أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - صورة البطل في المخيال الشعبي الديني. ح1














المزيد.....

صورة البطل في المخيال الشعبي الديني. ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5281 - 2016 / 9 / 10 - 10:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


صورة البطل في المخيال الشعبي الديني. ح1


(فلما برز ..... إلى القوم وكان فارسا من خيرة فرسان العرب يمتطي الجواد الأدهم ورجلاه تخطان الأرض... فأرتعبت الصفوف وتفرقت وهو يزأر بهم كزئير الأسود .... قاتل حتى تكسرت بيده عشرات السيوف الهندوانية، فرماه رجل من خلف صخرة بسهم مثلث مغموس بالسم فسقط من جواده محاولا نزعه بالقوة والدم ينزف منه كشلال حتى عالجه .... بضربة من خلفه فلقت أم رأسه، نادى على أصحابه أن لا يتركوه صريعا في ساحة الأعداء ، فتنادى القوم إليه مسرعين وأنقذوه من براثن الأعداء وعالجته يهودية بالكي على الجرح، عاش بعدها سنين لكنه كان يحن دوما على أن يموت بين السيوف والرماح بدلا من هذه الميتة على الفراش)، هذا النموذج الفج المتداع المهلهل واحدا من عشرات الصور التي يطرحها المخيال الشعبي عن بطله الذي يخوض غمار الحرب دون أن نعلم لماذا أصلا هو يحارب، ولأجل أي قيم ركب جواده وأرتحل إلى مكان بعيد ليحارب؟, مثل هذه الأسئلة وغيرها لا تثار حينما يسوق الديني مشروعه التجميلي لقضية الحرب والغزوات والجهاد.
المخيال الشعبي من خلال قراءة النصوص التي نقلها التاريخ لنا يرسم صور بنمطية ظاهرية حسية تثير في المتلقي إحساساته الغريزية، لكنها لا تثير فيه الوعي العقلي المستهدف أساس من وظيفة الصورة التأريخية، وحتى عندما ينقل وقائع حدثت بالفعل لا ينقلها بواقعية الحدث وغائية النتيجة منه، لكنه يجنح في كل مرة لدغدغة المشاعر وربط ذهن القارئ بالشخصية المتفوقة البطلة، هناك أحداث تأريخية جرت أرتبطت وقائعها بنتائج مهمة تتجلى فيها قيمة البطولة والتضحية والقيم المثالية التي حركت البطل لأن يدخل في فعل التجسيد، لكن الروائي الذي جسد الصورة في النقل أستنزف أهم ما فيها والأجدر في الطرح ليبرز لنا مشاهد حسية مرتبطة بهدف ما يسوقه وينتقيه هو لغايات محددة كما حصل في قضية الطف في كربلاء عام 61 للهجرة.
من تحليل ظاهرة النص الصورة والتي تعتبر أستجابة للمخيال وليس للوظيفة البنائية والبنيوية للنص، كما هو متعارف حينما ننقل حدث تأريخي نجد أهم الخصائص أو غالبها تدور في فلك الشخصنة الفاعلة أو الفعل المشخصن بذات محورية عادة وكالأتي:
• التهويل والتعظيم وتقديم البطل كأسطورة لا يمكن مقارنتها بمن كان عنصرا مهما في الحدث، وهذا وإن كان يحرك المشاعر التفاعلية عند البسطاء في الوعي إلا أنه يعكس صورة سلبية عقلية عنه، مثلا يرد الكاتب بأن الفارس الفلاني كان يعد بألف فارس من فرسان العرب، لا بد أن يكون لهذه الأسطورة مقابل لكي تتوازن الكفتين، وإلا شخص بهذا الوصف ينازل عشرة أو عشرين من الرجال الأعتيادين وينتصر عليهم لا يمثل أي بطولة ولا يشير إلى أخلاق الفرسان مثلا.
• التسخير والتوظيف بعيدا عن حقيقة الحدث وراهنية الحال الذي ينتمي تحت المسمى، من صور الخيال الشعبي مثلا في قضية حروب الردة التي نقلها المؤرخ السلطوي المرتبط بكهنوتية القوة السلطوية، صاغ الأحداث وفقا لهدف يراد له أن يكون قاعدة تأسيس فكري في مجال محدد، صور الحدث بالرغم من المبالغة اللا معقولة في أحداث هذه الحروب والتي هي في حقيقتها لا تتعدى إرسال مفارز صغيرة لتثبيت وتحيد خطر كان يعتقد أنه يهدد سلطة المدينة الجديدة سياسيا وأقتصاديا، نرى أن الصور الخيالية للأبطال والوهميون كان الغرض منها تأسيس منهج رسمي يبح المحرم ويحرم المحلل فقط أستجابة للنظرية السياسية الحاكمة.
• والهدف الأهم هو تغييب الوعي وتغليفه بمواد عازلة تسمح للكهنوتي والمؤرخ والمستخدم للصورة أن يعزل الإنسان عن واقعه تماما، فأما أن يجعل منه متعلق بصورة خيالية لا يمكن بلوغها وبالتالي يحبط عنده البواعث المشجعة للإرتقاء، أو يحوله إلى كائن سلبي ينتظر أن تتكرر الصورة ويتكرر البطل فيها ليحل إشكالاته الوجودية المعلقة والمأزومة أصلا بسلبيتها المستدامة.
• أخيرا الصورة التي يطرحها المؤرخ لا يمكنها أن تستمر بدون أن تنتمي للشعبوية العامة في المجتمع، ولذلك نجد كثيرا من الروايات والكتابات التاريخية مهملة وغير خاضعة للحضور الفعلي في الواقع بسبب حياديتها وتجردها، وهذا ما يجعلها معزولة عن وعي المجتمع الذي ينتقي ما يتناسب مع مخياله العام ومزاجه الذوقي البسيط والساذج، هذه الحقيقة يثبتها علم الأجتماع حين يشير إلى الترابط بين الوهم والخيال وبين الثقافة والمعرفة وتعلم المجتمعات وتنامي إدراكاتها العقلية ومدركاته الفهمية وهي علاقة عكسية دوما، كلما كانت عوامل الفهم والإدراك عالية قل الإحساس والتفاعل مع الصورة المزيفة وينجح النص الموثق والمعقول والمنطقي في أن ينتشر بين الناس والعكس صحيح.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إحياء الوعي أم تفعيل العقل ح1
- الحقية والرأي ومديات مفهوم التجربة بينهما
- لماذا ننحاز للعقل ونتهمه دوما بالتقصير
- الأقتصاد الريعي والمدنية الأجتماعية.
- الدين الإنساني اليوم بين اتقليد والتجديد
- مذكرات رجل ... كان ح4
- مذكرات رجل ... كان ح3
- مذكرات رجل ... كان ح2
- مذكرات رجل ... كان ح1
- مديح الحروف المسافرة .... لك أنت وحدك يكون المديح فرضا
- جرائم السلطة وجرائم السياسيين
- الياسمين ينزع لونه ليوزعه عشقا للناس _ دراسة نقدية لشعر السي ...
- وهم المرجعيات وسقوط نظرية الطاعة الولائية لرجل الدين
- الفيس بووك وحياتنا الأجتماعية ... أزمة أم حل؟
- مفهوم الدين وحقيقة الديانة
- قصص شعريه
- حوار حاد في خرم الرأس _ قصة قصيرة
- قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم ال ...
- قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم ال ...
- الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح2


المزيد.....




- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا ...
- بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي ...
- أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - صورة البطل في المخيال الشعبي الديني. ح1