أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - لماذا ننحاز للعقل ونتهمه دوما بالتقصير














المزيد.....

لماذا ننحاز للعقل ونتهمه دوما بالتقصير


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5278 - 2016 / 9 / 7 - 00:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لماذا ننحاز للعقل ونتهمه دوما بالتقصير

الكثير من الأصدقاء ممن يتابعون كتاباتي يرون في تقديسي للعقل وتقديمة على كل أدوات العلم والمعرفة هو أنحياز مبالغ به، وأيضا يستدلون بما أكتب عن ضرورة محاكمة العقل وإدانته في كل مرة يفشل الإنسان في نجاح تجربته العقلية على أن العقل ليس وحده الصانع الخالق للمعرفة وللتجربة والمتحكم بنظام التدبير الإنساني، وبالتالي يعد هذا تناقضا بنيويا في طريقة طرح قضية العقل وأستخفافا بغيره من طرائق وموارد البناء الفكري عند الإنسان وأهمها النقل والتجربة والوعي الحسي بالما حول الطبيعي.
الحقيقة أنا سعيد جدا عندما أسمع هذه المداخلات وخاصة للذين يملكون حجج وبراهين معرفية وينطلقون من قاعدة فكرية رصينة، ويزداد أحترامي للذين يطرحون الرأي ليس من باب التناقض فقط، بل من باب الحوار الجاد الذي يستهدف كشف المستور في هذه القضية بالذات، وأقول أن العقل ليس مقدسا عندي كقيمة معصومة أو كقيمة محتفى بها على علاتها، ولكن عند تفكيك فكرة التقديم وردها إلى علل وأسباب تكوينية وتكيفية نجد أن كل مصادر المعرفة والعلم من نقل وتجربة وحس وعيوي وغيرها لا يمكن أن ترسم طريقا لها في الوجود من دون المرور بالعقل والترشح من خلاله، مثلا من لا يملك عقل يفكر لا يمكنه خوض تجربة ما لأن من شروط التجربة أولا الأفتراض والأفتراض أصلا نشاط تصوري ذهني بأمتياز يمارسه العقل ويتابعه في التجربة والبرهان، دون أن يترك لمنهاج التجربة من فرصة التدخل الكامل في الصياغة والمتابعة والتدقيق والتقرير والفحص.
صاحب التجربة والمبرهن على الأفتراض ملزم بالتفكير المنطقي في بناءها، والتفكير المنطقي ليس منفصلا أو خارجا عن نشاط العقل وهو منتج أساسي له، فمن لا عقل له لا منطق له إلا المنطق الطبيعي للأشياء الجامدة وبالتالي فهو يخضع أما للعقل في رسم التمنطق وينجح أو يخضع لمنطق الطبيعة التي تحتاج لمفسر وقارئ ومترجم له وهنا نحتاج العقل لهذه الوظيفة، فالعقل في كلا الحالتين هو الفارس الذي لا يمكن خوض غمار التجربة ببرهانها دونه، فلا أفتراض بلا عقل ولا برهان بدون عقل والنتيجة اليقينية أيضا بينهما لا يمكن قبولها أو التسليم بها أو رفضها خارج دور العقل ووظيفته الأساسية.
هنا يكون العقل هو خائض التجربة ومراقبها ومقررها وفاحصها وناقدها وكل هذه الأدوار دون أن ينفصل عنها أو يتكاسل في أن يكون مسئولا عما يجري، وبالتالي فهو وحده من يتحمل النتائج المعنوية وهو وحده من يجب عليه أن يصحح مساراتها كواجب طبيعي ووظيفي بدون عذر أو تبرير، فالإدانة أو التكريم للعقل هو بالنتيجة إدانة وتكريم للتجربة أيضا، فمن لا يؤمن بمحاكمة العقل لا يؤمن بحقيقة التجربة أنها كاشفة عن مستوى التعقل عند الإنسان ودرجة التدبر والتفكر لديه، القضية من وجهة نظري هي قضية واحدة لتداخل حقيقي بين موضوع التجربة وحكم العقل وطريقة إدارتها وأليات أنتاج المعرفة وكلها تقع في دائرة الفعل العقلي المنطقي المحكوم بالواقع المادي أو المعنوي كقياس للصحة والبرهان، الواقع هنا ليس الواقع المعاش بل الواقع الحقيقي بمعنى مطابقة العقل لما يجب أن يكون طبيعيا ومتسقا مع القانون الوجودي الشمولي ولم ولن يخرج عنه.
