أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - منير ابراهيم تايه - وعد بلفور.. بيت العنكبوت الذي صار حصنا















المزيد.....

وعد بلفور.. بيت العنكبوت الذي صار حصنا


منير ابراهيم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 5320 - 2016 / 10 / 21 - 16:55
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


كانت تلك عقيدته ووسيلته، أن يقتطع رطلا من اللحم في حال لم يحصل على المال رغم ثرائه الفاحش، تمكن الشر منه، والخبث أيضا أضمر في قلبه حقدا وكرها لمسيحي حتى تسنح له فرصة الانتقام منه، وعندما آتته الفرصة، قرر اليهودي شايلوك أن يأخذ من لحم المسيحي أنطونيو، لتبقى واقعة "تاجر البندقية" التي حدثت في فينسيا الإيطالية باقية في أذهان العالم الى يومنا هذا.
رائعة شكسبير "تاجر البندقية" ربما كانت أول نقطة نور تسلط النظر على علاقة اليهود بالمسيحيين في المجتمع الأوروبي، وهو ما سبب معاداة التوجه الرسمي لليهود لشكسبير، حيث أبرز شكسبير مدى كراهية الإنجليز لليهود، لتكون تلك نقطة البداية في التفكير بطريقة تجلي اليهود من أوروبا.
ان رحلة إقامة وطن لليهود خارج أوروبا، التي أنتجت في النهاية وعد بلفور الذي أصدرته الحكومة البريطانية بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين حيث مر مسلسل توطين اليهود، بمراحل متعددة نهايتها كانت وعد بلفور البريطاني، إلا أن الحلقات الأولى شاركت فيها فرنسا، وألمانيا، وروسيا، حيث بدأت فكرة إخراج اليهود من أوروبا بوطن مستقل في أرض فلسطين...
وفي مقابلة مع مجلة "نيوستيتمان" بتاريخ 15/11/2002 اقر وزير الخارجية البريطاني الاسبق جاك سترو بمسؤولية بلاده التاريخية عن الكثير من النزاعات الحالية في العالم والمنطقة العربية وخاصة القضية الفلسطينية والنزاع بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير من خلال قوله: "أجد نفسي الآن في مواجهة الكثير من المشاكل التي أرى من واجبي الاهتمام بها. وهي جميعاً من مخلفات الماضي الاستعماري. فهناك وعد بلفور، والضمانات المثيرة للجدل التي أعطيت للفلسطينيين للاحتفاظ بأرضهم في نفس الوقت الذي أعطي فيه الحق للإسرائيليين في الاستيلاء عليها، وكلها تمثل تاريخاً عامراً بالإثارة إلا أنه غير مشرّف أبدا، إن الكثير من النزاعات الحالية بين الدول هي من نتائج ماضينا الإمبريالي، وينبغي علينا تسويتها".
هذا التصريح البريطاني المتأخر لم يترافق ببذل أي جهد سياسي حقيقي يجعل من البريطانيين يخطون خطوة واحدة باتجاه تكفيرهم عن ذنوبهم التاريخية لإلغاء بعض او جزء من آثار وعد بلفور عن كاهل الشعب الفلسطيني، كما أن الحكومات البريطانية لم تقدم أي دعم للقرارات الدولية التي تدين "إسرائيل" على مخالفتها لكافة القوانين والأعراف الدولية والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي مقابل ما شكله تصريح بلفور قبل 100 عام من تزييف للتاريخ..
العروس جميلة.. ولكنها متزوجة؟!
من هي العروس ؟ ومن هو زوجها ؟ وما مناسبة هذه المقولة ؟
حين كان هيرتزل يروج للهجرة لفلسطين ويزينها في أعين اليهود ويحاول أن يصرفهم إليها بدلا عن أمريكا وقد قال قولته المشهورة عن فلسطين بأنها " أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض"، الأمر الذي جعل الطبيب ماكس نوردو الساعد الأيمن لهيرتزل يرسل اثنين من كبار رجال الدين اليهود إلى فلسطين ليقنعهم بفكرة هيرتزل ولكن الحاخامين صدموا مما وجدوا هناك وأرسلوا رسالة إلى ماكس نوردو قالوا فيها: "العروس جميلة جدا، ومستوفية لجميع الشروط، ولكنها متزوجة فعلا"، العروس هي فلسطين وزوجها هو الشعب الفلسطيني، ففهم نوردو أن اغتصاب هذة الأرض لن يتم إلا بطريقة واحدة وهي قتل ذاك الزوج،
فكانت 117 كلمة انجليزية فقط هي التي زورت التاريخ وغيرت جغرافيا الشرق الاوسط، أشبه بتغريدة على موقع "تويتر" في أيامنا هذه، لكنها كانت كلمات سحرية سوداء، وعد من شخص لا يمتلك بانتزاع وطن من شعبه، وشعب من وطنه، حوّلت شعبا كاملا إلى لاجئين، (وإن كانت كلمة شعب فضفاضة لوصف حال اليهود حينها)، إلى مالك لأرض شعب اختلط دمه وعرقه بترابها، إنه "وعد بلفور"، فقد كان "آرثر بلفور" مهندس الفكرة ومجسدها السياسي؛ وبعد مضي عام وخمسة اشهر على توقيع اتفاقية سايكس - بيكو صدر وعد بلفور في الثاني من تشرين الثاني 1917 كانت فلسطين لا تزال في يد العثمانين، لم يحدد وعد بلفور حدود هذا الوطن القومي الذي اهتم الصهاينة بان تشمل ارض اسرائيل الموارد التي تسمح بقيام دولة حديثة في فلسطين، فاهتموا بموارد المياه مثل نهر الليطاني ومنابع نهر الاردن و جبل الشيخ، فما هي الحدود التي طلبها الصهاينة لوطنهم القومي؟
