أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - 1984 لجورج اورويل.. مقاومة الديكتاتورية بالادب















المزيد.....

1984 لجورج اورويل.. مقاومة الديكتاتورية بالادب


منير ابراهيم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 5077 - 2016 / 2 / 17 - 07:45
المحور: الادب والفن
    



في عالم لا حرية فيه لا تستطيع أن تتنفس دون أن تتهم بمخالفة أوامر الدولة..
الرواية تدور أحداثها فى لندن عام 1984، حيث كان بطل الرواية الرسمي هو "ونستون سميث" مواطن من دولة أوقيانيا - وهي دولة شمولية كبرى من ضمن ثلاث دول تتقاسم العالم عام 1984- يعيش في لندن ويعمل موظفا في وزارة الحقيقة - إحدى الوزارات الأربع التي تشكل حكومة الحزب الأوحد، وهو الحزب الاشتراكي الإنجليزي - وكان "لسميث” شخصية متمرد على السلطوية التى تحكم البلاد، ولكن ذلك التمرد كان يداخله خوف من الاعتقال والموت، كما هو السائد فى تلك الأيام من أى شخصية متمردة، أو لها وجهة نظر مختلفة، أو نشاط. وتقود الحزب والدولة شخصية غامضة تدعى “الأخ الأكبر"، حيث تدور شخصية القائد الأكبر حول الشخص الذى يراقب جميع الشعب من خلال شاشة تسمي شاشة الرصد، توجد فى كل مكان فى البلاد وحتى فى منازل المواطنين وفى غرف نومهم، ويسيطر الأخ الأكبر على جميع تفاصيل حياة السكان الذين يعيشون تحت المراقبة المستمرة طيلة حياتهم، ويتحكم بمشاعرهم ويلغي أغلبها، مع إبقاء الغضب والكراهية والشك بالذات وبالآخرين.
و"الأخ الكبير” الشخصية الغامضة والزعيم الأول الذي يأتي في قمة هرم الحزب، يليه أعضاء الحزب الداخلي فالخارجي ثم عامة الشعب من الكادحين، أما شعارات الحزب فممثلة فيما يلي: “الأخ الكبير يراقبك"، "الحرب هي السلام..الحرية هي العبودية..الجهل هو القوة"، "من يسيطر على الماضي يسيطر على المستقبل، ومن يسيطر على الحاضر يسيطر على الماضي”.
أما الوزارات الأربعة والتى يعمل “ونستون سميث” بإحداها، اولها وزارة الحقيقة التي تزور الحقائق وتبتدع الأكاذيب، وتقوم بتزوير الماضي أو تخفيه، كما تقوم بتحريف ما جاء بالصحف الأجنبية، أو ما جاء بكتب التاريخ، فتغير وتعدل به، وتمزق ما لا تريده أن يصل.
والوزارة الثانية هي وزارة الحب التي تسوم الناس العذاب، ثم وزارة السلام المختصة بشئون الحرب، أما الرابعة فهي وزارة الوفرة التي تعني بتجويع الناس.
ولم تكن معاناة لندن الوحيدة في ذلك الوقت تنحصر في الديكتاتورية والظلم - حسب الرواية - وإنما كان الجوع والفقر على رأس تلك المعاناة، حيث كان المواطنون لا يجدون أواني الطهي، فتتصارع السيدات عند قدوم بائع للأواني المستهلكة والمتهاكلة للفوز بواحدة منه، أما عن الطعام فكان غير متوافر في الأسواق، وعن الأدوات اليومية يقول "سيمث" بطل الرواية: إنه كان لا يجد "موسا" للحلاقة، فيظل بهيئته لشهور حتى تتوفر "الامواس" للحلاقة في الأسواق.
وعلى الرغم من كل ذلك الفقر، إلا أن المواطنين كانوا لا يحتجون أو يتظاهرون ضد "الأخ الأكبر" حيث كانت لوزارة الحقيقة وشاشة الرصد عامل في إيهام المواطنين أن حالهم أفضل حال من الكثير من البلاد، وأن كل شئ متوفر، وأن خزينة الدولة مليئة بالكثير من الأموال، وأن المواطنين يعيشون أفضل عصورهم، أما عن الكتب والكتابة والقراءة، فكانت من الممنوعات، ومن المؤديات للهلاك، فكان من يمتلك قلما ومجموعة أوراق، يتهم بتهمة تسمى "الفكر"، فيعتقل أو يموت؛ تقول الرواية: "أما كم مرة.. أو كيف يمكن أن تخترق شرطة الفكر حياتك الخاصة فهذا أمر لا يمكن التنبؤ به، وإن كان من المفروض أنها ترصد الناس جميعا بلا انقطاع، إذ باستطاعة هذه الشرطة أن تدخل - متى شاءت - على خط أي كان.
وفى تلك الفترة - يقول أورويل: إن الحزب الأوحد الذى يقوده "الأخ الأكبر" مثلما يقود البلاد، يجب أن يشترك فيه جمع المواطنين، وبعد ذلك يقسم هؤلاء المواطنون على فروع الحزب ونشاطاته، ويقوم المواطنون بمراقبة بعضهم البعض، ويربي المواطن أولاده على ذلك؛ حتى وإن كان يراقب أحد أفراد أسرته، أو أحد جيرانه، أو زملائه فى العمل، ويقوم بالإبلاغ عنهم إن رأى عليهم شيئا من التصرفات المتمردة، حتى لو كانت مجرد كلمات، أو شيء من التفكير بعمق".
وفي نهاية الرواية يتم القبض على "ونستون"، ويدور حديث بينه وبين المحقق، فيقول له المحقق: "إن ذلك هو العالم الذي نعده يا ونستون، عالم يتألف من نصر تلو نصر، ونشوة تلو نشوة، وهو ما يمثل ضغطا على عصب السلطة. إنني أعتقد أنك بدأت تدرك ما سيكون عليه العالم، ولكن في النهاية سيطلب منك ما هو أكثر من الإدراك، سوف يطلب منك أن تقبل هذا العالم وترحب به وتصبح جزءا منه"، لكن ونستون اعترض قائلا: "إنكم لن تستطيعوا خلق عالم كالذي وصفته فذلك حلم يستحيل تحقيقه؛ لأنه من المستحيل أن تؤسس حضارة على الخوف والكراهية والقسوة، فمثل هذه الحضارة إن وجدت لا يمكن أن تبقى؛ لأنها ستكون خالية من أي حيوية، ومن ثم ستتفسخ وتنهار من داخلها".
لقد وصف "جورج أورويل" - بشكل دقيق - تحول القيم البشرية إلى أشياء هامشية، وسطوة الأحزاب السلطوية والشمولية على الناس والشعوب ليكونوا مجرد أرقام هامشية في الحياة بلا مشاعر ولا عواطف، وليس لديهم طموحات أو آمال، حيث يعملون كالآلات خوفا من الأخ الأكبر، ولينالوا رضاه؛ لأنه يراقبهم على مدى الساعة. كان الحزب يعتقد أن البشرية هي الحزب نفسه، وما عدا ذلك فهو معدوم الأهمية وخارج نطاقها، لكن صوت المعارضة الذي يمثله "سميث" كان يقول: في النهاية سوف يهزم العامة الحزب، ويرونه على حقيقته آجلا أو عاجلا، قائلا: "إنني موقن أنكم ستفشلون، ففي هذا العالم شيء لا أدري طبيعته، ربما يكون روحا أو مبدأ لن تتغلبوا عليه مطلقا".
حين يحل الظلام ، ويسكن اليأس في النفوس.. تتجول الأكاذيب في الشوارع وكأنها الحقيقة ، وعندما يبجل الخائن ، ويساء للثائر على واقعه ، ويختفي وهج الحب ، وتتجلى الكراهية ، وتتفنن النفوس بالوشاية ، وتفوح رائحة المكر ، وصورة الجمال هي القبح ذاته ، لا يعود كل شيء نظيفا.. عندها تبدو لأذهاننا حقيقة واحدة لا يمكن إنكارها تؤدي لذلك كله .. الاستبداد؟
كيف يصنع الاستبداد ! وكيف يترك وراءه أرواحا ميتة وإن كانت في الواقع حية ! وكيف يكون التناقض وكأنه هو الحقيقة ، يقول بأن الحرب هي السلام ، والحرية هي العبودية ، والجهل هو القوة ! كيف يصدق الناس كل تلك الأكاذيب وكيف يرضى بقلب الحقائق حتى على حسب مسميات الوزارات وقد كانت وزارة الحقيقة تعنى بتزوير وتغيير الماضي وحقائقه بالأكاذيب ، ووزارة الحب تعج بالكراهية والتعذيب ومن يدخلها لا يخرج كما كان ، هذا إن خرج ! ، كيف للعلم أن يكون سببا في التخلف ، وكيف للتقنية أن تراقب بلا تعب كل شيء ، حتى تعابير وجهك .. لاتخطئ في تقديرها ! وكيف يكون ضدك من ظننت يوما أنه معك، ومن كنت سببا في وجوده بالحياة ؟!
لا أشد ألما من ولد أطاش الاستبداد بعقله حتى وشى بأبيه أو بأمه .! ولا أقسى من القلوب التي يستهدف الاستبداد فطرتها ويبقيها كالحجر يكسر كل شيء ! وليس هناك أذل من نفس اعترفت بشيء لم تقترفه ، وقالت شيئا فظيعا لمجرد أن تهرب من العذاب
لكن الاستبداد وان كان يوهن الأرواح ، فإنه يخرج منها اشخاصا مستعدين للتضحية من أجل مايؤمنون به من معاني الحرية النبيلة
وأي شيء غير الحب يمكن أن يطيل عمرك ويتيج لك مساحة لتفكر كيف تثور ، وعجبا كيف يمكر المحبون ويتألقون وسط كل ذلك الحرمان ، إنه تخليد لذكرى الحب في غياهب الكراهية ، وعمق اليأس ، ووطأة الجور ، كيف لا وهناك إمرأة تشاركك حلمك ، وثورتك ، وتتقاسم معك جهد الفكر ، وتسندك حتى لاتفقد بالوحدة خيالك الحر الذي يسعدك بمجرد التفكير به
أقرؤها ليسكنكم الألم برهة، ولتفقدوا الأمل لحظة ، ولكن كونوا كونستون وجوليا ، ولاتدعوا النهايات تصيبكم بالحسرات ، واصنعوا ثورتكم الخاصة وليسقط الأخ الكبير مهما كان
لا استطيع ان اصف ذلك الشعور الذي غمرني لحظة انتهائي من قراءتها. ففي غمرة الصدمة قلت ان هذه الرواية بالغة الروعة، إنها تصف العقل المفكر للحزب أو للدولة كيف يتصرف مع الشعب وكيف يستحوذ على عقولهم إما برضاهم أو رغما عنهم.. انها رواية تشاؤمية بامتياز تحطم ايمانك بالامل وبالحياة، وبكل شيء جميل على هذه الارض.. ولكن كيف تقبلت هذا الكم من التشاؤم.. وهل كان أورويل مهتما بزرع هذه الروح التشاؤمية وأن ينشرها كعلامة على تحطيم الأمل وأية بذرة حقيقية في الحياة..؟



