أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الجزء الثاني من الرواية: الفاء 3














المزيد.....

الجزء الثاني من الرواية: الفاء 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5369 - 2016 / 12 / 12 - 09:58
المحور: الادب والفن
    


حين التقيتُ مع " سيمو " في الشقة، كانت كلماتُ العراقيّ ما تفتأ تدور في رأسي. رمقتُ مرافقَ " شيرين " بنظرة ازدراء، جعلت عينيه تتهربان إلى ما بين يديه من مشاغل. كان إذاك منهمكاً في إعداد صندوق من كرتون، أغلب محتوياته كتبٌ فرنسية عائدة لمخدومته. وهيَ ذي بنفسها، تظهرُ على الأثر خارجةً من حجرة النوم وعلى سيمائها نوعٌ من التحرّج. على الرغم من تلك العلامات، المنطبعة في سحنتيهما كليهما، إلا أنني مررتُ عليها دونما حاجةٍ لإشغال الفكر بأيّ شبهة: فمن هوَ هذا الرجل الرقيع ـ لا بدّ أنني كنتُ سأفكّر هكذا ـ قياساً بشقيقتي المثقفة، ناهيك عن زوجها الفرنسيّ الرفيع الشأن؟
فيما بعد، لما أضحت شقيقتي في عالمٍ آخر، تسنّى لي إستدراك إستدلالات عديدة تخصّ علاقتها بمرافقها. آنذاك، كنتُ قد فرغتُ من قراءة مخطوطة " شيرين " التي سلّمني إياها محاميها بحَسَب وصيتها. لما أعدتُ له الأوراقَ، متحججاً بنيّتي مغادرة المغرب، فإنني نفيتُ أن أكون قد قرأتها حينَ أستفهمَ مني عن رأيي فيها كمادة أدبية. قال لي المحامي عندئذٍ بشيءٍ من الإرتباك: " أفضل أنك لم تقرأها! أقصد، أنه من غير المستحسن قراءة نصٍّ على عجل. وعلى أيّ حال، سأرسل الأوراق إليك أنّى كنتَ وحالما رغبتَ بذلك "، ندّتْ عنه مثلما يحصل مع شخصٍ ورعٍ رأى نفسه في جلسة سكر مع أصدقاء معربدين. من ناحيتي، كنت مهتماً آنَ أردتُ أن يصدّق المحامي زعمي، مما لو كان قد قرأ الأوراق، حقاً ـ كما سبقَ وأعلمني في رسالة على عنوان " سوسن خانم ".
على أنني سيتاح لي لاحقاً التمعّن بالمخطوط على مهل، كوني عمدتُ إلى نسخه بجهاز الأوفست في أحد أكشاك مراكش. مع الأسف إنّ هذه النسخة، وكانت قد رافقتني إلى روسيا لتؤنسَ وحدتي، ما لبثتْ أن فقدتْ قبيل مغادرتي إلى السويد بفترة قصيرة. ذلك، جرى ذات نهارٍ ربيعيّ وسط الزحام الشديد في إحدى قاطرات مترو الأنفاق. الغريب، أنني كنتُ يومئذٍ مشغولَ البال، مهموماً، على أثر الحادثة المأسوية في شقتي بموسكو، الشبيهة نوعاً بالحادث المودي بحياة " شيرين ".
سبقَ أن نوهتُ أكثر من مرة، بخصوص إحتيال القدَر علينا، شقيقتي وأنا، عندما جعلنا على صلة مريبة بالزوجين " سيمو " و" الشريفة ". هذه الأخيرة، وبغض الطرف عن مكرها وتكتّمها، كانت بين حين وآخر تسردُ على أسماعي وقائعَ من علاقتها مع رجلها وكيفية تعرفها به. كان ذلك قبل ان يجمعنا سقفٌ واحد بصفة عشيقين، ومن ثمّ زوجين بورقة لا قيمة قانونية لها. آنذاك، ووفق المخطوطة المَوْسومة، فإنّ شقيقتي كانت كذلك قد ألمّت بالكثير من تلك التفاصيل عن طريق " خدّوج " ولاحقاً على لسان صاحبة العلاقة نفسها. ولأنني تكلمتُ، فيما سَلَفَ أيضاً، عن إقراني حبيبتي الروسية ببطلة رواية " الجريمة والعقاب "؛ فلأقل أنّ ذلك سبقه عقدُ ذات المقارنة بين " سونيا " وامرأتي المغربية: " الشريفة "، وإن كانت بعيدة تماماً عن الإهتمام بالأدب، تميّزت بخيال خصب وذاكرة جبارة وتجربة حياة مريرة. بكلمة أخرى، لقد كانت مؤهلة فعلاً لتصبح من صنف الروائيين المحليين، الذين عُرفوا داخل وخارج البلاد بسيَرهم الشخصية ـ كمحمد شكري ومحمد المرابط والميلودي شغموم وغيرهم..
