أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - هل الاسطورة هي الخرافة؟















المزيد.....

هل الاسطورة هي الخرافة؟


منير ابراهيم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 5364 - 2016 / 12 / 7 - 11:48
المحور: الادب والفن
    


هل الاسطورة هي الخرافة؟
تشكل الأسطورة المغامرة الإبداعية الأولى التي ابتكرتها المخيلة البشرية، فهي نشأت مع نشوء الانسان، وما من امة الا ولها اساطيرها، وحقيقة الاسطورة انها علوم عصرها حين عاش الانسان حياة بدائية محاطة بمئات الاخطار والاسرار، فرغم انها حكاية تاريخية تنطوي على الخيال، وقصة مجازية أو رمزية ترجع إلى فلسفة عصرها، تتضمن أحداثا خارقة للطبيعة تجمع بين الفكر والخيال والوجدان، وتتميز بعمقها الفلسفي الذي يميزها عن الحكاية الشعبية، كونها تتولد من وقائع تاريخية احتفظت بها الذاكـرة البشرية لفترة طويلة قبل أن يكـتشف الإنسان الكتابة، وتشكّل حيّزا زمانيا ومكانيا في تاريخ الحضارات الإنسانية المتعاقبة والمتزامنة، فهي تشكل نوعا من التدوين البدائي للتاريخ.
فمنذ نشأة البشر على الارض كان الصراع ما بين عقل الانسان وقلبه. صراع اكد تفوق القلب على العقل الذي بقي دوره محصورا بالالتزامات المعيشية. التزامات جعلته ملزم بتطوير حياته المادية عن طريق استخدام عقلة دون الولوج في الروح او القلب منعا للتصادم بينهما.
ومع مرور الزمن وتطور العقل، حاول الانسان فك طلاسم هذا الكون، فأخذت عملية البناء العاطفي والقلبي تنتقل الى راسه، لتمتزج مع العقل، ولتحكي قصصا واساطيرا من نسج خياله الواسع، في محاولة لشرح او الاجابة على تساؤلاته، واقناع نفسه بهذه التخيلات، من دون الرجوع الى اي دلائل مادية عقلانية ملموسة، حيث التف القلب على العقل للترويج لما يمليه عليه قلبه. فكانت الحكايات والقصص والاساطير قد اخذت من الانسان اهتماماته ونقلته نقلة نوعية الى احضان الاساطير التي سطرها بيده وقلبه عن طريق عقله، في سابقة فريدة اراد بها اقناع نفسه بصحة رؤياه، كما ان الأسطورة الواحدة انتقلت من حضارة إلى أخرى عبر مثاقفة فكرية وبذلك صار هناك تداخلا بين هذه الأساطير.
يقول الدكتور ادوارد تايلور في كتاب "الحضارة البدائية" حين كان ذهن الانسان في المرحلة الاسطورية يعجز عن تفسير اية ظاهرة ولا يجد لها سبب مقنع فانه يخترع اي قصة. كما قال الدكتور "لانج" لقد كان الناس في العصور القديمة يؤلفون قصصهم تبعا لنظرتهم الخاصة للاشياء واسلوبهم في تفسير الامور وهذا وضع طبيعي لانهم لم يكونوا يفكرون على اساس المبادئ التي يضعها الباحثون في العصر الحديث امامهم عند تفسيرهم لهذه الامور . اما الدكتور "مويللر" فيقول ان الانسان البدائي لم يفكر كما نفكر نحن بل لم يكن يفكر بالطريقة التي نتصور نحن الان وهذه هي حقيقة فالاساطير في الشرق كثيرة مثل الاسطورة الفرعونية في مصر والاسطورة الاغريقية والاسطورة البابلية والاشورية، والانسان يفكر بالاشياء الغامضة التي تحيط به . وان لكل شيء حوله ذات الصفات التي له، وافترض ان للجماد روحا وللنبات روحا وللالهة روحا فهي تتصرف تماما كالانسان تحب وتكره وترضى وتغضب وتفعل كل ما يفعله هو نفسه واستمر الانسان في صراعه العنيف مع الطبيعة ومع الحيوانات ينتصر فيه الانسان مرة والطبيعة والحيوان مرات فما كان لدى الانسان سوى وسائل بدائية بسيطة ساذجة للنزول بها في معترك هذا الصراع الرهيب
ولم تعد وسائل الحرب العادية البسيطة تكفي ذلك الانسان وهو يصارع قوى اشد منه واقدر . فبدأ يتصور بخياله كائنات تتمتع بقوى خارقة تستطيع منازلة اعدائه، فمن خلال خيالاته بدأ يستعين بأصحاب الخوارق . فيما لم يستطع ان يفعله بنفسه، فصور انصاف الالهة يستمدون قواهم من السماء . وصور ابطالا خارقين تتمثل فيهم مظاهر القوة عند الحيوان ومظاهر الجبروت عند الالهة، ومن هنا ظهر جلجامش وانكيدو عند البابليين، وهرقل عند الاغريق وامثالهم كثيرون في عالم الاساطير وهي لون رائع من الوان الادب الممتزج بالتاريخ..