وبعد صدور وعد بلفور عام 1917م تقدم حاييم وايزمان رئيس المؤتمر الصهيوني آنذاك إلى لويد جورج رئيس وزراء بريطانيا طالبا تحسين حدود إسرائيل حسب وعد بلفور، لتضم حوض الليطاني وجبل الشيخ وتضم أنهار الأردن وبانياس واليرموك..
ورغم عدم وضوح أسباب هذا الوعد إلا أننا نجد تفسيرات مختلفة حول دوافعه، فبلفور نفسه يبرر عمله بأنه كان بدافع إنساني. أما المصادر الإسرائيلية التاريخية فرأت فيه مكافأة للباحث حاييم وايزمان الذي خدم بريطانيا في ما يقولون إنها اكتشافات علمية أثناء الحرب العالمية الأولى.
وهذه التفسيرات ليست مقبولة استنادا إلى أحداث وقراءات تاريخية مفادها أن بلفور لم يكن يفكر في مأساة اليهود الإنسانية، فقد رفض التدخل لدى الروس لمنعهم من "اضطهاد اليهود" كما أن مساهمة اليهود في دعم بريطانيا في الحرب كانت محدودة ومقتصرة على بعض اليهود غير الصهاينة. أما لويد جورج، الذي أصدرت حكومته الوعد، فقد برر القرار في كتابه "الحقيقة حول معاهدات الصلح" بعدة عوامل منها ما يفيد بأنه كان هناك سباق مع ألمانيا حول كسب اليهود إلى جانبهم. ورأت بعض الصحف البريطانية حينها في وعد بلفور إيجادا لقاعدة صهيونية في فلسطين لحماية مصالح بريطانيا في المنطقة، فضلا عن مد نفوذها الإمبراطوري إلى هناك
ويمكننا القول إن الحركة الصهيونية كانت تبحث فقط عن تأييد دولي لتنفيذ مخططها في الاستيلاء على فلسطين. لقد عقدت الحركة الصهيونية على فلسطين. قبيل صدور تصريح بلفور في العام 1917 أحد عشر مؤتمرا عاما تم خلالها تحديد الخيارات الصهيونية وتكريس هيمنة جناح الصهيونية السياسية الذي تزعمه منذ البداية تيودور هرتزل. وقد استند إلى نظرية مفادها أن حل المسألة اليهودية لن يتم بالهجرة والاستيطان فقط، وإنما أيضا بمساعدة واعتراف دوليين، وهو جوهر تصور هرتزل، الذي عبر عنه بمصطلح "البراءة الدولية" الذي استخدمه في المؤتمر الصهيوني الثالث 1899 بصيغة رسمية مفادها: "تتجه مساعينا صوب الحصول على براءة من الحكومة التركية بحيث تأتي هذه البراءة في ظل سيادة صاحب الجلالة السلطان العثماني. وحين تصبح هذه البراءة في حوزتنا، شرط أن تشتمل على الضمانات القانونية العامة اللازمة، يمكننا آنذاك الشروع في استعمار عملي واسع النطاق. وسوف نجلب للحكومة التركية منافع كبرى لقاء منحها إيانا هذه البراءة، فقيام دولة لليهود على أرض فلسطين يعد تحقيقا لما يعتقد "زورا" أنّه من تعاليم الدين المسيحي، ففكرة "عودة" اليهود إلى أرض فلسطين برزت كشرط لعودة المسيح عليه السلام ودخول اليهود في المسيحيّة، وبالتالي نهاية العالم. ومن الناحية السياسية، كانت بريطانيا تريد بهذه الخطوة ضمان تأييد اليهود في العالم في الحرب العالمية الأولى، لا سيما اليهود الموجودون في أمريكا والذين دفعوها بالفعل إلى دخول الحرب رسميا عام 1917.
فعملت لتمكين هذا المشروع، فهي التي أسست لليهود وهي التي دعمت استيطانهم وهي التي مكنتهم من الإستيلاء على الأرض وتهويدها وهي التي مكنتهم من إقامة الدولة وهي التي قمعت نضالات الفلسطينيين، فعملت على فلسطين عن محيطها العربي والإسلامي بوضع حاجز بشري من خلال استقدامها العمالة اليهودية، والسماح للوكالة اليهودية بشراء الأراضي وبناء المستوطنات.. وتدريب الكوادر العسكرية اليهودية العاملة في الجيش البريطاني في المستعمرات البريطانية وخصوصا الهند. فضلا عن تسليح التجمعات اليهودية بالعتاد الثقيل بذريعة حماية الممتلكات، كما ان بريطانيا وبالتعاون مع الدول الغربية في ذلك الوقت هي التي صاغت وعد بلفور ومررته إلى الدول الإستعمارية وأخذت عليه التأييد وهي التي احتلت فلسطين منذ عام 1917 و1918 وهي التي باشرت في تنفيذ وعد بلفور وهي التي ألزمت نفسها بتطبيق صك الإنتداب الذي أقرته عصبة الدول الإستعمارية على فلسطين والذي ينص على إلزام بريطانيا بتطبيق وعد بلفور، بريطانيا عبر وفائها بوعدها الذي عجزت كل الدول الاستعمارية عبر التاريخ عن بلورة هكذا وعد ما زال حتى هذه اللحظة يقتل ويدمر ويزرع الدمار والخراب في العالم منذ أكثر من 100 عام..



