أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منير ابراهيم تايه - تصريح -بلفور- وعد ام عقد مشاركة؟















المزيد.....

تصريح -بلفور- وعد ام عقد مشاركة؟


منير ابراهيم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 5291 - 2016 / 9 / 21 - 14:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وعد بلفور أو تصريح بلفور المعروف أيضا بـوعد من لا يملك لمن لا يستحق وذلك بناءا على المقولة المزيفة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض تطلق على الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين... فلسطين التي كانت عبر التاريخ محل اهتمام اليهود ومحط أنظارهم، منذ ان تسربوا اليها بعد خروجهم من مصر وهم يحاولون أن يربطوا أنفسهم بهذه الأرض ويحاولون بشتى الوسائل أن يكون لهم موطئ قدم فيها، وكتب اليهود التاريخية وعلى رأسها التوراه تتحدث بكل صراحة أن بني إسرائيل عملوا جاهدين حتى يؤسسوا لهم في فلسطين مجتمعا يرقى إلى مستوى الدولة تكون إقامتهم فيه دائمة عوضا عن الترحال والتنقل، ولأن اليهود بطبيعتهم يمتلكون نفسية عدائية واستعمارية لم يكن مرحبا بهم في المنطقة أبدا على عكس الشعوب التي أتت إلى فلسطين واختلطت مع السكان الأصليين الكنعانيين وغيرهم، وحتى التحرير البابلي اقتصر على اليهود فقط ولم يشمل سكان فلسطين الأصليين، وهذا إنما يدل على أن اليهود لم يكونوا عبر التاريخ موضع ترحيب بسبب بغضهم لغيرهم وإثارتهم للفتن...
قبل وعد بلفور كان الحديث عن إنشاء وطن قومي لليهود... ولم تكن فلسطين هي الخيار الأول المقترح رغم مزاعم الارتباط اليهودي بفلسطين، فقد كانت العريش في صحراء سيناء احدى المقترحات التي قدمها رئيس الوزراء البريطاني تشامبرلين؛ بينما اقترح بلفور أوغندا، الا ان هذه المقترحات قوبلت بالرفض من المؤتمر الصهيوني السادس بدعوى أن أوغندا لن تجذب اليهود للهجرة إليها. تلا ذلك مجموعة من الخيارات شملت كندا، والأرجنتين، وجنوب أفريقيا الا انها قوبلت جميعها بالرفض من "خبراء" الصهيونية. ما يدفعنا للتساؤل حول إذا ما كانت فلسطين هي أرض الميعاد حقا؛ فلا داعي ليتباحث اهل السياسة في أمر اختيار وطن محتمل من بين عدة دول. وما هي الاسباب التي دفعت الحكومة البريطانية لفعل ما فعلت لتحقيق هذا الهدف؟
وعد بلفور هو الإسم الشائع المطلق على الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وقد جاء هذا القرار ليغير كل شيء، فلقرون عديدة لم يكن هناك مشكلة في فلسطين بل كان الجميع يتعايش فيها بسلام ، ففي سنة 1900 كان معظم سكان فلسطين من العرب إذ شكلوا 95% مقابل 5% لليهود، ومع مرور الزمن وازدياد التواطؤ العالمي كانت شراسة الاحتلال تزداد بلا رحمة.
فمن فهو ارثر بلفور هذا؟
ولد آرثر جيمس بلفور بلفور سنة 1848 في ويتنغهام التي تعرف اليوم باسم لوثيان في أسكتلندا. وبعد أن أنهى دراسته الأولية التي درس فيها تعاليم العهد القديم، أكمل دراساته العليا في كلية إيتون وجامعة كمبردج بإنجلترا، آمن بلفور كما أوضح في كتابه "العقيدة والإنسانية" أن الله منح اليهود وعدا بالعودة إلى أرض الميعاد، وإن هذه العودة هي شرط مسبق للعودة الثانية للمسيح، وإن هذه العودة الثانية تحمل معها خلاص الإنسانية من الشرور والمحن ليعم السلام والرخاء مدة ألف عام تقوم بعدها القيامة وينتهي كل شيء كما بدأ.
عمل وزيرا للخارجية 1916ـ 1919 في حكومة لويد جورج، انتخب بلفور لأول مرة في البرلمان سنة 1874، وعمل وزيرا أولا لأسكتلندا عام 1887، ثم وزيرا لشؤون إيرلندا من عام 1887 ـ 1891، ثم رئيس للخزانة من عام 1895 ـ 1902ورئيسا للوزراء من عام 1902 ـ 1905، تزعم بلفور حزب المحافظين لأكثر من عشرين عاما، وشغل منصب رئيس مجلس اللوردات 1924 ـ 1929 وتوفي عن عمر يناهز الـ 82 عاما
وما يبعث على الدهشة أن اللورد بلفور كان معاديا لليهود مبغضا لهم، إلا أن "حبه" لهم كان رغبة في التخلص منهم! يشاركه هذا الكره لليهود ايضا كل من تشامبرلين ولويد جورج لويد، وجورج ميلنر، وإيان سمطس الذين لعبوا دورا أساسيا لتحقيق نوايا السيطرة الغربية من وراء هذا الوعد، فقد كان بلفور يعارض الهجرة اليهودية إلى شرق أوروبا خوفا من انتقالها إلى بريطانيا، وكان يؤمن بأن الأفضل لبريطانيا أن تستغل هؤلاء اليهود في دعم بريطانيا من خارج أوروبا ومن الثابت تاريخيا أن بلفور كان معاديا لليهود، وأنه حينما تولى رئاسة الوزارة الإنجليزية 1903ـ 1905 هاجم اليهود المهاجرين إلى إنجلترا لرفضهم الاندماج مع السكان واستصدر تشريعات للحد من الهجرة اليهودية.
