أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم ابراهيم - مذكرات امرأة أسمها الحرب















المزيد.....

مذكرات امرأة أسمها الحرب


عبدالكريم ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 5509 - 2017 / 5 / 2 - 00:19
المحور: الادب والفن
    


• المشهد الأول
في مكان ما من الشرق الأوسط ، حروب رحلت عنا ، وحروب مازالت ماكنتها تحصد الأرواح ، والجنود هم وقودها ،ولابد من سؤال مهم : هل الحرب مزحة يتسلى القادة ؟ أم هي من تسعى إلينا دون اختيار.فكان هذا الحوار بعيداً عن عيون أجهزة الأمن:
- الموت يبتكر الحرب ، والمجانين وحدهم من ينفذ ما يريد على ارض الواقع .
- أذا الحرب نوعاً من الجنون البشري .
- نعم ،بل هي اخطر جنون لموتٍ بالمجان .
- الانتصارات هي الأخرى كذبة ،يستغلها القادة ويدفع ثمنها الجنود .
- صدقني ، لا يوجد منتصر في الحرب ، الكل خاسر ، الرابح الوحيد في هذه الدوامة هو حفار القبور .
- لا ترفع صوتك، سوف يسمعنا المذياع .
- من قال أن الحرب وسائل لحل النزاعات ، يكذب، أنها بداية المعاناة .
- لماذا نقف هنا ؟ ماذا نتظر؟
- نتظر الموت ، أحس به يطوف اليوم حولنا ، هذه أثاره ، وهذه أنفاسه أشمها عن بعد.
- هل نهرب ؟
- الهروب يحتاج إلى شجاعة ، ونحن لا نمتلك سوى الانتظار .
- صدقني ، أن قلت لكَ أني رأيت الموت ذات يوم يحوم حول هذا المكان .
- انه يتجسس علينا، يسمع كلامنا ، يعد خطواتنا ، يحفظ أسماءنا واحداً واحداً .
- بل شاركنا زادنا ، وأكل معنا صمونة الجيش السمراء ، وشرب من ماء الزمزمية الحار .
- هل فكرت ، لماذا نحن هنا ؟
- سؤال لا يجب أن لا يعرفه ضابط الاستخبارات العسكرية .
- هذا يعني انك تعرف الجواب .
- الجميع يعرفه ، ولكن الشريط اللاصق يمنعهم من الكلام .
- هل ينام الموت في بلدنا ؟
- لا اعتقد .
- لماذا ؟ هل يعشق أسماءنا ؟
- بل يعرف خارطة الأنفاس .
- ربما عقد اتفاقية مع الظلام .
- يقولون، علينا أن نحارب الأعداء، فهذا واجب الجندي المطيع.
- نفذ ثم نقاش .
- هل تعرف الأعداء ؟
- نعم ، أنهم حكاية قديمة تتناقلها العجائز عند المساء .
- أقول ألف مرة ، لماذا نحن هنا ؟
- لاترفع صوتك ، سلك الكهرباء يسري فيه دم خيانة الأصدقاء .
- علينا أن نسير نائمين ، ومعصوبي بقماش الواجب المقدس .
- أنا اكره الحرب ، فقد أخذت أخي إلى غربتها ، وحتى نخلة حديقتنا أصبحت عاقر .
- ومن يحب الحرب؟ غير سياسي الشعارات ونياشين الفراغ .
- هل تهدأ الحرب ؟ ويموت زفيرها ؟
- أنها تسري تحت رمال الطموح، والبيانات الكاذبة .
وفجأة يخيم الهدوء على المكان ، بعد أن طرحت الأسلحة أحشائها وتقيأت رائحة البارود .
- استيقظ ،استيقظ أيها النائم على هدهدة كاروك الأم (دلول ، دلول ، عدوك عِليّك وساكن الجول ) .
ولكن لا جواب ، لأنه أصبح من أصدقاء (ريس) الموت .