المفارقة، أنني لم أتمكن من تنمية هذه الموهبة الموعودة، ولكن في مقابل ذلك، " نجحتُ " في تغذية حقد صاحبتها على جنس الرجال والمتأصل في جذورها مذ أن كانت طفلة. ولأعترف، بأنّ هذا لم يكن أمراً غريباً عن طبيعة علاقتنا وبالأخص في المرحلة الأولى. فبصرف النظر عن مثال بطلة " دستويفسكي "، فإنني كنتُ أرى " الشريفة " امرأة غير مناسبة لي بالمطلق. بل وكنتُ في تلك المرحلة مرعوباً من فكرة ملحّة، وهيَ أن تصبح سبباً لإفشال علاقتي بمخدومتي " سوسن خانم " والتي دأبتُ على إحاطتها بالحرص الشديد. الخانم، كانت من جهتها تتسلّى بفكرة كونها مثار إهتمام شابّ على شيء من الموهبة في الرسم والأدب. بل ومثّلت أحياناً دَور الحبيبة في وقتٍ كان فيه داخلها يتفكّه من غفلة وسذاجة الحبيب، المفترض!
أكثر من مرة، أستهترتُ بكرامة مرافقة الخانم، معتبراً إياها محض مطية لرغباتي ونزواتي. استسلامها، كان يفاقم من تلك النظرة بدلاً عن أن يكون دفعاً لي كي أتفكّر جدياً بسلامة طويتها؛ على الأقل، لناحية أملها في أن يجمعنا سقفٌ واحد وعائلة مشتركة. فترة الأشهر الأربعة، المعقّبة إحتفالنا برأس السنة، كان حرياً بها أن تجعل علاقتنا على جانب من الوضوح لولا أنّ حواسي كانت متفتحة على أشياء أخرى بعيدة عن ذلك كلّ البعد: من جهة، موضوع " سوسن خانم "، ومن جهة ثانية إهتمامي الطارئ بموضوع حرب الكويت، سواءً على خلفية التطورات في كردستان أو المنطقة بشكل عام.
عطفاً على إشارتي تواً عن السيرة الشخصية ( أو الأوتوبيوغرافية )، فإنني قرأتُ ذات مرة قول أحد النقاد بما معناه، أنّ هذا النوع من الأدب هو جنسٌ دخيل على اللغة العربية ولا مستقبل له بسبب العديد من التابوهات الدينية والإجتماعية. كذلك رأى ناقد آخر، أنّ من المستحيل أن نحظى بسيرة ذاتية مكتوبة بالعربية تتسم بالصدق والموضوعية والنزاهة.. أي بالإحالة إلى ما سبق ذكره حول التابوهات، علاوة على رغبة الكاتب إضفاء الطهر على شخصيته ومسلكه. ما دفعني إلى تسجيل هذه الملاحظات الخارجة عن سياق السرد، هوَ تساؤل أليم فكّرتُ فيه كالتالي: أكنتُ سأعرّي علاقتي مع " الشريفة " بأوضح العبارات، المكشوفة وربما المبتذلة، لو أنني لم أستهتر بحقيقة أنّ ما جمعني وإياها يتجاوز شخصيتينا.. فإنّ ثمة ابنة بيننا، ومن الممكن جداً أن تطلع على هذه السيرة في يوم من الأيام ـ ككتاب مطبوع أو مجرد مخطوط، تركه أبٌ سبقَ له أن تركها هيَ وحيدةً حتى من أمّ تحنو على طفولتها.











#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الثاني من الرواية: الفاء 2
- الجزء الثاني من الرواية: الفاء
- الجزء الثاني من الرواية: العين 3
- الجزء الثاني من الرواية: العين 2
- الجزء الثاني من الرواية: العين
- الجزء الثاني من الرواية: السين 3
- الجزء الثاني من الرواية: السين 2
- الجزء الثاني من الرواية: السين
- الفردوسُ الخلفيّ: النون 3
- الفردوسُ الخلفيّ: النون 2
- الفردوسُ الخلفيّ: النون
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام 3
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام 2
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف


المزيد.....




- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الجزء الثاني من الرواية: الفاء 3