أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منير ابراهيم تايه - بين الضوء والظل .. اللامنتمي!!















المزيد.....

بين الضوء والظل .. اللامنتمي!!


منير ابراهيم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 5249 - 2016 / 8 / 9 - 15:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اللامنتمي هو إنسان سلبت منه قوة البشر أو قوة الطبيعة قدرته على الشعور بشيء ما، وبالمقابل منحته قيمة الشعور بعدم قبول الواقع كما هو، مع ظهور شعور بالحاجة إلى تعويض، بهدف أن يجد طريقا إلى نفسه. أما اللامنتمي باعتبار الآخرين، فهو إنسان عليل ولكنه ليس بمجنون، هو إنسان أكثر حساسية من الأشخاص المتفائلين صحيحي العقول. إنه إنسان يسعى في طلب الانتماء والانخراط في العالم المحيط بصورة طبيعية، ولكنه يتراجع حينما يرى أنه قد لا يسمح له بأن يثبت ذاته في موضعٍ يمكنه من تأدية دور خارج عن الرتابة، الدور الذي يرى أن لا أحد غيره يجيده، إنه شخصية قوية وذكية وحيوية في بعدٍ ما، ومن الطبيعي أن تتحول حيويته، حين يعجز عن التعبير عن ذاته، إلى بحث عن مخارج بواسطة التطرف والشذوذ السلوكي
يقول كولن ولسون في كتابه الشهير "اللامنتمي": "اللامنتمي هو الانسان الذي يدرك ماتنهض عليه الحياة الانسانيه من اساس واه، وهو الذي يشعر بان الاضطراب والفوضويه أكثر عمقا وتجذرا من النظام الذي يؤمن بهِ قومه .. انه ليس مجنونا ؟، هو فقط أكثر حساسية من الاشخاص المتفائلين صحيحي العقول .. لكنه الوحيد الذي يعلم أنه مريض في حضارة لا تعلم أنها مريضة، مشكلته في الاساس هي مشكلة الحرية .. هو يريد أن يكون حرا ويرى أن صحيح العقل ليس حرا، ولا نقصد بالطبع الحرية السياسية ، وانما الحرية بمعناها الروحي العميق .. ان جوهر الدين هو الحرية ولهذا : فغالبا ما نجد اللامنتمي يلجأ إلى مثل هذا الحل اذا قيض له أن يجد حلا،
هذا "اللامنتمي" هنا، هو "لامنتمي آخر" غير ذاك الذي عناه ولسون... وإن كانت البداية من هناك فما معنى أن تنتمي أو لا تنتمي؟؟ وما هو الشعور بالانتماء؟؟ هل أنت منتمي لوطنك؟ أم لأصلك؟ أم لدينك؟ أم لمذهبك؟ أم لفكرك؟ أو أي شيء آخر؟
أو هل يمكن أن تنتمي لأكثر من شيء؟ منتمي لوطنك ولمذهبك مثلا؟ ثم ماذا لو حصل تعارض بينهما؟ تفضل أحدهما؟ هل يمكن أن يكون الانتماء نسبي؟
أم هل يمكن أن لاتنتمي لشيء؟ هل اللامنتمي هو نقيض المنتمي؟
بحسب كولن ولسون فإن اللامنتمي هو: "انسان لا يستطيع الحياة في عالم البرجوازيين المريح المنعزل ، أو قبول ما يراهُ ويلمسهُ في الواقع .. ذلك انه يرى أكثر وأعمق من اللازم ، انه يرى العالم معقولا ولا يراهُ منظما ، وحين يقذف بمعاني الفوضوية في وجه دعة البرجوازي ، فليس لأنه يشعر بالرغبة في في قذف معاني الاحترام باهانة لاثارتها، وانما لأنه يحس بشعور يبعث على الكآبه ، شعور بأن الحقيقة يجب أن تقال مهما كلف الأمر ، والا فلن يكون الاصلاح ممكنا .. بل وان هذه الحقيقة يجب أن تُقال حتى اذا لم يكن هنالك أمل ما . ان اللامنتمي انسان استيقظ على الفوضى ولم يجد سببا يدفعه إلى الاعتقاد بأن الفوضى غير ايجابية بالنسبة للحياة
كلام يبدو بكل وضوح جميلا.... ولكن.. هل الانتماء خيار أم قدر؟ وهل يجب أن تنتمي لشيء؟؟
و إذا كنا لا منتمين، فأي نوع من اللامنتمين نحن: واقعي أم رومانسي؟ و كيف تحاول السيطرة على نزعات اللاانتماء الخاصة بك؟
في حالة "اللامنتمي الواقعي/ الوجودي" الذي تكون درجة استشعاره للضحالة واللاحقيقية أوضح ما تكون عنده، حيث لا يكاد يلمس أثراً للمعنى في كل ما يقوم به، وتنتهي كل تجاربه العقلية و الشعورية إلى الشعور بالخذلان و الخيبة العميقة، و لعل رواية "غثيان" لسارتر هي أبرز مثال على هذه الحالة، فقد جاء على لسان البطل "ليس الغثيان داخلي، إنني أحس به في خارجي، هنالك في الحائط، في الحمّالات، في كل مكان حولي".
يرى اللامنتمي الوجودي محدودية العقل لكنه يرغب في نوع من التعويض عن هذه المحدودية، فيصطدم بمفاهيم اللاحقيقية و اللامعنى التي تمنعه من إيجاد الخلاص من هذه المأزق، فهو كما يقول ولسون "يجد أن ممارسته لهذه الحرية مستحيلة في عالم لا حقيقي، كإستحالة القفز حين يكون المرء في حالة السقوط إلى أسفل".