• المشهد الثاني
العراق حرب لا تنتهي ، والحصار يعد أنفاس الناس، لابد للأمل من سيبل:
هو : الحرب استهلكت أجسادنا المتعبة ، والحصار فايروس تسل إلى بيوت الفقراء .
هي : أيها الطارق الجديد ، عد إلى مكانك فليس هناك من شيء تحمله غير أنين الجياع .
هو : سوف أحصي عدد الطرق المبلطة برائحة العرق ، وشمس تموز العمودية .
هي : الأطفال ينظرون إلى التلفاز كي يعوضهم عن الملابس القديمة .
هو : كم اكره العمر الذي ضاع في مسافة بين كراج النهضة والمدن البعيدة .
هي : سأقلب الملابس القديمة ، وأخيطها بلون المطر الساقط على شرفات بغداد وهي (تدث) نفطا وصل إلى حدود الخليج .
هو : الجوع ، يسلبني القدرة على فهم الأشياء ، البطون الخاوية يفقد القدرة على الكلام ، أحاول أن أكون متوازنا عندما اعبر الطريق خوفا من شرطي المرور .
هي : الحصة التموينية يأكلها جارنا الفأر الذي ينام بين أكياس نشارة الخشب و(علوة) جميلة .
هو : أصوت أطفال المحلة تغني للعيد القادم على بغداد ، وساحات الفرجة ، ومدينة الألعاب ..
هي : ربما تأتي العيد ليأخذنا إليه ، ويدفع أجرة النقل نيابة عنها .
هو : الفقر مزرعة الأغنياء ، والموت لغة عالمية يفهمها الجميع بدون مترجم .
هي : الضوء الأخضر لسراج بيتنا لم ينطفئ بعد ، لابد انه شعر بالنعاس بعد أن سهر طول الليل يحصي أعداد الجياع كي يعطها غدا إلى موظف التموين .
هو : الأغنياء ينامون على أنغام الدولار ، ويصابون بنوبة عندما يتحرك إلى الأعلى .
هي : تعطلت الثلاجة ، بعد أن طلقتها الكهرباء .
هو : بكاء العالم لا يتوقف ، لان الحصار وزع معونة الشتاء على محلات بغداد .
هي : جارتنا استعارت حذائي الذي أصلحته بخيوط الأهداب .
• المشهد الثالث
في زمن المفخخات والفساد والمحاصصة تكلم الصوت وصداه :
الصوت : المساكين تخدعهم شعارات الباكين على الحسين من بغداد إلى كربلاء.
الصدى : البكاء يفجر أبار النفط ، ورَحل المشكلات إلى الأمام.
الصوت : ميزانية الدولة تتعرى أمام أول أزمة بدون أثداء .
الصوت : الجنسية المزدوجة ، ومترو بغداد تبتلع براميل نفط البصرة .
الصدى : الانتماء حكاية تضحك وجوه المنفى.
الصوت : كـ(و)ردستان تفرض واوا على الحكومة الاتحادية .
الصدى : من حق الجميع أن يقتسموا العراق .
الصوت : البنك الدولي يقرض العراق قمحا لتنور الطين ، واجهزة كشف الكذب .
الصوت : السياسيون يدورون دورة كاملة ، القاعدة في نصف القطر محيط الدائرة .
الصدى : لم يتعطل جهاز الاستنساخ ، وطوابير الأشلاء تتجه إلى صناديق الانتخابات .
الصوت : العراق تبنى قرارا بدعم حركة التحرير في كوكب القمر .
الصدى : الروس أم الأمريكان من سيكون الرئيس .
الصوت : المفخخات تشتهي أجساد البسطاء من سوق عربية إلى سوق شلال .
الصدى : تشم الرائحة ككلب بوليسي .
الصوت : بائعة الخضار ترفض راتب الرعاية الاجتماعية .
الصدى : غسيل الأموال والملابس والوجوه تهمة اغلب المسؤولين .
الصوت : الكهرباء تجر أذيالها بعد أن انقسمت إلى شطرين : وطنية وسحب .
الصدى : الصيف يحرق الوجوه التعبى فيذيبها كالآيس كريم
الصوت : العراق يتصدر البلدان الأكثر انتهاكا لحقوق النخيل .
الصدى : بغداد مبنية بالتمر.....
الصوت : ما أكثر السجناء السياسيين في بلدي؟
الصدى : لذا سقط النظام البائد.
الصوت : الميزانية تشعر بالجوع .
الصدى : المفلس في القافلة أمين .
الصوت: تم التصويت على المحاصصة .
الصدى : النصاب مكتمل ، وعضو واحد فضل أن يرى المهاجرين يمرون من شرفة خمسة نجوم .
الصوت : باب الشرقي ما تغيرت ملاحمه ، نصب الحرية ، جدارية فائق حسن ، خزان الماء .
الصدى : قلب بغداد معطر برائحة البارود ، ودخان السجائر المنبعث من مقهى السودانيين قرب حديقة الامة .
الصوت : أدانت الجامعة العربية عروة بن الورد بعد أغار على قافلة الموئن في اقليم دارفور .
الصدى : مؤسسة للوزراء الخارجية السابقين .
الصوت : الارهاب : يخط لافتة أمام محال العطور " الكحل ممنوع " شرعا .
الصدى : حرم الله السحر ، وحلل السبي .
الصوت : الفضائيات تحشو عقول المشاهدين بخرافات القديمة .
الصدى : توقف المرور الاتجاه المعاكس وتسحب منه رخصة القيادة .
الصوت : الوطن دويلات صغيرة تحكمها الأهواء .
الصدى : الفيدرالية هي الحل كي يصبح حي الأكراد جزاءا من بغداد ...

