أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - -عزازيل- يوسف زيدان.. تشابك المتخيل والتاريخي














المزيد.....

-عزازيل- يوسف زيدان.. تشابك المتخيل والتاريخي


منير ابراهيم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 5146 - 2016 / 4 / 28 - 19:32
المحور: الادب والفن
    


""نظرت إلى الثوب الممزق في تمثال يسوع، ثمّ إلى الرداء الموشى للأسقف! ملابس يسوع أسمالٌ بالية ممزقة عن صدره ومعظم أعضائه، وملابس الأسقف محلاة بخيوط ذهبية تغطيه كلّه، وبالكاد تظهر وجهه. يد يسوع فارغة من حطام الدنيا، وفي يد الأسقف صولجان، أظنّه من شدّة بريقه، مصنوعا من الذهب الخالص" عزازيل" ص146
يشير عنوان "عزازيل" في اللغة العبرية إلى أبليس، والرواية كما يسوق المؤلف في محاولة لإقناع القارئ بواقعية أحداثها وشخصياتها عبارة عن ثلاثين رقا جلديا، سجل عليها راهب يدعى"هيبا" مخطوطات مذكراته باللغة السيريانية، ودفنها في صندوق خشبي مغلق منذ القرن الخامس الميلادي، وعثر عليها في آثار "دير سمعان العمود" بالقرب من مدينة حلب، ولمزيد من الواقعية تحكي وصفا دقيقا لهذه الرقوق والفترة التي قضاها المترجم في ترجمتها وتفصيلا أكثر حول طريقة تحقيق وترجمة هذه الوثائق ، وكأنّك أمام وثيقة تأريخيّة حقيقية، والكاتب لم يوضح في اي جزء منها ان الشخصيات والرقوق غير حقيقية ما شكل التباسا لدى القارىء حول حقيقة الشخصيات والاحداث ، وبعد هذه المقدمة تختفي شخصية المترجم، بعد أن اكتمل دورها في المهمة الموكولة إليها بايهام القارىء بأن ما يقرأه قد استند الى وقائع تاريخية، ولكي تكتمل عناصر اللعبة، افسح الفضاء الروائي لحضورشخصية الراهب هيبا لكي يصبح الراوي الأوحد للأحداث .
والمخطوطات تتضمن سيرة انتقاله بين أديرة الاسكندرية وأنطاكية وصولا إلى الدير الواقع في أطراف حلب، بما في ذلك الوساوس والإغواءات التي أوقعه فيها أبليس، وهو يحرضه أن يكتب بصراحة وجرأة مذكراته، ويقول له: "عزازيل الذي يأتيك، منك وفيك".
"هيبا" بطل الرواية راهب مصري يشتغل في الطب، ارتحل من أسوان إلى أخميم في الصعيد إلى الاسكندرية حيث شهد وقائع عنف من غلاة المسيحيين ضد من وصفوا بالزندقة ثم ارتحل إلى شمال الدلتا مرورا بسيناء والبحر الميت، اقام في أورشليم فترة، ثم انتقل ليستقر في دير شمالي مدينة حلب. هيبا الذي كان مطاردا من عزازيل وهو يتنقل بين البلدان. والجدل والصراع بينهما كان قائما، عزازيل كان حريصا على ان يوقظ في داخله رغبات ومشاعر وهواجس انسانية تتقاطع مع زهده عن الحياة ويثير في داخله اسئلة تجعله متأرجحا وقلقا في ايمانه وقناعاته فتتولد في داخله شكوكا تتعرض لما كان يؤمن به من عقيدة مسيحية اختارها أن تكون طريقا له في الحياة بعد أن كان ابوه على دين ابائه واجداده من الفراعنة، حتى انه شهد مقتل والده وعمره لم يتجاوز بعد الثانية عشرة عندما كان برفقته على قارب الصيد، بعدما خرج عليه مجموعة من المسيحيين كانوا قد تربصوا به عند معبد قديم يعتكف فيه مجموعة قليلة من الكهنة الفراعنة، اعتاد والد هيبا ان يجلب لهم خفية وقبل شروق الشمس نصف ما يصطاده من السمك كل يومين..
ورواية"عزازيل" حافلة بالتفاصيل عن الدين المسيحي، وصراعات قساوسة الكنائس المختلفة لدرجة التكفير وما رافق وسبق ذلك من تطرف بعض عامة المسيحيين لدرجة الاعتداء وقتل من اعتبروهم من الزنديقات. والأعجب من الرواية ذاتها أن مؤلفها الدكتور يوسف زيدان كاتب مسلم. بالتالي، فإن خوضه في ملكوت المسيحية تاريخيا بهذه الدقة والأناة يدعو للاستغراب، خاصة وأنه تناول أحد رموز الكنيسة البابا كيرولوس العمود البطرك الرابع عشر للكنيسة، والحملة ضد رجل الدين المنفتح نسطور، والتأريخ للكنيسة في القرنين الرابع والخامس ميلادي، رغم أن المؤلف بدأ بمحاولة إقناع القارئ بأن كتابه عبارة عن جمع وثائق لعمل غير أدبي لا يد له فيها سوى ترجمتها ونشرها الا ان الجانب التخييلي هو الأهم في الرواية.
لا شك ان الرواية مبهرة وتشكل قفزة فنية وتقنية عالية الجودة كما انها كشفت عن المخبآت والمستورات في المجتمع الديني المغلق.. وعن حياة بعض الرهبان في هذا المكان.. وامتدت خيوط السرد إلى المكان المفتوح المتعدد كالانتقال من الإسكندرية إلى شمال مدينة حلب في سورية ثم إلى أنطاكية، والمؤلف مزج ضمير المتكلم بين الواقع والتخيل وبين الكتابة في الزمنين القديم والحديث ما يعبر عن قدرة الكاتب الفنية في سرد الأحداث بلغة روائية تداخلت فيها الأزمنة في أمكنة متعددة مصر وفلسطين وشمال سورية.. مبينا أن خط الصراع الثاني هو بين المسيحية والوثنية
كما يتداخل في الرواية التاريخي بالأسطوري بالواقعي.. فجبل الطير في صعيد مصر يحمل اشارات دلالية اسطورية قديمة فالطيور تأتي في كل عام وتحطّ عنده وتملأ الأجواء، ثم ترحل فجأة بعدما يضحي طير منها بنفسه، ويدخل رأسه بسفح الجبل ويتلقفه من الداخل شيء مجهول، لكنه لا يقتله إلاَّ بعد أن يجف جسمه ويسقط ريشه.. وهذه إشارة واضحة لبقية الطيور تحذرها من الغطس في نهر النيل.. ويتم الرحيل في الليل، والعودة في العام التالي وفي الموعد ذاته.. وهذا مؤشر على قدسية النيل باعتباره إلها يهابه المصريون ويقدسونه، خاصة في فترتي الفيضان.. ويثير البحر الخوف أيضا حينما تتلاطم امواجه
عزازيل رواية تبحث عن إمكانية العيش المشترك بين الجميع بعيدا عن الالغاء وتلمس مواطن الجمال والإبداع في كل مرحلة تاريخية من تطور.. حين بدأ الإنسان يبحث عن سر هذا الكون ووجوده كان هناك دافعا وحيدا هو البحث عن الطمأنينة في اكتشاف المحيط ومعرفة الكون وتكوين فكرة عن بدء الخليقة فكان الدين الذي بدأ بإثراء العالم الروحي للإنسان والارتقاء بوعيه
انها دعوة للاستفادة من دروس التاريخ فالخاسر الوحيد هو الإنسان إذ يعود إلى أكثر العهود جهالة وظلامية وقسوة؟
هي صرخة الإنسان للحياة والعودة بالدين إلى جوهره في بعث الطمأنينة في داخله وليس الخوف والرعب أو قسوة الآخر وبالتالي الرد بنفس القسوة كدفاع حتى تتوازى خطوط الدفاع والهجوم ويصبح الدين والاختلاف سببا لواقع قاسي ومؤلم نعيشه..