أعجب بلفور بشخصية الزعيم الصهويني حاييم وايزمان الذي التقاه عام 1906، فتعامل مع الصهيونية باعتبارها قوة تستطيع ان تخدم السياسة الخارجية لبريطانيا وبالأخص قدرتها على إقناع الرئيس الأميركي ولسون للمشاركة في الحرب العالمية الأولى إلى جانب بريطانيا. وحين تولى منصب وزارة الخارجية في حكومة لويد جورج في الفترة من 1916 إلى 1919 أصدر أثناء تلك الفترة وعده المعروف بـ"وعد بلفور" عام 1917 انطلاقا من تلك الرؤية.
لم يكن بلفور يعمل في وعده هذا بوحي من اتجاهاته وميوله الشخصية، وانما كان الرجل الذي شاء له منصبه ان يكون الوسيلة المعبرة للارادة الاستعمارية التي أقرت الوعد وأصدرته وعهدت الى بلفور باذاعته واعلانه، بل ان هناك نظاما كاملا هو الاستعمار، حيث نال قبل صدوره موافقة دول الحلفاء الكبرى جميعها وتصديق الرئيس ولسون بصفته ممثلا لحكومة الولايات المتحدة الاميركية.
اتخذت الحركة الصهيونية العالمية من وعد بلفور مستندا قانونيا يدعمون به مطالبهم في سبيل إقامة الدولة اليهودية على الرغم من عدم شرعية هذا الوعد لاسباب كثيرة منها:
ـ إن هذه الرسالة ليست معاهدة وليست لها أية قيمة قانونية باعتبار إن وعد بلفور يمنح أرضا لم تكن لبريطانيا أية رابطة قانونية بها، فبريطانيا لم تكن تملك فلسطين والحكومة البريطانية التي اصدرت هذا الوعد خولت لنفسها الحق في إن تتصرف تصرفا مصيريا في ارض ليست لها عليها أية ولاية وتعطيه للآخرين دون أن ترجع إلى أصحابه، وفلسطين التي كانت جزءا من ولايتي طرابلس وبيروت في الدولة العثمانية رفضت تصريح وعد بلفور، ولم تعترف بحق اليهود في فلسطين وبالتالي فانه غير ملزم للفلسطينيين.
ـ إن وعد بلفور تنعدم فيه الأهلية القانونية فطرف "التعاقد" مع بريطانيا في هذا الوعد هو شخص وليس دولة، فوعد بلفور خطاب أرسله بلفور إلى شخص لا يتمتع بصفة التعاقد الرسمي وهو روتشيلد.
ـ إن وعد بلفور باطل لعدم شرعية مضمونه كون موضوع الوعد هو التعاقد مع الصهيونية لطرد شعب فلسطين من ارضه وإعطائها إلى غرباء، فمن أسس التعاقد ان يكون مشروعا بمعنى أن يكون موضوع الاتفاق بين الطرفين جائزا وتقره مبادئ الأخلاق، وحسب وثائق سرية نشرت وزارة الخارجية البريطانية في عام 1952، ورد في مذكرة وضعها بلفور عام 1917 ما يلي: "ليس في نيّتنا حتى مراعاة مشاعر سكان فلسطين الحاليين، مع أن اللجنة الأميركية تحاول استقصاءها. إن القوى الأربع الكبرى ملتزمة بالصهيونية. وسواء أكانت الصهيونية على حق أم على باطل، جيدة أم سيئة، فإنها متأصلة الجذور في التقاليد القديمة العهد وفي الحاجات الحالية وفي آمال المستقبل، وهي ذات أهمية تفوق بكثير رغبات وميول السبعمائة ألف عربي الذين يسكنون الآن هذه الأرض القديمة.
هذا الوعد الذي أثار الجدل حول ما إن كانت خطوة للخلاص من اليهود، وإبعادهم عن أوروبا والتخلص منهم ليدفع الشعب الفلسطيني في النهاية فاتورة كره العالم لليهود بثمن باهظ للغاية ما زالوا يدفعونه حتى بعد مرور تسع وتسعون سنة على هذا الوعد.
ولتوضيح مدى خطورة هذا التصريح يقول الكاتب والصحافي البريطاني ديفيد هيرست في كتابه الشهير"البندقية وغصن الزيتون": كان وعد بلفور إحدى وثيقتين رئيسيتين شكلتا التاريخ الحديث في الشرق الأوسط. أما الوثيقة الثانية فهي اتفاقية سايكس ـ بيكو، ولقد جاء هذا الوعد نتيجة لهذه الاتفاقية إلا أن أهميته تفوق أهمية هذه الاتفاقية بمراحل، كون هذه الوثيقة غيرت مجرى التاريخ تغييرا جذريا مثلما فعلت بالصراع العربي ـ الإسرائيلي الذي هو في العالم المعاصر المشكلة الأولى التي يحتمل أن تفجر يوم القيامة النووي. وإذا حصل ذلك فإن من يبقى على قيد الحياة من المؤرخين لاشك سيسجل أن المشكلة كلها ابتدأت برسالة مختصرة، بريئة المظهر لا تزيد على 117 كلمة بالإنكليزية وجهها آرثر بلفور وزير الخارجية البريطاني إلى اللورد روتشيلد في الثاني من تشرين الثاني 1917.
كما لم يجد المؤرخ الكبير أرنولد توينبي مناصا من إدانة بلاده على تقديم وعد بلفور للحركة الصهيونية، معلنا انه كإنكليزي يشعر بالخجل والندم الشديدين على ازدواجية المعايير الأخلاقية التي حكمت سلوك حكومة بلاده في الإقدام على هذه الفعلة المنكرة.
ان بلفور كان سببا في معاناة الفلسطينيين حتى يومنا هذا، وأنه بوعده هذا صادر حق الشعب الفلسطيني أنذاك في تقرير مصيره بنفسه وأسس لمشروع إرهابي لا زال العالم يعاني نتائجه إلى اليوم، إن وعد بلفور ليس مقدسا، وأنه يجب التراجع عما ورد فيه والاعتذار للشعب الفلسطيني عما عانى بسببه من كوارث. وما دام العالم يواصل العودة إلى وعد بلفور كمرجع فإن النزاع والصراع سيظّلان رهينة مشكلة صنعوها كوننا نعيش اليوم في عالم ما تزال سنته الصراع على البقاء، عالم لم يشف من عقده وغرائزه المكبوتة ولم ينتصر على رواسب التاريخ ويبدو أن الصراع على البقاء قد بلغ الآن من الضراوة ما لم يبلغه في أي عصر آخر حيث اعطت الآلة لمن يبدعها قوة هجومية لا حد لها.



