أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - حكايا جدو أبو حيدر -30-














المزيد.....

حكايا جدو أبو حيدر -30-


كمال عبود

الحوار المتمدن-العدد: 5386 - 2016 / 12 / 29 - 16:26
المحور: الادب والفن
    


المشي على الرأس

سندران
*****
اختفت طواحين الهواء ، لم يستمتع بها أجيال القرن الماضي ..
اختفت طواحين الهواء ، وبقيت حارتنا تحمل اسم ( طاحون الهوا ) ، كانت الطاحون قرب نبع الماء.

قالت جدتي: لا بُدَّ أن تكون الطاحون قرب مصدر للمياه ، ولم نسأل نحن الأطفال عن ضرورة التلازم بين الماء والطاحون ، وقالت الجدّة أيضاً : قبل مجيء فرنسا كانت طاحون الهواء رمزاً للتقدم والثراء .. وكان المُشرِفُ على الطاحون يُعرفُ ب( القَيّم ).

( سندران ) صاحب الحكايةِ كان ( قيّماً ) ولكن على طاحونٍ حديثة في حارةٍ أُخرى ، ( سندران) رجلٌ أربعينيُ قصير القامةِ، ثمين ذو كرشٍ رأسهُ كبيرةٌ ووجهه جميل ، عيناهُ خضراوتان .. أبيض الوجه .. مُورّدُ الخدَّين شفتهُ السفلى بلون العنب الأحمر وكانت ابتسامته مُحبّبَةً إلى القلوب ،
كانت متعةٌ لنا نحن الأطفال حين نذهب إلى الطاحون ونتفرّج ، هديرُ المُحرّكِ في الغرفةِ المجاورة يصمُّ الآذان ، لا أحد من الزبائن يسمع الآخر لكنَّ ( سندران) يفهم بالإشارة ، ويتب بالهواء رقماً يوضح وزن كيس القمح للزبون صاحب الكيس ويُقرِّبُ فمهُ ناحية إذنِ الزبون ويقول مُبتسماً: الأجرة كذا وكذا...

(سندران ) الجميل كان لطيفاً مع الأطفال ، يترك الطفل كي يصعدَ إلى منصةٍ خشبيّه واسعةٍ تلاصق دلو القمح الكبير ويسمح له بل ويحمله حتى يرى القمح وهو يتنقاصُ وينزلقُ في مجرى حديدي نحو آلة الطحن الكبيرةِ المربوطة بدولاب من الحديد يُحركهُ قشاط من الكتانِ عريض مُتحرِّكٌ من غرفة المُحرّكِ الذي يهدِرُ ضجيجاً ، ويسمح للطفل أن يجمع غبار الطحين الذي يغلف كل المكان بطبقةٍ بيضاء اللون ، ثمّ يضحكُ مُبتسماً وقد غطّى الطحينُ وجه الطفل ويقول : يالله يا شاطر روح فوراً لعند امّك على الحمّام...
*****

العام 1956
*****
سندران الجميل في مطحنتهِ يُنهي طحن أكياس القمح ، يودّع آخر رجل من زبائنه يوقف المحرك الكبير ويعلو المنصة الخشبية ، يسحب من قلبها، جهاز راديو ويقلب موجات الراديو، مستمعاً لأخبار العدوان الثلاثي على مصر، حيث ابنه الشاب محمود يخدم عسكرياً في مصر الشقيقه كما يحلو له القول.

تتوالى أيام الحرب والزبائن تسأل ( سندران ) عن أخبار الحرب وأخبار ابنه محمود...
يقول : عدوان سافر .. استعمار .. الله يلعنهم ...
ويقول : مصر أم الدنيا ونحن معها ...
وعن ابنه يقول : قلت لمحمود ، خليك بطل وارفع راسنا ...
ويمكن بعد النصر اروح لمصر وشوف الأهرامات...
*****

أغلقَ سندران الطاحون ... لم تعد ممتعة لنا ، أصبح طحنُ القمح عبئاً على أهل القرية ، صار لِزاماً الطحن في قريةٍ أخرى أو شراء طحينٍ غالي الثمن ، صارت المطحنة حديث الرجال في القرية ، وتساءلوا عمّن يشتريها ..؟ وآخرون قالوا : لقد أخطأ سندران .. كان غلطاناً بحقِ أهل القرية ...

قال أحد المحبين كثيراً لصاحب الطاحون :
كان يقول دائماً لابنه محمود : خليك بطل وأرفع راسي فيك ، لكن محمود هرب ولم يذهب الى مصر بل فرّ إلى لبنان هارباً ، ومع مَنْ ...؟ مع أمرأةٍ سيئة السيرة .. تركتْ أولادها وهربت معه، هل ترضون ذلك ..؟

عارٌ على سندران أن يُشارَ إليه سراً أو علانية : لم يُحسن تربية ابنه محمود!
سندران يخجل أن يمشي مزهواً بين الناس على رجليه ..
إِنَّهُ كمن يمشي على رأسهِ!



#كمال_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايا جدو أبو حيدر -29-
- حكايا جدو أبو حيدر -28-
- حكايا جدو أبو حيدر -27-
- حكايا جدو أبو حيدر -26-
- حكايا جدو أبو حيدر -25-
- حكايا جدو أبو حيدر -24-
- أوجاع
- حكايا جدو أبو حيدر -23-
- حكايا جدو أبو حيدر -22-
- حكايا جدو أبو حيدر -21-
- حكايا جدو أبو حيدر -20-
- حكايا جدو أبو حيدر -19-
- آمِنَة
- أوراقٌ خريفيَّة
- حكايا جدو أبو حيدر -18-
- دِلاءٌ ليستْ للبيع
- حكايا جدو أبو حيدر -17-
- من وحي العيد
- من وحي الحرب -1-
- عواطف


المزيد.....




- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - حكايا جدو أبو حيدر -30-