• المشهد الرابع
الأمور تتعارك مع بعضها البعض ، فلا مجال للتفاوض إلا مع حمالي الأوزان الثقيلة :
- مشكلات البلد تحتاج إلى برامج تراعي خصوصية الموت ،وبطالة الوجوه القديمة .
- ما أكثر التنظير في زمن جفت فيه موارد العقول .
- نحن مع الشعب ، نحن مع إعطاء إجازة لحقول النفط بعد انخفاض الأسعار .
- النفط حبل يلتف حول العنق، يكتم أنفاس الاقتصاد .
- لابد من النظر إلى الأمام بعين واحدة .
- الهروب من المشكلة أسلوب جبان في معركة المواجهة .
- دراسة الأوضاع تحتاج إلى صفاء العيون الزرق .
- هموم تجد ضالتها في البعد عنها .
- الاعتراض حق مشروع للجميع ،لكن سلة المهملات هي الأقرب .
- الحصانة سلاح فتاك، يَسلب الآخرين حقوقهم .
- المصالح فوق الشعب.
- والشعب يريد البقاء .
- البرلمان حلبة سباق لاشهر تجار الكلام .
- الشعب من يدفع فاتورة صراع الكراسي .
- ازدواجية المشاعر حق كفله الدستور .
- العراق بضاعة لا تبور.
• المشهد الخامس
حيثما توجد حروب ، هناك تجار . و الغربان وحدها من تقتاد على الجيف ،والبوم لا تسكن سوى الخرائب .
هو: وطن يحرق كل أعضائي ، أريد أن أقول له ارحل .
الصدى : لا بد من الشهد من أبر النحل .
هو : من يبتاع وطناً بلون الدم والحناء .
الصدى : الأوطان تنام في عيون الأطفال أول ما يولدون .
هو : لماذا ندفع ثمن الحب بشكل موت جماعي ؟
الصدى : أنه الأدمان الذي يسكن النفوس ، فيجعلها يدور كالدراويش .
هو : أشعر بالأنين مسامير اللافتات السوداء وهي تخترق أجساد جدران المدن في كل انفجار .
الصدى : لنا اللافتات ، ولهم الامتيازات .
هو : أريد أن أبيعكَ يا أسمي.
الصدى : لا تستطيع .
هو : لماذا، لا استطيع؟
الصدى : الذكريات تسجل في دفاتر الأيام ، ولا يمكن تنازل عنها .
هو : لماذا ؟
الصدى : هي للجميع ، فكيف يبيع البعض الكل ؟
هو : أذا، سأرحل إلى المنافي بدون وطن .
الصدى : من يستقبل لاجئ ليس له وطن ؟
هو : صدقني ، تعبت وأنا أرى صوتي يتلاشى شيئا فشيئا .
الصدى : تخسر صوتك خير أن تخسر نفسك في زمن المزايدات الوهمية .
هو: ما يمكن أن نسمي هذا ؟ قدراً ، أريد أن أغيّر قدري ، أريد أن أعيش بلا أسم ، بلا صوت ، بلا ذكرى .
الصدى : لا تستطيع ، قدرك أن تكون هنا ، وان تموت شهيداً كالحسين .



#عبدالكريم_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية ( قطاع 49) والقفز على المكانية الجغرافية
- اموال الجباية والادخار ... من يركض وراء من؟
- عبادي العماري ،صوت سرق المدينة من أهلها
- قانون العشائر... إلى الوراء درّ
- الفنان العراقي المغترب إحسان الجيزاني وفن قراءة الوجوه بين و ...
- التكنوقراط ، الوهم العراقي
- الفوضى الاجتماعية والطبقة الوسطى
- مقال/ بين ساعة معلمتي اللماعة وذات نقاب الأسود


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم ابراهيم - مذكرات امرأة أسمها الحرب