وفي القرآن الكريم فقد جاءت كلمة أساطير "جمع أسطورة" تسع مرات في تسع سور مختلفة وفي جميع المواضع وردت بصورة "أساطير الأولين" ووردت جميعها في سور مكية في سياق جدل واحتجاج بين النبي عليه الصلاة والسلام وكفار قريش لأنهم اعتبروا تلك الأخبار الواردة في القرآن الكريم مجرد أوهام وأباطيل وأكاذيب. لاحظ ان مصطلح أساطير جاء ليعبّر عن أخبار تعتقد جماعة بحقيقتها بل وتؤمن بها إلا أن الجماعة الأخرى "المشركين" يعتبرونها أكاذيب، "وهكذا يقترن بالأسطورة معنيان اثنان يتناقضان ظاهرا لأنهما يعبّران عن وجهتي نظر مختلفتين: فالأساطير في نظر أصحابها عين الحقيقة، أما في نظر سواهم فلا تؤخذ مأخذ الجد؛ بل هي الوهم والباطل والمحال".
اما الخُرافة لغة كما جاء في "لسان العرب" فهي "الحديثُ الـمُسْتَمْلَحُ من الكذِب"، أي أن الخرافة عبارة عن قصص لا توجد فيها حقيقة ولا يؤمن بصحتها حتى من يقوم بروايتها؛ فالخرافة حكاية ليس فيها أي مدلول ولا تتضمن رسالة محددة لذلك قال العرب قديما هذا حديث خرافة وهو رجل من بنى عذرة استهوته الجن كما تزعم العرب فلما رجع أخبر بما رأى منها فكذبوه ،حتى قالوا علي ما لا يصدق (حديث خرافة).
وتتميز عن الأسطورة بانها تروى لأجل التسلية والترفيه مع أنها قد تشتمل على معجزات وكرامات وحوادث خارقة، فالقصة التي تسرد أحداثا زائفة هي أشبه ما تكون بالخرافة ويمكن أن يطلق عليه (كذبة خرافية). وكان العرب يطلقون هذه الكلمة على القصص غير القابلة للتصديق ـ كأن تكون أبطال القصة من الحيوانات أو الجمادات، يؤتى بها لغرض المغزى والحكمة وهي من (خرف) بمعنى الانقطاع عن الواقع ومنها كلمة خرافيّ أي عجيب وغير قابل للتصديق.
وهناك علاقة نشوئية بين الخرافة والأسطورة، فقد تتحوّل الأسطورة إلى خرافة في حال كف الفريق الذي يؤمن بأسطورة ما عن الإيمان بها فتتحول إلى خرافة؛ إذ لا يوجد أحد يؤمن بها. هذا التحول قد يتبعه تحول في استخدام المصطلحات الدلالية، مثلا جميع الأساطير اليونانية التي كان هناك من يعتقد بصحتها يوما ما أصبحت الآن خرافات لأن لا أحد يؤمن بصحتها، وهناك من يرى أن مصطلح أساطير يونانية يجب أن يغير فيقال "الخرافات الروائية اليونانية".
فاذا اردنا ان نعرف الفرق بين الأسطورة والخرافة والعلاقة بينهما فلن نجد سوى اختلاف واحد فقط بينهما ربما لا يلاحظه الكثير ألا وهو "الحقائق التاريخية" فالأسطورة تختلف عن الخرافة أن فيها بعض الحقائق التاريخية، ومن هنا نرى أن فيكتور هوجو عرف الملحمة بقوله "هي التاريخ ينشد على باب الأسطورة" ولم يقل الخرافة لأن الأسطورة هي التي تذكر الحقائق التاريخية، فالكلمتان تشتركان في نواة معنوية جامعة وهي الكلام المخبر عن شؤون الأوليين وسيرهم وأخبارهم في زمن ولى إلا أن بها بعض الفروق المعنوية ودلالات خاصة بظروف التلفظ والقول الأساطير في نظر أصحابها هي عين الحقيقة ولكن قد تكون في عين غيرهم هي عين الباطل والوهم .
ان الأسطورة شكل من أشكال الوعي الاجتماعي، يمثل حصيلة ذهنية لجهود جماعية لم تكن قد امتلكت بعد القدرة على ممارسة التفكير الفلسفي النظري. فالاسطورة تجسد نظرة المجتمعات القديمة إلى العالم الذي يشمل الكون والمجتمع وهو تعريف شمولي يحدد الأسطورة في صيغتها العامة، لكن اذا اردنا ان ندخل في التفاصيل فيجب علينا ان نبحث عن تعريف اكثر تخصصا من هذا التعريف الشمولي لتقديم تعريف تفصيلي وليبقى السؤال: ما هي الأسطورة؟
يمكننا ان نقول: الأسطورة تشير إلى شيء ممكن تاريخيا وإن كان مستبعدا وهي علم ولها محل أعتقاد ولها أصل وقد لخص ذلك د.عبد المعطى شعراوي فى مقدمة دراساته في علم الأساطير بقوله: (كانت الأساطير أديان الشعوب) قبل انتشار الأديان. في حين أن الخرافة كذبة لا اصل لها وتشير إلى شيء مستحيل وإن اعتقد البعض بصحته وجواز حدوثه.



