عبد الكريم كل القلوب تهواك

حسن حاتم المذكور

الحوار المتمدن-العدد: 1455 - 2006 / 2 / 8 - 09:41
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

اغنية رددتها حناجر ملايين العراقيين ..واختزنتها قلوب الناس خالدة الى يومنا هذا ..وفاءً لزعيم كان وسيبقى الأوحد الى الحد الذي وضع له ابناء شعبه مزاراً في القمر ’ صفحاته الأنصع يتجنبون النظر اليها من لا صفحات لهم ’ وظل بياضها يفتح اورام نقاط الضعف عند الآخرين .
كان عبد الكريم قاسم زعيماً واباً وابناً ( وبياضاً في غرة التاريخ العراقي ) كما وصفه الشاعر عريان السيد خلف .
الجماهير هي الأكثر صدقاً ووفاءً ’ وقد تبدوا متواضعة بسيطة ’ لكن صوتها يمتلك الحقيقة دائماً وقد يكلفها وفائها دماءً ومعاناة ’ لكنها تعالج انتكاستها بالصبر والرفض بعيداً عن التخاذل والمساومة ’ وليس ذنبها ان وقعت احياناً ضحية سفالة وخداع الدجالين وسارقي مكاسب غيرهم .
في 14/تموز/58 ادركت الجماهير واستبشرت ان القدر انصفها برجل جاء على صهوة ثورة نقية بكل المقاييس ’ رجل منها واليها ’ ولد بصمتٌ من رحم معاناتها وتاريخ احزانها .
صحيح ان عبد الكريم قاسم كان اباً للفقراء ’ لكنه حرص على ان يكون ايضاً ابناً باراً لجميع مكونات الشعب ’ كان عراقياً وطنياً ديموقراطياً انسانياً بأمتياز ’ ولقد لخص عراقيته ووطنيته بشعارين رئيسيين .
اولهما : ان العرب والأكراد شركاء في الوطن’ دون ان يسمح للأكثريات ان تتجاوز على شراكة وحقوق المكونات الأخرى للمجتمع العراقي وتلك هي هوية الأمة العراقية .
ثانيهما : شعار الجمهورية الخالدة ’ مؤكداً على ان العراق امــة لها خصوصيتها ومكوناتها الحضارية والتاريخية والجغرافية والأجتماعية’ مخلصة في تضامنها مع الدول العربية والأسلامية وحسن جوارها وصدق علاقاتها مع دول العالم’ لكنها من غير الممكن ان تكون جزاءً من الآخرين او صهرها والغاء هويتها .
كان ديموقراطياً’ حيث عمل على تحرير الأنسان العراقي من عبودية الأقطاع وهمجية الأستغلال’ واطلق وساند منظمات المجتمع المدني كالنقابات والجمعيات ومختلف المنظمات الديموقراطية والروابط المهنية’ وحرص على استقلاليتها وابعد الدولة من التدخل في شؤونها او التأثير على استقلاليتها .
كان انسانياً’ ناصر الفقراء والمظلومين ورفع من مستوياتهم على اصعدة الصحة والتعليم والمشاريع الخدمية ’ ووزع الأرض على من يزرعها وبنى المدن واصدر قوانين لتحرير الأرض والأنسان العراقي وللحد من اضطهاد المراءة ’ جاء بكل تلك المكاسب في بيئة سياسية تفتقر الى الحس الوطني واصطدمت بظلامية الطائفيين وتعصب العنصريين .
كان الزعيم عبد الكريم وحيداً داخل تلك البيئة اللأوطنية ’ وبسبب صدق عراقيته ووطنيته اصبح العراق ايضاً وحيداً محاصراً مستهدفاً داخلياً وخارجياً .
هاجمه العنصريون وتآمروا بقيادة ممثل البرجوازية المصرية الطامعة بثروات الدول الآخرى المهرج المعروف جمال عبد الناصر ’ حيث لم يمنعه تهريجه الكاذب من ان يكون سائقاً للقطار الأمريكي الذي جلب الأراذل من مزبلة التطرف العنصري ’ وقد دخل السوفيت على خط المؤامرة بشرطهم ان يكون العراق ثمناً لجدار برلين ’ مما اربك موقف الشيوعيين العراقيين مع انهم استمروا بولائهم لثورة 14/تموزوقيادتها الوطنية ’ وكانوا في مقدمة ضحايا انقلاب 08/شباط الدموي .
كانت القيادات العشائرية الكردية التي افزعتها الأصلاحات الوطنية والديموقراطية والأجتماعية لحكومة الثورة وفي مقدمتها الأصلاح الزراعي وخوفاً من انحسار نفوذها العشائري والحزبي ’ دخلت كطرف مباشر في المؤامرة الى جانب العنصريين العرب والقوى الخارجية ’ و بالضد من مصلحة الشعب الكردي افتعلت الفتنة ورفعت السلاح بوجه العراق وحكومته الوطنية دون مبررعلى الأطلاق’ الى جانب ذلك فالطائفيين سنة وشيعة وبعد ان حررت الثورة الجماهير العراقية من تأثير ونفوذ ظلاميتهم وشعوذتهم وافقدتهم قاعدتهم وحجمت دورهم’ لعبوا ادواراً سيئة حد الخيانة المخجلة.
وكما ذكرت ’ كان العراق وحيداً وقيادة الثورة محاصرة والشيوعيين مرتبكين بين صدق وطنيتهم وضبابية امميتهم ’ وكذلك الجماهير صاحبة المصلحة بأنجازات الثورة كانت ممزقة مشتة خلف ولاءاتها الحزبية والعقائدية ’ عبر كل تلك الثغرات وغيرها مررَ الأنقلابيون مؤامرتهم القذرة .
في صبيحة 08/شباط/63 استشهدت ثورة 14/تموز الوطنية واستشهد قادتها وتعرض الشيوعيين والوطنيين الديموقراطيين الى مجازر جماعية وتصفيات بشعة ودخل العراق في ظلام محنته الى يومنا هذا .
ظل الزعيم عبد الكريم قاسم حياً في قلوب ابناء العراق ومقياساً للوطنية والأنسانية والشجاعة والنزاهة والعفة ونكران الذات ’ وظلت الجماهير تنتظر قدومه مع اجيال شربت اماتهم من المياه العراقية التي اختفى فيها الزعيم الخالد ’ تبحث عن قسمتها في وجوه سياسيي الزمن النذل عن ذالك الذي قد يوجد فيه ربع عشرما كان يمتلكه الزعيم عبد الكريم قاسم من الصفات الحميدة .

#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل