أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الدين ومستقبل البشرية.ح 2














المزيد.....

الدين ومستقبل البشرية.ح 2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5299 - 2016 / 9 / 29 - 09:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الحصيلة نحن أمام تصورات وأفكار متعارضة في النتيجة وفي التأسيس، ويبقى الدين هم محل التجادل الأول بين الإنسان والإنسان بين الأخذ والأمتناع وما بينهما من مسائل، لا بد لنا أن نعترف أنه برغم كل التحولات الثورية في عالم الزمن والعلم العقلي بقى الدين يمارس نفوذا ما على الواقع، ليس كأفراد فقط بل كثقافات وأفكار ووجود يشبه الوجود الحتمي الذي لا ينفك من مرافقتنا في كل الأحوال، وصحيح أن الدين تطور شكلا ومضمونا وسلوكا ونتائج من خلال رحلة الإنسان مع وعيه وحاجاته، لكن هذا التطور المحدث ليس بالضرورة في جذريات مفهوم الدين بل بتطور العقل البشري أساسا، فقد تحول الدين من صورة الغيبيات والأساطير والخرافات ليكون أقرب تماما للعقل التجريبي، حينما أراد أن يكون مشاركا وجوديا بتطوير قدرة العقل على تجاوز فكرة ثنائية الأرض والسماء وفكرة الموت والخلود، إلى واقع المصلحة والمنفعة البشرية من خلال أختيار التركيز على معنى الخير والشر والصح والخطأ ودفعه جديا نحو عالم التفكر والتدبر والتعقل.
لم يعد الدين يعني بصراعات الألهة ومشاكلها وخياناتها وخيباتها كما في وثنية التعدد، كما لم يعد يهتم بسرد قصص بطولة جند السماء وحكايات الجن والمردة وقوة السحر والطلاسم في إحداث تغيرات كونية، الدين في بعض سردياته القصصية يتعاطى مع بعض هذه الموضوعات بتقنية الإيحاء الواعي، ليركز على حقيقة أن الإنسان مطالب أن يكون أكثر قوة وإدراك وحنكة مما في قوة وتصرف أبطال هذه السرديات والقصص، وأن يفهم أن الله أو الرب أو الديان ليس بديلا عن الإرادة البشرية عندما يتعرض البشري إلى إشكالية ما، على البشري أن يفهم أن الدين مجرد محاولة فوقية لترقية النظام العقلي وتحديث مكوناته من خلال دعم إيجابي تشجيعي فقط وليس بمعنى الحلول الوظيفي بدل العقل.
هذا الحقيقية تقودنا لنتيجة أن الدين يمكن أن يستجيب لعوامل ومحفزات وقوانين التحديث وبدون شروط، الأساس أن كل فكر أو معرفة لا يمكنها أن تتأقلم مع واقع متحرك ينتهي في نقط ما على خط سير التاريخ، المطلوب اليوم ليس من الدين وحده بل من العقل الديني المنتج للمعرفة أن يبحث عن نقاط التقاطع، بين ما هو مرسخ في ذاكرته وبين حقائق تظهر يوميا على سطح الواقع تطالب العقل أن يبحث عن حلول، من هذه النقاط منها على سبيل المثال موضوع الحرية الفردية والعامة وحق الإنسان في الإيمان، وحدود التدخل الديني ومدياته وشكلياته في مسار السيرورة التطورية للزمن، وهذا لا يعني حصر الدين في زوايا ضيقة للحد من وجوده بل زج الدين حقيقيا في تحديث أنظمة العقل وقدرته على الفهم، الدعوة لتحديث الدين ليس منها والمراد فيها أن نبتكر قواعد دينية جديدة، ولكن الإقرار بأن التعاط معه بما هو موجود في ظل تضخم وتنوع وتعدد وتجدد أليات التعقل والتفكير، لا يسمح للدين أن يبقى في مجاله الحيوي في المنظومة العقلية بالصيغة الراهنة كمنتج معرفي فعال.
في قراءة سريعة وأحتمالية بناء على المعطيات الواقعية للعالم الوجودي خلال المستقبل المنظور، نجد أن هذا العالم سيحدث فيه الكثير من التبدل والتغير وسيشهد المزيد من التحولات الثورية في معنى العلم أولا، وسينسحب ذلك إلى المعرفة الإنسانية عموما لينسف الكثير من المعارف ويحط بشكل عظيم أيضا من شكلها المثالي والتصوري المبني على عقلانيات مسبقة، سيكون العالم القادم عالم الكشف عن الحقائق وإعادة ترتيب الصورة الكونية بشكل قد يخالف حتى تصوراتنا العلمية المعتمدة الآن، سيكون العلم الفوق الواقعي والمنطقي في كشفه لتفاصيل غاية في المجهولية الآن وفي الماضي هو مرتكز التبدل والتطور والتجديد، العلم سيكون هو المتحكم والمسيطر على حركة العقل بحيث سيظهر لنا مفهوم ديكتاتورية العلم وسطوة التجربة المختبرية على صناعة الوعي بالوجود، لم يعد التفكير هو دلالة الوجود بل سيصبح البرهان هو الدالة الأهم والمحورية في وجود الإنسان لنتحول إلى شعار (أنا أبرهن إذا أنا أجد الوجود).
هنا يمكننا أن نتساءل عن حقيقة دور الدين في هذا العالم المتحرك السريع الذي لا يؤمن إلا بالبرهان والحس المادي، الحقيقة من الصعب الإجابة عن هذا التساؤل وعن إمكانية حتى تشكيل صورة ذهنية عن ذلك الواقع، ولكن العقل والمنطق يطلبان منا أن نستعد لمرحلة حتمية مرحلة "ألا حقيقة ثابتة" و"ألا ثبوت ما لمعنى الحقيقية"، الدين بفهمنا الحالي هو مذهب الحقائق المطلقة والتي لا تقبل منا حتى التفكر في كونها حقيقة أم لا، هذه الإشكالية لا بد للعقل الديني من أن يحسمها سريعا وجديا قبل الاستحقاق وإلا وجد نفسه خارج دائرة الأهتمام، بل وقد نشهد عالما أحاديا ذو وجه واحد هو عالم بلا دين ولا معرفة دينية ستنهزم مع أكتشاف ما قبل الوعي وما فوق الإدراك.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مزادات فكرية
- شوكولاتة بطعم النفط.
- مشاكل التأقلم مع الهوية الفردية والجمعية في الفكر الديني
- حديث سري جدا مع قطرات الندى
- أعترافات ملحد
- لماذا نتخوف من الغد
- متى تنتهي جدلية الدين والدنيا
- على نية الرحيل أحمل همي
- العراق وخيار السلام
- هل نحتاج اليوم الى عمل جبهوي نخبوي في القيادة والتخطيط لرسم ...
- هيت لك ....... كلمات على وزن الشعر
- المدرسة العقلانية التجريبية ودورها في كشف ماهية المعرفة
- رحيل شاعر البلاط ...... من مأتم الشعر
- توظيف علاقة القيمة الدينية في الأقتصاد المجتمعي.
- تداعيات الانهيار ومرحلة ما بعد السقوط
- القيامة والنار وعبيد الصنم
- القضية الأخلاقية والإنسان المستبعد منها
- صورة البطل في المخيال الشعبي الديني. ح2
- صورة البطل في المخيال الشعبي الديني. ح1
- إحياء الوعي أم تفعيل العقل ح1


المزيد.....




- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الدين ومستقبل البشرية.ح 2