#منير_ابراهيم_تايه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة الغباء والتلاعب بالعقول؟
- بين الضوء والظل .. اللامنتمي!!
- قيس بن الملوح... امام العاشقين
- -قناديل ملك الجليل- لابراهيم نصر الله.. رواية الثورة والحلم
- -أبناء الأيام- لإدواردو غاليانو: متحف الذاكرة الإنسانية
- -النفوس الميتة- ثقب في ضمير الانسانية!!؟
- رضوى عاشور في -الطنطورية- تعيد سرد تاريخ النكبة الفلسطينية
- -الخيميائي- رواية فلسفية تأخذك لعالم الروح
- الف شمس مشرقة لخالد حسيني
- -عزازيل- يوسف زيدان.. تشابك المتخيل والتاريخي
- الفكاهة والهزل في الادب
- -الذرة الرفيعة الحمراء- لمو يان.. عوالم روائية مدهشة
- العلم الحديث بين التعريب والعبرنة
- بابيون او الفراشة لهنري شاريير والصراع من اجل الحرية
- -عساكر قوس قزح- لأندريا هيراتا.. قصة المنسيين
- الحلاج.. مأساة عاشق؟!!
- ابن باجة الاندلسي والمدن غير الفاضلة
- ساق البامبو .. والبحث عن الوطن .. في غربة الانسان
- -طوق الحمامة- لابن حزم ... الحب بمبضع الأدب
- الخط العربي .. فن يتحدى الزمن


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منير ابراهيم تايه - تصريح -بلفور- وعد ام عقد مشاركة؟