#منير_ابراهيم_تايه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكاهة والهزل في الادب
- -الذرة الرفيعة الحمراء- لمو يان.. عوالم روائية مدهشة
- العلم الحديث بين التعريب والعبرنة
- بابيون او الفراشة لهنري شاريير والصراع من اجل الحرية
- -عساكر قوس قزح- لأندريا هيراتا.. قصة المنسيين
- الحلاج.. مأساة عاشق؟!!
- ابن باجة الاندلسي والمدن غير الفاضلة
- ساق البامبو .. والبحث عن الوطن .. في غربة الانسان
- -طوق الحمامة- لابن حزم ... الحب بمبضع الأدب
- الخط العربي .. فن يتحدى الزمن
- الناس كما هم / قصص قصيرة
- قصص قصيرة بجدم راحة اليد 5
- 1984 لجورج اورويل.. مقاومة الديكتاتورية بالادب
- حجي جابر في رواية -سمراويت-.. وازمة البحث عن هوية
- قصص قصيرة بحجم راحة اليد 4
- قصص قصيرة بحجم راحة اليد 3
- للخيال جماله ولذته وسحره -رسالة التوابع والزوابع- لابن شهيد
- قصص قصيرة بحجم راحة اليد (2)
- قصص قصيرة بحجم راحة اليد
- فرنسا تنعى انسانيتها


المزيد.....




- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - -عزازيل- يوسف زيدان.. تشابك المتخيل والتاريخي