من شروط العمل العقلي أن يكون سليما في خطواته وأن لا يخضع لحصار الحاجات والقوى النفسية تحت طائلة القهر والإستلاب والعبودية، وحتى ينجح العقل في تجنب الوقوع في هذه المحاذير عليه أن يكون دائم الترقب والخضوع للمحاكمة النقدية الذاتية التي لا بد لها من تعقيب نقاط القوة والضعف ومسارات النجاح والفشل في تفكير الإنسان، هذه السلطة والتي من المنطق أن تكون لزوما خارج العقل بمعنى أنها حيادية على الأقل منه يمارسها الإنسان بطريقة مزدوجة يشرك بها العقل والواقع المفترض بقياساته الحادة والجادة والمجردة والتي يسميها البعض بالهدف المنشود وظيفيا وأحيانا يسميها الضمير العاقل الإيجابي، وأخرون يعتبرون المعيار الأخلاقي الفاضل هو الحد الطبيعي المعياري للمحاكمة.
إذن القضية الفكرية والمعرفية برمتها تعود للعقل كلاعب أساسي ومفصلي وكل ما قيل على أنها من مصادر المعرفة والعلم هي حالات متميزة من فعل العقل، ولا يمكن فصلها أو سلخها من مصدريتها الطبيعية على أنها مواضيع خارجة يمكنها أن تعمل منفردة ضمن دائرة مستقلة عن العقل ونظامه المنتج، لهذا السبب نجنح دوما على التأشير على الفاعل الأساسي في أنتاج الفكر عموما والمعرفة على وجه الخصوص كمنج طبيعي للعقل، يتساوى فيه العاقل والمجنون أي الذي يترك العقل خارج دائرة الفعل ويلجأ للحس المادي فقط ونتائجه في تحمل ما في الوجود من علاقات متشابكة فردية وجمعية تؤثر على موقع الإنسان ذاته فيها، أي أن العاقل يتساوى في تحمل النتيجة من وجوده كما المجنون في التأثر بما في الما حول الطبيعي من شرائط ضرورية وليس العاقل وحده بسبب فعل العقل يتحسس المسئولية وينفعل بها.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأقتصاد الريعي والمدنية الأجتماعية.
- الدين الإنساني اليوم بين اتقليد والتجديد
- مذكرات رجل ... كان ح4
- مذكرات رجل ... كان ح3
- مذكرات رجل ... كان ح2
- مذكرات رجل ... كان ح1
- مديح الحروف المسافرة .... لك أنت وحدك يكون المديح فرضا
- جرائم السلطة وجرائم السياسيين
- الياسمين ينزع لونه ليوزعه عشقا للناس _ دراسة نقدية لشعر السي ...
- وهم المرجعيات وسقوط نظرية الطاعة الولائية لرجل الدين
- الفيس بووك وحياتنا الأجتماعية ... أزمة أم حل؟
- مفهوم الدين وحقيقة الديانة
- قصص شعريه
- حوار حاد في خرم الرأس _ قصة قصيرة
- قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم ال ...
- قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم ال ...
- الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح2
- الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح1
- ظهور الإسلام السياسي هو أزمة دين أم أزمة سياسة؟.ح2
- ظهور الإسلام السياسي هو أزمة دين أم أزمة سياسة؟.ح1


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - لماذا ننحاز للعقل ونتهمه دوما بالتقصير