اما في حالة "اللامنتمي الرومانسي" و هو لا يختلف عن اللامنتمي الوجودي في شعوره باللاحقيقية، وعدم قدرة محيطه على إشباع رغباته لاسيما رغبته في الخلاص و التحرر، إلا أنه يختلف عنه في كونه حالما وشاعرا بالحاجة إلى وضعه في محيط خاص به، فهو يخشى أن لا يكون العالم مخلوقا لمواجهة متطلباته الروحية، و هنا يورد الكاتب مقطعا لـ "ستيفن ديدالاوس" بطل إحدى روايات "جيمس جويس" الذي بدأ حياته باعتباره معدا ليكون شاعرا: "ضايقه صراخ الأطفال و هم يلعبون، وجعلته أصواتهم الحمقاء يشعر بأنه مختلف عن غيره من الأطفال، و لم يكن راغبا في اللعب، وإنما كان يريد أن يلتقي في هذا العالم بالصورة المعنوية التي يحتفظ بها في ذهنه دائما ولم يستطع أن يعرف أين يجدها".
يتضح الفارق بين أسلوبي اللامنتمي الوجودي و اللامنتمي الرومانسي في أن الأول يسأل: "الحقيقة؟ ماذا يعنون بها؟" بينما الثاني يقول: "أين أستطيع أن أجد الحقيقة؟"، فاللامنتمي الرومانسي يشعر بأنه يجب أن تكون هنالك ما يعبر عنه ولسون بأنه "طريقة في الحياة تتميز دائما بالشدة التي يحس بها الفنان حين يكون ذاهلا ذهوله الخلاق"، و يرى أن في الحياة إمكانات مثيرة و إن كانت صعبة المنال فهي تستحق هذا الشغف و التعلق و مهما كانت تتسبب في إحباطه لإستحالة أن يعيش على نفس هذا المستوى من الشدة دائماً.

في نظرية "العقل الجمعي" عند دوركايم والذي يعرفه بأنه "شيء موجود خارج عقول الأفراد، وهو ليس مجموع عقولهم، ولا يشترط أن يكون موافقا لعقل أحد منهم، ولا لمزاجه الخاص، وهو يؤثر في عقول جميع الأفراد من خارج كيانهم، وهم لا يملكون إلا أن يطيعوه، ولو على غير إرادة منهم"
بهذا العقل الجمعي تشعر بالسعادة عند فوز الفريق الوطني (حتى لو لم تكن رياضيا او متابعا للرياضة)... كما تشعر بالحزن حين تقرأ عن هزيمة لأسلافك في التاريخ وان كانت قبل 1000 عام.. تشعر بالغضب عندما تسمع باعتداء على شخص من بلد آخر ولكنه على دينك، إذن بحسب هذه النظرية فالانتماء واجب وهو أمر مقدر لا خيار لك فيه ولكن هل هذه الفكرة صحيحة؟ فبحسب هذا العقل الجمعي فالبشر ليسوا سوى "قطيع"، أن تنتمي هو أن تكون جزءا لا ينفصل من هذا القطيع و أن لا تنتمي أو "اللامنتمي" هو إنسان يرفض أن يكون جزءا من القطيع وإن سار معه ولكنه لا يطيع إلا ما يمليه عليه عقله الخاص وإرادته الذاتية... هو إنسان يمتلك قراره وحريته..
يحدث أن تستيقظ فجأة من ذهولك تضيق بما يحدث حولك.. أولا يكون لي الحق في أن (لا أنتمي) لو كان الإنتماء يعني أن أكون في أقصى اليمين أو أقصى الشمال؟
حق لأدمغتنا أن تنفجر، فقد باتت الحياة لا تتطاق، ولا أرى العقدة إلا تزداد تعقدا يصعب معه فكها!
ان الصمت في خضم النزاعات سبيلك الوحيد لحفظ ذاتك العاقلة وهي ترى اندفاعات المتنازعين وزحام افعالهم وأقوالهم تكتظ بالكثير من الأخطاء والمفارقات، فالنزاع عادة لا يترك الا عينا واحدة تبصر، لتبصر ما تريده فقط. وحين تكون عينا واحدة هي التي ترى، فان اذنا واحدة هي التي تسمع، فأنى أن يصغي اليك أحد في ضجيج المعارك وفي أتون الحروب الطاحنة وفي لجاج التخاصم العنيد..



#منير_ابراهيم_تايه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قيس بن الملوح... امام العاشقين
- -قناديل ملك الجليل- لابراهيم نصر الله.. رواية الثورة والحلم
- -أبناء الأيام- لإدواردو غاليانو: متحف الذاكرة الإنسانية
- -النفوس الميتة- ثقب في ضمير الانسانية!!؟
- رضوى عاشور في -الطنطورية- تعيد سرد تاريخ النكبة الفلسطينية
- -الخيميائي- رواية فلسفية تأخذك لعالم الروح
- الف شمس مشرقة لخالد حسيني
- -عزازيل- يوسف زيدان.. تشابك المتخيل والتاريخي
- الفكاهة والهزل في الادب
- -الذرة الرفيعة الحمراء- لمو يان.. عوالم روائية مدهشة
- العلم الحديث بين التعريب والعبرنة
- بابيون او الفراشة لهنري شاريير والصراع من اجل الحرية
- -عساكر قوس قزح- لأندريا هيراتا.. قصة المنسيين
- الحلاج.. مأساة عاشق؟!!
- ابن باجة الاندلسي والمدن غير الفاضلة
- ساق البامبو .. والبحث عن الوطن .. في غربة الانسان
- -طوق الحمامة- لابن حزم ... الحب بمبضع الأدب
- الخط العربي .. فن يتحدى الزمن
- الناس كما هم / قصص قصيرة
- قصص قصيرة بجدم راحة اليد 5


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منير ابراهيم تايه - بين الضوء والظل .. اللامنتمي!!