عبدالكريم ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 5637 - 2017 / 9 / 11 - 20:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتذكر بعض العراقيين من عاشوا محن الداخل ،كيف وصل الأمر بهم إلى استجداء كيلو الطحين من حلق الزمن ، وهم يرمون بأنفسهم في سوح العمل غير عابئين بحرارة الشمس وزمهرير الشتاء . وأتذكر جيداً كيف كان جيراننا " ابو جاسم " يقرض داره شيئا فشيئا كأنه المنشار ، من الشباك حتى وصل إلى " شليمان " السقف كي يحولها إلى أوراق الطبع يسد بها رمق عياله .
هذا بعض ما حصل للعراقي وهو يصارع الحياة في زمن الطاغية ،والحوادث كثيرة تحتاج إلى مئات الكتب لأجل سردها .وفق هذه المعاناة المادية هناك تسلط آخر لا ينفع معه بيع شباك و"شليمانه" الدار ،أنها مطاردة الأجهزة القمعية من الأمن والحزب والَسُوق إلى قواطع جيش القدس واليوم النخوة إلى آخره من التسميات ، فضلاً على وجوب المشاركة في الاجتماعات والمظاهرات التي تخرج لتمجيد بطولة النظام البائد . ولعل طرق الأبواب في الليالي الظلماء من قبل أصحاب الوجوه الكالحة والشوارب الطويلة والملابس الزيتونية هي ديدن اغلب العوائل التي لم تنخرط في صفوف الحزب البائد . لعل الجرود الحزبية والأمنية والتهرب من وجه مختار المنطقة العبوس ، وخروج عمي الضرير بما يملكه من شجاعة وقوة أرادة لمواجهة مثل هذه الاستفزازات هي من الأساليب اعتاد عليها جيل- وأنا منهم - تلك الحقبة الزمنية من تاريخ العراق المعاصر . وبين التهرب والاختباء تحت مسمى الدراسة والعسكرية والحصار القاتل ضاع عمري مني، فلم أجد سوى الذكريات التي تجرني إلى الوراء رغم أن بعض يدعي انه جاء من اجل المظلومين والمضطهدين وأنا اقلهم ضرا .وكل ما أريد أن لا تسوقوا عمري الذي بقى منه القليل.
#عبدالكريم_ابراهيم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