أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الجزء الثاني من الرواية: الفاء 2














المزيد.....

الجزء الثاني من الرواية: الفاء 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5368 - 2016 / 12 / 11 - 05:03
المحور: الادب والفن
    


دأبَ " رفيق " على التعامل معي بكثير من اللباقة، وببعض الحذر أيضاً. على ذلك، حقّ لي أن أدهشَ حين أخرج من جيبه دفتر هاتف، دقيق الحجم: " لديّ العديد من الصديقات هنا، ولن أحتاج إليهن في حال سفري.. "، قالها دون أن يحيد عني نظرته الثابتة. فلما أنتبه إلى علامات الإنزعاج على ملامحي، إستدركَ بنبرة إعتذار: " لعلني كنتُ بلا كياسة في عرضي، مع أنّ الأمرَ غير غريب فيما بيننا؛ أليسَ كذلك؟ أنت محقّ في عدم إيلائك النساء إهتماماً كبيراً، لما في ذلك من مدعاة لضياع المال والوقت. إلا أننا نقيم في مدينة كمراكش، حيث الفتيات أكثر إلحاحاً من المتسولين والذباب! "
" لا مَوْجدة لديّ أبداً، اللهم سوى معرفتي بأننا سنفترق قريباً. وإنني بدَوري أحسدك، كونك تملك عدة خيارات لحياتك "، أجبته بنيّة تغيير مجرى الحديث. أنفرجت أساريره، وقال ممسكاً بيدي تعبيراً عن الود: " لننسَ إذاً دفتر الهاتف! ولكنك لو أحتجت لأيّ شيء، فأرجو أن تعتبرني كأخيك الكبير. كذلك أسمح لي أن أكرر نصيحتي، بأن تكون بغاية الحذر في تعاملك مع سوسن خانم. ربما هيَ كريمة معك الآن، وقد يدفعها غداً لؤمها ومزاجيتها إلى مسلكٍ آخر. وعندي أن تعمل لدى صهرك الفرنسيّ، فإنه عدا القرابة، شخصٌ ذو عقلية أوروبية... "
" شريكك السابق، إريك، هوَ أيضاً من مواطني غوستاف! "
" نعم، وأنت على علمٍ بأنني لم تكن لديّ مشكلة معه بل مع زوجته. إنّ سُمية، كسوسن خانم سواءً بسواء، إمرأة شرقية بكل ما تعنيه الكلمة من مثالب! بل أعتبرها أسوأ من الأخرى، لما في طبعها من خسة وجشع ونميمة "
" على رسلك، يا صديقي..! إنك لن تلبث أن تترك وراءك مراكش، بأناسها وأماكنها، فتبقى لك ذكرياتها حَسْب "، قلتُ في محاولة لتهدئة غلوائه. هزّ رأسه راضياً، ثم راحَ يتلهّى بتقليب قدح القهوة الفارغ وقد بدا مشغول الفكر كمن يتهيأ لحديثٍ آخر. على أنّ زهده في مواصلة الكلام، جعلني أتناهض من مكاني. فما عتمَ أن تحرك أيضاً، ملوّحاً للنادل بيده. رافقني سرنا معاً باتجاه العمارة، فيما عيناه تشعان ببريقٍ كأنه صادرٌ من أعماقه. وهوَ ذا يفتح فمه من جديد، متنهّداً: " إننا مشارقة، حاسّة الشرف والكرامة عالية لدينا. قد نلهو هنا وهناك، ولكن ليسَ على حساب المبدأ! بلى، سأحتفظ بذكريات كثيرة من إقامتي في هذه المدينة، الأشبه ببابل التوراتية؛ بمنارتها العظمى الشبيهة بالبرج وبساكنتها الرازحين تحت وطئة الرزايا والذنوب... "
" كلنا أبناء لمراكش، سواء أكنا مواطنين أو مقيمين، وعلينا كان أن ندفع ضريبة بنوّتنا. بيْدَ أنك أكثر حظاً من كثيرين، كونك بالقليل مواطناً فرنسياً "
" لم أشعر بهكذا مواطنة قط، وإنني على استعدادٍ للتنازل عنها حالاً ما لو تحرر العراق "
" أنا قصدتُ حظوتك بوضع خاص في مراكش، بصفتك تحمل جوازَ سفرٍ فرنسيّ "
" أفهمك، بطبيعة الحال. وأتمنى أن تتفهّم قولي على حقيقته، ما لو أكدتُ لك بأنني لم أستند مرة أبداً على هذا الجواز إن كان في أموري العملية أو علاقاتي النسائية. بالنسبة لخطيبتي السابقة، قد تكون هيَ من فكّرت بذلك وعلى الرغم من كون أسرتها على صلة عريقة مع الفرنسيين. ولكنني، في المقابل، لا أزعم أنّ لديّ جاذبية. إنّ ما يجذب النساء إليّ، في أيّ حالٍ من الأحوال، ليسَ سوى محفظة نقودي! "
" في هذه الحالة، يجوز لي أن أتساءل عما لو كان بمقدورك مفارقة جوّ حميم كنتَ قد أعتدتَ عليه، هنا في مراكش؟ "
" أشباه هاته النسوة، يمكن العثور عليهن سواءً في باريس أو دمشق. بل إنّ الأمرَ أكثر سهولة في طهران نفسها، بفضل تطبيق الشريعة. لعلك سمعتَ عن زواج المتعة، وهوَ محللٌ لدينا في المذهب بحَسَب قوله تعالى: فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة "، قال ذلك وأخذ يتمتم لاحقة الآية الكريمة. كنا قد أضحينا عن مدخل العمارة، فكم كدّرني وأثارَ حفيظتي مرأى سيارة الرانج روفر المركونة على جانب: " لا بدّ أنه سيمو مَن أتى بها، فهل قَدِم إلى العراقيّ كي يمدّه بأخبار طازجة؟ ". وإذا بضحكة خفيفة تندّ عن " رفيق "، فيما كان يشير إلى ناحية السيارة: " أذكُرْ الديب، وأحضر القضيب..! "، لفظ المفردة الأخير بشيءٍ من التشديد مما فاقم من حنقي. وهذا البوّابُ العجوز يتقدّم مني، طمعاً بأعطيةٍ كمألوف عادته. قال لي وهوَ ينش الذبابَ عن سحنته القاتمة: " الخانم تقوم بنقل بعض الحاجيات إلى سيارتها، وقد قمتُ بواجب المساعدة.. ". ولعلني أيضاً لمحتُ ابتسامة أخرى، أكثر خفّة، على وجه جاري تعقيباً على وصف العجوز لشقيقتي بصفة " الخانم ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الثاني من الرواية: الفاء
- الجزء الثاني من الرواية: العين 3
- الجزء الثاني من الرواية: العين 2
- الجزء الثاني من الرواية: العين
- الجزء الثاني من الرواية: السين 3
- الجزء الثاني من الرواية: السين 2
- الجزء الثاني من الرواية: السين
- الفردوسُ الخلفيّ: النون 3
- الفردوسُ الخلفيّ: النون 2
- الفردوسُ الخلفيّ: النون
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام 3
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام 2
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 3


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الجزء الثاني من الرواية: الفاء 2