#منير_ابراهيم_تايه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حجي جابر في رواية -سمراويت-.. وازمة البحث عن هوية
- قصص قصيرة بحجم راحة اليد 4
- قصص قصيرة بحجم راحة اليد 3
- للخيال جماله ولذته وسحره -رسالة التوابع والزوابع- لابن شهيد
- قصص قصيرة بحجم راحة اليد (2)
- قصص قصيرة بحجم راحة اليد
- فرنسا تنعى انسانيتها
- انا وظلي
- انا وظلي/ اقاصيص صغيرة
- ماسح الاحذية/ وقصص اخرى قصيرة
- اسرائيل التي تخاف
- الصدفة والضرورة/ قصص قصيرة
- شاي بالنعناع/ قصص قصيرة
- حياة اخرى وقصص اخرى قصيرة
- محطات في فكر مالك بن نبي
- الكواكبي.. ومئة عام من الديكتاتورية
- شوق الدراويش ل -حمور زيادة- رواية تتكىء على التاريخ
- الحمار/ قصة قصيرة
- واسيني الاعرج في رواية -البيت الاندلسي- نكتب لأننا نحب الكتا ...
- عقلية الوفرة وعقلية الندرة..!؟


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - 1984 لجورج اورويل.. مقاومة الديكتاتورية بالادب