#منير_ابراهيم_تايه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في بلد العميان
- هوس الكتابة.. وطقوس لا تخلو من الغرابة؟!
- أدباء وشعراء -منحوسون- واحلام على قائمة انتظار -نوبل-؟!
- وعد بلفور.. بيت العنكبوت الذي صار حصنا
- من هم البرابرة*؟
- -الساعة الخامسة والعشرين- عرت الوجه الحيواني للانسانية
- --الغابة النرويجية- للياباني هاروكي موراكامي اليابان بين نقد ...
- تصريح -بلفور- وعد ام عقد مشاركة؟
- صناعة الغباء والتلاعب بالعقول؟
- بين الضوء والظل .. اللامنتمي!!
- قيس بن الملوح... امام العاشقين
- -قناديل ملك الجليل- لابراهيم نصر الله.. رواية الثورة والحلم
- -أبناء الأيام- لإدواردو غاليانو: متحف الذاكرة الإنسانية
- -النفوس الميتة- ثقب في ضمير الانسانية!!؟
- رضوى عاشور في -الطنطورية- تعيد سرد تاريخ النكبة الفلسطينية
- -الخيميائي- رواية فلسفية تأخذك لعالم الروح
- الف شمس مشرقة لخالد حسيني
- -عزازيل- يوسف زيدان.. تشابك المتخيل والتاريخي
- الفكاهة والهزل في الادب
- -الذرة الرفيعة الحمراء- لمو يان.. عوالم روائية مدهشة


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - هل الاسطورة هي الخرافة؟