#منير_ابراهيم_تايه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هم البرابرة*؟
- -الساعة الخامسة والعشرين- عرت الوجه الحيواني للانسانية
- --الغابة النرويجية- للياباني هاروكي موراكامي اليابان بين نقد ...
- تصريح -بلفور- وعد ام عقد مشاركة؟
- صناعة الغباء والتلاعب بالعقول؟
- بين الضوء والظل .. اللامنتمي!!
- قيس بن الملوح... امام العاشقين
- -قناديل ملك الجليل- لابراهيم نصر الله.. رواية الثورة والحلم
- -أبناء الأيام- لإدواردو غاليانو: متحف الذاكرة الإنسانية
- -النفوس الميتة- ثقب في ضمير الانسانية!!؟
- رضوى عاشور في -الطنطورية- تعيد سرد تاريخ النكبة الفلسطينية
- -الخيميائي- رواية فلسفية تأخذك لعالم الروح
- الف شمس مشرقة لخالد حسيني
- -عزازيل- يوسف زيدان.. تشابك المتخيل والتاريخي
- الفكاهة والهزل في الادب
- -الذرة الرفيعة الحمراء- لمو يان.. عوالم روائية مدهشة
- العلم الحديث بين التعريب والعبرنة
- بابيون او الفراشة لهنري شاريير والصراع من اجل الحرية
- -عساكر قوس قزح- لأندريا هيراتا.. قصة المنسيين
- الحلاج.. مأساة عاشق؟!!


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - منير ابراهيم تايه - وعد بلفور.. بيت العنكبوت الذي صار حصنا