن المدن الفاضلة ليست في كوكب الأرض ، فغنى على إيقاع الظالم والمظلوم ، قال / أولئك الأسماك الكبيرة التى تحاول دائماً التهام الأسماك الصغيرة / سيفعلون أي شيء من أجل أمنية لهم / يُكمل مارلي محذراً، / لكن انتظر / وَيْل للظالمين سيأكلون خبز الندامة كل يوم وغداً / مذنبون مرتاحون الضمير . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحديات تنتظر سعد الحريري / أمل بين حقول من الكاذبين ..
-
الشرق يغرق في التقليد والأمريكي يركض في المريخ الأحمر
-
العراق بعد تحجيم داعش ونتائج الانتخابات / مقتدى الصدر امام ا
...
-
الانتقال بمهارة من تمزيق الحضارة العربية إلى الاسلامية
-
يَوْم زفافي للإسرائيليون ومأتمي للفسلطينيين ...
-
فضائل تيار المستقبل ...
-
تسول شوارعي وأيضاً عقلي ..
-
ذكرى الخامسة لرحيل ابو محمود الصباح / ياسر عرفات ابو صالح اخ
...
-
في ذكرى رحيل ابو محمود الصباح .
-
البقرة والملك مفتاح المملكة اليهودية ...
-
بين الاهتداء إلى الذات والتيهة داخل الذات .
-
دولة اللصوص
-
تحالفات ما قبل القيامة .
-
تغير نمط التفكير ..
-
الانحياز الكامل
-
السادة معهد غوتة المحترمين ..
-
نبيه بري يأسف وباسيل يفشل في تقمص شخص بشير الجميل .
-
الحقيقة ليست خيانة للحق .
-
الاستفادة من الماضي ، يعطي نفس أطول للانتفاضة الحالية
-
إيقاع القوة والخوف
المزيد.....
-
روسيا تقدّم إعانات مالية للأمهات الصغيرات لزيادة معدلات المو
...
-
رضيعة فلسطينية تموت جوعا بين ذراعي أمها في غزة المحاصرة
-
تعيين سالم صالح بن بريك رئيسًا للحكومة في اليمن
-
واشنطن تفرض رسوماً جديدة على قطع غيار السيارات المستوردة
-
رئيسة المكسيك ترفض خطة ترامب لإرسال قوات أمريكية لمحاربة كار
...
-
الزعيم الكوري يؤكد ضرورة استبدال دبابات حديثة بالمدرعات القد
...
-
نائب مصري: 32% من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر (فيديو)
-
إعلام: الجيش السوداني يستهدف طائرة أجنبية بمطار نيالا محملة
...
-
صحيفة -الوطن-: تعيين حسين السلامة رئيسا لجهاز الاستخبارات في
...
-
من هو حسين السلامة رئيس جهاز الاستخبارات الجديد في سوريا؟
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|